قضايا وآراء

إنتباه رجاء: شقاوات العراق الشرفاء (2) / حسين سرمك حسن

– وهي زوجة أحد الضباط البريطانيين – في بستان خلف القشلة وأنقذها من الاغتصاب وأوصلها إلى بيت أحد الشيوخ بكل أمانة . وبعد أن أعيى ابن عبدكة الإنكليز بعد فشل الثورة عن إلقاء القبض عليه، وقع صريع الحمى إثر بلوغه نبأ قتل ابن عمه على أيدي أقرباء المدعو " نجم بن زهو العزاوي " الذي كان ابن عبدكة قد قتله من قبل . وفي أثناء مرضه هذا ألقت الشرطة القبض عليه . وقد تحولت محاكمته التي استمرت أربعة أشهر إلى مناسبة شعبية تحضرها الناس الذين تمتليء بهم ساحة المحكمة، وقد نقلت وقائعها الصحف التي كانت تنقل تفاصيل تصريحات ومواقف محامي المتهم . وقد حكمت المحكمة عليه بالإعدام وقالت الصحف أن ابن عبدكة واجه القرار بكل هدوء وجلد . وكان " سليمان فيضي " واحدا من القضاة في محكمة التمييز التي نظرت في قضية ابن عبدكة وقال عنها في مذكراته:

(ابن عبدكة ثائر شعبي من عامة الأكراد . اشتهر بالشجاعة والإقدام . وكان له في أثناء الثورة العراقية مواقف مشرفة ضد الإنكليز في لواء ديالى .. فلما نشبت الثورة العراقية وأخلى الإنكليز بعقوبة دخلها ابن عبدكة، ونصب نفسه مديرا للأمن فيها . وبطش بالجواسيس، فقتل بعضهم وأحرق دورهم . مما اثار حقد الإنكليز ونقمتهم عليه . وفي عهد الحكومة الوطنية ألقي القبض على ابن عبدكة، وسيق إلى المحكمة الكبرى في بغداد .. فحكم عليه بالإعدام شنقا .. وعارضته أنا ورشيد عالي ... وكانت تأتينا التوصيات المتكررة من المندوب السامي بتصديق الحكم فلم نأبه لها .. وقد شغلت هذه المحاكمة الرأي العام .. فكنت ترى قاعة المحاكم وفسحتها مكتظة بآلاف الناس .. صدر الحكم بتصديق قرار الشنق بأغلبية الأصوات ... فلما اطلع جلالة الملك عليها امتنع عن تصديقه وأمر بتخفيف العقوبة إلى الحبس خمس عشرة سنة . 

وعندما خفض الملك الحكم سرت شائعات منها أن المس بيل هي التي حرضت الملك على ذلك، وذلك لأن الناس اعتقدوا خطأ بأن المس بيل هي المرأة البريطانية التي أنقذها ابن عبدكة من الإغتصاب في شهربان ولذلك أرادت مكافأته على عمله النبيل ذاك .

مكث ابن عبدكة في السجن حتى عام 1936 حيث أطلق سراحه وعين مراقبا للآثار في بابل .. وهناك، وفي مساء 5أيلول1954وبينما كان يمشي في أزقة الحلة وهو يتحامل على نفسه لإصابته بالشلل النصفي قتله " سهيل " ابن نجم العزاوي وكان آخر ما قاله قبل أن يلفظ أنفاسه هو : ليش احنه ما توافينا ؟ أنا قتلت أبوه .. وأعمامه قتلوا ابن عمي ..)

لكن هل هي مجرد ذكريات ؟؟ لا .. لا .. هل تذكرون العصابة التي خطفت الوفد الصحفي البرتغالي بعد الإحتلال البغيض ؟ قالت إحدى الصحفيات المختطفات لإذاعة الـ "بي بي سي" ... لحقتنا عدة سيارات فيها ملثمون .. إنطلقت سياراتنا بسرعة .. فأطلقوا علينا النار وأصيب زميلي في بطنه فاضطررنا للتوقف.. جمعونا في خط وجاء زعيم العصابة وقال لي : أنت سنعيدك إلى المدينة.. نحن عراقيون ولا نخطف النساء !! 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1577 الاثنين 15 /11 /2010)

 

 

 

في المثقف اليوم