قضايا وآراء

المصارف الأهلية الأداء المتخلف والأنعكاس السلبي للأقتصاد العراقي / حيدر شامان الصافي*

ان اعادة بناء العراق وجعله يقفز قفزات واسعة لن ينجح دون قطاع خاص قوي واثق بمستقبله كي يتم القضاء على حاجز الخوف من المجهول وجعله يستثمر في مجالات ذات طابع دائم وليس الركض وراء مشاريع قصيرة الأمد هدفها الربح السريع واستعادة رأس المال بأسرع وقت ممكن لعدم ثقة القطاع الخاص بما تخفيه الأيام والسنين القادمة من مخاطر لعدم وجود ضمانات تحميه بسبب عدم الأستقرار.

تتسع ظاهرة المصارف الاهلية في العراق والتي اصبح مجموعها خلال السنوات الماضية ثلاثين مصرفا بينها مصارف اسلامية لم تعط دافعا قويا لتقوية الاقتصاد العراقي ولا حتى زيادة القروض وحسب مسؤولين حكوميين فان هذه المصارف تدار من قبل اسر تمتلك ثروات كبيرة .

 

أن أكبر الشركات العملاقة في الغرب والدول الأخرى بما فيها نمور آسيا تستفيد من تسهيلات مصرفية بشروط عادلة ونسبة فائدة متدنية جدا" وقد تصل قيمة القروض خمسة وتسعون أو حتى مائه في المئة من قيمة العقار أو المشروع الصناعي أو الخدمي أو الزراعي. وبهذه الطريقة تم بناء الأقتصاديات العملاقة التي تتقدم بسرعة فائقة بفضل أنظمتها المصرفية الممتازة وتخصيص مبالغ خيالية لعلمائها و للبحوث العلمية التي تعجل التقدم الصناعي والأقتصادي وانجاز الأختراعات التي تساهم في تقدم الأنسانية .

ان انتشار ظاهرة تعدد المعاملات المالية والعقود الحكومية والمصرفية والاستثمارية ورغبة الناس القوية في الانتفاع منها أنما يعلله "أن كل مجتمع يتعرض لمشاكل أو هزات تعقبها حالة استقرار تبرز فيها صورة منوعة من المعاملات المالية والعقود لتغطي حاجات مجتمع نهض تواً من وضع سيء، فتأتي هذه المعاملات متناغمة مع حاجات الجمهور ويكتب لها الانتشار".

قانون المصارف لا يتيح لها تقديم القروض إلا بمعدلات معينة مقيدة بنسبة الائتمان قياسا الى رأس المال والاحتياطي، والتي وصلت اغلب المصارف الى حده الاعلى او تجاوزتها” وفي الوقت الحالي “تخشى الكثير منها (المصارف الخاصة) منح المزيد من القروض كي لا تتجاوز تعليمات البنك المركزي” وفي نفس الوقت فأن هناك “عزوفا من قبل دوائر الدولة عن التعامل مع المصارف الاهلية، لانها تتعامل معها بنظرة شك، لأن اغلبها نشأ في السنوات العشر الاخيرة، وتفضل التعامل مع مصرف حكومي كونه مصدر امان اكثر” في حين ان ” القاعدة الاقتصادية تقول ان المصارف الخاصة القوية هي العمود الفقري الاقتصادي لاي دولة كونها عامل لبناء الاقتصاد والعراق بامس الحاجة لها”.

أن الجديه من أجل انشاء مصرف متنور متحضر بقيادة خبراء مرموقين ممن لم يتم قولبتهم بالروتين الحكومي الفاشل وأساليبه السقيمة المتوارثة لدعم القطاع الخاص والأستثمار برأسمال مدفوع لا يقل عن عشرة مليارات دولار أمريكي تزداد سنويا بمبلغ قد يصل الى خمسة مليارات دولار لدعم القطاع الخاص والمشترك بفوائد رمزية مقابل ضمانات معقولة للقضاء على جشع المصارف الأهلية، وسنرى كيف تقفز البلاد قفزات واسعة في سبيل التقدم والأستقرار والقضاء على البطالة التي تقود البعض الى هوة الشر والجريمة والأرهاب.

وللفائده العامة نقول ضرورة ان تندمج هذه المصارف فيما بينها لتشكيل قوة مالية اسوة بالمصارف العالمية، لأن اغلب البنوك تملكها اسر ترفض قبول مشاركات خارجية ولا تملك في الوقت نفسه قدرات لزيادة رأسمالها إلى الحد المطلوب. ويعود إنشاء المصارف الأهلية إلى قرون مضت في مناطق معينة في العالم منها سويسرا غير أن اغلبها انتهى بالاندماج احدها بالآخر سعيا إلى زيادة رأس مالها فتكونت مصارف ضخمة واسعة النشاط قادرة على منح القروض والمشاركة في الاستثمار وفي تحقيق التنمية الاقتصادية.

أثبتت المصارف الخاصة قدرتها وفق المسموح أن تكون حاضنة أموال فقط وصندوق للادخار المحلي لكنها لم تحقق المنتظر منها في مجال الاقراض والاستثمار الطويل المدى وتمويل القطاع في انتظار دور تحفيزي أكبر من المركزي ومرد ذلك وفقاً لادارات المصارف الخاصة البطء في تعديل البنية التشريعية والمالية التي حالت دون توسيع الاستثمارات المصرفية عبر منح القروض الصناعية أو حتى تمويل القطاع الخاص.‏

 

المصارف الاهلية تواجه انتقادات بانها تعمل كدكاكين صيرفة،لكن المرجو ان تكون اكبر من ذلك اذ لايمكن اجتذاب المستثمرين دون وجود قطاع مصرفي متطور ماليا وتقنيا بما يؤهله لاداء دوره المطلوب في عملية اعادة الاعمار، مبينة ضرورة توسيع السيولة النقدية وتوفير الكادر.

ولعل من ابرز المسائل التي عرقلت دخول الشركات الاستثمارية الأجنبية الى العراق هي عدم قدرة المصارف المحلية على فتح اعتمادات بمبالغ كبيرة وعدم امتلاكها فروعا لها في الدول الأخرى، بل ان خطابات الضمان التي تمنحها تلك المصارف غير معترف بها من قبل العديد من دوائر الدولة بسبب تواضع رؤوس أموال المصارف الأهلية العراقية بحسب بعض المختصين في الشأن الاقتصادي.

وفي هذا الإطار أن زيادة رؤوس أموال المصارف الأهلية سيجعلها موضع ثقة لنظيراتها العالمية،الأمر الذي سينعكس إيجابيا على عملها ويثبت أنها بدأت تمارس دورها كمصارف حقيقية

إن السياسة النقدية والمالية تتطلب ستراتيجية واضحة ورؤية شمولية    مشتركة للإقتصاد العراقي ومعالجة الإختلالات الخطيرة في هيكليته العامة، وإعطاء مرونة كافية من دون الإخلال في أنظمة الحوكمة وشفافية الإيضاح والمعلومات والرقابة الدقيقة من البنك المركزي العراقي، ودعم المصارف في إداء اعمالها ونموها بشكل عقلاني يتناسب وقدرتها وفعاليتها الإقتصادية.

 

باحث أكاديمي .ناصريه*

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1528 الاثنين 27/09/2010)

 

 

في المثقف اليوم