قضايا وآراء

نظريَّة الشعر عند السيِّد الشهيد محمَّد الصدر (2)

الطائفة الأولى: " ذمُّ الشعر بقولٍ مطلق، يعني بغضِّ النظر عن كونه حقاً أو باطلاً، وهو ما ورد من طرق الفريقين عن النبيّ ، قال: بينما نحن نسير مع رسول الله إذ عرض شاعرٌ ينشد، فقال النبيُّ : لئن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خيرٌ له من أن يمتلئ شعراً".[12].

واتبع السيِّد الخطوات ذاتها في تفنيد استدلالهم بالآية، وزاد عليها بما ينبغي الإشارة إليه ضمن التفنيدات التالية:

التفنيد الأوَّل: يمكن الطعن في سند الرواية، فإنها ضعيفة السند.

التفنيد الثاني: ليس في الحديث على فرض صحَّته ما يدلُّ دلالةً قاطعةً على أنَّ النبيَّ أراد ذمَّ الشعر بإطلاقه، بل يمكن أن يقال: إنَّ الذمَّ متوجِّهٌ إلى الشعر الباطل، الواقع في طريق خدمة الظلمة والمبطلين من أصحاب الدعاوى الزائفة تحديداً، وليس المراد هو الشعر الواقع في طريق خدمة الحقِّ والمحقِّين.

التفنيد الثالث: لو سلَّمنا أنَّ في الرواية إطلاقاً للشعر الواقع في طريق الحقِّ، والشعر الواقع في طريق الباطل، لكن مع هذا لا مانع من إخراج جانب الشعر الواقع في طريق خدمة الحقِّ، وتخصيص مضمون الرواية بالشعر الواقع في طريق خدمة الظلم والدعاوى الباطلة.

التفنيد الرابع: هناك احتمالٌ دافعٌ للإستدلال من داخل مضمون الرواية نفسها، وهو احتمال أن يكون الشاعر الذي بسبب إنشاده نطق النبيُّ بذلك الحديث حسب الفرض قد قام بإنشاد شعرٍ باطلٍ في مضمونه، ولا يمكن مع إمكان حصول هذا الإحتمال تعميم أو إطلاق مضمون الرواية، بحيث تشمل المضمون الشعريَّ الحقَّ منه والمضمون الشعريَّ الباطل على السواء بلا تفرقة.

التفنيد الخامس: يمكن توجيه معنى الرواية بحيث أنها تدلُّ على معنىً آخر غير ما فهمه المستدلون: وهو أن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً في سبيل الله خيرٌ له من أن يمتلئ شعراً، لأنَّ احتمالكم لأذى القيح في الجروح في سبيل الله تستحقون عليه الثواب في الآخرة بالتأكيد، في حين أنَّ امتلاء أجوافكم بالشعر لا يتحتَّم عليه الثواب في الآخرة، وحسب هذا الفهم لا يكون امتلاء الجوف بالشعر مذموماً من جهة الحرمة، لكنه بالقياس إلى ثواب القيح واحتمال الجروح في سبيل الله يعتبر أقلَّ شأناً، وأولى بأن يفضِّل الإنسان عليه ذلك الجانب من سبب الثواب وارتفاع الدرجة في الآخرة.

التفنيد السادس: لو سلَّمنا بأنَّ سياق الآية دالٌّ على مرجوحيَّة الشعر، إلا أنَّ مرجوحيَّته تلك بحسب الفرض لا يمكن لها أن ترتقي إلى مستوى التحريم، بل هي بدرجة الكراهة أحرى، لأنَّ ما يدلُّ على الحرمة هو النهي أو ما جرى مجراه، ولا يدلُّ عليه سنخ بيان الرواية.

الطائفة الثانية: "ذمُّ الشعر بقولٍ مطلق، حتى ما كان حقاً بحيث يكون هذا واضحاً من الرواية نفسها، من حيث ما ورد ما مضمونه من أنَّ الإمام عليه السلام ذمَّ الشعر وكرهه، فقال له أحد أولاده: وإن كان فينا؟، قال: وإن كان فينا. وفي بعض الروايات: وإن كان حقاً".[13].

وقد ناقشها السيِّد بالتالي:

أولاً: بالطعن في سند الرواية باعتبارها ضعيفةً ومرسلة.

ثانياً: بقصورها عن الدلالة على حرمة الشعر، لأنَّ غاية ما يستفاد من حملها هو الكراهة.

ثالثاً: بأنَّ مضمونها غير محتمل الصحَّة،فإنَّ هناك طائفةً من الأحاديث والروايات جاوزت حدَّ التواتر تفيد رجحان القول الحقِّ بالشعر، حتى يكاد يكون هذا من ضرورة الدين، لذلك يحتمل بقوَّةٍ أن تكون هذه الرواية الدالَّة على مرجوحيَّة الشعر مما تمَّ وضعه عمداً أو سهواً.

الطائفة الثالثة: " ما ورد من ذمِّ الشعر وإنشاده في المساجد، وذلك ما روي عن علي بن الحسين قال: قال رسول الله : من سمعتموه ينشد الشعر في المسجد فقولوا: فضَّ الله فاك. إنما نصبت المساجدُ للقرآن".[14].

وناقشها السيِّد بما محصَّله:

أوَّلاً: قصور الرواية عن إفادة الحرمة، فغاية ما تدلُّ عليه هو الكراهة، لأنَّ الدعاء على من ينشد الشعر لا يدلُّ على كون الشعر حراماً.

ثانياً: من الممكن أن يقال: إنَّ الرواية مقيَّدةٌ بما يدلُّ من الروايات الأخرى الدالَّة على مطلوبيَّة الشعر بمضامينه الحقَّة، فيكون المنهيُّ عنه خصوص ما دلَّ من الشعر على الباطل.

ثالثاً: توجد روايةٌ في كتاب الوسائل في هذا المورد بالذات، دالَّةٌ على الجواز، وهي أقوى منها سنداً وأوضح دلالةً، عن علي بن جعفر عن أخيه موسى قال: سألته عن الشعر أيصلح أن ينشد في المسجد: فقال: لا بأس.

رابعاً: يمكن حصر دلالة الرواية على الشعر الذي يكون إنشاده داخل المسجد، بينما المفروض أننا نستدلُّ على الفكرة الأوسع، وهي مرجوحيَّة كلِّ شعرٍ وحرمته، فربما كان للمسجد خصوصيَّةٌ تتنافى مع إنشاد الشعر، دون أن يعني هذا بالضرورة أنَّ الشعر في المواضع الأخرى حرام.

خامساً: إنَّ هذه الرواية تدلُّ على مرجوحيَّة إنشاد الشعر، وليس على مرجوحيَّة الشعر كتابةً ونظماً، فقد تكون كتابة الشعر أو نظمه خارجةً عن الدليل على مرجوحيَّة الإنشاد موضوعاً.

 

استدلال السيِّد الشهيد على رجحان الشعر

بعد أن انتهى السيِّد من عرض أدلَّة القائلين بمرجوحيَّة الشعر، واستعمل آلته الإجتهاديَّة في ردِّ دعاواهم، من خلال تفكيك الخطوات الإستدلاليَّة التي تقدَّم بها القائلون بذلك، وتقديم رؤى وتصوُّراتٍ ونتائج مغايرةٍ لما استنتجوه من مثيلاتها من داخل الأدلَّة القرآنيَّة والحديثيَّة التي زعموا أنها تثبت مدَّعاهم، بعد أن قام السيِّد بكلِّ ذلك تقدَّم خطوةً أخرى إلى الأمام صوب الإستدلال على رجحان الشعر شرعاً من خلال نفس المنظومة الروائيَّة التي استند إليها الآخرون، لكن برواياتٍ أصحَّ سنداً، وأوضح بياناً ودلالةً على المقصود، بعد أن قام بتنبيه الأذهان إلى أنَّ الشعر الباطل حرامٌ قطعاً، لذا لن يكون مشمولاً بأدلَّة الدفاع، وإلى أنَّ الشعر الخارج عن الإتصاف بكونه حقاً أو كونه باطلاً، ينهض الدليل على خلافه من خلال إجراء قاعدة أصالة البراءة عن الحرمة، مع قيام السيرة المستمرَّة على نظمه في زمن المعصومين دون أن يردعوا عنه، فيكون مقبولاً من جانبهم، علماً أنَّ كثيراً من تلك الأشعار غير المتِّصفة بالحقِّ أو بالباطل تتضمَّن الكثير من الحكمة والموعظة بالأساليب الفنيَّة الخياليَّة المناسبة لكتابة الشعر ونظمه، حتى لو لم يقصد قائلها أن يخدم الناس في مجال الحكمة والموعظة، أما الشعر المتَّصف بالحقِّ فقد دافع السيِّد عن رجحانه بالأدلَّة التالية:

الدليل الأوَّل: من خلال الروايات.

الرواية الأولى: الحديث المشهور عن النبيِّ قال: إنَّ من الشعر لحكماً، وإنَّ من البيان لسحراً.[15].

الرواية الثانية: عن كعب بن مالك قال: يا رسول الله ماذا تقول في الشعراء؟، فقال : إنَّ المؤمن مجاهدٌ بسيفه ولسانه. والذي نفسي بيده لكأنما تنضحونهم بالنبل.[16].

الرواية الثالثة: عن عقبة بن بشير عن الكميت بن زيد قال: دخلت على أبي جعفر فقال: والله يا كميت لو كان عندنا مالٌ لأعطيناك منه. ولكن لك ما قال رسول الله لحسّان: لا يزال معك روح القدس ما ذببتَ عنا.[17].

الرواية الرابعة: عن عبد الله بن الفضل الهاشميّ: قال: قال أبو عبد الله : من قال فينا بيت شعرٍ بنى الله تعالى له بيتاً في الجنَّة.[18].

الرواية الخامسة: عن الحسن بن الجهم قال: سمعت الرضا يقول: ما قال فينا مؤمنٌ شعراً يمدحنا به إلا بنى الله له في الجنَّة أوسع من الدنيا سبع مراتٍ. يزوره فيها كلُّ ملكٍ مقرَّبٍ، وكلُّ نبيٍّ مرسل.[19].

 الرواية السادسة: عن عبيد بن زرارة عن أبيه قال: دخل الكميت بن زيدٍ على أبي جعفر وأنا عنده، فأنشده: من لقلبٍ متيَّم مستهامِ. فلما فرغ منها قال للكميت: لا تزال مؤيَّداً بروح القدس ما دمت تقول فينا.[20].

الرواية السابعة: عن خلف بن حماد قال: قلت للرضا : إنَّ أصحابنا يروون عن آبائك : انَّ الشعر ليلة الجمعة ويوم الجمعة وفي شهر رمضان وفي الليل مكروه. وقد هممت أن أرثي أبا الحسن في ليلة الجمعة]، وهذا شهر رمضان. فقال لي: إرثِ أبا الحسن في ليلة الجمعة وفي شهر رمضان وفي الليل وفي سائر الأيام، فإنه يكافيكَ على ذلك.[21].

مضافاً إلى عشرات الروايات في هذا المضمون أعرض السيِّد عن ذكرها، وأعرضنا معه لضيق المقام.

الدليل الثاني: من خلال النقول التأريخيَّة الموثوقة عضَّد السيِّد الشهيد دليله السابق المعتمد على الروايات صحيحة السند عن النبي وآل البيت بالمنقولات التأريخيَّة المستفيضة بل المتواترة، التي تفيد استماع الأئمَّة المعصومين إلى الشعر، وموافقتهم على نظمه وإنشاده، بل إنَّ الأئمَّة المعصومين أنفسهم نظموا الشعر ومارسوه في أكثر من مورد.

من ذلك مثلاً الديوان المنسوب إلى الإمام عليٍّ ، وما نسب إلى السبطين الإمامين الحسن والحسين من الشعر في مواردَ كثيرةٍ من مصادر الأدب والسيرة وغيرها، ويمكن أن يقال الشيء نفسه عن سائر المعصومين.

كما إنه ليس خافياً أنَّ أصحاب الحسين في معركة كربلاء الخالدة كانوا يرتجزون الشعر معلنين من خلاله استعدادهم لملاقاة العدوِّ دفاعاً عن المبدأ الحسينيِّ العظيم.

وليس ببعيدٍ عن علم الجميع تلك القصيدة المشهورة التي قرأها الفرزدق في داخل المسجد الحرام مادحاً فيها الإمام علي بن الحسين أمام الملك الأمويِّ الغاصب هشام بن الحكم.

كما إنَّ قصيدة دعبل الخزاعي التائيَّة فاقت حدَّ الشهرة، وقد أنشدها بين يدي الإمام الرضا حتى انه أهداه بردته تأسِّياً بفعل رسول الله مع كعب بن زهير في حادثة البردة المعروفة التي تتعلَّق بقصيدةٍ قرأها كعب في حضرة النبي إيذاناً بتوبته، وإعلاناً صريحاً بإسلامه، وطلباً للعفو والمغفرة في مقابل ذلك.

ثمَّ ما روي في المصادر بأسانيدَ صحيحةٍ عن المتوكِّل العباسيِّ من أنه عندما اعتقل الإمام الهادي وأقدمه على مجلسه وكان مجلس شرابٍ وخمر، إذ طلب المتوكل بوقاحة المستهتر من الإمام أن ينشده شعراً، ورفض اعتذاره وإقالته، فلم يتردد الإمام في أن ينشد بجرأة الحقِّ أمامه قصيدةً مطلعها:

باتوا على قلل الأجبال تحرسهم   غلبُ الرجال فلم تنفعهم القللُ

 

أدلَّةٌ متناثرةٌ معضدةٌ على رجحان الشعر

لم يكتف السيِّد بهذا، بل إنه استعان بآلته المنطقيَّة والأصوليَّة القويَّة لتعضيد أدلته السابقة، ويمكن تلخيصها بالتالي:

أوَّلاً: استدلَّ السيِّد بالإجماع والسيرة، بمعنى أنَّ عدداً هائلاً من علماء الإسلام، وفقهائه ومتدينيه، بل حتى أصحاب الكرامات منهم والأولياء كانوا شعراء.

 ولا فرق في هذا بين هذه الأصناف في العامَّة أو الخاصَّة، بل في جميع المذاهب، بل إنهم ليعدونه منقبةً وفضلاً، وسبباً من أسباب التقرُّب إلى الله سبحانه ونيل رضوانه.

فالشريفان الرضي وعلم الهدى المرتضى والغزالي وابن عربي، والحبوبي، والملا جامي، وجلال الدين الرومي، إلى قائمةٍ يطول بنا المقام لو استقصيناها كانوا شعراء، ولدى كلٍّ منهم ديوانٌ مطبوعٌ متداولٌ في الأسواق.

وبما أنَّ أحداً لم يقدح بهم أو يشكِّك في مكانتهم السامية في علوم الإسلام بسبب قولهم الشعر، فإنَّ هذا لوحده كافٍ في الدلالة على وجود الإجماع الكامل القطعيِّ على جواز مطلق الشعر بشرطٍ واحدٍ، وهو أن لا يكون الشعر من ناحية المضمون باطلاً.

بل إنَّ هذا دالٌّ على رجحان الشعر ومطلوبيته أيضاً بما يستحقُّ المرء في مقابله الثواب.

ثانياً: إنَّ كثيراً من القواعد الشرعيَّة الواضحة كالجهاد والعمل في سبيل الله تعالى، وإحياء شعائر الدين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعموم ما أمر به الله عباده من تحمُّل مسؤوليَّة الهداية والدعوة إليه سبحانه، هي مما يقع الشعر الحقُّ مصداقاً واقعيّاً وتطبيقاً حقيقياً لها، ولا فرق بين الشعر والنثر في اعتبار كلٍّ منهما مصداقاً وتطبيقاً لتلك القواعد في حال أنهما يضعانِ أنفسهما في خدمة الحقّ.

ثالثاً: إنَّ العقل العمليَّ نفسه يحكم برجحان الشعر الحقّ، فلا مشاحَّة في كون الشعر طريقاً للتأثير في النفوس، ودفعها إلى تسنُّم تلك الفضائل التي صوَّرها الشعراء أروع تصوير، وعبَّروا عنها بأبلغ تعبير.

 وهل يستطيع عاقلٌ أن ينكر مدى التأثير الكبير الذي مارسه شعر المتنبي مثلاً، أو شعر أبي العلاء المعري، أو شعر جلال الدين الروميّ، أو شعر حافظ على النفوس عبر أجيال البشريَّة؟.

 وما حكم به العقل حكم به الشرع لا محالة، كما هو مقتضى القاعدة الأصوليَّة المعروفة التي تحمل هذا المضمون، فتكون النتيجة إلى جانب رجحان الشعر الحقِّ شرعاً بلا نقاش.

 

هل كان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلَّم يقول الشعر؟.

تلك إشكاليَّةٌ كبرى نشأت من خلال قول الله عزَّ وجلّ >وما علمناه الشعر وما ينبغي له< فما معنى الآية، وما مدى دلالتها على المطلوب، سواءٌ كان ما يتعلَّق بمرجوحيَّة الشعر أم رجحانه؟.

إنَّ بلاغة القرآن أدهشت العرب الفصحاء العالمين بفنون الكلام من الشعر والخطابة والمناظرات.... إلخ. هذا امرٌ معلومٌ للجميع، ومسلّم ٌ به بين كلِّ الفرق.

لكنَّ الإشكال ينشأ من خلال السؤال: ما هو الجنس اللغويُّ الذي يندرج فيه كلام القرآن؟ فهل هو من الفنون الشعريَّة مثلاً، أم أنه من الفنون النثريَّة؟.

هناك من اعتبر القرآن جنساً لغوياً ثالثاً قائماً بذاته، فقال إنَّ الكلام العربيَّ ينقسم إلى ثلاثة أقسام: شعرٍ ونثرٍ وقرآن، واشتهر الأستاذ طه حسين بهذا الرأي.

وهناك من قال إنَّ القرآن يمثِّل قمَّة النثر الفنيّ، فهو نثرٌ في النهاية وليس شعراً، ولا داعي إلى أن يعتبر جنساً لغوياً ثالثاً في اللغة العربيَّة، ومنهم الأستاذ زكي مبارك.

وهناك من اعتبر القرآن خالياً من كلِّ ما يمتُّ إلى الشعر بصلة، واعتبروا وجود بعض الآيات الموزونة في القرآن خارج سياق الشعر, باعتبار فقدانها لعنصرٍ مقوِّمٍ للكلام كي يكون شعراً رغم الوزن الموجود في بعض الآيات القرآنيَّة، وهو عنصر القصد.

كما إنَّ هناك من شعراء الحداثة ومنظريها من اعتبر لغة القرآن لغةً شعريَّةً، فمع غياب عنصر القصد لا يكون القرآن شعراً، ومع استعمال القرآن للوسائل والعناصر التي تتكوَّن منها لغة الشعر عادةً تكون سمة الشعريَّة موجودةً في القرآن بهذا الإعتبار، ومنهم الشاعر العربيُّ الكبير أدونيس.

 نعود إلى الإشكال الذي بسطه السيِّد الصدر حكايةً عن القائلين بعدم وجود الشعر في القرآن، بالإستشهاد بآية >وما علمناه الشعر وما ينبغي له< من أنَّّ القرآن صريحٌ في عدم امتلاك النبي لملكة الشعر، بل إنَّ القرآن يصرِّح بحقيقة أنَّ النبي لا يعلم في الشعر مطلقاً، لغاياتٍ معلومةٍ من خلال ما تحدَّث به المفسرون حول هذه الآية، فمع افتراض وجود الشعر في بعض آي القرآن الكريم، ومع التسليم الضروريِّ والمطلق بأنَّ النبيَّ يعلم المعاني الحقيقيَّة والأساسيَّة للقرآن، بتعليم الله له إياها، تكون النتيجة الحتميَّة لهذا السير في الإستدلال هو خلاف ما قرَّرته الآية الكريمة، فسيكون النبيُّ في حالة التسليم بهذا الإستدلال عالماً بالشعر بعلمه الكامل بالقرآن، مادام القرآن متضمناً للشعر حسب الفرض.

 اذن، ليس أمامنا إلا أن نسلم بمضمون الآية، وننفي عن القرآن سمة الإحتواء على الشعر، وننفي كذلك عن النبيِّ العالم بالقرآن وكلِّ ما يتعلَّق بمعانيه ومراميه وتفاصيله الأخرى صفة الشعر أيضاً، كما هو عليه ظاهر دلالة منطوق الآية.

فيقرر السيِّد في معرض الإجابة على هذا الإشكال، أنَّ هناك وجوهاً عدَّةً في ردِّ هذا الإدِّعاء:

الوجه الأوَّل: المراد بالشعر في قوله > وما علمناه الشعر< ليس مطلق الشعر، بل خصوص الشعر الباطل.

وفي هذه الحالة لا يقع المحذور من كون الشعر في القرآن أو من كون النبيِّ قادراً على نظم الشعر مناقضاً لمدلول الآية، فيصحُّ كلا الفرضين، وتكون الرواية التي تقول إنَّ النبيَّ قال في حفر الخندق:

ما أنت إلا إصبعٌ دميتِ  وفي سبيل الله ما لقيتِ

فتكون هذه الرواية معقولةً، وليس هناك داعٍ لتكذيبها وردِّها، ومعلومٌ أنَّ هذا البيت من بحر الرجز، وهو شعرٌ موزون.

الوجه الثاني: أن يكون المقصود بالآية هو أنَّ الله لم يعلم النبيَّ قول الشعر ونظمه، فلا يمكن للنبي- لوجهٍ من وجوه الحكمة الإلهيَّة- أن يكون الشعر صادراً منه بأيِّ حالٍ من الأحوال.

ولا يعني هذا، أو أنه لا يستلزم عدم معرفة النبي بما في فنِّ الشعر أو في غيره من أنماط الكلام من المداليل والمضامين، فيمكن أن يكون النبيُّ عارفاً بالشعر، ثمَّ لا يكون مصدراً لقول الشعر بنفسه، ولا يوجد أيُّ تناقضٍ بين الفرضين.

ثمَّ إنَّ السيِّد الشهيد استدلَّ في مقدِّمة تفسيره منة المنان22 بالآية >ما فرطنا في الكتاب من شيء< على أنَّ القرآن بناءً على هذا الإعلان يحتوي على كلِّ ما في الكون من وجوه النقص أو من وجوه الكمال بالمعنى الفلسفيِّ العميق طبعاً، ولازم هذا أن يكون الشعر موجوداً في القرآن، وإلا لكان ناقصاً ولما صدقت هذه الآية.

أما القصد المشترط في كون الكلام الحائز على كلِّ مقوِّمات الشعر ليكون شعراً، فمن الممكن ردُّه وتجاوزه بأنا لا نعلم على وجه الحقيقة والواقع أنَّ الشعر المقطوع بكونه شعراً في الأوساط النقديَّة والأدبيَّة قد قصد منه أصحابه فعلاً أن يكون شعراً، إلا أننا مع هذا اعتبرناه شعراً، وتلقيناه بصفته كذلك، وما حجتنا في هذا إلا أنَّ هذا الكلام المكتوب على الصفة المعيَّنة، والشروط المعيَّنة، إنما هو شعرٌ، سواءٌ قصد أصحابه ذلك أم لم يقصدوه.

 

موقف السيِّد الشهيد من شعر النساء فقهيّاً

الواقع أنه لا يمكن استعراض وجهة النظر الإجتهاديَّة الفقهيَّة للسيِّد الشهيد حول هذه المسألة، مالم يتمَّ استعراض وجهة النظر الإجتهاديَّة الفقهيَّة له حول ما يكون من الشعر باطلاً، وحراماً تبعاً لذلك.

فما كان من الجهات سبباً في حرمة الشعر في طرف الرجال، هو عينه السبب في حرمته في طرف النساء بلا فرقٍ من جميع الجهات.

إذن، من المنطقيِّ أن نقوم أوَّلاً باستعراض بعض العناوين العامَّة التي ذكرها السيِّد مما يصلح أن يكون مناطاً في مرجوحيَّة الشعر وحرمته، من خلال التركيز على الوجوه التالية:

الوجه الأوَّل: يكون الشعر مرجوحاً في حالة أنه يكون سبباً في إيجاد الضرر الكبير لقائله، أو لغيره من المؤمنين في النفس، أو المال، أو العرض، وغالباً ما يكون الهجاء باباً واسعاً لوجود مثل هذا الضرر.

الوجه الثاني: يكون الشعر محرَّماً ومرجوحاً أيضاً، في حالة أنه أصبح سبباً في الدعاية الباطلة للمذاهب والإتجاهات الآيديولوجيَّة المنحرفة والأطماع الظالمة،فإنه دعوةٌ صريحةٌ تستخدم كلَّ صنوف التأثير من خلال البلاغة والسفسطة الشعريَّة بتحريف الحقائق الناصعة لتصدير تلك الأفكار التي بعد مساهمتها الفاعلة في إيجاد القناعات الزائفة بما هو ضدُّ الحقِّ تمهِّد الطرق لسدِّ المنافذ أمام الحقوق العامَّة في أن تأخذ مجراها الطبيعيَّ للعودة والإسترداد.

الوجه الثالث: يكون الشعر مرجوحاً وباطلاً كذلك حين يكون مبعثه الكذب، ليس الكذب الفني الذي هو ضرورةٌ أولى من ضرورات الفنِّ الشعريّ، بل لا تكون عمليةٌ شعريةٌ بدونه، من خلال استخدام وسائل المجاز والإستعارة والصورة والأسطورة الفنيَّة والقناع وما إلى هذا من الوسائل المعروفة، بل المقصود هو الكذب في الغاية، كأن يمدح الشاعر طاغيةً بما ليس فيه من صفات العدل، أو يرثي ميتاً، فيذكر ويبالغ في ذكر صفاتٍ حميدةٍ ليست موجودةً فيه، طمعاً في حصول الزلفى، أو اجتلاب المال وما إلى ذلك، لكي لا يقال في مورد الإعتراض: إنَّ الكذب ضروريٌّ للشعر، وإنَّ أعذب الشعر أكذبه، فإنما هو الكذب الفنيُّ الضروريُّ للشعر من خلال تلك الوسائل، وهو أمرٌ مفهومٌ ومختلفٌ عما قصد إليه السيِّد.

الوجه الرابع: إنَّ وجهة نظر الإسلام معروفةٌ في صيانة أعراض الناس والحرص على حفظ حيثياتهم الإجتماعيَّة وسمعتهم، وهو هدفٌ مقدَّمٌ على كثيرٍ من الأهداف الفنيَّة الأخرى مهما كانت عزيزةً على قلوب أهل الفنّ، فإن أراد الفنُّ أن يكون منخرطاً في عمليَّة صيانة المجتمع، والحرص على سمعة كلِّ فردٍ فيه من الزيغ والباطل، فلن يجد في رأي الإسلام حول ضرورة أن لا يتغزَّل الشاعر بامرأةٍ على وجه التعيين أيَّ حرجٍ أو مضايقة، لكي لا يكون سبباً مباشراً في جعل اسمها وسمعتها شيئاً ممجوجاً تناله الألسن بالتهمة والريبة والنفور.

 أما أن يتغزَّل الشاعر بامرأةٍ لا على وجه التعيين، كأن تكون امرأةً وهميَّةً أو خياليَّةً فلا حرج مطلقاً من الغزل والتشبيب يلحق الشاعر في هذه الحالة، وليس هو من الشعر الحرام، كما لا يحرم مطلقاً الغزل بالنساء على نحوٍ تكون المرأة فيه رمزاً لحالةٍ معنويَّةٍ أو شعوريَّةٍ سامية، أو لفكرةٍ دقيقةٍ لا يمكن التعبير عنها باللغة الصريحة المباشرة، كما يفعل الصوفيَّة والعرفاء والفلاسفة المؤمنون عادةً، فلا إشكال في هذا أيضاً، ولا في التشبيب بالخمر على هذا النحو الرمزيِّ كما هو معهودٌ عند الأصناف التي ذكرناها، كونه غزلاً وتشبيباً مجازياً أو وهمياً، ليس المقصود منه المعاني المتبادرة إلى الأذهان السطحيَّة غير المرتاضة على مثل هذا النمط من التعبير عن الأفكار العميقة، فلا وجه للإشكال على مثل هذا النمط من الأشعار مطلقاً.

الوجه الخامس: يكون الغزل والتشبيب بالغلمان مرجوحاً ومحرَّماً، لأنه بالتأكيد تشجيعٌ للإنخراط في الإنحرافات الجنسيَّة، ووممارسة الشذوذ الجنسيّ، وهو فحشٌ وإغراءٌ بالقبيح دون ريب، إلا أن يكون المقصود منه من خلال القرائن الحاليَّة والمقاليَّة هو جعل هذا النوع من الغزل سبباً رمزياً توصُّلياً إلى التعبير عن فكرةٍ ما بالطريقة التي تحدَّثنا عنها في الوجه السابق.

نتَّجه الآن في الحديث عن النقطة الموجودة في عنوان هذه الفقرة حول شعر النساء، فنقول: إنَّ السيِّد يبدو في هذه النقطة بالذات دقيقاً إلى حدِّ الدهشة، إذ لا يفرِّق مطلقاً بين الرجال والنساء من جهة الشروط الواجب الإلتزام بها كي لا يكون الشعر متَّصفاً بالمرجوحيَّة والحرمة، بعد التسليم بأنَّ المرأة لها مطلق الحقِّ في أن تكون شاعرةً، وأن تكتب أشعارها بالطريقة التي تحبُّ، ما لم تتجاوز الشروط العامَّة المنطبقة على شعر الرجل وشعر المرأة بمِلاكٍ واحد.

"والمهمُّ أنَّ المرأة بما هي امرأةٌ لا يحرم عليها الشعر، بأن يكون جائزاً للرجل حراماً على المرأة، بل هو جائزٌ لهما معاً ما لم ينطبق على فكرةٍ محرَّمةٍ كما سبق".[22].

 وليس بدعاً من القول أن يذكر أحدٌ في مقام الإستدلال على رجحان الشعر من النساء أسماء شاعراتٍ كثيراتٍ وجدن في التأريخ الإسلاميِّ في زمن النبيّ وسائر الأئمَّة المعصومين ، قلن الشعر ونظمنه ولم يتلقَّين ردعاً منهم، فكان هذا وحده كافياً على الجواز بل على الرجحان، خصوصاً عندما يكون شعراً متمحِّضاً في خدمة الحقّ.

فأمُّ سلمة كانت شاعرةً، والخنساء المشهورة كانت شاعرةً، ورابعة العدويَّة كانت شاعرةً، بالإضافة إلى أسماء عديدةٍ تندُّ عن الإحصاء السريع والحصر، لم تبخل علينا المصادر في ذكر طرفٍ من أشعارهنَّ، وكنَّ مؤمناتٍ صالحاتٍ قانتاتٍ، ولا شائبة يمكن أن تلحق بهنَّ في هذا الجانب.

أما عن غزل النساء بالرجال، فقد ذكر السيِّد أنَّ مقتضى القاعدة الفقهيَّة هو انطباق الشروط في جواز الغزل الصادر من الرجال على غزل النساء، إلا أنه من الممكن أن يقال: إنَّ بين غزل المرأة بالرجل، وغزل الرجل بالمرأة فرقاً عرفياً واجتماعياً، فلا ريب أنَّ السياقات العرفيَّة والإجتماعيَّة المعهودة في مجتمعاتنا تؤاخذ المرأة لو تغزَّلت بالرجل، ولو كان غزلاً وهمياً أو مجازياً، أو غزلاً برجلٍ غير معيَّن، بينما يتسامح المجتمع تجاه غزل الرجل بالمرأة بل يعتبره أحياناً شيئاً محموداً، فإذا كان هذا، حُرِّم غزل المرأة بعنوانٍ آخر غير عنوان حرمة شعر الغزل عليها، بل بعنوان الضرر الذي يلحقها بسبب غزلها وتشبيبها.

 أما إذا أصبح المجتمع متفهِّماً ومتقبلاً لهذه الحالة، فلا يوجد مانعٌ شرعيٌّ بمقتضى القواعد الفقهيَّة لجعل شعر الغزل وفقاً لتلك الضوابط والشرائط مباحاً غير محرَّمٍ عليها.

 

كلمةٌ لا بدَّ أن تقال

بصفتي شاعراً أكتب الأنماط الشعريَّة الثلاثة، القصيدة العموديَّة، وقصيدة التفعيلة، وقصيدة النثر، يروق لي أن أكتب كلمةً ختاميَّةً لهذا البحث حول ما تتمتَّع به نظريَّة الشعر عند السيِّد الشهيد الصدر من الخصائص التي تجعلها محطَّ اعتبار شعراء الحداثة على وجه الخصوص، مع أنَّ السيِّد الشهيد لم ينظر للشعر إلا من الزاوية التي تهمُّ التأصيل الفقهيَّ كما رأينا، وإلا فإنَّ القارئ يحدس بألمعيَّته التي يجب أن يتحلّى بها كلُّ من يقرِّر مقاربة أطروحات الصدر ونظرياته المختلفة في الموضوعات المتنوِّعة، أنَّ بإمكان الصدر أن يقدِّم نظراته النقديَّة المتطوِّرة والمتقدِّمة على ما يقدِّمه المتخصِّصون في صياغة النظريات الأدبيَّة العالية في هذا المجال لو شاء، ومع ذلك فإنَّ الصدر قدِّس سرُّه استطاع أن يضمِّن بحثه هذا، الكثير من النظرات النقديَّة التي تعتبر متفوِّقةً على نظرات النقاد التقليديين الذين مازالوا إلى الآن بعيدين عما استجدَّ من البحوث التي أوجدت دلالاتٍ ومعانيَ متقدِّمةً للشعريَّة، تختلف جذرياً عن معنى الشعريَّة القديم كما تجلّى في كتب البلاغة التقليديَّة الموروثة، وكما تمَّ علاجه وبيانه بيراعات النقاد المعروفين القدامى في تأريخ الأدب العربيّ، كما إنهم مازالوا إلى الآن يقفون حجر عثرةٍ كبيرةٍ في طريق تجديد الإبداع الأدبيِّ لا سيما الشعر في العالم العربيِّ عموماً، وفي العراق على وجه الخصوص، أما إذا كان الحديث خاصّاً عن نظريَّة الشعر السائدة في مدينة النجف، فأنت أمام طامَّةٍ نقديَّةٍ حقيقيَّةٍ تضحك أكثر مما تبكي فرط ما تحتويهِ من عناصر المأساة.

إنَّ هؤلاء النقاد يعتبرون أنفسهم خبراء ومتخصِّصين مع أنهم لا يفقهون شيئاً من العمليَّة الشعريَّة، ولا يتابعون المنجز النقديَّ والشعريَّ في العالم الحديث، ولا يراجعون النظريَّة الأدبيَّة والشعريَّة القديمة، كما إنهم يعاملون أقوال البلاغيين القدامى كما لو أنها آياتٌ منزَّلاتٌ لا ينبغي الكفر بها، أو مراجعتها، أو نقدها، ولعمري إنَّ مثل هذه الآراء هي المسؤولة عن صياغة ذائقةٍ شعريَّةٍ متخلِّفةٍ عند الجمهور الأدبيّ، بحيث يجد الشاعر الحديث نفسه مغترباً غير قادرٍ على التواصل مع جمهوره باستمرار، فما زال الكثيرون منهم يعتبرون كتابة قصيدة التفعيلة مثلاً هرطقةً قبيحةً من الهرطقات الشعريَّة التي تخرج صاحبها من ربقة الشعر، ناهيك عن شعراء قصيدة النثر، فإنهم ملاحدةٌ كبارٌ بقدسيَّة القصيدة العربيَّة الكلاسيكيَّة الموروثة، ولك أن تتخيَّل ما يستحقونه من الجزاء لقاء هذا الصنيع.

أما السيِّد الشهيد، فمع أنه ليس ناقداً متخصصاً، كما إنه يكتب شعره في المناسبات التي تعنُّ له من باب الترويح عن النفس وتدوين ما يجول في ذهنه الشريف من خواطر الأفكار وصور الخيال الشعريّ، حيث يكون محاصراً بها في بعض الأوقات، فإنه استطاع أن يتفوَّق بجدارةٍ على هذه النظرة المتخلِّفة للشعر، وأن يضمِّن بحثه هذا تأصيلاً متيناً لقصيدة النثر التي تعتبر واحدةً من الفتوحات العظيمة في هذا العصر، بل إنه نفسه كتب بعض قصائد النثر، وكانت تعكس وجهة نظره حول معنى الشعر، وأنه لا يمكن أن يكون في جوهره وحقيقته مرتبطاً بالوزن أو بالقافية كما يتخيَّل أصحاب الذائقة الشعريَّة المترهِّلة، حيث يصرون على أنها وحدها الذائقة الجديرة بالقيمة والإعتبار.

 

.......................

الهوامش

[1]. ماوراء الفقه، جـ10،ص93.

[2]. نفس المصدر والصفحة.

[3]. ما وراء الفقه،ج10،ص94.

[4]. نفس المصدر والصفحة.

[5].ما وراء الفقه، جـ10 ص99.

[6]. نفس المصدر والصفحة.

[7].نفس المصدر والصفحة.

[8]. ماوراء الفقه، جـ10 ص100.

[9]. نفس المصدر والصفحة.

[10]. نفس المصدر والصفحة.

[11]. ما وراء الفقه، جـ10 ص101.

[12]. ما وراء الفقه، جـ10 ص102.

[13]. نفس المصدر والصفحة.

[14]. نفس المصدر والصفحة.

[15]. الوسائل، جـ3، أبواب أحكام المساجد. حديث12.

[16]. تفسير الميزان، جـ19، ص337.

[17]. الوسائل، جـ10، كتاب الحج أبواب المزار باب 104.حديث1.

[18]. المصدر نفسه، باب105، حديث1.

[19]. المصدر نفسه، حديث2.

[20]. المصدر نفسه، حديث3.

[21]. المصدر نفسه، حديث2.

[22]. ما وراء الفقه، جـ10، ص115.       

 

[email protected]

 

.............

تنويه: نشر هذا البحث في مجلَّة المنهج الفصليَّة باسمٍ مستعار

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1121  الاثنين 27/07/2009)

 

 

في المثقف اليوم