قضايا وآراء

جذور العلاقات الاميركية البريطانية / خالد محمد الجنابي

التي تم توقيعها من قبل وزيرة الخارجية الاميركية آنذاك دانيال وبستر واللورد آشبورتون ممثل وزير الخارجية البريطاني في تلك الفترة اللورد ابردين بتاريخ 9/8/1842، ألأمر الذي أدى الى تزايد النشاط التجاري الذي شكل مدخلا كبيرا لتاريخ العلاقات بين البلدين، وفيما كانت هذه العلاقة الخاصة تحظى بالإطراء في الولايات المتحدة فإن معظم البريطانيين كانوا ينعون على بريطانيا دور التابع، وهناك ثمة سؤال هو هل "العلاقات الخاصة" التي تجمع بريطانيا والولايات المتحدة والتي كان الزعيم البريطاني ونستون تشرشل أول من أعطاها هذا الوصف عام 1946 علاقة خاصة بالفعل ؟ فيما كانت شمس الإمبراطورية البريطانية تذوي أصبح بادياً أن علاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة وفرت لها الفرصة للاحتفاظ بحجم على الساحة الدولية يفوق حجمها الحقيقي، فمن وجهة النظر الأميركية تمثل بريطانيا رجل الدولة الحصيف والعجوز الذي تحتاجه ليصادق بتوقيعه على سياساتها الخارجية، كما تمثل بريطانيا أيضاً جسراً دبلوماسياً بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إضافة لكونها شريك أيديولوجي قوي للأميركان داخل الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وقد تعرضت هذه العلاقة التكافلية في الماضي للتوترات غير أنها لم تصل أبداً عد الانفصام، على سبيل المثال، أثار تردد الولايات المتحدة في دخول الحرب العالمية الثانية إلى جانب بريطانيا خيبة البريطانيين الذين كانوا يصارعون من أجل وقف التوسع النازي والدفاع عن أراضيهم، ومع ذلك جمعت الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل علاقة وثيقة خاصة لاحقاً، خصوصا بعد دخول الولايات المتحة الحرب عندما دمرت اليابان الاسطول الاميركي بتاريخ 7/1/1941 في معركة بيرل هاربر، وعادت الصدوع لتظهر على هذا التحالف مجدداً خلال أزمة السويس عام 1956 حين انضمت بريطانيا إلى فرنسا وإسرائيل في الهجوم الثلاثي على مصر بعد تأميم الرئيس المصري جمال عبد الناصر لقناة السويس وإغلاقها أمام حركة الملاحة الإسرائيلية، ولم يتمكن المهاجمون من إقناع الولايات المتحدة في الانضمام إلى حربهم على مصر وتحول الهجوم الفاشل الذي شنه رئيس الوزراء البريطاني أنطوني إيدن إلى واحدة من أكثر الأعمال تخبطاً ورعونة في تاريخ بريطانيا، بالعودة الى التاريخ يتبين لنا ان الصراع بين المستعمرين الانكليز وممثلي الحكومة البريطانية عائدا الى فرض الضرائب على ملكية الاراضي والانتاج، وقد ظهر الصراع على اشده حينما اقرت بريطانيا بعض القوانين الخاصة بالتجارة، فقد عمدت الى وضع قيود على الانتاج وتصدير بعض السلع كالصوف والقطن وصناعة الحديد وذلك بقصد حماية انتاج المصانع البريطانية، اضف الى ذلك زيادة الضرائب مما حدي بسكان الولايات رفض القرارات والقوانين الانكليزية، وقد عمدت بريطانيا بدء من سنة 1760 الى تطبيق قوانينها بالقوة وفرض العقوبات على المخالفين مما ادى الى تذمر السكان وبالتالي الى قيام الثورة الامريكية سنة  1776،  وقد عمد سكان الولايات الى تشكيل لجان بدأت في بوسطن سنة 1772 على يد صموئيل ادمزبغرض خلق جبهة وطنية ضد بريطانيا، وبالفعل ففي خلال عام واحد لم تبقى مدينة من المدن الامريكية الا وحلت بها هذه اللجان وشكلت جبهة وطنية مستعدة للتضحية في سبيل الاستقلال، وقد انبثق عن هذه اللجان احزاب سياسية منظمة ذات اهداف واضحة ادت الى خلق مجلس شيوخ عام 1774،  فقد انطلقت الدعوة من ولاية ماسوشيتس بان تنتخب كل ولاية ممثلين عنها لبحث قضية علاقة الولايات مع بريطانيا، وكان نتيجة هذه الدعوة ان حضر 24 عضوا يمثلون 12 ولاية (جورجيا لم تشترك) في مدينة فيلادفيا في 5 كانون الاول سنة 1774، وكان هذا المؤتمر ما شكل مجلس الشيوخ الاول . وقد انتخب الحضور من قبل اللجان الشعبية او رشحت من قبل المجالس التشريعية في الولايات والتي كان معظم اعضائها من المتمردين ضد بريطانيا ، وقد تبنى المجلس دعوة (لاعلان الحقوق) المناهض للقوانين البريطانية الجائرةوخاصة تلك التي سنت بعد سنة 1760، (وكان من قرارات المجلس اعلان المقاطعة للبضائع البريطانية وتعيين لجان في كل مدينة وقرية لمعاقبة مخالفي نظام المقاطعة ،  وقد وافق المجلس على ان يعقد مرة اخرى في ايار سنة 1775) ـ عطا بكري ، الديمقراطية في التكوين / دار العلم للملايين بيروت 1952 ص81 ـ وكانت نتيجة هذه التطورات ان اتبعت بريطانيا سياسة قمعية مشددة مما ادى الى وقوع مصادمات بين الجيش الانكليزي وسكان ولاية ماسوشيتس . ولكن استطاع اعضاء المجلس عقد مؤتمر في 10 ايار سنة 1775 (وقد ارسلت جورجيا ممثلين عنها وعلى الرغم من عدم تمتع هذا المجلس باي سيطرة او نفوذ او قدرة على جمع الضرائب الا انه كان بمثابة الناطق الرسمي للولايات الامريكية حتى سنة 1781 عندما كتبت البنود المتعلقة بالوحدة الفيدرالية للولايات) ـ عطا بكري، الديمقراطية في التكوين / دار العلم للملايين بيروت 1952 ص82 .

 

[email protected]

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1549 الاثنين 18/10/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم