قضايا وآراء

الفضائيات الأسلاموية / جاسم الصافي

تتصارع مع تفاعل الثقافة الفوقية التي تتصل مع المحيط الخارجي وثقافة تحتية ترتبط بسلفية الموروث للثقافة الشعبية،  وهذا الصراع يأتي حين تحتاج العقيدة الى لغة تقربها من الجماهير وتنقلها بين أجيالها في طرح وسطي جديد من أهمها هو طرح المعتدلة الذي يعتمد على أكساء العقيدة بشحنات من الواقع التاريخي لتصبح مقبولة في قراءتها للواقع الحالي وليس من الضرورة أن يكون هذا الاكساء لغرض تغير ثوابت العقيدة بل يقتصر العمل على أقلمة تلك العقائد حاضرا ومستقبلا وهذا لأمر قد ينجح أن تواجد وعيا جماهيري يكون الشكل الأخير للعقيدة،  وهذه الجماهير أن كانت تعيش ظلامية الجهل تجد مواقفهم متناوبة وشخصيتهم متناقض ومفككة في رؤيتها الى لأشياء، ويظهر لديهم التشدد أثناء القراءة  الجديدة للنص المتوارث لديهم مما يسمح بنمو تفرعات للعقيدة الواحدة،  ويبقى الجميع في أهبة الاستعداد للقتال والجهاد كل هذا في سبيل تحصين العقيدة التي تحتجزهم بدورها الى صراعها الداخلي .

كل ما تقدم يحتاج الى منظرين يكونون على دراية بمحيط وعمق العقيدة، وهذا الامر يصعب كلما اتسع الهوة بين الجماهير والنخبة لتلك العقيدة فاغلب تلك العقائد تترفع بلغة خاصة على العامة بل ويزداد الامر في كثرة البروتوكولات التي تجعل العامة مجرد شرذمة تحتاج الى التهذيب في التعامل لهذا يشتهر بعض الخطباء حين يجد لغة تنزل الى مستوى اقرب من العامة وربما يكون الأمر على العكس وهو ما يوجد في اغلب الأحيان اذ يوجد خطباء تعلموا لغة المؤسسات العقائدية وراحوا  يقلدون الخطباء وهم ينتقون ما يحلو لهم من روايات تقربهم من الشارع وتكسبهم الشهر والمال،  ويقترف الكثير منهم ممن يمتلكهم جهلا مركبا في إصدار اجتهادهم في فتاوى تكفيرية بحجة الحرص والمحافظة على العقيدة،  لتستعر حرب لا تنطفئ،  ومع الأسف أن هذا الطرح يتسارع هذه الأيام بسبب تعدد وسائل التواصل مع الجماهير ومن اخطر هذه الوسائل الموجودة اليوم هي القنوات الفضائية التي تعمق فتاوى التكفير عند أفراد العقيدة وعند خصومها،  والمسالة هنا انه حين يكشف الخطيب عن ايمانيات عقيدة التي تواجدت مع تنامي النص تاريخيا ليتلاءم مع تغير المجتمع زمانيا هو من الأخطاء الشائعة التي يقع بها اغلب الخطباء حين يتوجهوا الى جماهير الفضائيات  كما يتوجهوا الى جمهورهم اللذين يشتركون معهم في تلك الايمانيات وهم بهذا لا يعون خطورة  الأمر،  فمثلا لا يمكن أن أحاجج الملحد بآيات من القران الكريم ولا يمكن أن أحاجج الإسلامي بأجزاء من بيانات الماركسية لان هذا هو مشترك أيماني تقع حججه على من هم مؤمنين به مسبقا،  فخطباء هذه الفضائيات لا يدركون،  أن جمهور الشاشة غرباء عن طرحهم المغاير مع ما اكتسبوه وتوروثه لهذا فهو يحدث صعوبة عندهم في هضم وتقبل المعطى لان الصعوبة في عدم احتمال حجم الجرعة المغايرة لثوابتهم،  والحقيقة أن طرح الخطباء ينبع عن الاصول المذهبية أو الإيمانيات المشتركة لأن الخطباء لا يمتلكون أدوات المحاجة أنما لدية أسلوب تقليدي لإرسال موضوعاتهم الجاهزة عن السلف هكذا طرح أوجد مسافات شاسعة بين العقيد الواحدة،  وهذا تهاون قد تسبب في إيجاد خصومات وحجج للخصوم وراح ينتقي الخصم رأي من بين ألآراء المطروحة والذي هو اقل أهمية وأكثر هامشية فتسهل لديهم الأمور في دحض تلك الآراء الثانوية لما فيها من فقر تنظيري يشكو منة  أولئك الخطباء . أن هذا التوقف الخبيث عند المعاني السطحية في اجتزاء رأي من خطيب وعلى قنوات فضائية كثير ظهرت هذه الأيام هو لأجل تفتيت وتقسيم وحدة المسلمين وبالتالي وحدة الإسلام، والأمر يظهر جلي لكل واعي فان طرح هذه الفضائيات لا يرمي إلى رفع مستوى النقاش كما هو ظاهر لان من يحاجج ويحاول أن يطرح وجهة نظره يجب علية أن يختار خصوما أكفاء وأذكياء وليس مع خصوم بسطاء ولا يجتزئ من الحديث ما ينفعه ويترك ما تبقى أن لعبة التضليل والدماغوغية الإعلامية في اغلب الفضائيات الاسلاموية أصبحت واضحة لدرجة أن تجد الوقاحة في تسفيه الثوابت الإسلامية لأجل أعلاء مذهب على أخر بل أن من يقراء خطابات البعض منهم بتمعن سوف يجد بصمة التمويل لهذه الأفكار .

 

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1548 الاحد 17/10/2010)

 

في المثقف اليوم