قضايا وآراء

أعلام من الذاكرة: عمر العلوان / جليل الخزرجي

ولد عمر العلوان في مدينة كربلاء عام 1880 م و ينتمي الى عشيرة الوزون العربية التي سكنت مدينة كربلاء منذ زمن بعيد و قد أصبح فيما بعد شيخاً لها.

جاهد كثيراً و له دور كبير في حث أبناء مدينتةُ و ما جاورها على الأنخراط و الأنضمام إلى صفوف الحركة الوطنية في المدينة للمطالبة بأستقلال العراق وطرد قوات الأحتلال البريطاني من أرضنا الطاهرة .

كان من مؤسسي الجمعية الوطنية الإسلامية ([1]) التي تأسست في كربلاء عند بداية الأحتلال البريطاني في العراق .

كان أهم هدف لهذه الجمعية هو المطالبة بإستقلال العراق وحث جميع العراقيين على التضامن والتعاضد في سبيل تحقيق الأهداف .

عندما أُجري الأستفتاء كان عمر العلوان من أشد الرجال المتحمسين ومن الذين لعبوا دوراً مهما وعاماً في تنظيم المضبطة التي طالب بها أهالي كربلاء بانتخاب أحد أنجال الشريف حسين ملكاً للعراق وكان أول من وقع هذه المضبطة ([2]) .

أقول لماذا لم يرشحوا ملكاً من العراق بدلاً من أحد من أنجال الشريف حسين ؟ وبعد أن علم الإنكليز بمضمون هذه المضبطة التي جاءت ضد رغباتهم قرروا إرسال قوة عسكرية إلى مدينة كربلاء للقبض على الذين أشرفوا على تنظيم هذه المضبطة .

وسؤالي كيف علم الإنكليز بمضمونها ومن وصل تلك المعلومات ؟؟.

ثم اتجهت هذه القوة إلى كربلاء وقامت بتطويق المدينة من كافة جهاتها وبعد إحكام وإكمال سيطرتها على المدينة بادرت على الفور إلى إعتقال كل من عمر العلوان ، عبد الكريم العواد ، أطليفح الحسون ، محمد علي أبو الحب ، السيد محمد مهيد ، محمد علي الطباطبائي ([3]) .

بعد اعتقال عمر العلوان ورفاقه أستاء لهذا العمل محمد تقي الحائري الذي كان وقتها أبرز رجال الدين فكتب إلى الكولونيل (ولسن) الحاكم البريطاني يحتج على مثل هذا الأجراء ([4]) .

بعد اعتقالهم  نفوا إلى الهند . لبث عمر العلوان وجماعته في المنفى عدة شهور ثم أطلق سراحهم فيما بعد أثر توسط العديد من رؤساء بعض العشائر وبعض الوجهاء فعادوا إلى كربلاء 2 كانون الأول عام 1919 م واستقبلوا استقبالا رائعاً([5]) .

بعد عودة عمر العلوان ومن معه إلى كربلاء لم يترك الجهاد الوطني بل أستمر في أعماله الوطنية فكان من المقربين للشيخ محمد تقي الحائري الذي كان يلتف حوله معظم الثوار في جميع أنحاء العراق .

عند رفض الحاكم السياسي البريطاني لمدن النجف والشامية الاجتماع مع الوفد النجفي الذي أراد الاجتماع مع هذا الحاكم لإبلاغه مطاليب أهل المدينة والتي تنص على المطالبة على استقلال العراق وأقامة حكومة عربية بادرت مدينة كربلاء إلى أقامة المظاهرات التضامنية مع أهل النجف فتقرر تشكيل لجنة للأشراف على هذه التظاهرات والاجتماعات وقد كان أحد أعضاء اللجنة الشيخ عمر العلوان ([6]) .

بعد أن علم الإنكليز بهذه المظاهرات الاحتجاجية والاجتماعات التي نظمت في كربلاء قررت حكومة الاحتلال إرسال قوة عسكرية لاعتقال المشرفين على هذه الأعمال فوصلت هذه القوة إلى المدينة في 22 حزيران 1920 م  وقامت باعتقال كل من عمر العلوان ، محمد رضا الحائري ، هادي كمونة ، محمد علي الطبطبائي ، عبد المهدي الكنبر ، أحمد الكنبر ، أحمد البيرَ ([7]) ، على أثر اعتقال عمر العلوان وجماعته تدهورت الأوضاع في البلاد وقام العديد من شيوخ العشائر ورجال الحركة الوطنية ورجال الدين في جميع أنحاء العراق بتقديم العرائض إلى الحاكم الإنكليزي وطالبوهم بأطلاق سراح هؤلاء إلا أن حكومة الأحتلال رفضت مطاليبهم بل قررت نفيهم إلى جزيرة هنجام الهندية ([8]) .

كان عمر العلوان وعبد المهدي الكنبر قد امتنعا عن تسيلم أنفسهم للإنكليز وحاولا تشكيل مجموعات خارج المدينة للتصدي لقوات الأحتلال البريطاني إلا أن معتمد السلطة حذرهما وهددهما باعتقال عائلتهما أن لم يسلما أنفسهم ([9])  الأمر الذي أضطرهم إلى التسليم.

 

ولكن من هو المعتمد حينذاك ؟

بقي عمر العلوان وزملائه في المنفى إلى أن صدر العفو العام 1921 م .

بعد عودته لم يترك العمل السياسي بالرغم من تعرضه للمتاعب والمشاق والملاحقة من قبل سلطات الاحتلال البريطاني .

بعد تأسيس المملكة العراقية عام 1921 م والسماح بتشكيل الأحزاب السياسية أنتمى عمر العلوان إلى حزب الأخاء الوطني ([10]) فرع كربلاء .

لقد كان عمر العلوان شخصية جذابة محبوبة من قبل أبناء مدينته حيث كان يشاركهم أفراحهم وأحزانهم وقيامه بحل مشاكلهم بأعتباره أحد الوجوه الوطنية للمدينة أضافة إلى كونه رئيس عشيرة الوزون وهي أحد بطون عشيرة خفاجة .

أستمر الشيخ عمر العلوان القيام بالإعمال الخيرية وبقي موضع أعتزاز أبناء المدينة والمسؤولين إلى أن توفي عام 1931 م وبموته قد دخل سجل الخالدين .  



([1])  عبد الرزاق الحسني – الثورة العراقية الكبرى- ص122 .

([2])  عبد الرزاق عبد الوهاب – كربلاء بالتاريخ  ص33 .

([3])   عبد الرزاق الحسني – تاريخ العراق الحديث . ج1 ص121 .

([4])  عبد الرزاق الحسني – الثورة العراقية الكبرى ص123 .

([5])  الدكتور علي الوردي – لمحات أجتماعية –  ج5 ص109 .

([6])  عبد الرزاق الحسيني – الثورة العراقية الكبرى – ص143 .

([7])  الدكتور علي الوردي – لمحات أجتماعية – ج5 ص128 .

([8])  عبد الشهيد الياسري – البطولة في ثورة العشرين ص132 .

([9])  عبد الرزاق الحسني – الثورة العراقية الكبرى – ص146 .

([10]) سلمان هادي آل طعمه – كربلء بالذاكرة – ص289 .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1572 الاربعاء 10 /11 /2010)

 

في المثقف اليوم