قضايا وآراء

الديموقراطية كانجع سبيل للتوجه نحو اللاعنف / عماد علي

الى ترسيخ هذا المفهوم في حال توفرت فيها الركائز المطلوبة لتثبيته قبل اي شيء اخر، وفي حال استؤمنت  الدوافع الضرورية لتفعيل السلام كعملية مستمرة متغاعلة مع الذات ومع ما  هو موجود عليه وهو في طريقه الطبيعي الى التطوره بشكل دائم، وهذا يحتاج الى عوامل متراكمة ومنها تاريخية، ليست وليدة الساعة او طافية بقعل امر ما، كلا يل هي ناجمة عن ترسيخ العقليات المتنورة التقدمية وبمساعدة الخطط والبرامج العلمية والاليات والمستلزمات الضرورية  وفي اجواء تتوافر فيها المباديء الاساسية للديموقراطية لاستخدامها واستغلالها كارضية ملائمة لوسط يتفاعل مع ما فيه ويتوافر السلام والمان حينئذ دون شك، ومن اجل السلام كقيمة وسلوك واخلاق وبتوفير الامن كترتيب وتدبير عام وليس لاي شيء اخر.

لننزل الى الارض الواقع وما نلمسه فيها وفي خضم الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الموجودة، وما نملكه في منطقتنا من البنى التحتية والفوقية، وفي وقت نفكر بواقعية بعيدين عن الخيال والنظريات المثالية ومحايدين ومجردين من اي مؤثر فكري ايديولوجي عقيدي قدر الامكان . عندئذ يمكن البحث عن كيفية خلق ظروف وساحة مناسبة ووضع ملائم لنستهل الخطوة الطبيعية الاولى للتقدم نحو الهدف المنشود من ارساء مجتمع اللاعنف وفكر وعقلية سلمية علمانية تقدمية من اجل اتباع السبيل الملائم للخلاص من الافرازات السلبية والتركة الثقيلة من ترسبات التاريخ المرير لهذه المنطقة بالذات والمعضلات التي نشات وبرزت من افعال وتصرفات المجتمع طوال العهود المنصرمة، ومافرضت عليه من العادات والتقاليد والخصائص والسمات المعرقلة لبدء عملية ترسيخ السلم والديموقراطية الطويلة الامد .

تعتبر ساعة سقوط الدكتاتورية في العراق انعطافة تاريخية كبيرة وبداية النهاية لعقود وربما قرون من الصفات الاجتماعية العامة اللاصقة على جبهة منطقة الشرق الاوسط ككل والعراق بشكل خاص ان لم يعتبرنا البعض من المبالغين، وهذا ما يدلنا على ان نعتبر ما يتغير يمكن ان يحدث في الجوهر والعمق للمنطقة باسرها وتكون مرحلة ثقافية اقتصادية فكرية مغايرة قبل ان تكون مرحلة سياسية اجتماعية اخرى ومختلفة تماما لما قبلها، وانحدار وسقوط لجدار العنف رغم استمراره في هذه المرحلة الانتقالية وبفعل فاعل ولاهداف سياسية مصلحية بحتة، وهي مرحلة التوجه نحو اللاعنف في الفكر والعقلية واللاوعي واعتقاد وصفات الفرد مهما تبجح البعض بان المجتمع العراقي شديد عنيف بطبعه، ولهذا نلمس ردود افعال معاكسة في هذه الفترة بالذات، ان  لم نستسلم لما يخططه الاخرون وما تتطلبه مصالح وسياسات الجهات العالمية والاقليمية والداخلية المرتبطة بهم، فاننا سائرون على خط مستقيم.

نقطة البداية يجب ان تنبثق من التغيير المطلوب من الخلفية الفكرية وتحسين التوجهات وتطبيق المفاهيم الحديثة على ارض الواقع وتكييفه معه، مع الاخذ بنظر الاعتبار كيفية اختزال الوقت وتجهيز العوامل المطلوبة لذلك دون افراز سلبيات، والاهم هو الاعتبار من التجارب المختلفة وقراءة الخصوصيات، مستندين على قراءة الواقع والتاريخ بشكل مفصل. والخطوة الاهم هي تسوية الصراعات السياسية بعقلانية قبل الولوج في اية عملية تزامننا مع تامين الاوضاع الاجتماعية الاقتصادية والسياسية الملائمة لكل جديد، وانبات بذور الثقافة الديموقراطية ونشر الوعي العام لتفهم ومعرفة مضمون السلام واهميته.

البداية تستهل من العمل المشترك والتعاون في سبيل تبديد المعوقات التي تواجه طرق نجاح العملية الديموقراطية في الوصول الى السلام، والسعي الحثيث واجب وطني وانساني من اجل ايجاد الحلول للقضايا الشائكة وبطرق مختلفة، واهمها توزيع المهامات العديدة المختلفة على جميع الجهات المخلصة وقراءة الجزئيات واختلاف المناطق بما يتمتع به، من خلال الدخول في عمق ما موجود على الارض، وتوضيح المفاهيم التي تستوجب نشرها واتباع التعليم والمناهج العلمية المطلوبة في هذا الشان.

   وعند قراءة ومتابعة المضامين يمكن تسوية امور تتعلق بالعرق والدين والمذهب والقرابة واللغة المختلفة والعادات والتقاليد السارية، وما تتصف به المناطق والاقاليم المختلفة من الخصوصيات ويمكن حل كل مشكلة لكل بقعة بشكل منفصل عن البعض والولوج في التفاصيل العميقة.

عندئذ يمكن التاكد من دخولنا في عملية ازالة التهديدات الدائمية الموجودة في تفاصيل حياتنا وتوفير الضمانات المطلوبة لكل جهة والبداية على ما  اعتقد يمكن ان تكون من عملية محو ظاهرة عسكرة المجتمع التي فرضت علينا بكل الطرق المتوفرة لدى السلطات المتعاقبة ولحد اليوم ونحن نسير مخطئين على ما توارثناه من العقود الماضية من دون ان نعلم وربما بشكل غير مباشر.

و لا يمكن ان نعيد المجتمع الى سبيله ومساره الصحيح بغير العلمانية والاعتدال وبالسلم والطرق الامنة وبوسائل عصرية والديموقراطية خير وسيلة لتحقيق هذه الاهداف الصعبة، وكما نشاهد ان البداية تظهر محياها عندما يظهر في الافق مجتمع اللاعنف وتنبثق منه المؤسسات الضرورية للتوجه نحو اللاعنف والسلام بالعمل الشاق وهو اثمن الاهداف الانسانية في عصر ما بعد الحداثة وللمستقبل البشرية.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1537 الاربعاء 06/10/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم