قضايا وآراء

أزمات الزجاجات المقلوبة / حميد الحريزي

ضاق عنقها لسبب او آخر مما تعذر خروجه منها  وعندها تنتهي الأزمة فيقال هناك محاولات لإخراج الوضع الحرج والمتأزم من عنق الزجاجة.

هذا القول يصح على أزمة في زجاجة تجلس على قاعدتها وفوهتها الى الأعلى....

طوال تاريخ العراق وساسته  يعيشون أزمة تلو الأخرى يدفع ثمنها الشعب، لا تنتهي ألازمه الا بكسر الزجاجة او انفجارها لتسحق من حولها وتصل شظاياها نق، كما كان الانفجار في 14 تموز 1958 وما تلاه من  انقلابات  وأحداث وكذا كانت أزمة الديكتاتورية التي كانت في زجاجة مقلوبة تدعي الديمقراطية وتحكم باسم وفعل الحزب الواحد والفرد الواحد  ..فكان الانفجار المدوي الكبير المتناسب طرديا مع حجم ضغط الأزمة داخل الزجاجة....

وقد كان المحتل الأمريكي وأعوانه من العوامل المساعدة الفعالة في تشظي الزجاجة وانفجارها  في 2003 فجرى من جراء ذلك  نهر من دماء اللا مستفيدين والمقهورين قي زمن الديكتاتورية وما بعدها...حيث استحوذت فئة بعينها على كراسي الحكم ومفاتيح الثروة ونياشين الجاه بينما ظلت الأغلبية محرومة تعاني القهر كما كانت في عهد الديكتاتورية ان لم يكن اشد وطأة.

ومنذ 2003 دخلت العملية السياسية المصنعة أمريكيا في العراق في زجاجة الأزمات المتلاحقة،  والمشكلة الكبرى ان الزجاجة ظلت مقلوبة للأسباب أعده منها:-

- بناء دولة (الحرية)  بالدبابات الاحتلاليه.

-بناء دولة التعددية الدستورية وفق (السواني) العشائرية و(الأساطير) الطائفية والشوفينية العرقية والقومية.

- اعتماد مبدأ تصويت (الهوسات) بدل الخيارات للمواطن الفرد وسط احتقان واحتراب وشد عرقي وطائفيا مما انعكس سلبا على صياغة الدستور الذي بدل ان يكون مرشدا لحل الأزمات أصبح مولدا لها.

- الصبغ البنفسجي لا غير لأصابع ألشعب،والمناصب لزعماء الطوائف والأعراق والقبائل.

ليس هناك من دليل أكثر مضاء من حال العملية السياسية اليوم المختنقة في  بطن الزجاجة المقلوبة والتي وصلت حد التعفن من جراء  فضلات مكوناتها المحصورة بداخلها ان لم نقل منذ  سبع سنوات  فمنذ سبعة أشهر وليس هناك أية بصيص أمل ان تتزحزح القوى الضاغطة على قاعدتها المقلوبة كي  يسمح للهواء للدخول من خلال عنقها الذي يزداد انغراسا في وحل اللامعقول والمصالح الأنانية وزمر الجريمة والسلب والنهب والفساد، ويخنق كل أمل لأية قوة من القوى في داخل بطن الزجاجة ان أرادت الخروج من عنقها.....

بما ان ليس هناك قوة قادرة على قلب الزجاجة ووضعها على قاعدتها والعمل على أخراج الأزمة من عنقها بالسياسة او الكياسة بالطرق الفيزياوية او الكيمياوية او ألسحريه كما يجري في بعض بلدان العالم .... بسبب من المقاومة العنيفة للقوى الضاغطة والممثلة لمصالح القوى الطائفية والعرقية والاحتلالية والإقليمية مجتمعة التي من مصلحتها ان تبقى الزجاجة مقلوبة ووضع كل العراقيل بوجه التغيير الديمقراطي الوطني وبناء دولة المؤسسات الدستورية.

مما يحصر الحل إما بدوام الأزمة وقبول إفرازاتها الخطيرة، أو بانفجار وتشظي الزجاجة وكسر عنقها بالعودة الى أساليب العنف والانقلابات الدامية السابقة التي لا يمكنها ان تفعل سوى تجديد أسماء  الزعماء وحشرها في زجاجة مقلوبة جديدة  يجلس على قاعدتها المقلوبة ديكتاتورا جديد قد يفوق في بطشه وتعسفه كل ما سبقه، وهكذا تظل أعناق الزجاجات وأعناق البشر تتطاير وتدفع ا لخسائر الفادحة من الأرواح والثروات وفرص النمو والتقدم والازدهار... الا وما ابعد هذه أل (الا) في ظل واقع  مرير لا ينتج غير روائحه النتنة وهوامه وقوارضه الضارة المعدية    ... رغم ذلك نقول الا ان يأخذ أحرار العراق ومسانديهم ومؤازريهم زمام المبادرة  وقلب الزجاجة وتطهيرها من العفن والاعتماد على قوى وطبقات الشعب وأبناءه الوطنيين المخلصين الذين يعملون في الفضاء الحر ملقين بزجاجات الأزمات في  القمامة

بالرغم من كون هذه أمنية (وليس كل ما يتمناه المرء يدركه) ولكننا لازلنا نؤمن بإرادة الشعوب  وقدرتها على الدفاع عن مصائرها وكرامتها وثرواتها وحياة أبناءها مهما طال الزمن ومهما بلغت التضحيات

(إذا الشعب يوما أراد الحياة

                            فلابد ان يستجيب القدر

 ولابد لليل ان ينجلي

                      ولابد للقيد ان ينكسر).

 

 

 

 

في المثقف اليوم