قضايا وآراء

بعيدا عن كاتب ياسين.. قريبا من نجمة

في المدة الأخيرة «عاد» نص كاتب ياسين إلى اللغة العربية في مرتين على الأقل، الاولى مع صدور ترجمة جديدة رواية نجمة أنجزها الروائي الجزائري سعيد بوطاجين وصدرت عن منشورات الاختلاف، وأخيرا صدرت أولى الترجمات الشرعية لكاتب بعنوان «بعيدا عن نجمة» التي أنجزها الشاعر والمترجم سعيد خطيبي، ومع صدور هاتين الترجمتين، يمكن لنا إعادة قراءة كاتب ياسين من جديد كما لم نقرأه من قبل ونستعيد ذكراه، التي لا يمكن فصلها عن "أسطورته" نجمة بأي حال من الأحوال.

ونجمة ليست هي النجمة القطبية التي يهتدي بها المسافرون في الصحاري، ولن تكون «نجمة خضاّر» في الحكايا الشعبية الجزائرية، ولكن لها من اسمها نصيب، فهي أشبه بالجرم السماوي البعيد الذي لا يمكن الاقتراب منه أو الإمساك به. فقد يكون في قمة توهجه كشمس مجموعتنا هذه، وقد تكون انطفأت منذ سنين ضوئية ومازالت تبعث بنورها الذي يسافر في الفضاء ولا أثر لها إلا ذلك الضوء الذي يحيل في النهاية على العدم.

قيل هي الجزائر بتحولاتها وكانت لحظة نشأتها في ذات كاتب ياسين تحت الاحتلال، وأول نشأتها في سطيف عندما اعتقل صاحبها وهو في السادسة عشرة من عمره، فهي «ظل الكاهنة ويجري في عروقها دم بني هلال»، وقيل بأنها طيف عاشق يمتد في التاريخ الزمني والأسطوري لقبيلة بني كبلوت بالشرق الجزائري التي ينحدر منها صاحبها، وبالقرب من «مقهى نجمة الكبلوتية» عند عين غرور بالقرب من حمام النبائل بقالمة (الشرق الجزائري)، يقولون بأنها تجلت امرأة ووقفت يوما بين قبرين، قبر عاشقها وابن عمها كاتب ياسين، وقبر المسرحي الكبير شقيقها مصطفى كاتب والذي أخذته المنية في الأسبوع نفسه الذي توفي فيه ياسين في غرونوبل، ويقولون بأن نجمة تلك هي امرأة من لحم ودم، وكانت متزوجة عندما عشقها الشاعر كاتب ياسين وكانت تكبره بعشر سنوات، ومن لهيب ذلك الحب المستحيل نشأت تلك الملحمة التي بدأها صاحبها في روايته المشهورة، ولم ينته منها مع نهاية الرواية وأخذت دور اللازمة في معظم نصوصه المسرحية والشعرية التي جاءت بعد ذلك ومن كثرة حضورها الملتبس «تأسطرت» حتى أصبحت عصية على الإمساك بها، وقال بعضهم أن نجمة هذه ما تزال على قيد الحياة وتعيش أيامها الرتيبة في إحدى العمارات القديمة بمدينة عنابة، ومعنى هذا أنها تجاوزت التسعين من عمرها، لكن بعضهم يقول بأنها عاشت في إحدى قرى سوق اهراس وقيلت حكايات أخرى عن نجمة التي تفرق طيفها بين نصوص كاتب ياسين، كما تفرقت ذكراها في حكايا بني كبلوت، وعين غرور التي كان يجلس عندها كاتب ياسين في طفولته على ضفاف تلك الأسطورة ما زالت تسكب ماءها ولم تقل شيئا بخصوص نجمة. 

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1089  الخميس 25/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم