قضايا وآراء

الاخلاق والسياسة / جاسم الصافي

ناقوس يدق جرس الانتباه والترقب حتى يومنا هذا والذي صار به الإنسان متحررا ولا يقبل أن يستعبده شيء، مع أن المجتمع ألقى على عاتقة مسؤولية الالتحام في الدولة عبر القانون الذي يحمي حريته من جهة ويحمي حرية الآخرين من أنانية الفرد، ومع هذا افرز الواقع إنسان أخر يتجاوز بحريته على كل قيد ولا يقيم وزنا لأي قانون ما يقوده هو التنافس والغلبة وما يحكمه هو عدالة الأقوى وبقاء الأفضل، وهو يغفل حقيقة أن ما لديه من معرفة ما هي ألا أنانية، أصبحت مذهبا للكثير وبالأخص السياسيين الذين اعتبرهم أفلاطون شرا مجسد، حين وجدوا طريقا ملتويا يحتال به على القانون الذي يقترن بما هو عملي فقط، أي بمعنى انه يؤثر ولا يتأثر بما هو معنوي لكونه آلة تنظيمية ليس إلا، وقد أوجد هذا اتهامات نحو رجال السياسة على أنهم يفتقدون للأخلاق وحلاوة طعم القيم ، لكن هل هذا صحيح ؟ ربما علينا تذكر بعض الشخصيات مثل الخليفة عمر بن عبد العزيز والرئيس عبد الكريم قاسم هذه الشخصيات التي كانت وأعيه لتكليفها ولم تكن مؤدلجة وفق حزبا معين بل تتعاطى مع الواقع الذي يتعامل مع المنصوص علية وليس العكس، لكن ميكيافيلي يقدم مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) وهو مبدأ يرفض خضوع السياسة لأي قاعدة أخلاقية ويوصي باستخدام المصانعة والرياء للوصول الى السلطة، ورغم هذا نجد أن التجارب الإنسانية التي تجمع  الأخلاق مع السياسة بل كثيرة، أما ما يطرحه ميكيافيلي هو من اجل جعل الأخلاق تبدو متهمة في حملها لقيم ذات شكلا معياري أي متغير وبذلك تحتجز مع الديني ليكونا الاثنان خارج الواقع المادي، واغلب السياسيين هذه الأيام يتفنن في إيجاد الحجج لسياسته فيزيف الاستبداد حتى يكون له بريق وبهذا لا يكون أنموذجا مثقفا بل سياسي تنفيذي وجزء من السلطة، وليس سياسي تشريعي برلماني اختاره الناس لأنه يملك الواعي والثقافة في إدارة الدولة وما يحث اليوم من تصارع على السلطة يمثل قول الخليفة عمر بن عبد العزيز من أنهم لم يختلفوا على ربهم او نبيهم ولا على كتابهم بل اختلفوا على الدينار والدرهم  .

 

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1555 الاحد 24/10/2010)

 

في المثقف اليوم