قضايا وآراء

جزائر الرجال: الشهيد الكاتب الجزائري مولود فرعون

يعّد مولود فرعون واحدا من أهم رجالات الجزائر الذين قاوموا الإستعمار الفرنسي بفكرهم وثقافتهم، وكان يستخدم اللغة الفرنسية ليدافع عن الشعب الجزائري ومظلوميته وحقّه في نيل إستقلاله، وحريته، وكثيرا ما كان ينددّ بالمجرمين الفرنسيين الذين أوهموا الإنسانية أنهم منتجو الفكر القانوني ومبدأ الأخوة والمساواة . ولدمولود فرعون في قرية تيزي هيبل بولاية تيزي وزو الثامن من مارس -آذار سنة 1913، عائلة فرعون كانت فقيرة ومستضعفة، وقد أضطّر أبوه للهجرة مرارا بحثا عن لقمة العيش . ورغم شبح الفقر المدقع إلا أن مولود فرعون واصل تعليمه في المدرسة الإبتدائية الإبتدائية في قرية تاوريرت موسى، وكان فرعون ولفرط حبّه للعلم والتعلم يقطع مسافة طويلة يومياً بين منزله ومدرسته سعياً على قدميه في ظروف قاسية، والمنطقة الجبلية التي كان يقطنها فرعون كانت تفتقد لكل أسباب الحياة الطبيعية، خصوصا وأن الإستعمار الفرنسي إستضعف كل المناطق التي كان يقطنها الجزائريون، وإهتم بالمناطق التي سكنها المحتلون والمستعمرون .

 

'"مولود فرعون'" قهر ظروفه القاسية بإصراره على التحصيل العلمي والترقي في مدارج المتعلمين، وكان يؤمن أن العلم سلاح فتاك ضد المستعمر الفرنسي الذي إنتهج منهج تجهيل الجزائريين وحرمانهم من الحصول على الثقافة المطلوبة والعلم الضروري لبناء الأوطان، وإقتصر الكولونياليون الفرنسيون على تعليم أبناء الخونة من البشاوات والإقطاعيين الذين دعموا الإستعمار الفرنسي .

 

و قد تحدّى مولود فرعون قساوة الإستعمار وقساوة جبال تيزي وزو هذه المنطقة التي أرادت فرنسا إستئصالها من الوجدان الجزائري والوطنية الجزائرية، فإذا بالثورة الجزائرية يتصاعد أوّارها في جبال بوزقزة وجرجرة ومشدالة وبجاية وتيزي وزو . ولم تجد سياسة التمييز التربوي الفرنسية في ثني مولود فرعون عن مواصلة الدراسة، فحصل على شهادة الثانوية العامة وإلتحق بعدها بمدرسة المعلمين في منطقة بوزريعة في الجزائر العاصمة ليتخرج منها العام 1935، وبعد التخرج قررّ أن يعود إلى قريته لينشر ما تعلمه من علم وفق أسس الوطنية الجزائرية، ومعروف أن المناهج الفرنسية التي كانت تدرس للجزائريين كانت تحرص على تلقين الجزائريين مبدأ الجزائر فرنسية . ولأنه كان مشبعا بمبادئ الوفاء قرر أن يدرسّ في نفس المدرسة التي درس فيها علومه الأولى، وواصل دوره التعليمي مع أبناء وطنه يلقنهم تاريخ الجزائر الحقيقي الذي صادره الفرنسيون، وفي ذات الوقت كان فكره الوطني التحرري يزداد إتساعا سعة مساحة الجزائر التي وضعها الفرنسيون تحت سيطرتهم .

 

و لتوسيع نشاطه التعليمي والوطني إنتقل إلى الجزائر العاصمة ليعمل في وظائف تربوية عديدة، وفي 15 مارس 1962 ميلادي ، إقتحمت عصابة الجيش السري الفرنسي مكان عمله وأردوه شهيدا برصاص الغدر، وسقط شهيدا رحمة الله عليه، وظلت كلماته وأقواله خالدة، وستظل خالدة لأنّه صاغه بدمه وكتبه بشرايين قلبه، وقد أقسم بالله أن تحيا الجزائر .

 

مؤلفاته

- أيام قبائلية

أشعار سي محند .

إبن الفقير رواية كتبها في شهر نيسان - أبريل سنة1939م

 الذكرى- رواية تشير إلى مظلومية الشعب الجزائري .

 الدروب الوعرة - رواية تتحدث عن محنة الشعب الجزائري .

الأرض والدم – رواية تغوص في مأساة الشعب الجزائري .

ظلام الاستعمار – مساعي فرنسا لطمس هوية الشعب الجزائري وإستئصاله من عقيدته الإسلامية ونشر الأمية والجهل وتجهيل الجزائريين ومنطقة القبائل بالخصوص ونشر للمسيحية.................

مجموعة رسائل ومقالات ذات طابع شخصي .

 

.....................

زاوية يحررها الإعلامي الجزائري يحي أبوزكريا، ويعيد إحياء مجد الرجال الذين حرروا الجزائر بدمائهم وجهادهم ونضالهم، وسيظل هؤلاء الرجال قدوة لأجيال الجزائر التي ستستلم مشعل القيادة السياسية من جيل الثورة، وقدر الجزائر وأجيالها أن يستلهموا من مبادئ الثورة الجزائرية مسارهم السياسي ومنهجهم الفكري، وذلك كفيل بعصمة الجزائر من أي إنحراف . وأن أي إنحراف عن خطّ ثورة نوفمبر هو خيانة أبدية لدماء شهداء الجزائر الذين لا يحصى عدهّم، ففي بداية إحتلال الجيش الإستعماري الفرنسي للجزائر سنة 1830 قتل هذا الجيش أربعة ملايين جزائريا، وظل يقتل ويقتل في البراري والقفار والصحاري والبوادي والحضر والسجون والمعتقلات، وبين سنتي 1954 و1962، قتل الجيش الفرنسي مليون ونصف مليون شهيدا جزائريا

 وحتى لا تموت الذاكرة، علينا إحياء مجد الرجال الذين أقسموا بالدماء أن تحيا الجزائر ......

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1103  الخميس  09/07/2009)

 

 

في المثقف اليوم