قضايا وآراء

زراعة العراق

وعندما أراد إن يستغل مياه الرافدين قبل تذهب سدى إلى الخليج توصل إلى اكتشاف الزراعة ......

 

عصر الزراعة: من المؤكد إن الإنسان العراقي القديم قد بدء بممارسة الزراعة منذ حوالي ( 10000 إلى 8000 ق. م ) أي في أواسط العصر الحجري الوسيط وسمي بعصر الزراعة البدائية. واعتقد الباحثون إن ظهور الزراعة بدأ من شمال العراق و على السفوح الجبلية تحديدا حيث المطر الوفير والمناخ البارد اللذان يساعدان على نمو الحبوب الزراعية. ثم أخذت تتسع بالانتشار حتى وصلت الزراعة إلى منطقة سامراء، في أواخر ألاف السادس ق.م .

 

ثم ظهرت قرية جرمو بالقرب من كركوك أوجمجمال حوالي عام ( 5000 ق.م ) . وهي أول قرية زراعية في التاريخ، ومارس سكان جرمو الزراعة المنظمة وتدجين الحيوانات.

وبعد إن استوطن السومريون جنوب العراق عرفوا الزراعة التي تعتمد على الري وزرعوا المناطق السهلية الممتدة على ضفاف الاهوار والفرات.

إما الاكديون فقد استوطنوا في أخصب بقعة زراعية في وسط  بلاد الرافدين بين نهري دجلة والفرات نزولا إلى هور الحمار، فاستغلوها في زراعة كافة المحاصيل والحبوب الزراعية .

والبابليون اهتموا أيضا بالزراعة وضبط نهر الفرات ومواسم فيضانه واعدوا جداول للزراعة،

وحامورابي اهتم بمشاريع الري وفي عهده أقيم سدا ترابيا ضخما على نهر دجلة قبل 3500 سنة حيث يعد هذا السد أضخم مشروع إروائي في التاريخ . والآشوريون اهتموا بالزراعة والري،

حيث أقام الملك سنحا ريب مشروع لإيصال المياه للعاصمة نينوى وذلك بحفر قناة مائية وعلى جانبيها تقام البساتين والحقول الزراعية .

والكلدانيين في دولة بابل الحديثة اهتموا بالزراعة والري، حيث أقام نبوخذنصر بمشروع إنشاء بحيرة في منطقة بالقرب من عقرقوف وتغذيها مياه نهري دجلة والفرات واستغلال هذه البحيرة لإرواء أولا وكتحصين دفاعي ثانيا .

وما الجنائن المعلقة إلا دليل واضح على اهتمام الإنسان العراقي بالزراعة والحدائق والبساتين حتى عدت من عجائب الدنيا السبع.

وإما الكتاب المقدس التوراة فقد تطرق إلى تسمية جنة عدن أو (الفردوس الإلهي) والتي توصل الباحثون من خلال الكشوفات الأثرية إن موقع هذه الجنة بين منطقة عانة وهيت في الانبار .

وفي العصور الإسلامية اهتم الفاتحون العرب للعراق بالزراعة والري وسموا البلد بأرض السواد لكثرة الزراعة والبساتين والحدائق الموجودة آنذاك.

ومصروا المدن الكوفة والبصرة وواسط في أماكن كانت فيها الغابات والواحات الزراعية والسواد، حتى أصبح العراق في تلك العصور الإسلامية القطر الزراعي الأول في الجزيرة العربية ..

 وبعد ذلك اخذ الإنسان العراقي يكتشف ويعمل على تطوير قدراته الزراعية، فاخذ يشق طرق الإرواء والبز ول ومن ثم كتابة تقويم زراعي كالذي وجد في مدينة نيبور السومرية، واختراعه آلات زراعية كالمحراث، واستخدموا الناعور المائي لرفع المياه من الأنهار لسقي الأرضي الزراعية . وكذلك الناعور الحيواني الذي يرفع المياه بواسطة الحيوانات .

 

عصر الانحطاط الزراعي: وبعد عصور طويلة من الازدهار الزراعي في العراق بداء عصر الانحطاط الزراعي والذي ترجع جذوره إلى عهد العصر العباسي الثاني وتحديدا في أيام خلافة المقتدر بالله العباسي عام ( 295 هج ـ 908 م ) ووصل الانهيار قمته عند الغزو المغولي إلى حد يومنا هذا ..

 

عصرنا ألان:

وإما في عصرنا الحالي فقد مرت الزراعة في العراق بأسوأ مراحلها وعصورها والأسباب كثيرة جدا ومعروفة ومنها، الحروب التي خاضها العراق مع جيرانه وأمريكا، الهجرة من الريف إلى المدينة، وعدم الاهتمام من قبل الحكومات بالزراعة وإهمالها، وعدم وجود المواد الأولية من بذور وسماد ومواد كيميائية زراعية، غزو الإمراض والأوبئة الذي يغزو زرعنا، وألان شحه مياه نهري دجلة والفرات وهذا السبب أتمها خيرا وانقراضا قريبا؟

وسيصبح بوسعنا فقط إن نتذكر لبرهة تلك السيمفونية الرائعة التي كان يرددها الباعة والبقالون في أسواقنا العراقية. (برتقال ديالى، رمان كربلاء، ركي سامراء، طماطمة الحويجة، تمر البصرة، تين بلد، برتقال الصويرة، عنبر المشخاب وغيرها وغيرها)

وألان وبعد سقوط النظام السابق جاءنا غزو الفواكه والخضروات الجديد وهو يحمل معه العجب العجاب . فتغيرت سيمفونية الباعة والبقالون حسب المتغيرات الجديدة واخذوا يرددون: (برتقال سقارة، رمان باكستاني، ركي سعودي، طماطة أردنية، تمر أهوازي، برتقال إفريقي، كيوي ....، تفاح لبناني، تمن هندي وغيرها وغيرها) ؟؟

ومع ذلك وقبل إن تلفظ الزراعة في العراق أنفاسها الأخيرة أود إن أناشد وزارة الزراعة، ووزارة الموارد المائية، ولجنة الزراعة والاهوار والري في مجلس النواب إن ينقذوا الزراعة في العراق بخطط منهجية وعلمية جديد لإنعاش الزراعة وإعادة الفلاح إلى أرضة عسى إن يعود العراق إلى ارض السواد وعسى إن نرى منتجاتنا الزراعية الوطنية والتي ليس هناك أطيب وألذ منها في العالم اجمع ....

  

      حسن الوزني

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1131  الخميس 06/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم