قضايا وآراء

عكركوف ـ الأثر الخالد

واليوم أصبحت هذه الأرض ارض المحن وإما المواقع الأثرية فقد تحولت إلى خرائب صماء تصفر فيها عوامل الرياح والعتمة . وفي طريقها يوم بعد يوم إلى الانقراض ثم الاندثار النهائي

وتعتبر عكركوف إحدى معالم العراق الأثرية التي تعاني من الإهمال والاندثار البطيء ..

والتي أسسها الكيشيون الذين سكنوا العراق في عصور غابرة .

الكيشيون : وهم من أقوام جبال زاغروس استغلوا ضعف الدولة البابلية الأولى وملوكها الضعفاء . فاحتلوا مدينة بابل عاما (1595ق.م ) واستمر حكمهم إلى أربعة قرون حيث حكم ستة وثلاثون ملك منهم العراق وانتهى حكمهم عام ( 1162ق.م ) على يد العيلاميون الغزاة

واقتبسوا الحضارة البابلية ويرى الباحثون و المؤرخون أنهم ادخلوا استعمال الخيل في بلاد الرافدين و قبلهم لم تكن هذه البلاد تعرف استعمال الخيل في جر العربات والحروب. وفي عصرهم تم استخدام تثبت حدود الأملاك والعقارات الشخصية فيهم العراق . واستعمل الكيشون اللغة البابلية بالخط المسماري كلغة رسمية في البلاد . وسمي عصرهم في تاريخ العراق القديم باسم سلالة بابل الثالثة . ويعتبرهم المؤرخون العراقيون أنهم غزاة .

عكركوف : في عهد الملك الكيشي الثالث عشر حسب تسلسل الملوك الكيشين المسمى كوريكالزو الثاني الذي حكم عام ( 1345ق . م) أسس عاصمة جديدة للبلاد لتحل مكان بابل في موضع عكركوف الواقعة على بعد 25 كم غرب بغداد وسميت المدينة حينها باسم  ( دوركوريكا لزو ) . واشتهرت هذه المدينة ومن ثم الموقع الأثري في الوقت الحاضر ، بزقورتها وهي البرج المرتفع والتي كان المعبد الديني للمدينة وهو مبني بناء ضخم من اللبن

والأجر الصلب..

وقد جرت النقيبات الأثرية في موقع عكركوف من قبل مديرية الآثار العراقية بين الأعوام

( 1943 ـ 1946 ) وتم الكشف عن ثلاث معابد واسعة وقصور فخمة وزقورة قائمة لحد يومنا هذا ولم يبقى منها ألان سوى 56 متر فقط بعد التآكل والتعرية والاندثار في أجزائها العلوية . وأثبتت هذه التنقيبات استمرار الاستيطان في مدينة عكركوف بعد سقوط الدولة الكيشية على يد العيلاميين ، حيث استوطنها الارميين في عصر دولة بابل الحديثة ويعتقد أنهم هم الذين أطلقوا عليها تسمية عكركوف . وقاموا بأعمار المدينة من جديد بعد إن تعرضت إلى هجمات الأشوريين المتكررة ، ولكن قل شأنها ودورها الحضاري بعد إن انتقلت العاصمة إلى بابل ، واستمر الاستيطان فيها حتى

 العصر العربي الإسلامي حيث استوطنها المسلمين من القرن الثالث وحتى القرن الثامن الهجري .

ومازال الاستيطان قائما لحد يومنا هذا فبالقرب من عكركوف تقع مدينة ابوغريب والتي تقطنا عشائر عراقية أصيلة ، وللأسف إن العالم اجمع عرف هذه المدينة من خلال صورتين مختلفتين هما سجن ابي غريب والعمليات الإرهابية آنذاك ؟ وتناسوا إن مدينة ابي غريب هي مدينة عريقة تمتد جذورها إلى عصور حضارية قديمة ففيها اثأر عكركوف و سكانها من خيرة العشائر العراقية الأصيلة . والحمد الله ألان أغلق سجن ابي غريب كما قيل ؟ وانتهت العمليات الإرهابية في هذه المدينة لذا وجب على الحكومة ووزارة الاثاروالسياحة الاهتمام بآثار عكركوف وصيانتها بما

 يليق بها وجعل مدينة ابي غريب مدينة سياحية وأثرية ومزار لكل الأجانب ليطلعوا على اثأر العراق الخالدة ، وفي نفس الوقت إن الاهتمام بالسياحة يأتي بالمورد الاقتصادي للبلد وخصوصا إن الأوربيون والأجانب من كل العالم متعطشون لزيارة اثأر العراق بعد ارتووا من مشاهدة وزيارة اثأر مصر والأردن وسوريا وتونس ، فلنستغل ذلك التعطش يا وزارة الآثار والسياحة ولنجعل من السياحة موردا ثانية للاقتصاد العراقي ويكفي الاعتماد على النفط

فقط كمورد اقتصاديا فاحتياجات الدولة كثيرة والبطالة كبيرة ..

 

حسن الوزني

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1088  الاربعاء 24/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم