قضايا وآراء

جرائم القتل - البرانويا والجريمة (2-4) / قاسم حسين صالح

فانه يبدو للشرطة والمحققين الجنائيين مرتّبا "ومنظما" وصاحب قدرة على الاقناع، وبعيدا" عن الشبهة. ولكي نتفادى هذا الموقف فاننا سنبدأ بتحديد المعنى العلمي للبرانويا فنقول ان البرانويا (او الزور باللغة العربية الفصحى) شكل أو اسلوب مضطرب من التفكير، يسيطر عليه نوع شديد وغير منطقي (او غير عقلاني) من الشك وعدم الثقة بالناس، ونزعة دائمة نحو تفسير افعال الآخرين على انها تهديد مقصود أو مهين ضده.

  ولكي تكون الصورة امامك اوضح نورد لك الاعراض أو المظاهر التي يتصف بها المصاب باضطراب الشخصية الزورية (البرانويا) ونوجزها بالآتي:

1.    يحمل ضغينة ضد الآخرين ويرفض التسامح عن الاهانات أو الاستخفاف به.

2.    تفسير تصرفات الآخرين بمن فيهم الأهل والأقارب والاصدقاء على انها عداء أو ازدراء.

3.    استعداد للقتال أو المقاومة، والاصرار بعناد على التمسك بحقوقه الشخصية بغض النظر عما يتطلبه الموقف.

4.    كره وحقد ضد من يتجاهله أو يحط من قدره.

5.    تساؤلات واستفهامات لا مبرر لها بخصوص اخلاص(الزوج أو الزوجة) أو الطرف الآخر في علاقة زواج أو حب.

ولغرض ان نجعلك، عزيزنا القاريء الكريم، على بينة من هذا الاضطراب الخطر(الذي يبدو صاحبه مهندم ومرتّب وانسان عادي جدا"، وعلى غفلة يرتكب جريمة قتل ) نقدم لك عددا من المؤشرات تساعدك على التشخيص، نصنفها في اربعة مكونات نوجزها بالآتي:

1.    دفاعات سلوكية: وتعني ان المصاب بالزور(البرانويا) يكون حذرا" ومستعدا للرد بعنف نحو من يهدف الى خداعه والحط من قدره .

2.    شكوك معرفية: بمعنى انه يكون شكوكا بدوافع الآخرين ولا يثق بهم، ويفسر الاحداث على انها تأمر موجه ضده، والصعوبات الاجتماعية البسيطة على انها ادلة ثابته على الخيانة والخداع. وقد يقتل الزوج زوجته متهما" اياها بالخيانة وهي بريئة، وقد يقتل الرجل امه متهما" اياها بمحاولة دس السم في طعامه.. ولك ان تزور مستشفى (الشماعية، الرشاد في العراق) لتتأكد من وجود هاتين الحالتين.

3.    استفزاز الآخرين: ويعني أنه يمتلك اتجاها" عدائيا" نحو الآخرين، يظهره في خصومة أو شجار. ويستثار بسهولة، ويتصرف بغضب، وينشغل بالبحث عن عدم الولاء أو النزاهة، وخفايا نوايا الآخرين ودوافعهم.

4.    افكار ومعتقدات ثابته: وتعني انه لن يتزحزح عن افكاره ومعتقداته، وانه جامد ومتصلب في تعامله مع الآخرين، وان الصح والخطأ لديه يقيسه وفقا" لافكاره ومعتقداته حتى لو خالفه الواقع والناس جميعا".

    اصبحت الآن لديك صورة واضحة عن الشخص المصاب باضطراب الزور(البرانويا). ولكن عليك ان تعلم ان المصاب بالبرانويا لديه من المهارة بشكل يستطيع ان يخدع حتى لجنة طبية نفسية متخصصة. وقد لا تكتشف حقيقته الا بعد ان يعرض عليها عددا من المرات. واعلم ايضا" ان عددا من المصابين بهذا الاضطراب موجود في المجتمع ويمارسون اعمالهم بشكل يبدو طبيعيا". وقد تصاب بالدهشة عندما تسمع ان (فلانا") قتل (فلانا") لانك لا تدري بأنه مصاب باضطراب الزور (البرانويا) .وانتبه الى أنك اذا عرضت عليه ،او طلبت منه مراجعة مستشفى للأمراض العقلية..فانه قد يؤذيك،لأنه يعد نفسه عاقلا ويعد طلبك اهانة وتحقيرا .وانتبه،ايضا، الى أن وجوده في الأسرة قنبلة موقوته تقتل من يستفزه في لحظة.فقد قتل رجل في الثلاثينات من عمره أمه !وأودع في مستشفى الرشاد (الشماعية)ببغداد،مع أنه حاصل على دبلوم تجاره من برطانيا. وفي هذه الحالة،أعني توافر أعراض البارنويا في قريب أو صديق، عليك التعاون مسبقا مع الطبيب لتدبير خطة تؤمن وصوله قريبا من المستشفى ..وعندها اترك الأمر للطبيب ومساعديه ..فهم يعرفون شغلهم معه الذي يبدأ أولا بحقنه أبرة التخدير!.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1548 الاحد 17/10/2010)

 

 

في المثقف اليوم