قضايا وآراء

حميد الربيعي: رواية "تعالى وجع مالك".. ست وعشرون صفحة ستدخل الأدب العالمي / حسين سرمك حسن

 لم نكن نسمع بها للأسف في العراق رغم اقتدارها الملحوظ. من بين هذه الأسماء الكاتب (حميد الربيعي) الذي صدرت له مؤخرا رواية بعنوان (تعالى وجع مالك – 204 صفحات) عن دار الينابيع في دمشق. والرواية مكتوبة بلغة سردية محكمة، وتتوفر على أغلب الشروط الفنية للرواية المقتدرة. جاء في ختام الرواية تعريف موجز بالكاتب يقول:

-له (55) قصة قصيرة منشورة في الصحف والمجلات العربية.

-له رواية (سفر الثعابين) صادرة من دار الهمداني –عدن.

-بعد 30 سنة اغتراب، عاد لوطنه ليتعالى وجع مالك لديه.

لكن حميد الربيعي لا يعلم أنه عاد لوطنه ليقدم أيضا رواية (تعالى وجع مالك) وهي تتضمن مشهدا يندر مثيله في الأدب العالمي .. أو لنقل أنه يقف مقندرا ومكتفيا جنبا إلى جنب مع أرقى النصوص العالمية التي تناولت هذه الثيمة .. ثيمة الإفتراع والمواقعة الأولى لفتاة عذراء محمومة برجلها الخبير (طبيب) الذي يعرف طرق كل قلاع الأنوثة وهو مغمض العينين .. هو المشهد الذي ترويه بلسان الأنا بطلة الرواية، (بنت البطة السوداء) كما يلقبها الربيعي .. هذا المشهد الجنسي الحسي الراقي المتعالي اللاهث العاصف الكاسح الذي يمتد من الصفحة الأربعين إلى الصفحة السادسة والستين لم أقرأ مثيلا له في الأدب العالمي .. وإذا قرأت فإن نص حميد الربيعي ينضاف إليها باقتدار ومكنة وبصمة أسلوبية مميزة .. هذه الصفحات الست والعشرون ستكون من عيون الأدب الحسّي المنضبط في الأدب السردي العراقي والعربي والعالمي .. وقد قرأتها، وأنا الناقد الذي يبحث عن الموضوعية، متوترا لاهثا مصعوقا منبهرا مسحورا .. لم أستطع إلا ان أرمي بالرواية إلى الهواء وأقفز وأصفق وأصيح : الله .. الله .. الله .. يا حميد الربيعي .. من أنت ؟ ومن أين أتيت ؟ ولماذا لا أعرفك ولم أسمع باسمك ولم أقرأ لك أي شىء سابقا ؟؟ .. لا يمكن تقطيع جسد هذا النص وصلبه مهشما على هذه المساحة الصغيرة بحجة الدراسة النقدية .. حينها سترتكب جريمة بحق هذه العطية السردية .. هذا النص يُقرأ كاملا وبهدوء وفي غرفة هادئة وذات إضاءة حمراء خافتة .. وحيدا مع غلق باب الغرفة بإحكام ووضع تنبيه (ممنوع دخول ذوي القلوب الضعيفة من نقاد موضوعيين وأطفال ومتلقين نباتيين .. إلخ) .. وإذا كان القارىء يعاني – مثلي - من عبادة الأنوثة المقدسة وأفعالها المباركة فسيُجن أو يصاب بأزمة نفسية حين يجد نفسه في موضع التلميذ يتلقى دروسا من بنت البطة، دروس تثبت تعسفه وظلمه لهذا النتاج الإلهي (الجسد الأنثوي) الذي يعتقد أنه قد فك أسراره وتعلم دروسه في حين أنه ينطوي على دروس بهية صادمة لن تنتهي .. دروس هي التي تثبت فيها معاني الألوهة وليست الجبال التي نفجرها والبحار التي نجففها والنجوم التي صعدنا على هاماتها بأحذيتنا .. فقط مع تفتح وانسعار الجسد الأنثوي نتأكد أن ثمة قوة خارقة عصية على الوصف أو التجاهل .. قوة خارقة فنانة مبدعة رسمته بهذا الجمال ورصّت فيه كل هذه العطايا التي عجز عنها الإنسان المتنفج في أعظم مراكز العالم العلمية ..  وإن كان ناقدا فسوف يقفز ويصفق ويصيح ويهلل مثلي : حميد الربيعي :  بست وعشرين صفحة من روايتك (ص40 – ص66) شبعت .. بل أتخمت وتركتها .. لا تبتئس .. لا أريد أن أكمل روايتك .. فقد اكتفيت .. وقد صفقت وهللت لك من بعيد .. فهل سمعتني؟ .. هل أحسست برجفة فخار؟ .. ألم تخبرك (بنت البطة السوداء) العظيمة؟؟ حافظ عليها ..    

 

قراءة: حسين سرمك حسن

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1579 الاربعاء 17 /11 /2010)

 

 

في المثقف اليوم