قضايا وآراء

فلسطين: الكشف عن تدليس الغرب وزيف العرب / الطيب بيتي العلوي

 مبرروجود اليهود في العالم بوجود الدولة التي تحميهم وتجمع شتاتهم، وينبغي تسخيركل الإمكانيات لهذه الفرضية :

 من كتاب إسرائيل دون صهيونية لـ: أوري أفنيري

 Uri Avneri,,,,,Israel sans Sionisme-Paris , Ed ;Suil-1969

والكاتب مثقف يهودي سياسي يساري، وعضو سابق في الكنيست، ومن نشطاء دعاة السلام اليساريين العلمانيين المسالمين في إسرائيل وطرحه هو نفس الطرح الذي يتقاذفه اليساريون واليمنيون فيما بينهم منذ عام 1948، ...ولايزالون إلى ان تعود لأراضينا المقدسة زينتها وزخرفها من جديد أو ياتي الله أمرا كان مفعولا.... !

تأملات هادئة في بعض جذورالمأساة الفلسطينية من منظورأنثروبولوجي:

لامراء في أنه كلما تأملنا في فجاج القضايا الكونية المعاصرة الكبرى المعاصرة المترابطة والمرتبطة بعلوم الأناسة-من الفلسفة إلى السياسة-التي يشد بعضها بتلابيب البعض، مع ما يتغشاهما من تعملق المعطيات وتزئبق الحلول، ..إلاوضربنا أخماسا في أسداس، لعتمةالمنافذ وانتفاء الأجوبة، مع ما أمدتنا به التقنيات المعاصرة للتواصل -وما هي بهذاالإسم جذيرة-من كادجيات ووسائل مغالية إدعائية، بدعوى تقريب الآفاق، والتعارف بين الأمم، التي زادت من قدرات السيطرة الغربية على تحركات البشروالتحكم حتى في تحريك فصوص أدمغتهم والتغلغل بين حنايا صدورهم ومعرفة أماكنهم في غدوهم ورواحهم أينما حلوا وارتحلوا (واسألواإسرائيل إن كنتم لاتعلمون !) فأشاعت هذه التقنيات صولة عولمة القذارات، واستفحل عن طريق انتشارها تغطرس الليبرالية الغربية المتوحشة وتغول جبروتها، وهيمنة زيف وخبث إعلامها، الساعي على مدارالثواني إلى عملقة البذاءات، والترويج لهابتمجيد الهذاءات، وتوجيه الأذهان إلى الإستهلاك الكوني الصوماتي somatique الأهبل، بإشغالها بمتابعة أخبارصحة كعب معبود كروي، أوالانشغال بميلاد قردأو دب أبيضين في أعالي الألب، أوأصفرين في الهملاليا أوأحمرين في أحراش الأمازون، أو متابعة مراسيم زواج شاذين، أوالتحسرعلى طلاق مغنية، بينما تُقزَم وتُسفَه أخطرقضية إنسانية كبرى قد يؤدي عدم حلها إلى نهاية البشرية، نتيجة الحروب الصغرى والكبرى المعدة بسببها، وهي القضية الفلسطينية–تلك القضية الإنسانية الكبرى والأوحد-مهما جزَأناهاو شيأناها بالتخفيضيات الفكرية والإيديولوجية الإنتقائية التشويشية، أوحوَرناها بالتحايلات السياسوية، وسواء لاعَبناها بألاعيب المفاوضات واللقاءات والمؤتمرات، وبنداءات السلم والأمان بين العرب وإسرائيل، أوبتذويبها بتحاورالديانات -التي تكاثرت للغرابة في منطقتنا من الرياض إلى نيويورك والرباط وصولا إلى الدوحة–التي تدوركلها من قريب أومن بعيد-حول محورواحد ووحيد هو طبخ الأذهان العربية والمسلمة وإعدادها لإحتواء وامتصاص أجيالها الصاعدة (من جيل ستارأكاديمي وأزمنة عولمةكل شيئ من حوارالديانات-بتذويبها-والثقافات-بمسخها-والسخافات-بإشاعاتها)، للقبول المبكروالبديهي واللامشروط بالتطبيع مع يهودية إسرائيل، وأسرلة الفلسطينين، وأمركة المنطقة وتغريبها، والترسيخ لفكرة الخلط الملوث لدمج الديانات السماوية في المنظور(التوراتي المزيف) وتفريغ هذه الأديان السماوية السمحاء من أصولها وتلويثها بالقراءات التلمودية، مع ما يرافق كل هذه القذارات من تحيين أطروحات السلام الأكيد الساداتي وخطابه الخرافي عن نهاية الحروب الذي لا يزال يروج له أسلافه بمقولة:السلام الممكن، و والترويج للاعقلانية: اللاسلم واللاحرب، عبرمفاوضات السلام المراوغ، للوصول الحتمي-وبعد لأي-إلى السلام المستحيل-الأكيد-الذي لن يكون سوى نهاية العِقد وخاتمة المطاف، مهما تغيرأرباب تل أبيب أوواشنطن (من حمائم أوصقور الذين ليسوا سوي وجهين لعملة واحدة تُقلب في مهرجانات السيرك الدولي)، مع مايصاحب فترات هذه التحولات البهلوانية، من الألاعيب والدسائس والمؤامرت-وسحقا لنفاة نظرية المؤامرة من عندنا-ومع ما يرافقها من تزايد التقتيل والتخريب والتدميروالتعذيب والتشريد الكمي والعددي للأبرياء الفلسطينيين، بسبب التنازلات المشبوهة واللاعقلانية لحُماة القضية من خلٌص النخبوية الفسطينية وعباقرتهم من المتنورين بدعم من أشاوس أعراب المنطقة من المعتدلين، بالطرق الأكثرنذالة وإ ذلالا واحتقارا للشعب الفلسطيني، وللشعوب العربية والإسلامية ولأشراف هذا العالم قاطبة.

القضية الفلسطينية والكشف عن التدليس الغربي والزيف النهضوي العربي:

لقد كشفت إشكالية المجابهة العربية التاريخية مع العدو الصهيوني، مجابهات أخرى تبدوأعمق أثرا وأكثر خطورة، وهي المجابهة مع الذات العربية، لم تجد كل محاولات تلفيقات السياسات الدولية والإقليمية طمس جذورهاوأسبابها ومسبباتها، برغم ما سودته الأقلام شرقا وغربا من الأوراق عن القضية الفلسطينية ما يمكن أن يطوق بها إسرائيل برا وبحرا.

فما كان-أولا-للحلم أوالرؤية اليهودية التي حدد إستراجيتها هرتزل أن تتبلور، ولا لوعد بلفور أن ينجز، أو طبخة سايكس–بيكوأن تنجح، ولاأن تطأ أقدام الصهاينة أراضي فلسطين، أوأن تُدنس الحرمات الفلسطينية-أرضا وشعبا-ولو اجتمع الكون كله-تخطيطا ومؤامرة- لولم تكن هناك خيانة الأنظمة العربية الإصطناعية النشأة في القرن الماضي التي تآمرت لإنجاح المؤامرات البريطانية-الفرنسية بالمنطقة زمنها

وماكان-ثانيا-لهذه الأنظمة العربية السايسكوبية أن تحظى بالشرعية لدى شعوب المنطقة كلها من المحيط إلى الخليج، لولم تأتي على ظهر القضية الفلسطينية وبسببهاومن أجلها.

وماكان-ثالثا-لهؤلاء المثقفين البلزاكيين العرب أن تسطع نجومهم ويتعملق شنارهم، لولم يربطوانرجسياتهم بإشكاليات مطارحات التنوير والتثوير بدءا من قضية النهضة مرورا بغليان الثورة وانتهاء بزيف النكسة للوصول إلى الإرتكاس والسقطة، ثم ما تلى ذلك كله من فشل تطبيق كل الأهداف الثورانية التي تحولت إلى مجرد شعارات زائفة براقة، ووسيلة للتكسب المعيشي الثقافي والتنظيرى، ومطية لمارسات البغاء السياسي، والتسلق الإجتماعي !...

والنتيجة:أنه كلما زادت النخب العربية عهرا-إلا وزادت الهوة بين هؤلاء وشعوب المنطقة، في الوقت الذي ما فتئت التوليفة(الإسرائيلو-غربية)–التي لايغمض لها جفن ليل نهار- تسعى على الدوام، لإستيعاب طبيعة وحجم هذاالخلل (الباثولوجي-الشاذ) الساري العدوى في الجسد العربي، الشئ الذي ييسرلأعداء الأمة التاريخيين:من صهاينة وإمبرياليين قدامى (فرنساوإنجلترا) وجدد (أمريكا) (بما فيهم روسيا العائدة إلى قيصريتها القديمة) بحفر المزيد من التناقضات، وحياكة المزيد من المؤامرات التي ما كان لها–رابعا-أن تتثمر، لولم يكن هناك استعدادات، ساهمت في خلقها عوامل متشابكة (أنثروبو- تاريخو- سياسيو- ثقافية) ومادامت المنطقة ستظل البؤرة الأساسية والأشد حساسية في العالم إلى يوم معلوم

 

أصول الإشكالية:

 تشريح الإنسان هومفتاح فهم تشريح القرد .. مقولة شهيرة لماركس مخاطبابها إنغلز:

ومادام التفلسف-كما علمنا الغرب نفسه-هوفن مُساءلة كل شيء-: فلنا-نحن جهلة العوام المستضعفة-الحق أيضا في أن نتسائل ونسائل فقهاء الغرب ونجباء العرب–كما يسائلوننا في كل كبيرة وصغيرة من أصغرحميمياتنا إلى أكبرتطلعاتناومرامينا-:هل نُشرًح القرد لفهم تاريخ البشرية كما ترتئيه الدوارينية ؟أم نشرًح الإنسان لفهم القرد-كما تراه الماركسية-لنصل إلى فهم العالم؟مكتفين بالإستناد فقط إلى مرجعيات التراث (الدارويني-الكانطي-الهيغلي-الماركسي )الذي يرى في القرد جرثومة الإنسان التام التطور، بمفهوم التطورية المثابرة و المادية الذًرية؟

وإذا كانت الإجابة بالإيجاب، فإن الغرب الراهن (الذي هومصدرإلهام النهضويين يقدم لنا-بكل رؤاه وأطروحات علوم أناسته الفكرية والاجتماعية والثقافية والسياسية والإقتصادية -، بهذاالتصورمفتاح أصول رؤاه الفلسفية المستقبلية الكونية للمنطقة خاصة، وللمستضعفين من سائرخلق الله–حسب التعبيرالظريف اللاذع للأنثربولجي سيرج لاتوشSerge Latouche.إذ يبدوأن العقل المكار الغربي كما أسماه أنبياء فلسفاتهم المتناحرة–هيغل وسارتروكامووماركو-قداستغل مكره معكوسا-لدحرالعقل الدياليكتيكي على يد حفنة من الفلاسفة والمفكرين والساسة والنخب والمثقفين، وأن العقل ما برح يعمل-على أيديهم-بكل الطرق على إعاقة صيرورة العقل المفكر أو العقل القهار -كما يسميه هيغل-ويبطل أمده وأثره الفعال عبرالمضاربات الفكرية السيارة والدوارة مابين صراعات العقل و اللاعقل، بأساليب قلب الأفكار و التصورات من أسافلها إلى أعاليها، وعن شمالها ويمينها وظهرها وبطنها، تنقيباعن الأجوبة المتزئبقة للتساؤلات اللامحدودة-حسب التعبيرالتفكيكي لـ فوكو، بحثا عن مكمن الجرثومة ومساراتها، وفي ماإذا كان القرد يحمل جرثومة الإنسان، أم أن الإنسان يحمل جرثومة القرد؟، وماعلى البشرية سوى التخارس والإنتظاروالإجترار(كما يريد لنا ذلك متنورونا الأبرار) إلى أن يفصل الغرب بيننا وبينه بما يريد، لا كما نريد، ...ويقضي في الأمورالتي ما فتئ الشرق والغرب فيها يستفتيان منذ غابرالأزمان، للوصول إلى القول المكين، والفصل المبين في معضلة الجرثومة المتنقلة على الدوام، بين القردوالإنسان، ونُرغم بعدها-ووجهنامعفربالتراب-على قبول الإستمرارفي تردادعبثيات مضارباتهم الفكرية المتسربلة بقطعيات الصياغات المنطقية الإستدلاليةالأرسطوطالية، لإثبات الشئ ونقيضه، عبر تدويخ عقول البشر، بزجها داخل الناعورة الدوارة على الدوام، إمابالعودة بها إلى رعشات ميثولوجيات الأغارقة الأوائل: السقراطية والأفلاطونية والأرسطية ومطارحاتهم اللامتناهية في اللوغوس وأسرار الكوسموس !فإن لم يكن فإلى الأنوارالألمانية و التنويرالفرنسي و النفعية الأنغلوساكسونية و البراغماتيةالأمريكية !..، وإن لم يكن..فبإخضاع الفكرالكوسمولوجي الكوني كله وتفسيره وترشيده بهرطقات التلمودية والحفريات التوارتية وخفائيات القبالة حتى في أدق تفاصيل الفن والهندمة والمعماروهندسة المدن وزخرفتها في كل رموزبنائها (والدارس لأسرارتصاميم طوبوغرافيات المدن الغربية الكبرى يكتشف من أمرها عجبا، التي تخضع كلية لقواعد البنائين الإستسرارين و اليهودالقباليين -المصطلح علي تسمية هذه التوليفةالعجيةالغريبة ب:الماسونيين)، .. وإن لم يكن..، فآخرالدواء-دوريا- هوالكي، كما عبرعنه الغرب دوما، تاريخيا، عبرالفاشيات والنازيات والمحرقات المعاصرة لنشر الإنسانية و الديموقراطيات والحداثات والرفاه البشري!–وذلك أضعف الإيمان، ولكن..ماخفي أعظم !!

 تساؤلات الشعب الفلسطيني ومستضعفي الأمة أمام هذه السينيكيات :

ويمكننا بدورنا-ونحن المتخلفون في الحال والمآل-التوكيد بأشدما في العقل من صيغ منطقية للتعبيرعن مشاعرناوأحوالنا-كبشرأولا-باتباع طريقةالرصدالدقيق الميداني العقلاني-كما يفعل سائر بني البشر-لتحليل واقع المعاناة اليومية المعاشة لشعبنا في فلسطين، وللشعوب العربية-الإسلامية، وسائرخلق الله من البشرالمغبونين والمغلوبين على أمرهم، المنتشرين على فجاج هذه الدعقاء، من الذين يلعقون المهانة اليومية المرة، ويتلمظون الإنكساروالذلة والمسكنة في إصباحهم وعشيهم، بسبب هذه المضاربات الفكرية الغربيةالهجومية :الحصرانية المصادمة والمهاجمة في ادعاءاتها التفوقية والفوقية، المؤدية إلى النكبات الإجتماعية، والأزمات المالية، والبطالات المتعملقة، والزولوجيات المتفسخة والحروب المدمرة..ليوصلوا عقول الأنام طرا، إلى خطابات اللاءات، والمابعد والنهايات بممارسة السينيكيات !

فلسطين: من الرمزالكوني إلى التلويث الحداثي :

و لقد فهم الغرب منذ عهوده الموغلة في القدم، أن أسرارروحانية البشرية المصونة، توجدعلى هذه الأرض الإستسراريةésotérique منذ ما قبل تقاليد الغرب الموحدة والمشتركة: (اللاتينية –الرومانينة-التوراتية)التي أودعها الخالق سبحانه على تلك الرقعة الصغيرة التي خصتها السماء دون بقاع الأرض من الخصب الروحي، المتعلق بما وراء الطبيعة و(المطلق) ووحدة الإله المتجانس قبل نزول الأديان السماوات الكبرى، وكانت منطقة الهلال الخصيب، بذلك، منطلق الحوارات الأصيلة البناءة لمطارحات المسائل الفلسفية الإنسانية الكبرى قبل أساطيرالأغارقة بقرون، التي فرّغت فلسفة الكائن من محتواها الأصيل وفصلتها من معينها الأصلي لتطرحها أرضا فـ تشيأها، ..وعلي هذه الأرض الطاهرة فلسطين تم امتزاج تصور تناغم الديانات بعد نزولها لاحقا عبر التوحيد الموحد لها في تصور واحد للإله الواحد الفرد الصمد، قبل استحداث المقولات التسطيحية المعاصرة (الإستراتيجو-إيديولوجي-إقتصادية) - أوالتخريجات العاطفانية الفكرية للعلمانيات الإنفعاليةالأصولية، ..وظلت فلسطين وجهة روحية orientation للغرب التي منها نُحت واشتُق إسم orient، والتي لولاها لضل الغرب نفسه سادرا في غيه وجهله بنفسه–روحيا-ولبقي غارقا في لوثاث وثنياته وحروبه الألفية عام، التي لم تتوقف همجيتها منذ ظهور الرجل الأبيض على مايسمى ب:الرقعة الأوروبية، قبل بزوغ إشعاع فلسفة ما وراء الطبيعة-التي مصدرها فلسطين، التي استقى منها الأغارقة، لما قبل سقراط، معين فكرهم في مجالات مايسمى بـ:الإلهيات، وعن طريقها تشرب الغرب لذة الروحانيات والتسامي الفكري والتعالي عن الترابية والأرضية والمادية الصرفة(والتي كان لها أكبرالثأثيرفي الفكرالهيغلي، المؤسس للفكرالغربي المعاصر، وسبينوزا، مالبرانش، كيركيغارد، والتيارات الرومانسية (الفرنسية والألمانية) وفلسفة الإغتراب، والتيارات الفلسفية المتمردة والوجودية) وهي تقاليد مسيحية-مع تزييفها-تعد من أكبر مفاخرومنقبات الغرب المعاصرالثقافية والحضارية، رغم تمسرحه الظاهري المخادع بالإلحاديات والعلمانيات والتفسخ الأخلاقي، ولنا أسوة حسنة بممارسات طقوس الإحتفالات الحبورية بمولد المسيح-عليه السلام-التي تعد من أكبرالاحتفاليات المحمومة في التقاليد الغربية طيلة واحدوعشرين قرنا، في كل بيت غربي، مع استرجاع ذكريات بيت لحم وبيت المقدس والناصرة، حتى في أعتى البيوت إنكارا للدين في الغرب، رغم عدائه السافر اللامعقول لهذاالشرق–أوليست الكراهيةالمطلقة تجلية للعشق المطلق؟أومكبوثات لتدمير المعشوق؟أوإخفاء لأحاسيس الدونية؟وذاك هوالتأثيرالفلسطيني-مع صغر أرضه وكبرإشعاعه-في الكوسمولوجيا الكونية الضاربة عروقهافي الحضارات الإنسانية جمعاء

 

تساؤلات:

ومن هذاالباب، فمن يجرؤ–من السينيكيين العرب الجدد-من فلسطينيين نخبويين أوغيرهم من مثقفي العرب النرجيسيين على الردعلى هذه التساؤلات البسيطة؟ :

-ماشأن الفلسطينيين المضطهدين، وكل البشرالمدجنين، بدفعهم للإنكباب قدماعلى تفهم تشريح الغرب و تفكيكه للقضية الفلسطينية ولقضايا الأمة كلها، وعلى إكراه المثقفين بقبول طقوسيات إستظهار مصطلحاته والتحذلق بدلالاتها بدون فهم معانيها-وهي طامة حاقت حتى الكثير من المعممين والعياذ بالله- لكي يتسنى لهم فهم مفردة إسرائيل التي تعني ببساطة بالإصطلاح المعجمي:الصهيونية، النازية، الفاشية، الإستعمار، الحروب، الإبادات، القمع، الإقصاء، التدمير، الهمجية، جرائم الدولة العنصرية الغربية الممنهجة، المأصل لها ب العقل وباسم الدولةالعصرية الحداثيةالديموقراطية في واحة الشرق الهمجية التي ستكون أنموذج الحداثة لدويلات المنطقة-التي ستدورفي فلك الإمبراطورية الإسرائيلية بعد تفكيك كل دول الإعتدال التي سيستبيحها حكامها لقراصنة التاريخ ورعاة البقر، لتقطع أوصالها، إربا إربا، بتغذية صراعات الطوائف الدينية والإثنيات بتمويلات عربية مشبوهة، بالإقتتالات الداخلية الضارية، أو عبرالإنقلابات المخملية، عبرالندوات واللقاءات والحوارات وغرس الثقافات المتصهينةالجديدة، لتُهدى على طبق من ذهب لصفوة الصفوة وملوك الملوك، وسادات السراء والضراء، ومحركي الجهات الأربع، والعناصرالخمسة:الأنبياء الملهمون على الأرض، والآلهات في السماء، والقادرون على كل شيء في الظاهروالباطن:اليهود شعب الله المختار، وأولياؤهما الأبرار:الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية

-:لماذا تستمرطغمة من بقايا أفول ديناصورات العرب من الأمميين المتبقين منذ عقودالستينات والسبعينات، ومن رومانسيي فلسطينيي الداخل والخارج، وسائرالمهرجين العرب الذين لايزالون يجترون نفس المقولات الأركية البائدة لتشريح الكيان الصهيوني لفهمه بغية التعايش معه، وبإرغام بسطاء الفلسطيننين المقهورين لقبول الإنزلاق في مطاوح أطروحات مثل: فخ التضامن مع يهود داخل إسرائيل من دعاة السلام أومحاولة إقناعنا بإمكانية تواجد الدولة العبرية المسالمة و الدولة الشرق أوسطية النموذجية لدول المتوسط من موريطانيا إلى سوريا، وخرافة الحلول العادلة لمشكلة اللاجئين، والطروحات الملغومة للفصل ما بين مشكلة الهوية اليهودية و الحركة الصهيونية القديمة التاريخية و الحركة الصهيونية الجديدة و الحركة الصهيونية المستحدثة وذلك بتدويرمثل هذه الطروحات في المؤتمرات واللقاءات وعلى مدارالأيام والساعات، منذ أزيد من نصف قرن، إمعانا في تذويب قضية بيت المقدس والأقصى ومأساة غزة، ونسيان مجازرعكاوحيفاوغيرها وصبرا وشاتيلا، ..وأصبحت موضة بعض الأنظمة العربية هوصرف الملاييربالإستكثار من حوارات الديانات وتلاقح الحضارات والثقافات-بأوامرخارجية-والدعوة إلى مايسمى بـ/بتوحيد الديانات الإبراهيمية ...ذلك المصطلح الإستشراقي الجديد المبهم والمشبوه الصادرعن الفاتيكان، وبعض حماة حمى الملة والدين والعقيدة من عندنا، مع عجزهم السافرعن جدية التركيزعلى الحوارات الطائفية والمذهبية من داخل الإسلام أولا، وتصفية ما علق بها من تصانيف سلفوية تكفيرية ستأتي على الأخضرواليابس بديلا عن قصف الطائرات ونسف الدبابات، ؟

-ولماذا يصربعض الحداثيين العرب على لوي العقل لمحاولة تطبيق مناهج حداثيات و تنويرات الغرب على قضايا الأمة بدون أي إجتهاد، وعلى أسوا ما تكون من الرطانة والإصطخاب الأجوف، وكأن الكيان الصهيوني نزل من المريخ أوزحل؟، وكأن الصهيونية–ببساطة-ليست ذلك: المشروع الحداثي الديموقراطي العصري النموذجي للبشرية اليوم حسب التعريفات السياسية الرسمية الأكاديمية الغربية-الذي فُصل على مقاس هذاءات التصورالغربي للمنطقة في أواخرالقرن التاسع عشرتماشيا مع ثقافات الكولونياليات لإجثثات الثقافات الأصيلة لشعوب المنطقة كإعادة للتجارب الأمريكية والأسبانية والبرتغالية بإبادة سكان القارتين الأمريكيتين بدءا من القرن السادس عشر، حيث أن الصهيونية ليست تصوراشرقياكونفوشيوسياأوبوذياأوزرادتشيا فارسياأوإ فريقيا طوطيميا بل الصهيونية هي:الفلسفة النتشيةالألمانية والإشتراكية الطوباوية الفرنسية والنفعية الإقتصادية الانجلوساكسونية وتوابل تلمودية؟وكأننا بهذه النخب السينيكية الفلسطينية والعربية لم تع بعد أكثرمن ستين عاما، أن دولة اسرائيل هي الميكروكوزم الأصغر في واحة الشرالمطلق كنموذج لـ: للماكروكوزم الأكبر، واستمرارا للغرب الكولونيالي القديم في المنطقة في أبشع صوره وبالطرق الأكثر شيطانية ووحشية من الكولونياليات السابقة؟.

 وأخيرا وليس آخرا، ..فقدنختلف-نحن المثقفين-في الرؤية، والتصور، واختلاف المصادر، وتشخيص الأزمة والأعراض، والقراءات والاستنتاجات والحلول للقضية العربية الأم والأصل :فلسطين....غيرأن ذوي الفطرة النقية من الفلسطينيين المقهورين الذين يعانون على الأرض من نيرالإحتلال الصهيوني، والمتضامنين معهم من عموم العرب والمسلمين والبشرأجمعين...فلا شأن لهم في ما يحيكه الغرب من استمرارية هذاءاته...، فسواء عندهؤلاء البسطاء الطيبين، أشُرًح القرد، أم الإنسان، لفهم لغزالقرد لإستيعاب الإنسان، فتلك مشكلة تقاليد الغرب(الماركسية-الداروينة-الفرويدية-الدوركايمية)، ومطارحات الغرب المأساوية عبرمدارسه الفكرية المتناحرة في فهم ذكاء القرد بأنثربولوجيا الحيوان، أوفي فهم قضاياه الشائكة بأنثروبولوجيا الإنسان... ولكنه من الأكيدأن اللصوص المتصارعين الجشعين-من داخل المنطقة ومن خارجها-، يؤمنون بأن شعوب المنطقة لن تصمت على ضيم–فذاك قدرها-ومن هذاالمنظور: فإن المؤمرات–وإن شئت فسمها المخططات-لن تتوقف بشتى الوسائل والسبل الإبليسية، للمارسة كل أنواع الضغوط الخسيسة عبر القنوات المتاحة –ظاهريا-مثل تنظيم المزيد من المؤتمرات وتدخلات المحاكم الدولية و لجان التفتيش و لجان تقصي الحقائق و قوانين الشرعيةالدولية و المجتمع الدولي قصد ممارسات القهر السياسي والترعيب والتخويف السيكولوجي methode de l’intimidation -المعروفة في علم النفس السياسي-على المقاومات الشريفة في المنطقة، وهي طريقة يتقنها أعداء الأمة لنجاحاتهافي قهر الشعوب منذ الحروب الإستعمارية-بالتجربة والممارسة إلى اليوم-والتي كان تخريب العراق بالأمس القريب النموذج الأمثل لها وتمارس الآن بنجاح في أفغانستان، والتي يتم السعي إلى تنفيذها اليوم في لبنان وسوريا والسودان وإيران-والقائمة ستطول عند حلول الضيوف الجدد من الجمهوريين على البيت الأبيض-، مع تخوف الكيان الصهيوني والغرب وعرب الإعتدال، من مفاجأة قيام انتفاضة شعبية عارمة من داخل فلسطين، وقيام هبات جماهرية في بلدان الجوار للأراضي المحتلة، ...وتلك حسابات ومخاطرمحتملة تقض مضاجع هؤلاء وأولئك من المشبوهين، تسمى في علم النفس السياسي بـ: العامل س الغيرالمرتقب الذي يقلب كل الموازين والحسابات السياسية والإستراتيجية بين عشية وضحاها !!... وإن الأموربخواتيمها كما ورد في الأثرالنبوي الشريف...ودوام الحال من المحال

 

د.الطيب بيتي العلوي/مغربي مقيم بفرنسا / مستشارثقافي سابق بمنظمة اليونسكو/ وباحث في أنثروبولوجيا العالم (العربي-الإسلامي) بباريس

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1587 الخميس 25 /11 /2010)

 

 

في المثقف اليوم