قضايا وآراء

إنتباه رجاء: شقاوات العراق الشرفاء (1) / حسين سرمك حسن

.. ولكن كان فيه أكبر عدد من الشحاذين والشطار والعيارين.. والآن ميزانية العراق السنوية 72 مليار دولار وفي بغداد أكبر عدد من الشحاذين في المنطقة ، وبدأت بتصديرهم إلى العواصم المجاورة ..

لكن هناك وجه للغرابة والتناقض أكثر صدما .. خذ الشقاوات .. الفتوة أو الحرافيش كما يسميهم الأخوة المصريون ..  والقباضايات كما يسميهم الأشقاء السوريون ..

خذ مثلا "حسن كبريت" .. حسن كبريت هذا  كان شقاوة قاطع طريق .. يسلب الناس أموالهم وحتى أرواحهم .. وقتل الكثيرين .. الغريب أن حسن هذا كان قد انضم إلى المجاهدين في الحرب العالمية الأولى وشارك في معركة "الشعيبة" ضد الإنكليز.  ولم يكن يكتفي بقتل جنود الأعداء بل كان يقوم بقطع رؤوسهم أيضا رغم رفض القادة من رجال الدين لسلوكه هذا ..

وهناك شقي بغداد (عبد المجيد كنة) . في الجزء الخامس من (لمحات اجتماعية) يذكر الوردي قصة إعدام "عبد المجيد كنة" الذي كان من مغاوير بغداد الذين ساعدوا الحركة الوطنية مساعدة كبيرة وقد ألف عصابة لهذا الغرض ، وأخذ يهدد من يتعاون مع الانكليز من وجهاء بغداد بالقتل . يقول الوردي: (جرى لجنازة عبد المجيد تشييع عظيم جدا . وقد اشترك فيه الشيعة وأهل السنة معا ، فأخرج الشيعة في التشييع أعلام مواكبهم الحسينية . كما خرج المتصوفة بدفوفهم يكبرون الله . وحمل بعض الشبان الشموع بأيديهم إشارة إلى أن الفقيد كان شابا وهذا يوم عرسه . وفيما يلي نبذة مما ذكرته جريدة " الاستقلال " البغدادية حول التشييع :

(.. حملت الجنازة من داره قبيل الظهر ومرت في الشوارع يتقدمها صفوف من أهل الدفوف والأعلام وهم يهللون ويكبرون ويتبعهم ألوف من الرجال والشبان وفي أيديهم الشموع تضيء والكل تضج ضجيجا عاليا . ثم يأتي بعد ذلك النعش وقد رُفع على رؤوس الأصابع . ولا أبالغ إذا قلت تحمله مئات من الأيدي والناس تتزاحم لكي تحظى بحمله ولو برهة . وقد ألقي على الصندوق رزمة نفيسة من الحرير الغالي وعُلق فوق رأسه الطربوش الذي كان يلبسه في الحياة . ويتبع النعش من الخلائق والأعلام أضعاف من تقدمه . والجميع خاضعة الرؤوس . ثم تأتي بعد ذلك أفواج النساء زمرا وقد حثين الرماد والطين على رؤوسهن) .

أما أنموذج الأشقياء المحيّر الأكبر الذي يتناوله الوردي أيضا فهو أنموذج (ابن عبدكة) الذي كان أشهر شقي عرفه المجتمع العراقي خلال الفترة التي امتدت بين أواخر العهد التركي وتأسيس الحكومة العراقية ، وكان كردي الأصل . وقد عجزت الحكومة التركية عن إلقاء القبض عليه فوضعت مكافأة مالية كبيرة لمن يأتي به حيا أو ميتا . وكان من المعروف عنه أنه كان ذا مروءة لا يعتدي على الضعفاء والفقراء والنساء . وقد استمر في عصيانه على الحكومة في عهد الاحتلال الانكليزي ، وعجز الانكليز عن إلقاء القبض عليه مثلما عجز الأتراك قبلهم . وقد قتل من الجنود الانكليز أكثر مما قتل من جنود الأتراك .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1576 الاحد 14 /11 /2010)

 

في المثقف اليوم