قضايا وآراء

غدير خم واقعة بناء دولة الانسان / اثير محمد الشمسي

لكي تـتـناسب مع زحف حركة الجماهير والاثار المعنوية والمادية الكبرى لهذا الحدث.

ولكي نخرج من حالة الميل لفكرة ومناقشة عيد الغدير الاغر مناقشة علمية لابد علينا ان نحذر كل الحذر خوفا وقوعنا ببعض الرؤى والكلام الذي يفسد جو التحليل والذي وضعه الكثيرون لجعله فخا اذا لم نهذب فكرنا بدقة قد نقع بهذا الفخ ونسطّر خطابات وكلام غير صالح من خلاله نسيئ لفكرتـنا موضع البحث.

وانا بكلامي لا استثني احدا قط مهما كان واول شخص انتقده هي نفسي عندما انظر اليها في المرآة كي لاتشمخ وتقول انا الفئوية، بل تقول انا التعريفية.

 بعيد الغدير الاغر أو غيره من الاحداث لكي نسرد على مسامع الجماهير روايات وادلة مدروسة دراسة حقيقة مما يؤدي الى ابتعادنا من التقديس للفكرة واحترام رأي الآخر من هذه الواقعة التي لازالت اسرارها لم تكشف بعد.

ان دراسة عيد الغدير وتصنيب وتنصيب علي (عليه السلام) تنطلق من قراءة الخلافة والقيادة للنبي الاكرم. وهنا نسترجع بدقة عالية دور النبي الاكرم الرائد في قيادة مجتمع كان منغمساً بالرذيلة، وما حرره في نفوس هؤلاء من معطيات مثالية سامية نجد عدة خطابات قد جسدت هذه الظاهرة التي حددت التاريخ الاسلامي خاصة بوضوح وجعلتها المقدمة لإختيار البحوث المنطقية لخريطة الدولة الاسلامية وكيفية ترتيبها على أساس الحكم الذي ينبع من قوة الحاكمية التي تستطيع الجماهير مبايعتها والسير خلفها بإدارة الدولة وعرض المواقف المتوافقة مع الدولة وايضا فرز المتقاطعين والمضادين للحكومة الاسلامية المتمثلة بشخص النبي الاكرم مع الابتعاد عن التشنج الوصفي على أغلب النقاشات التي تدور في كشف الحقيقة وجعلها هي الهدف الذي نلاحقه ونرسم جاذبيته اكثر اثارة ومتعة تستحقها الواقعة.

وكيف ان النبي الاكرم يهذب هذا المجتمع لمسيرته المستقبلية وبلورة فكر الخلافة الحقيقة المبنية على الاسس المنطقية الناتجة عن الوعي القيادي الذي يتمتع به للمحافظة على حياة الناس فهنا اختيار الخليفة اصبح مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بما تحمله شخصية النبي الاكرم من مزايا وجوانب فنجده كان قائداً ميدانياً حقيقياً يقود القطعات المقاتلة في الجيش الاسلامي في ايام الحروب، وكان هو القائد الفعلي لجميع المعارك التي حدثت مع المشركين في عهده بالنسبة للتخطيط وتحريك قطعات الجيش واعطاء الضوء الاخضر في بداية المعركة وانتهائها وكان يشكل القوة الروحية للمسلمين بسبب تواجده على طول خط النار مع العدو، ولم يرى أحدّ من المقاتلين النبي الاكرم يوما الا وهو الأقرب إلى العدو في ساحات الوغى ومعانقة السيوف بعضها، حيث يروى عن علي (عليه السلام) قال: اذا اشتد البأس لذنا برسول الله.

اما عن الادارة ومسايرة شؤون الدولة والرعية للمسلمين وغير المسلمين الذين كانوا  تحت ولاية  النبي الاكرم.

2- كان (ص) اداريا بارعا يدير الامور بكل حكمة ودقة  واقعية متناهية قل نظيرها في كل زمان على مستوى القيادات الدينيه والدنيوية، حيث انه كان يتبع اسلوب التهذيب  للعاملين في مجالات ومرافق الدولة والتركيز على اسلوب ملاحقة نقاط الضعف لدى الاشخاص ومعالجتها من خلال تحفيز نقاط القوة التي يمتلكوها لأكمال الملكات الجوهرية في داخل الانسان المسلم وغير المسلم  واندماجه با المجتمع  بالمجتمع كأداة نافعة وتعليمه العيش بكرامة وخلق فرص تقريبهم في ما بعضهم.

_3وكان الرسول النبي (ص) الذي  تكمن مسؤليته الشرعية  التبليغ الذي يأتي عن طريق الوحي، وكذلك اسلوب طرحه من خلال القنوات الاكثر تاثيرا في صفوف العامة من اصحابه والمقربين  إليه .

وبعد هذا السرد البسيط عن قيادة النبي الاكرم نجد أن الواجب العقلي والمنطقي يملي على شخص النبي(ص) بلورة شخصية  تتمم مسيرة البناء المجتمع ويكون هذا الشخص مثل النبي الاكرم (ص) بما يحمله من عناصر القوة والديمومة ويكون قد اتفق على  نزاهته  ورجاحة عقله واخلاصه لدولة الانسان والاسلام حتى من اعداه ومبغضيه، ولكنه وصي وليس نبي اكرر ليس نبي.

فكان لله سبحانه الكلمة العليا حيث شاءت الاقدار أن يولد هذا الصبي المفعم بالايمان بكنف البيت النبوي وهو لم تنبت  اسنانه بعد يكنفه  ويشممه عطر  النبوة، ويلقي عليه كل  لحظة من  لحظات مرافقته له علوم اخلاقه كان هذا الصبي يتبع النبي الاكرم  كاتباع الفصيل أثر أمه حتى  ترعرع علي يفكر بعقلية النبي التي تناغم الاحداث بتطلعات المستقبل لهذا الهمام الفذ.

وهكذا نشأ النبي الاكرم صبيا لم تلوثه الجاهلية بأرجاسها، ولا يمتلك ما يمتلكه البعض بمطامع كرسي الحكم في هذه البسيطة، وهو الذي يلقب ليس غيره في هذه المعمورة بكرم الله  وجهه فكان ولا زال من يخالف ويبغض عليا يقولها رغم انفه وهو الذي يقدم مصلحة كيان وهيكلية الدولة الاسلاميه والمسلمين حتى على مصلحته الخاصه.

 وجمد حقه الشرعي حفاظا منه على الاسلام واهله ، لانه كان يعي اخبار النبي الاكرم(ص) له بأنه المسؤول الاول بعده.

فكان عليا هو القائد وصاحب الراية  المحمدية التي لم تفارق معصميه في فتح مكة وفي واقعة بدر وأحد وغيرها من المعارك التي خاضها تحت جناح القائد العام  للدولة الاسلامية النبي الاكرم صلوات الله عليه فهو البديل الناجح على المستوى الفكري والعسكري التنفيذي الذي كان يحتاجه المسلمون في كل وقت تغيب عنهم، لانه كان يعرف كيف ينتزع النصر ممن كانوا يتطاولون على الاسلام والمسلمين الذين يحملون معهم البهرج الاعلامي  وشدة   البأس الذي كان يضعف من عزم المسلمين.

وهو ايضا كما يعبرون في العلوم العسكرية والامنيه (كابتن) ؟؟؟؟ المعركة في الحرب وقائدا للقطعات في السلم نجده عندما كان يوجه رسائله الى قادته وعمال الدولة في بقاع الارض كان يصوغ الرسائل كانها مخطط لمداولة امور الدولة عن بعد وحتى عندما يريد ان يعزر او يوبخ او يعاقب احدا منهم كان يتماشى مع الحق بروحانية المعلم حيث ان المعاقب من عمال الدولة يرى في عقوبته حقا حيث لا يماطل في حقوق الرعية طرفة عين ابدا .

وهنا عندما رسل  رسالة الى احد قادته وهو كان من بني عمومته حيث  رأى منه نزولا من جادة الاستواء والذهاب بميل الى صوب الانحراف وجه اليه خطاب قال فيه :

والله لو ان الحسن والحسين فعلا مثل ما فعلت ما كان لهما عندي هوادة.

 لانه هو المسؤول المباشر لضبط الايقاع الكيميائي للواقع الاداري والمالي والعسكري والسياسي لدولة  تجمعت تلك الصفات وتبلورت المعطيات  لوحي الله لنبي الاكرم لشخص يدير ويستمر بنهوض المؤسسه الفكرية والاداريه والاخلاقيه  والمنهجية لقرارات النطق  بالحق ومحاسبة ومراقبة نفسه ورعيته المقربة  اولا  لا العكس  كما نجد اليوم من استهزاء بروح الانسان بخرافات واكاذيب اختلقها قادة الدنيا وزغرفها البائس لانفسهم ممن يعتبرون انفسهم ولاة الارض وما فيها.

ان النبي الاكرم كان ينظر لعلي ليس لاجل طبيعة الحكم الذي نفهمه  أو يريد ان يدرجه البعض في قواميس الحكام ...أبداً انما إنما كان يؤكد على استقلال النفس عن البوتقة التي يعيشها الحكام وتكالبهم على سدة الحكم كانت بنظرههم  تعميق الايمان بحماية الناس  ومراعاة حقوق الدول التي تتعامل مع الدولة الاسلامية وان يستمر في بلورة البناء الحقيقي لما وصل اليه النبي الاكرم من اسس راسخة  من مرحلة الجاهلية المحضه الى مرحلة التفكر وانشاء بناء دولة الانسان . ان مرحلة النبوة بكل مساحتها التي وصل اليها الاسلام من كل جوانب المرحلة النبوية الشاقة التي يقول عنها النبي الاكرم

 ما اؤذي نبي اكثر مما اؤذيت

وبكل التحديات والحروب لم تستطيع ضمان استكمال البناء المجتمعي والفردي وانما استكملت المستلزمات  النفسية للساحة التي يتحرك من خلالها الوصي  للنبي الاكرم لاكمال مشروع بناء الانسان في  الدولة، وبناء الدولة ذاتها في محيطها العالمي.

 ان عيد الغدير ظاهرة مميزة وفريدة من نوعها في تاريخ الدولة الاسلامية وتحديد قياداتها التي لازالت  تعصف بحسابات الكثيرين ممن  أرادوا  خلخلة نظام الحكم والتمرد على الاسلوب الرصين لبناء الدولة.

والذي عززه النبي الاكرم في واقعة غدير خم الأثر الحقيقي في العلوم السياسية بالأفكار التي كانت موجودة انذاك  ولفتت واشغلت الرؤى التي كانت تطرح لتولي منصب زعامة الامة الاسلامية.

واجاب على كثيرا من التساؤلات التي بدأت تتبلور عند مجتمع ناهض من مرحلة اللاوعي الى مرحلة الوعي وانتصار سياسي وعسكري واقتصادي لدولة الاسلامية على ايدي النبي الاعظم والثلة الخيرة التي كان يقودها.

ان الواقعة التي انارت درب  الكثيرين ممن جعلو من انتصار الدولة الاسلامية بكل ميادينها سببا حقيقا وواجب على النبي ان يحدد مسار نجاحات هذه الدولة بتنصيب  قائدا من بعده.

على غرار اسلوب الحكم في شتى المعمورة وبا اختلاف الاسلوب و التوجه مما جعل الكثيرين بكتابة كتب كثيرة  من خلالها التعريف بواقعة غدير خم داخل الاسرة الاسلامية وخارجها.

وكيف خسر اعداء الدولة الاسلامية فكرتهم با الهيمنة على كيميائية فسلجة الانسان المسلم على مدى تاريخ الانسانية مهما طالت، وانقلاب الاوضاع على اعداء الدولة الاسلامية الخارجية المؤيدين لقوى داخلية كانت تعتقد السيطرة على محاور الثقل في الجيش الاسلامي او اركان الدولة الاسلامية، مما حدث فجوة كبيرة بميزان التحليل الذي استنتج نتائج ومضامين سطحية في دراسة عيد الغدير الاغر

سياسيا وعسكريا واقتصاديا ولهذا الحدث التاريخي المهم في تاريخ الدولة الاسلامية .

أضيف على ذلك هناك مضامين تتعلق جوهريا بعلاقة واقعة غدير خم  بالواقع الانساني وكيفية استهتار البعض بحياة الانسان المسلم لاجل سلطة دنيوية واضحة هي ليست من استحقاقهم الفكري  أو العقدي ممن كانوا يطمحون استلام القيادة  بعد النبي لا على شئ ، وانما على  أساس تكوين فكرة  خاطئة لمعنى القائد والقيادة. مما ادى الى انتصار ارادة العقلية السياسية  للنبي الاكرم وتنصيب الخليفة الذي يضمن حقوق ومنجزات انسان الدولة الاسلامية والانتصارات السريعه والغير متوقعة لهذه الدولة . فضلا عن تباين انصهار القوى ومشاركتها في تحقيق تتويج نائب لرئيس الدولة الاسلامية المتمثلة  بالنبي الاكرم.

 ونائبه علي ابن ابي طالب (عليهما السلام) في تحقيق انتصارهما الاكبر  بالحفاظ على الدولة وكيانها وماهيتها وما تحمله من مستقبل خطط له عند الرسول بالدعوة الاسلامية علنا.

وهناك اسباب وعوامل اخرى لهذه الواقعة التاريخة والايديولوجية لغدير خم بهذا الاسلوب الذي استخدمه الرسول الاعظم بموسم مثل موسم الحج بما   يمثله من اهمية كبرى اعلامية وروحية، والمشاركة الواسعة للجماهير المسلمة ونهوض فكرة التعبئة لجميع من يريد الحفاظ على اركان الدولة وتمثيلها في لحظات الحسم التاريخية  قد دونتها بنقاط لعلها تكون اقرب الى قلب الناظر والمتابع

1 – تحديد مسار المسلمين نحو القيادة التي تراسهم .

2-  ضعف القوى العظمى التي كانت تتربص با الدولة الاسلاميه .

3-  التعامل مع عامل الطارئ الذي قد يصيب الهيكلية التنظيميه  للدولة.

 4- تفتيت التنسيق بين قوى معارضة لرسول الاعظم و قيادات الدول الاخرى المعادية  للدولة  الإسلامية.

 5-   نموذجية طرح النبي الاعظم بمفهوم القيادة والمقدمات التي حصلت لخطف الانتصارات العزيزة على التاريخ الاسلامي بشخص الامام علي علية السلام.

 6- تجسيد نظرية القيادة الدينية على مفهوم النبي للحفاظ على شرعية القيادة.

7- تحديد الصفات الخاصة لتنصيب القيادة الدينية السياسية الدنيوية والاخروية . 

 8- حصر الخطاب الاعلامي لتبليغات العامة والخاصة والتنزيل الرباني بشخص القائد حصرا مما يؤدي الى مركزية نقل الخبر من مصدره مباشر بدون وسيط وغيرها من الامور النقلية.

9- استخدام الكادر النسوي في قضية التبليغ وكما يعرف ان نقل الخبر وتناقلة بين مجتمع النساء هو الاسرع ممن كانت قد حضرت غدير خم.

10- اختيار غدير خم كنقطة دلالية بما تحمله من معاني في مسالك الطرق بأعتبارها المفترق الذي تتفرق منه القوافل الى شتى انحاء البلاد.

ومما كل ما تقدم  اننا نفرح ونتمسك ونبايع عليا  ليس  لإتصاله  الاعظم فحسب، ولكن لانه يمثل الدولة التي يحلم بها كل انسان لانه يمثل القائد الانسان الذي تؤمن بفكره وقيادته خارج وداخل الخلافة نردد ونتمسك بعلي لانه هو القدوة في قول الفصل عند اختلاف الناس في مابينهم ننهج بذكر الخلافة لعلي لانه المحبة البيضاء في حركة الفكر والعلم والادارة والاخلاص لدولة الاسلام والمسلمين.

نتمسك بعلي لانه هو الذي حرر الانسان من الاستقلال من الطائفة والمذهب والعرق.

  ننهج بتنصيب علي لانه قلع اسنان منشار التهديد الجاهلي الموروث الذي كان يهدد الفكر.

دعوتي ومحبتي الى كل من يرى كلماتي  المسطرة لا على الترتيب، وانما سطرت على منهج الانطلاق من خلال هذا الواقعة العظيمة غدير خم ليتحرر بنا الذوق الذي يدفعنا الى مسالك التوحد الاسلامي الاسلامي والانساني لكي ننفتح على فكر بعضنا  لنحافظ على اسلامنا الانساني ومواجهة التحديات التي تعصف بنا والتي لا تفرق بين المذاهب وبين الاديان وبين الانسان بمختلف اصولهم وجذورهم وتوجهاتهم.

والله ولي التوفيق.

 

التدقيق اللغوي السيد علي القطبي الموسوي

اثير محمد الشمسي

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1590 الاحد 28 /11 /2010)

 

في المثقف اليوم