قضايا وآراء

الأسطورة بين الدين والسياسة / جاسم الصافي

في حلقة الاعتراض الثوري والتمرد على المصير، وهذا التحول في الأسطورية يحتاج الى عامل مهم هو الإقناع، ولكون الدين منظومة مخيالية تستوعب تشابك الغرائبيات من جانب ولان عالمها يعيش في فضاء الذهن أو الروح من جانب اخر لذا فهو الوحيد القادر على أعطاء الأسطورة دلالة واقعية مهم حملت في طياتها من خرافات، فمعانيها تذوب في ذهنية الفرد مادام الإقناع ألتديني مشاعة في المجتمع، ولا يترك فرصه أمام العقل للبحث والتنقيب أو حتى التشكيك الذي هو أساس الفكر، بينما نجد هذا الأمر لا ينطبق على المواقف السياسة لخصوصيته الواقعية، التي تبتعد عن النص الأسطوري المطالب بالإثبات  في كل حين والملاحق بالتفسيرية لكل قول، ألا إذا تلبس بمشروعية دينية وقتها سيكون خطاب السياسة خطابا مقدس توجب طاعته، كما حصل مع بعض من علماء المذاهب الإسلامية في زمن الخلافة الأموية والعباسية، حيث استخدام الدين  كأداة لتبرير السلطة وخلع المشروعية عليها بل وصل الأمر الى تاليه الحاكم لأنه ظل الله على الأرض أو لأنه مالكها , وكما نعلم جميعا أن ظلامية الجهل تدجن الأسطورة وتحجرها في معبد الخرافة ويمتد بخورها الى استغلاق الأذهان على النص ألنقلي والتكراري، وبالتالي يكون هذا المتخيل قابل للتجيش والتعبئة والاستفادة منه في رفد السياسة بالمشروعية، والتي تحميها عواطف التقليد الأعمى، كما حدث بعد التغير في ظهرت المليشيات تحت يافطة الدين والإسلام الصحيح،الذي استقوى به أصحاب السياسة لا علماء الدين وأصبح أداة للعولمة السياسية !! ..

   نعم العولمة، فالصراعات التي تحدث اليوم هي مشروع لولادة أهم أسطورة، أنها مذهبية الحداثة والعلمنة في مقابل الدين الذي غمس بالجهل والتحجر العقلي حتى قزم الى حد أن يكون بأيدي الجهلة والمرتزقة، وها هي السياسة اليوم تصبح الناطق الرسمي باسم الدين، أو أن الدين يفتي بمزاجية السياسة لتصبح اكبر ملحمة لعولمة الدين بعد أن اسقط في شرك الشك لنصوصه، وتصنيمه في أسطورة أبتداعيه من خلال عقدة التأويل المضاد لطبيعة النص الديني، والتي تمزج الأسطورة في قراءات تفسيرية عديدة لإنتاج الدلالة المتناقضة التي تخدم السياسة حين تجد نفسها مطالبة بتبرير تحركاها، وقتها تظهر المواقف المقنعة بالتأويل .

 وما يحصل هذه الأيام من انتهاج الدين لأخلاقية السياسة أو تمسكن السياسة بالدين، هو في النهاية جرم في حق الإسلام الذي يحاولون تحويله الى دين كنائسي من عصر القروسطية .

 

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1575 السبت 13 /11 /2010)

 

 

في المثقف اليوم