قضايا وآراء

ثقافة متأزمة وجيل مخطوف/ بشير زعبيه

وبالتالي تحديد السبل لمواجهتها، اننا عندما نتحدث عن أزمة ثقافة فاننا نتحدث عن أزمة سلوك مجتمعي استنادا الى المفهوم العام للثقافة، فمجتمعاتنا لم تكن تواجه رياح الثقافات الوافدة العاتية وتتأثر بها كما هو الحال اليوم، ما جعلها تعيش حالة من الانقسام الواضح بين انكفاء على النفس وتقوقع على الذات وقراءة  للموروث بمعزل عن معطيات العصر من ناحية وبين هروب الى الأمام متمثلا في محاولة تبني واستهلاك انتاج الوافد تحت تأثير الانبهار ومحاولة تعويض للفاقد ما عمل على خلخلة بنائها الاجتماعي و تعقيد بنيتها الثقافية الاجتماعية فوسط ما يبدو فراغا أنتجه تراجع الثقافة الذي هو جزء من محصلة التراجع العام الذي يتسم به الواقع العربي، نرى أيضا احتكاكات حادة تدور وسط ذلك الذي يبدو فراغا بين تيارات تبرر وجودها بمفاهيم ثقافية يمكن وضع بعضها في خانة الايديولوجي والبعض الآخر يمكن توصيفه في اطار مواقف فكرية ودينية هي نتاج فهم أحادي وانتقائي للنص الديني تم توظيفه في التعاطي مع الراهن السياسي واسقاطه على الواقع الاجتماعي، وكان أبرز أعراض تلك الاحتكاكات وأخطرها كما رصدناها خلال العقود الثلاثة الماضية خاصة العشرين سنة الأخيرة من القرن الماضي هو طريقة بعض تلك التيارات في التعبير عن نفسها وفرض رؤيتها والتي وصلت حد العنف المسلح ما جرّ الى أحداث دامية عاناها أكثر من بلد عربي كادت تجر تلك البلدان الى ما يشبه الحرب الأهلية، غير أن السنوات العشر من هذه الألفية شهدت ظهور جيل جديد اختطفته الشبكة العنكبوتية من ذلك المشهد المربك وشرنقته خيوطها في دائرة تفاعل مع مجتمعات افتراضية – الـ ( (face book على سبيل المثال – يجد فيها ما لا يجده في عالمه الواقعي ويطرح في هذا المجتمع الافتراضي رؤاه ومشاكله وينسج فيه علاقاته بما فيها العاطفية!، وكلما حلق وسبح في هذا الفضاء  الافتراضي كلما انعزل عن المجتمع الحي الذي يعيش فيه وهرب بذاته الى مجتمع يعتقد أنه وجد فيه براحه ووجد فيه مجتمعه البديل حتى ولو كان افتراضيا كما نسميه، وهنا يبرز تحديا آخر ستواجهه الثقافة العربية.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1578 الثلاثاء 16 /11 /2010)

 

 

 

في المثقف اليوم