قضايا وآراء

النقد الادبي: رائحة يديك على رغيفي .. حين يبزغ الضوء من جدار قاتم .. قراءة انطباعية لقصيدة الشاعرة والفنانة التشكيلية نوال الغانم ..

.. فمسرح النص كان مشتعلا .. حادا .. لذلك هي تطلب من الشظايا أن تنظف أسنانها من اللحم البشري المتبقي ..

وهذه الصورة غير مسبوقة إطلاقا. جاءت لتكون معادلا موضوعيا .. لاستعارة الجملة (المسبوقة) (أهز الشجرة بقوة.). يتساقط الوقت .. حجرا .. كنت أتمنى لو حذفت (على حجر ..) .. .

تمتلك نوال الغانم مقدرة على ابتكار لغة شعرية خاصة بها .. فالحرب تملأ جيوب الصبي .. وليس أكثر قتامة من الحرب حين تملأ جيوب الأطفال .. لكن هل الشاعرة تقف عند هذا الحد من التشاؤم. أم إنها تبحث عن كوة لضوء يخترق هذه الجدران .. .. .؟؟؟

سنرى ..

المجاز في قصيدة الغانم يأتي عفويا مطبوعا .. مقنعا .. غير مفتعل ..

فالحرب تملأ جيوب الصبي بالحلوى وبالطيور التي أرخت رأس القتيل ..

اثمة تورية أجمل من ذلك؟؟؟

لغة الشاعرة وأسلوبها يؤثثان مسرح الفجيعة بما يستحق من مفردات .. وصور .. وإضاءة .. .. فعتمة النص تنيره لغة سحرية غير مسبوقة ..

هل هو الحدس وحده أرشدها إلى إن ثيمة نصها تحتاج إلى مثل هكذا لغة ..

أم إنها على دراية بأدواتها ..

مهما يكن فإن الشاعرة كانت تقدم لنا نصا استثنائيا ..

في المقطع الرابع تبهرنا الشاعرة بصورة تشكيلية تنتمي إلى المدرسة الرمزية في الرسم .. لكن حين يكتشف القارئ إن نوال فنانة تشكيلية .. يفهم مقدرتها الفائقة على هذا التوليف بين الشعر والتشكيل .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. . عصا المطر بيدي،

 

وقطعان الريح أمامي،

أتحسسُ علبة ألواني المليئة بالرعدِ والبر وق،

وأحث قـطيع المرايا على التوغل في دم اللوحة ..

 .. .

في المقطع التاسع تظل الشاعرة والتشكيلية متدفقة برسم صور أخاذة. فهي تطلب من الطيور أن تحلق .. لأن البيت ممتلئ بالمخبرين .. فهي هنا .. ربما دون أن تعي ذلك تمزج بين الواقعية والرمزية .. فثمة طيور. (رمز ..)

وهنالك مخبرون. (. واقع ..) لكنها في السطر الثالث تعود لتخاطب الرمز .. برمز آخر. ألا ترين آثار أسنان الأفعى على قبضة العشب التي احملها ..

هو نص استثنائي إذا .. ولابد من أن نقدمه بين يدي النقاد والأدباء والقراء الأعزاء .. يبقى السؤال هل كان النص قاتما متشائما .. أم إن الشاعرة أشرت إلى ضوء محتمل يخترق الجدار؟

وخوفها على بغداد هل يعني إن بغداد قد انتهت .. وماتت. وهل ثمة خوف على جثة؟؟ .. من هذا السؤال. نستطيع أن نبرر العنوان الذي اخترناه .. حين يبزغ الضوء من جدار قاتم.

ولابد أن اعتذر للشاعرة نوال الغانم .. فنصها يستحق أكثر من هذه القراءة المتواضعة ..

ولابد من التأكيد ثانية .. أن النص الذي ترشحه المثقف للنقد لايلغي حق النصوص الأخرى المنشورة على مدار الشهر من التناول من قبل الأساتذة النقاد .. ..

لكنه تقليد ارتأت المثقف تفعيله في نهاية كل شهر .. لتأشير النصوص الاستثنائية .. والمثيرة للجدل .. في الأسلوب والمضمون .. .

 

للاطلاع

رائحةُ يَديّكِ على رغيّفي / نوال الغانم

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1530 الاربعاء 29/09/2010)

 

في المثقف اليوم