قضايا وآراء

الدكتورة انعام الهاشمي والتعليقات/ رسالة

 

سيدتي الفاضلة الدكتورة انعام الهاشمي،

تحياتي الفائقة وتقديري لكم على مواصلة هذا النقاش عن موضوعة التعليقات.

أنا معك في ان المجاملات قد طغت على الكثير من هدف التعليقات التي أضافتها بعض المواقع الالكترونية منذ سنين لاغناء النصوص المنشورة وفتح باب النقاش حولها. لكن المجاملات هي تحايا متبادلة يفرضها الذوق العام والعلاقات الانسانية لاظهار المحبة او الاعجاب، اضافة الى تأصيل العلاقات ربما عن طريق هذه النافذة حين لا يتمكن المبدعون من الاتصال ببعضهم تلفونياً أو في لقاءات مباشرة أو ايميلات أو غيرها. لكنها حين تغرق في سيل كبير من الاطراء فانها قد تفقد معناها. ومع ذلك فقد قال تعالى (واذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها).

وبالعودة الى ما ذكرت في مقالتك اعلاه فان التعليقات على المواقع العربية تمتد الى سنين طويلة أكثر من ثلاثة اعوام مضت، فليس موقع شباب مصر الذي ذكرته ورواده هو أول موقع لنشر التعليقات، فموقع دروب الثقافي منذ انطلاقه عام 2005 بدأ في فتح باب التعليقات (وقد تكون متوفرة بالتأكيد قبله في مواقع اخرى لم نطلع عليها). ومنذ أنْ بدأنا  ننشر فيه منذ انطلاقه اعتدنا أن نعلق ويُعلق غيرنا على نصوص بعضنا البعض، وكلهم من الاسماء الابداعية التي كانت ولا تزال تنشر فيه وفي غيره من نشريات الكترونية وورقية وهم من الاسماء اللامعة دون شك. وكانت التعليقات تكملة اضافية أو نقدية وتحليلية للنصوص أو اضافات أدبية شعرية أو نثرية مع المجاملة ايضاً . وكانت تعليقاتنا نصوصاً ابداعية أدبية ونقدية طالت ام قصرت. وهنا أعطيك مثالاً واحداً منها. وهو تعليقان بيني وبين القاصة والروائية المغربية المعروفة زهرة رميج وعلى قصيدتي (رسالة من شاعر) المنشورة بتاريخ 3/7/2006 :

رسـالة من شاعر

عبدالستار نور علي

03 يوليو 2006

 

الى من يهمه الأمر:

قلبي

لا تسـقطهُ أسـواطُ الصدماتْ

والغزواتْ

فدمي معجونٌ بالعشـقِ

منذ الجذرِ الألفِ الثالثِ

قبلَ الميلادْ ……….

وجهي

لا تحرفهُ النزعاتْ

فالعينانْ

ثابتتانْ

في جذرِ الروحِ

وعمقِ بحار القاراتْ ….

ولسـاني

لا تسـرقهُ

رصاصاتْ

من غازٍ

أو من غلمانِ الديناصوراتْ

والسـقطاتْ

أو أكياسُ بيوتِ الأموالْ

والصدقاتْ……

صدري

لاتدميهِ الطعناتْ

فالأضلاعُ

من فولاذٍ

سـقيناها

من فأسِ الحدادِ

صداها

وغناها

من أعماقِ جبالِ الناياتْ

وينابيعِ صهيلِ الغاباتْ …..

قلمي

لاتكسـرهُ الطلقاتْ

والطعناتْ

مهما اشـتدَ

فحيحُ سـيوفِ الظلماتْ …..

ويدي

تصفعُ

قبلَ نزولِ الصفعاتْ

فالأقدامُ العرفتْ

تاريخَ دروبِ الإشـراقاتْ

لن تنزلَ عنْ قمةِ

هذي التحليقاتْ ……

 

1.   زهرة رميج:

يوليو 3, 2006 في الساعة 8:02 pm

الأخ العزيز عبد الستار نور علي،

تحية الصمود و التحدي. فالمبدع عموما، و الشاعر خصوصا، مجبول على التمرد و التحدي و على مواجهة كل الأسلحة الهدامة. إن الأقلام الحقيقية هي التي لا تستسلم و لا تهادن و لا تنكسر شوكتها. و الشاعر -كما قال نزار قباني- يتعامل مع الواقع بقلبه و انفعالاته الصادقة لا بعقله الذي يزن الأشياء و يتصرف حسب ميزان القوى.( في مقارنة بينه كشاعر و بين نجيب محفوظ كروائي في جدالهما حول قصيدته المشهورة “متى يعلنون موت العرب؟” التي أثارت ضجة كبيرة في حينها.

محبتي و تقديري.

 

2.   عبد الستار نورعلي:

يوليو 3, 2006 في الساعة 9:06 pm

الأخت العزيزة زهرة،

تحياتي من القلب.

القلب والروح وعاء الشعر وكأسه التي تغترف منها القوافي.

والأصابع التي لا تنغمس إلا في الألق ونهر النقاء وتحدي الظلام تجد مستقرها ومقامها في القلوب المضيئة والنفوس الظامئة الى شراب فرات.

أما الزبد فيذهبُ جفاءاً، وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض …

هكذا علمتنا ينابيع الروح الصافية …

وهكذا كنا ونبقى نكون …

لن نستكينْ

مادام في دمنا النهارُ وشمسُه

والحلمُ والأملُ المتينْ

لن نترك الساحاتِ

والكلماتِ

حتى لو تداعى القومُ

في ظلمٍ وحربٍ

لا تلينْ ..!

وسنرفُع الراياتِ تشرقُ

بالقلوبِ وبالنفوسِ

سنرتقي قممَ اليقينْ

أن الذي آتٍ سيخفقُ عالياً

رغمَ الجراحِ

ورغمَ أوجاعِ السنينْ

لن تصدأ الأقلامُ

مهما أوغلوا في الذبحِ

أو إسكاتِ أصواتِ الحنينْ

لن نستكينْ …………

………………………

ولن تلين النفوس المهمومة بالانسان والكون…

الحلاج خالد ….

ولوركا خالد …

وآراغون وبابلو نيرودا وناظم حكمت ونجيب سرور …

وكل مشرق يشق خارطة الكون الكبرى … ولم يدق أبواب الطغاة والسلاطين، ولم يقف بين أيديهم، ولم يسرْ في أعقابهم، بل هزها بالكلمة الحرة الصادقة … وهي الخلود والاشراق ….

دمتِ أختاً فاضلة كريمةً وصوتاً يعبق بآلام الناس ..

عفواً سيدتي الفاضلة د. انعام الهاشمي، لم أرد الا الايضاح . وكما ترين كان ردُّنا قصيدة شعرية سبقتها غيرها من تعليقات شعرية ونثرية ابداعية لنا قبل هذه وليست متوفرة لدينا الآن مع الاسف. وما تحت يدينا الكثير من تلك الفترة . وأعلاه نموذج واحد.

وما كتاب الشاعر كمال العيادي الا محاولة مبدع لكي لا يضيع جهده الابداعي. فسواءً اسميناها (أدب التعليقات) أو غيره من اسماء فان جهد الكاتب هو ارتجال مبدع حين كتب تعليقه، وحفظه له ضرورة ملحة كي لا يضيع. ومع هذا فكم ضاع منا من جهد . وأنتِ تعلمين كم هو صعب حفظ كل شيء مع هذه الآلة غير الموثوقة. فكم ضاع منا تعب وابداع وُلد لحظة تعليق.  والريادة ليست بمن هو أول ولا من هو ثانِ ولا من هو ثالث وانما بحجم الابداع وقيمته وأصالته، ومسألة الشعر الحرّ ومَنْ هو رائده الأول شاهد حي لا يزال امامنا.

تحياتي واحترامي

 

عبد الستار نورعلي

الثلاثاء 5/10/2010

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1536 الثلاثاء 05/10/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم