قضايا وآراء

اعادة تخيل الجمهوريين

المجموعة الاولى صغيرة وتتقلص باستمرار والاخرى كبيرة وتتوسع دائماً.

 

المجموعة الصغيرة هي حركة المحافظين التي تعتبر نائب الرئيس السابق كمحكمة او وجهة لتقديم الشكاوى، المجموعة الكبيرة هي الديمقراطيين والتي ترى في تشيني تلك الواجهة العبسة لحزب الاقلية الذي ينوي ان يظل على حاله ويراوح في مكانه دون تغيير.

 

الشيء الوحيد الذي يحزن الناس في ظهور تشيني هم في الحقيقة اعضاء الحزب المتضائلين والمضطهدين والمعروفين بعدم معارضتهم لاي شيء والذين يطلقون على انفسهم تسمية الجمهوريين.

 

كولن باول اعد التماساً فصيحاً لوجهة النظر المضحكة تلك والتي تكلم عنها في اخر ظهور له في برنامج " Face The Nation  او واجه الامة" حيث قال " اذا لم نبلغ ما  نريده فأن الحزب سيكون كمن يجلس على قاعدة صغيرة "، باول حث قادة الحزب على التكاتف وتوحيد الصفوف ليكون باستطاعتهم تقدير ما يجري حولهم من اخطاء.

 

الموضوع لن يصبح جزءً من الواقع او حقيقة تفرض نفسها لان الجمهوريون وبعد مرور سنة ونصف على نكبتهم وخسارتهم بوجه الرأي العام ما يزالون يميلون الى تقديم انفسهم كقرابين اكثر من ميلهم الى استنطاق واستجواب اعضاء الحزب، وفي اخر اجتماع لها قضت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري جلّ وقتها في مناقشة السبل التي تجعلهم يحاكون الديمقراطيين.

 

بعد ان بدل آرلن سبيكتر الادوار بجعل الديمقراطيين يلجؤن لاساليب تعويقية تؤخر تنفيذ الاعمال المطلوبة منهم، جيم ديمنت عضو الحزب الجمهوري عن ولاية ساوث كارولاينا قال " ان يكون لديه 30 عضواً ملتزمين بمبادئهم في مجلس الشيوخ افضل من 60 عضواً مرنين وقابلين للتغير "، وعلى ما يبدو ان عدداً قليلاً من اليمينيين لديهم القدرة على معرفة مدى السوء الذي وصلت اليه الامور هناك، لنبدأ بأخذ الاتهام والرد منهم، اثناء فترة رئاسة ريغان قيل ان الديمقراطيين كانوا يبحثون عن الهرطقات بينما كان الجمهوريون يتطلعون الى دين او مذهب جديد في السياسة اما الان فالمشهد مقلوب.

 

ان تجربة ليتموس وتركيزه على قضايا عديدة كالضرائب، عمليات الاجهاض، الاسلحة وموجات الهجرة هو من زاد الاوضاع سوءً وعرّض شعبية الجمهوريين وعلى المدى البعيد الى خطر كبير.

 

باختصار ان الاميركان البيض افراد الطبقة المتوسطة والذين يقطنون الريف والضواحي وكذلك العائلات الملتزمة دينياً والذين صوتوا بشكل يمكن الاعتماد عليه في تقلص مستمر قياساً بالتعداد السكاني، وحدهم اللاتينيون، الاسيويون والشباب المؤيدين للجمهوريين بدرجة وحماس اقل هم الذيم صوتوا للحزب بشكل كبير.

 

التحدي يبدو مخيفاً ولكن ما يزال هناك امل، يوجد نموذج مشجع للجمهوريين وهي الطريقة التي انتقل بها الديمقراطيون ذوي الاراء المعتدلة والوسطية من منصة الاحتياط الى خانة الاوائل خلال فترة نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي حيث وبعد اعادة انتخاب ريغان عام 1984 كان محلس القيادة في الحزب الديمقراطي معارضاً من النوع الثقيل لحرية الانفاق والمصالح الشخصية لليبراليين.

 

الديمقراطيون الجدد عززوا مسؤولياتهم الشخصية ودعموا سياسات السوق والتجارة المستندة الى قواعد متينة، لقد طوروا وثقفوا الشخصيات السياسية التي لا تملك ايديولوجية وعقائدية محددة وما زال باستطاعتهم الحصول على دعم الجنوب والغرب، هذا التقدم قاد الى صدام مفتوح داخل الحزب كما قاد في الوقت نفسه الى الى نصر رئاسي عام 1992.

 

هناك نموذج مشجع اخر هم (المحافظون البريطانيون) الواثقين من انفسهم اذ هم الان مستعدون للعودة الى السلطة بعد 12 عام من العزلة والعمل غير المثمر، دايفيد كاميرون الذي اخذ على عاتقه قيادة المحافظين البريطانيين في 2005 ركز على ظهور حزبه في الاوساط وحرص على تعديل وتحديث صورة الحزب.

 

في خضم الطريق الى تطبيق القيم القديمة كحرية المؤسسات والاسر والحرية الشخصية، كاميرون كان يتمتع بنظرة متسامحة الى الاحداث والوقائع الجديدة كتسامحه مثلاً مع مثليي الجنس وموجات الهجرة ودعواته الى خلق بيئة نظيفة.

 

لقد فات الاوان الان بالنسبة لـ G.O.P. * للتخلي وترك عصر Gingrich* والاجماع على قبول ما خلّفه نظام فرض الضرائب الجديد والتقاعد والتحرك ببطء نحو تغييرات بيئية جديدة ودور الحكومة في نظام الرعاية الصحية، كما ان من المحتمل تخليه عن سياسة الدفاع عن التعذيب في السجون، الجمهوريون بحاجة الى تبني سياسة حيادية اذا ارادوا احراز التقدم في القضايا التي تخص المجتمع على غرار الديمقراطيين وطريقة تعاملهم مع قضية السيطرة على تجارة السلاح وعقوبة الاعدام.

 

يجب على اي قائد حزب محترم ان يوجه ضربة خاطفة وقوية الى ظهر كل كيان يمثل التعصب الديني وهناك احتمال ان يكون هذا القائد هو جيري فالويل جي. آر.

 

ان سياسة اوباما المنفتحة والمتوسعة خلقت فرصة لـ G.O.P. لطلب مساند وداعم يحمل افكاراً بديلة مع مساحة اكبر للمؤسسات الخاصة والقرارات الحكومية الفردية، بالرجوع الى عام 1986 حيث عمل ريغان على الارتقاء بسياسة فرض الضرائب، اعادة العمل بهذه السياسة ستكون خطوة كبيرة ملحوظة في مجال قطوعات الضرائب للمشاريع غير الممولة من قبل الحكومة، وبعد تولي اوباما الرئاسة سيحتاج الـ G.O.P. الى تكرار المحاولة من اجل الحصول على اصوات الاقلية من خلال تحسين سياسة التعامل مع المهاجرين غير الكفوءة التي خلفها بوش والسياسات الممنوحة للسلطة والتي كانت مدعومة من قبل الراحل جاك كيمب، اما الورقة الاقوى والتي لم يكن بوش يجرؤ على اللعب بها الا وهي توفير التعليم النزيه للفقراء وذوي الدخول المنخفضة وفي جانب الرعاية الصحية فان من المحتمل عند الجمهوريين بأنهم سيأخروا عملهم بسبب عدم توفر هيكل نظامي مدعوم مادياً.

 

من جانب آخر على الديمقراطيين ان يتعلموا كيف يوظفوا انفسهم للعمل كقوة محافظة وهم بحاجة الى ان يحتفظوا بهدوء اعصابهم في كل ما يبثونه على الانترنت باعتباره سلاحاً سياسياً فعالاً ثم انهم يحتاجون الى تجنيد وضم الوجوه الجديدة والسماح بدخول الهواء المنعش الى اجواء المحافظين الخانقة وفي حالة عدم حدوث ذلك فيمكنهم البقاء مع تشيني.

 

 ..................

* G.O.P. او Grand Old Party: احد اهم حزبين سياسيين في الولايات المتحدة.

* Gingrich: هو ليروي جنجريش وانتخب عام 1995 ليكون قائداً لثورة الجمهوريين والناطق الرسمي للبيت الابيض.

في المثقف اليوم