قضايا وآراء

قراءة موجزة في نص: (صديقي الشاعر) للشاعر حميد لفتة الحريزي / جليل الخزرجي

 وكيفية التعرف على موتهم وبأي أسلوب وما هي الذنوب التي ارتكبوها ليكون القتل جزاءهم

لقد جعل الحريزي قصيدته (صديقي الشاعر) على هيئة شهود سبعة ليحكي كل منهم قصة موته، بصفتي قارئ للقصيدة لا ادري كيف دخلت، وكيف خرجت، والى أين وصلت ؟

لكن لماذا اختار الحريزي الرقم سبعة ؟ حسب قرأتي ان هذا الرقم يتميز عن غيره من الأرقام . كونه فردي لا يتجذر، كما انه رمز يحيلك لحوادث تحمل مدلولات عدة ومقدسة، مثل: ان الله خلق سبع سماوات ومثلها في الأرض، وجعل أيام الأسبوع (سبعة ، وفي القران الكريم ورد ذكر سبع سنين عجاف وسبع بقرات وسبع سنابل، كما ان أصحاب الكهف سبعة عدا كلبهم، وقد أماتهم الله (تعالى) ثم أحياهم واستنطقوهم ثم أماتهم، كما جاء في قول الشاهد الرابع :-

أكمل

شهادات ستة قبور

ثم هوى في القبر السابع

إذن يمكننا القول ان العلاقة الجدلية حصلت بين أصحاب الكهف والشواهد السبعة واختياره لهذا الرقم في قصيدته.

لو تأملنا أشعاره نجد فيها التناقض بين الخير والشر، ففي المقطع الأول يقول :

 

كان يحلم 

إن يعانق الشمس بلا خوف

كان يحلم

ان يلون الحروف

كان يحلم

ان يعانق الضريح .... فقتلوه

 

هنا يبين الشاعر إن الشاب يمثل الخير والقاتل يمثل الشر .

فالموقوف السايكلوجي عند الشاعر يرى اللا مالوف هو المألوف والعكس صحيح أيضا .

 

ففي أشعاره كأنه يعيش في عالم معزول عن عالمنا هذا من حيث الزمان، والمكان ليؤسس منطقه الخاص ليعكس جوانب من منطقنا وقوانيننا المألوفة في الحياة اليومية المعاصرة .

وشاعرنا تفاعل سعيه بوجدانه بكثافة الى درجة غيرت منهجيه الرئيوي ليبدو غريبا للآخر، فكان مثالا للواقعية الثورية لإنتاج الوعي والحس الوطني للناس، بعيدا عن الطوبائية، كما انه يكشف عن أفكاره في المتناقضات بإشعاره كونه يسير بغير قيد او شرط .

من هذا استدل ان الحريزي يسعى جاهدا ودائما الى إخراج المادة اللاواعية الى حيز الوعي ليجعلها مادة علاجية في شعره .

فهو يؤمن تماما بان الثابت عنده هو المتغير، ولا ينقل الصورة الفوتوغرافية الى أشعاره بل يركز على اللوحة ليبرز أهم سماتها في القصيدة لتصبح مميزة .

وفي عنوانه للقصيدة إشكالية معرفية بحاجة الى إحالة المعنى المتعين الى المعنى المتغير ضمن اختيار الشاعر، هل يقصد ذاته ؟ لماذا لا يسميها بـ (يا صديقي الشاعر) و (يا) للمناداة والدوال هي موجودة في بداية قصيدته :

 

هيا بنا نقامر

هيا بنا للمقابر

 

إذن هو يدعو صديقه لزيارة المقابر ليتسنى لهم معرفة الأسباب التي أدت الى حرقهم وشنقهم كما جاء في المشهد الأول :

 

هل مات حرقا ؟؟

هل مات شنقا ؟؟

بأي ذنب قتلوه ؟؟

والحريزي يحلم كثيرا ويحلق بفضاءاته ويمزج الواقع بالخيال متحديا كل الصعاب ليحقق حلمه في بعث القيم الإنسانية من جديد، لان تحقيقه المباشر للرغبات يتعارض مع الحاجات والرغبات الأخرى، فهو غير قلق من حبس الواقع عند الآخرين ولا يخشى الوقوع في كمين الصمت للمحيط الذي يعيش فيه .

كما ابتدأنا بالأول (الشاهد الأول) فالثاني (الشاهد الثاني) وعلى التوالي وصولا الى (السادس) الذي يقول ويعقبه (الشاهد السابع)، الذي استوي واستمع الى شهادات ستة قبور وفهم منهم بان كل التاريخ زور وما جدوى ألحياة المزورة  .

ارتمى في القبر السابع كما جاء في نهاية القصيدة تأويلا للموت الطوعي  والخلاص من الزيف.

 

أكمل

شهادات ستة قبور

ثم هوى في القبر السابع

 

جليل ألخزرجي

كاتب وصحفي عراقي

رئيس تحرير مجلة (وحي ألغري)

 

.......................

للاطلاع:

صديقي الشاعر / حميد الحريزي

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1555 الاحد 24/10/2010)

 

في المثقف اليوم