قضايا وآراء

حقوق الأديان في القانون العراقي / ثامر الحاج امين

 كالمسيحيين والآيزدييون، والصابئة المندائيين)، لذا تأتي خطوة الحكومة المحلية في مدينة " الديوانية " باقرارها والسماح للصابئة المندائية بانشاء معبد لها لممارسة طقوسها الدينية، خطوة منسجمة تماماً مع القوانين الدستورية، كما انها تدفع باتجاه اشاعة روح التآخي والتسامح وتعزيز الوحدة الوطنية اضافة الى التعبير عن نبذ الفتنة والكراهية بين مكونات المجتمع، هذه القيم التي سادت الحياةالعراقية أبان عقود طويلة من الاختلاط والتجاور الديني والمذهبي والتي ذكرتها الكثير من كتب الرحالة والسير الذاتية اضافة الى الباحثين في شؤون الاديان وأبرزهم الباحث العراقي " رشيد الخيون " الذي أورد في كتابه " الأديان والمذاهب بالعراق " بعضا ً من مفردات وصور المجتمع العراقي المجبول على التسامح والتعايش الطبيعي بين مختلف اديانه وقومياته حتى لوقت قريب، حيث يذكر أن الكثير من العائلات المسيحية كانت تلوذ بصحن الامام الكاظم تفاديا لقصف الطائرات أيام الحرب مع ايران، كما ويذكر أن المسلمين في أيام رمضان كانوا لايفطرون الا ّ بعد أن يزودوا جارهم الصابئي بشيء من مائدتهم، وأول الداخلين عليهم في يوم العيد هو وعياله . بهذا السلوك المتمدن، الذي ينم عن انسانية عالية قهر العراقيون فتنة الاختلاف وجعلوا من الأديان جسراً للمحبة فيما بينهم، نابذين بهذا السلوك كل دعوات الفرقة والكراهية التي ـ للأسف ـ وجدت لها اليوم مكاناً بين صفوفهم .

لقد اهتم قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 بحقوق الأديان وكفل حمايتها من الاعتداء والتحقير، والتشويش على اقامة شعائرها الدينية أو التخريب لأبنيتها ورموزها التي هي موضع تقديس او تمجيد عندها، وكذلك حذرّ القانون من الاستخفاف والاهانة او السخرية من هذه الرموز وذلك من خلال العقوبات التي أقرها لمرتكبي هكذا ممارسات بحق الأديان والتي اعتبرها في المادة (372 ـ 1) جرائم تمس الشعور الديني وهي مادة جاءت مفسرة للمادة الدستورية (43) اولا التي تعتبر(اتباع كل دين أو مذهب أحرار في ممارسة الشعائر الدينية) وفي ثانياً من هذه المادة: (تكفل الدولة حرية العبادة وحماية أماكنها ) وهو تأكيد واضح على حق الأديان في انشاء أمكنة لممارسة شعائرها وطقوسها الدينية مادامت هذه الشعائر لاتدعو الى الكراهية والعنف بين مكونات المجتمع .

اننا مدعوون لتشجيع هكذا خطوة مثل التي خطتها " الديوانية " في تقديمها صورة مشرقة للتسامح والتعايش الديني والمذهبي على الأرض العراقية، لكي يبقى العراق (متحف الثقافات القديمة) .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1563 الأثنين 01 /11 /2010)

 

 

في المثقف اليوم