قضايا وآراء

وادي الطميلات بين الناس والاحداث (2)

 التي أدت إلى تطوّر وادي الطميلات ونموّ العمران فيه. والحقيقة أن مشروع حفْر هذه الترعة ارتبط ارتباطاً وثيقاً بمشروع القناة نفسها، بل إن شركة قناة السويس رأت أن يكون حفْر هذه الترعة سابقاً لحفْر القناة حتى لا تتعثر عمليات الحفْر كما حدَث في السنوات الأربع الأولى لتنفيذ مشروع حفْر القناة، في النصف الشمالي من برزخ السويس بين بور سعيد وبحيرة التمساح، وقد عرفت هذه الترعة العذبة باسم ترعة الاسماعيلية . وقد عُدّل بعد ذلك مخرجها لتنبثق من النيل مباشرة، عند شبرا على بعد سبعة كيلومترات شمال القاهرة، وتجري بعد ذلك نحو الشمال الشرقي مع حافة الصحراء حتى بلدة العباسة في وادي الطميلات ثم تنحدر شرقاً مخترقة هذا الوادي حتى مدينة الإسماعيلية، وقبيل مدينة الاسماعيلية تتفرع الترعة إلى فرعين، فرع يتجه شمالاً إلى بورسعيد، والآخر يخترق الصحراء جنوباًن إلى مدينة السويس ليغذيها بالمياه العذبة وينتهي بعد ذلك إلى خليجها.

ويبلغ طول ترعة الإسماعيلية من النيل إلى إلى بحيرة التمساح حوالي 136 كم . ويُقدر طول فرع بورسعيد بنحو 90 كم . أمّا فرع السويس فيبلغ طوله 87 كم، وبمجرد أن وصلت مياه النيل العذبة إلى منطقة برزخ السويس، وشُق خلال وادي الطميلات قناة تصِل البحر المتوسط بالبحر الأحمر انقلبت الحياة البشرية في منطقة وادي الطميلات رأساً على عقب، وتحوّل الهمود إلى حياة صاخبة، وإن لم تكن هذه الحياة من صنْع قناة السويس بقدر ما هي من صنْع مياه النيل الحلو التي وصلت إلى وادي الطميلات فصدق القول مصر هبة النيل .

ويصور على مبارك باشا فى الخطط التوفيقية، أهمية ترعة الإسماعيلية وأثرها في تطوروادي الطميلات عموما ومدينة السويس خصوصا بقوله : " ومن أكبر أسباب عمارة مدينة السويس، وصول مياه النيل إليها من الترعة الإسماعيلية، التي أنشئت في عهد الخديوي إسماعيل، وجعل فمها من بولاق مصر بالقاهرة ومصبها في البحر الأحمر عند مدينة السويس، فجرى هناك مياه النيل، صيفاً وشتاءً فتبدل بذلك جدب تلك المنطقة خصباً، وأحيا كثيراً من أراضيها. فوجدنا هناك حدائق ذات بهجة، فقد زُرِع على جانب الترعة القمح والشعير والبرسيم، وأنواع كثيرة من الخضر" .

 

وادي الطميلات من أول مناطق العالم التى يصله خط حديدي

فقد افتُتح خط (السويس – القاهرة) الحديدي، في أول ديسمبر 1858.، وقد بلغ طوله 80 ميلا، وتفيدنا المصادر: (إنه كان الزمن المقرر لقطْع هذه المسافة سبع ساعات. ولكن، كثيراً ما كانت القاطرات تتعطل، وسط الصحراء، ويمتد التأخير يوماً أو بعض يوم . وقد أُوقف تشغيل خط القاهرة ـ السويس، سنة 1869 م بعد أن أكملت الحكومة خط (القاهرة - الاسماعيلية - السويس) إذ مدت الحكومة خطا من الزقازيق إلى الاسماعيلية سنة 1868م ثم مدت فى العام نفسه خطا من الاسماعيلية ونفيشة إلى السويس . وظل خط السويس القاهرة الحديدى (الصحراوى) موقوفا استخدامه حتى أعيد تشغيله سنة 1930م))، وكان لهذا الخط الحديدي تأثرا عظيما علي التكوين السكاني لاهالي سيناء ومحافظات الوجهة البحري سوف نتحدث عنة في الجزء الثاني من البحث ان شاء اللة .

 

وفي عام 1865، بُني في ميناء السويس حوض بور إبراهيم، ليحل محل مرفأ السويس القديم، الذي كان قد أهمل منذ عهد بعيد، حتى أصبح من أشد المرافئ خطراً، على السفن والملاحة. وكان مرفأ السويس القديم محدوداً بالجسر، الذي يمر فوقه الخط الحديدي، بين السويس وحوض بور إبراهيم . وكانت المساحة الواقعة إلى الشرق، والمحصورة بين هذا الجسر وقناة السويس أرضاً منخفضة تغطيها المياه، وقت المدّ وتنحسر عنها وقت الجَزر، وتشقها قناة صغيرة قليلة العمق تصل منها المراكب والسفن إلى رصيف مرفأ السويس القديم، حيث محطة الحجاج والبضائع القديمة، وجمرك السويس القديم، ودار الترسانة القديمة، وتزايدت حركة الملاحة في ميناء السويس تدريجياً، في أواخر القرن الماضي وأوائل القرن الحالي، وخاصة خلال الحرب العالمية الاولى، فازداد عدد السفن القادمة إلى الميناء كما ازدادت حمولتها، فأصبح حوض بور إبراهيم عاجزاً عن مواجَهة هذه الحركة . وكانت الشركة المصرية الإنجليزية للنفط قد أنشأت معملاً للتكرير في منطقة الزيتية

في السويس فكانت سفنها لا تستطيع دخول مرفأ بور إبراهيم لتفريغ شحنتها إلا سفينة عقب أخرى . وكثيراً ما كان غاطس هذه السفن يصل إلى أرض الحوض وقت الجَزْر، فيترتب على هذا أخطار جسيمة للميناء عينه، وللسفن الموجودة فيه. ولذلك تقرر إنشاء ميناء السويس الجديد في الخليج لحل هذة المشكلة، وبدأ العمل في الميناء الجديد في يوليه 1918م، وبعد أنتصار 1973م تم ازالة الخط الذى يمر داخل المدينة من بورتوفيق للسويس، ويبدأ حاليا من غرب السويس منطقة المثلث إلى العاصمة القاهرة .

 

أعمال حفر قناة السويس

بدأت عمليات تنفذ مشروع حفر قناة السويس في 25 ابريل 1859 وكانت منطقه بورسعيد هي أول بقعه بدا فيها تنفيذه، ولكن واجهت الشركة الاجنبيه المشرفة على اعمال الحفر مشكله خطيره جدا" اذ كان آلاف العمال في بورسعيد قد تعرضوا لخطر الموت عطشا بفعل نفاد كميه الماء، وتأخرت وصول الامدادات مما كان يهدد بهلاك العمال وفشل المشروع برمته .. فأخذت الشركة تنقل المياه من الاسكندريه في سفينة تسمي "بورسعيد" ومن دمياط علي الجمال إلا انها فشلت أيضا في حل المشكلة فأشار بعض المصرين المسؤلين بالشركة ان يستعينوا بصيادي المطرية في نقل مياه الشرب من المطرية إلى بورسعيد، وبالفعل تجد الرجال المخلصين في المواقف الصعبة يفيضون عطاء وبذلا دون مقابل يذكر، فقد قامت مراكب وقوارب الصيد الخاصة بأهالي المطرية بنقل الماء إلى إخوانهم في بورسعيد خلال عامي 1859،1860 كما قامت الشركة ثلاث مكثفات ببورسعيد لتحليه مياه البحر المالحة إلا ان هذه المكثفات كانت دائمة التعطيل وتتوقف عن العمل من حين لاخر مما أثار مشكله أخرى اشد خطورة فقد تعرض شعب بورسعيد لخطر الموت عطشا ولم تعد المشكلة تخص العمال وحدهم، فلجأت الشركة إلى عقد اتفاق مع احد كبار المصرييين المشتغلين بتجارة صيد الأسماك في بحيرة المنزلة وكان يدعي "مصطفي عنانى بك " والاتفاق كان يقضي بأن يمد مصطفي عنانى الشركة بسته أمتار مكعبه من المياه العذبة يوميا، ولم يدم هذا الاتفاق طويلا...

 

معانة المصريين في حفر القناة

فقد جاء في كتاب "السخرية في حفر قناة السويس " للدكتور عبد العزيز محمد الشناوي ان هذا

هذا الاتفاق لم يستمر طويلا، واعتمدت الشركة على وسائلها الخاصة في جلب ماء الشرب عبر بحيرة المنزلة ثم فشلت فعادت إلى الأخذ بنظام السابق فعقدت في يونيو 1861 اتفاقا مع " محمد الجيار "_وهو احد كبار أصحاب السفن في بحيرة المنزلة ومن ذوي الموارد الضخمة _ لنقل مياه الشرب في براميل تعهدت الشركة بتقديمها إليه ولكنها عجزت عن تقديم العدد الكافي منها إلى ان استطاعت استيراد عدد منها في سبتمبر 1861 . وكانت كل سفينة تحمل برملين من الصاج، وكانت سعه كل برميل مترا مكعبا من الماء . وكان ثمن المتر المكعب عشرة فرنكات وقد استمر ذالك الاتفاق نافذا مع محمد الجيار حتى فرغت الشركة من مد خط أنابيب الماء من الاسماعليه إلى بورسعيد في ابريل 1864 وعلي الرغم من هذه التدابير فقد كان الماء في بورسعيد عزيزا صعب المنال وظل العمال هناك يعانون الكثير من ضروب الحرمان ويتعرضون للموت عطشا بسبب نفاذ الماء في المدينة وتأخر وصول مقادير منه إليها .

ويتضح ذلك الحرمان وتلك المخاطر من وصف كتبه احد الفرنسيين عاش في تلك الأخطار:

بورسعيد 18 ديسمبر 1861 :لقد خرجنا من ازمه خطيره مروعه .فقد كسر احد المكثفات، ولم تكف مقادير الماء التي ينتجها المكثفان الاخران لمواجهة استهلاك المدينة اليومي فقد زاد عدد السكان زيادة كبيرة ولم نستطع الاعتماد على الماء العذب الذي تجلبه من المطرية سفن الريس محمد الجيار الذي عقد معه اتفاق لنقل الحاجيات عب بحيرة المنزلة، وخاصة لنقل ماء الشرب إلي بورسعيد وراس العش .

"ومما زاد الموقف حرجا هبوب عاصفة شديدة دامت ستين ساعة متوالية . ولم يصل إلينا أي قارب أو سفينة طول المدة التي استمرت حلالها العاصفة . ولم يكن هناك بد من ان نطبق نظام توزيع الماء علي السكان بالبطاقات . وكان نصيب الفرد لا يزيد عن لترين من الماء لكافه استعمالته .... ولما حل اليوم الثالث ولم يظهر أي قارب او سفينة في طريقها إلينا تجمهر العمال ووقفوا عند مرسي السفن المنتظر وصولها من المطرية .ولم تكن هذه القوارب تقف تجاه مراسيها حتى اندفع العمال المتجمهرون، وكان عددهم يتراوح ما بين ماتين وثلاثماه عامل ودفعوا جانبا وبكل عنف رجال هذه القوارب وفتحوا براميل المياه اغتصبوا شحنه المياه.. ولم تبق جرعه من الماء في هذه القوارب وقد غادر العمال المكان ان الموقف خطير .."

وقد ثبت ان عدد كبير من أهالي مدينه المطرية دقهليه اشتركوا في حفر قناة السويس، كما قال الشيخ حمودة الخضيري اكبر معمري المطرية والدقهلية (135) سنه يرحمه الله، قال : ان بورسعيد لم تكن موجودة

وإنما كانت عبارة عن عشوش، وكان الجنود التابعون للشركه القائمة على حفر القناة يهجمون على الصيادين في بحيرة المنزلة فجأة ويأخذونهم بالقوة لينضموا الى العمال الذين يحفرون قناة السويس بدءا من بور سعيد.

 

احصائيات عن عمال حفر القناة

كان إجمالى عدد العمال مليون عامل، وعدد الذين توفوا من العمال أثناء الحفر أكثر من ??? ألفاً، وبلغ طول القناة ??? كيلو متراً وعرضها ??? متراً و?? قدماً، وكانت أجور عمال الحفر كما نصت لائحة تشغيل العمال، التى وقعها الخديو مع ديليسبس على أن يحصل العامل على خمسة وعشرين مليماً فى اليوم، إضافة إلى الجراية، والطفل أقل من عامين على قرش واحد، على أن تحتفظ الشركة بأجر خمسة عشر يوماً كتأمين، تمنح للعامل عند انتهاء مدة عمله وتخصم منه إذا ترك العمل.

ومنحت معظم الأجور على شكل صكوك تصرف من خزانة المالية للحكومة المصرية، لكن الشركة غيرت نظام الأجور من المقابل اليومى إلى تحديد أجر عن قيمة كل متر مكعب ينجزه العامل، ويتغير الأجر حسب صلابة منطقة الحفر، وتراوح بين ?? و?? مليماً عن المتر المكعب، طبقاً لطبيعة الأرض من رملية إلى صخرية، وتراوحت متوسطات الأجور الشهرية بين خمسين وستين قرشاً فى الشهر، وكان على العامل أن يتحمل من أجره نصيب نفقات إطعام مندوبى الحكومة المصرية والقواصة.

 

الفئات المستثناة من السُّخرة في حفر القناة

وكان عدد من الفئات الاجتماعية يعفى من نظام السخرة، الذى كان يعتبره نظام حكم أسرة محمد على نوعاً من الضرائب، وهذه الفئات هى النساء والشيوخ والأطفال وسكان المدن وأصحاب الحرف والتجار وقبائل البدو ورجال الدين.. وأمر الخديو سعيد بأن يمتد الإعفاء إلى الأشخاص المنقطعين لخدمة المساجد والزوايا والأضرحة والمقامات والتكايا، ونحو ذلك من الأماكن المحترمة «رحمة من لدنا واحتراماً للشعائر الإسلامية وشمل الإعفاء أهالى بلاد زراعة الأرز». وقد عقدت شركة قناة السويس اتفاقاً مع محمد الجيار، أحد أصحاب مراكب الصيد فى بحيرة المنزلة، لنقل مياه الشرب فى براميل من مدينة المطرية فى الدقهلية إلى بورسعيد، مقابل عشرة فرانكات للمتر المكعب. يقول الدكتور محمد الجيار، الأستاذ بهندسة بورسعيد، أحد أحفاد مورّد المياه: إن أهالى المطرية، خصوصاً كبار السن، مازالوا يتداولون حكايات نقل عميد عائلته للمياه، مؤكدين أن هذا الدور كان سبباً لإعفاء أهالى البلدة من السخرة.

 

بعد افتتاح قناة السويس

انطلاقا من وادي الطميلات، وبعد افتتاح قناة السويس، وتزايد قوة وأهمية مصر . تمكنت مصر من ضم مناطق زيلع وبربرة بجنوب البحر الأحمر إلى أملاك مصر في أول يوليه 1875، وبعد أن كانت من أملاك تركيا وتابعتين للواء الحديدة فى اليمن، فقد أضطر السلطان العثماني التنازل إلى خديوي مصر، عن زيلع وملحقاتها مقابل زيادة الجزية السنوية التى تدفعها مصر إلى تركيا، وبذلك سيطر الاسطول المصرى على كامل البحر الاحمر، وأصبح لميناء السويس سلطات واسعة على كافة الموانىء الواقعة على البحر الاحمر حتى ميناء عدن

 

تمثال الحرية المصري

 

لقد نحت تمثال الحرية لأمرآة فلاحة مصرية تحمل مشعل الحرية والنور كأنها تعبيرعن القول المعروف بأن تاريخ مصر هو فجر التاريخ للعالم، وهو مشعل النور والحضارة للانسانية وكان من المزمع اقامة تمثال الحرية في مصر واحتفالا بنجاح مشروع حفر قناة السويس، وكان هناك مكانين مقترحين لإقامة الفرنسيين التمثال الضخم الذي يمثل مصر، الاول بمدخل القناة الجنوبى على أرض الجزيرة الخضراء الواقعة على المدخل، والموقع الثانى من الشمال عند بورسعيد بجوار مبنى هيئة القناة أو ضفة القناة على جانب بورفؤاد، وكان المقصود بوضع التمثال بالجنوب عند السويس للتدليل على أن هذه النقطة هى نهاية بحر الظلمات والتخلف .ولكن تم أخيرا أختيار موقع بورسعيد بعد بيان عدم صلاحية ارض الجزيرة الخضراء، وكذلك التوفير فى مسافة النقل من فرنسا وضمان السلامة والحماية للتمثال من فرنسا الى بورسعيد الاقرب، لاكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن كما يقال، فقد واكب بدء إبحار التمثال من فرنسا الي مصر نشوب الحرب العالمية فتحول مسار التمثال الى المحيط الاطلنطى بعيد عن المعارك والغارات في البحر الابيض، وأنتهى به الأمر بأن اقيم فى مدخل أكبر مدن امريكا (نيو يورك الامريكية) .

 

الطميلات فى أخبار الرحالة الأجانب

أقام رتشارد بيرتون : فى نوفمبر 1853 م فى خان جرجس الزهار بالسويس، وكان جعفر بك يشغل منصب حاكم السويس ان ذاك وهو تركى الجنسية،

 فقال بيرتون: (أهل السويس من النصارى على سواء مرتبطون معا برباط المودة والمحبة --- ص 143)

ويضيف نقلا عن (الرحالة ليفك) : ويقول ليفك عن زيارته 1838م ان قوافل الحجاج من كل الالوان ويرتدون كل الازياء فالمرء لا يرى اهل البلدان المجاورة لمصر فحسب وانما يرى ايضل اعداد كبيرة من وسط اسيا؟

من بخارا وفارس وبلاد الجراكسة وتركيا والقرم وهم يفضلون طريق السويس عن طريق استانبول نظرا للاخطار والصعاب التى تعنرض قوافل الحج البرية من دمشق وبغداد ويأتى السويس الحجاج من الغرب الحجاج المراكشيون والجزائريين والتونسيون وأعماق أفريقيا من بورنو والسودان وغدامس بالقرب من النيجر والجبرت من الحبشة التكروريين السود (ومنهم الولى المقام مقامه ومسجده على الطريق بين السويس والقاهرة) ويوجد بالسويس يونانيين سكنوا بها منذ ان جاء بهم محمد على لأقامة ترسانة لصناعة اسطول يتجه به لحروبه بالحجاز

ويستطرد بيرتون أخباره عن رحلته للسويس قائلا:

((للسويس اسوار قديمة، وبوابة السويس، وبير السويس، وكانت المسافة تستغرق سيرا من القاهرة للسويس (50 – 60) ساعة، وكان قائد قوافل الحج من السويس الى الحجاز والعكس هو الشيخ رجب الضابط المسئول عن القوافل وهو ابو عمر افندى التاجر الثرى والمشهور، وهو من اصل داغستانى ص 136 وتعلم بالازهر وقد تحول للتجارة ونال شهرة واسعة فى القاهرة، وكان عدد السفن التابعة لميناء السويس 92 من نوعا البغلة والسنبوكة وكانت حمولتها تصل ل 250 طن، ويتحدث عن سيول استمرت بها مدة تسعة أيام متتالية وأغرقت السويس وهدمت منازل كثيرة، وكان يبلغ سكان السويس الاصليون من 5- 6 الف

 

وفى عام 1850 اجتاحها وباء الكوليرا وقضت على نصف السكان ولكن عادت الزيادة بالسويس بسرعة فائقة، -ويبلغ عدد البيوت 500واسوارها وبواباتها قديمة ومعظم غرف الطوابق السفلى تستخدم لمخازن للبضائع الواردة والمصدرة ويعيش أهل السويس معيشة رغدة فأسواقهم عامرة باللحوم والزبد المجلوب من سيناء والذرة والخضروات الاتية من الشرقية والفاكهة الاتية من القهرة والشرقية والقمح الذى يأتى من القاهرة عن طريق النيل يحمل على ظهور الجمال عبر الصحراء الى السويس وإذا ما أشرقت الشمس يتناول أهل السويس أفطارهم الذى يتكون فى فصل الصيف من فطائر، أما فى الشتاء فوجبة الافطار أكثر أهمية وهى طبق يسمى كشرى من (العدس الاصفر والارز والسمن وبصل مقطع ويسوى على نار هادئة وليمون مخلل،ويسعدهم كثيرا تناول الفول المدمس بزيت بذرة الكتان (الزيت الحار)، وعلى الغداء يتناولون الجبن والبطيخ فى الصيف والفاكهة المبردة وخبز القمح ووجبة العشاء بعد الغروب بنصف ساعة ويتناول الجميع فى هذه الوجبة أفضل أنواع اللحوم عندهم وهو لحم الضأن ولا يفضلون كثيرا لحوم الابقار

وأهل السويس أكثر رقة وتحررا من أهل القاهرة، فأهل السويس لهم مظهرا يجعلهم أقرب للعرب ن فملابسهم أكثر جمالا وتميزا وعيونهم مكحلة بعناية ويلبسون فى أقدامهم الصنادل والأخفاف وهم بكل المقاييس مشاغبون متمردون ومتعصبون شيئا ما، شغفون بالعراك ومدمنون بالمباهاة واصدار الاراء المتنوعة من شخص الى اخر (فيرسل مثلا الاباء الاولاد للتقدم بالهناف يحيا السلطان حتي يصلوا ثم يهتفوا الموت للكفرة وكثيرا ما تعقد اجتماعات سرية للاثرياء وكبار الطوائف وقد اتخذت السلطات اجراءات نزع الاسلحة من الاهالى))

ويضيف زرت السويس مرة أخرى فى سبتمبر عام 1869

(وجدتها قد تغيرت لما هو أفضل، وذاد السكان الى 20 ألف وقد أعطتنى محطة السكك الحديدية والمستشفى البريطانى الجديد والكازينو اليونانى الصاخب والمحلات الاوربية والبواخر – أعطتنى روحا روائية)

وزرت السويس مرة ثالثة (1877-1878) ووجدت السويس القديمة قد أنتهت بعد حفر القناة والحق أقول أن هناك سويس جديدة))

 

ملحوطة: هناك جزئ ثاني من هذا البحث عن التوزيع الديموغرافي لسكان وادي الطميلات . فانتظرونا بأذن اللة في الجزء الثاني

 

أنجز هذا البحث في 7-8-2009

فحمدا للة وسلاما علي أرض مصر

*********************

نبيل عواد المزيني

باحث- الولايات المتحدة

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1133  السبت 08/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم