قضايا وآراء

خفة ظل واضحة وأداء كوميدي تلقائي في مسرحية "شوفو الواوا وين"

أن النص الدرامي الشعبي الذي كتبه المؤلف اللبناني بلهجة لبنانية ممزوجة بلغة أنكليزية مكسرة لغرض الأضحاك وتوصيل موضوعته المسرحية التي من أجلها كتب هذا النص ليؤكد لنا أن فكرة البحث التي يقوم بها الجميع والمشكلات  التي تحيط بالعربي المهاجر من بلده الأم نتيجة الأخفاق الحكومي والسياسي الذي يستشري في أوطاننا من ظلم وقهر وتمزق في داخل الطائفة الواحدة،  رافضا ً الأحتيالات والخدع التي تبناها بعض من أفراد الجالية وخاصة المشاريع الملتوية والبحث عن " كرين كارت " بطرق غير مشروعة وأقتناص الفرص الضائعة التي تسهم في  وضع العربي في خانة الأتهام التي تكون صورة سيئة عن ابناء جاليتنا،ولحسن الحظ فقد توافرت لهذا النص المسرحي العديد من المساحات المرتجلة من قبل الشخصية الرئيسية المتمثلة في " أم حسين " وشخصية " أبو الياس " شاكراً الرئيس الأمريكي الحالي " أوباما " وأضعا ً أصبع الأتهام على بعض الشباب من أبناء الجالية العربية السائرون على  السرقة  والاحتيال من البنوك وفي التخطيط على أقتناص الفرص الضائعة والمشاريع الملتوية ونحن نعيش تفاقم الأزمة المالية في العالم، منبها ً الجالية في النضال والوقوف يد بيد من أجل تغير صورة العربي الأمريكي عبر خطابات بسيطة وعميقة والتي كان أغلبها فيها روح الحماسة للعربي كي يؤثر كثير ا على تتابع الأحداث في العرض، وحين نتحدث عن الضحك والهزل والسحر والفانتازيا نشير الى ما يدهش وهو ما صنعه على الخشبة المسرح الفنان " ناجي مندلق " مع فريقه عبر  اليات عديدة مكنته من الخوض في تفاصيل واقعنا المهجري الذي نعيشه عبر مغامرات موضوعية تثير تناقضا ً يحدد الحالة التي رسمها، فالتراجيديا والدراما والكوميديا كما هو معروف تصدق الحدث بكونه حادثة متسببة عن حالة ما، مبتعدا عن الخطابات الزاعقة التي تنادي بالشعارات التي أكل الزمن عليها وشرب، وفي تقديري لمثل هذه الأعمال التي تقدم هنا وهناك  وذلك لخلو الساحة العربية المهجرية  من المسرح الجاد وعدم أستطاعة المهتمين بالمسرح في تقديم عروضهم ومشاريعهم التي يصبون أليها وذلك بسبب الأنتاج وقلة الداعمين أليه، عكس المسرح التجاري الذي يستقطب معطم أبناء جاليتنا العربية بوصف  المسرح التجاري متنفسا ً للجالية وطرح همومهم ومشكلاتهم  وعندما يتكاتف الجميع وتتوج جهودهم  بالعرض  المسرحي المطروح ليلة أو ليليتن على الأكثر وهم مصممون على أداء رسالتهم، ففرقة مسرح أجيال عودت جمهورها على تقديم أعمالها المسرحية وفق مقولة المخرج السينمائي والمسرحي الكبير " أنجمار برجمان " من أن العرض المسرحي يمكن أن يقام " بنص أو فكرة  نص  وممثل وجمهور " منطلقا ً من فلسفته ومؤكدا ً على فلسفة " برجمان "  بأعتبار " المندلق " مؤلفاً وممثلاً كل مايحدث موجدا، ولم يعد هذا الأمر مسألة أدراك بل هي مسألة حكم وهذا الحكم ليس فقط من خلال واقع الممثل الذي يجعل الفعل حاضرا ً عند التمثيل بل من خلال المشاهد والفنان الموهوب ذات حساسية وقيادة واعية وحازمة   فاختيار  النص واختيار العناصر المكملة مثل السينوجرافيا التي يخلقها المؤلف والمخرج معا تصب في خدمة العرض المسرحي،  فتحقيق الذات من خلال النص المطروح هو الهدف الأساسي الذي يسعى اليه معظمهم لكون"المندلق "مع كادر العمل هم ابناء الجالية ما يصيبهم يصيب الجالية العربية فلابد أن نوفر له المناخ والظروف الإنسانية الملائمة كي يبدعوا ومن هذه المقالة أوجه ندائي الى كل المؤسسات لدعم مثل هذه الأعمال خدمة للمسرح العربي وتطلعاته في جاليتنا، ولا نقول أن عرض مسرحية " شوفو الواوا وين " استوفت كل شروط النجاح على المستوفى الفني والإبداعي بل فيها الكثير من الهنات منها هو أن نذكر المخرج المسؤول   عن سلبيات وعيوب العرض المسرحي منها الخطة الأخراجية التي تتبدى في عدم أستفادة المخرج من أمكانية القاعة من خلال توظيفه  للضوء وللتكولوجيات الجمالية التي لم تكتمل نظراً لتواضع خبرة ممثليه الجسمانية  والصوتية وهم (حسن حاج، حسن صفا، ريما ايمن) وعدم أستغلال المكان وتوزيع حركة الممثلين بشكل متناسق كما نلاحظ  في مشهد القتل وخاصة عندما يطلق الرصاص " أبو الياس " على زوجته " أم الياس " بالرغم من ضبابية المشهد وبالتالي فأن المخرج بهذه الطريقة يخل بجماليلت عناصره ويكسر تدفقه وحيويته وينتقص من تكامل عناصره،أذن الميزة الوحيدة لهذا العرض هو الاداء المدهش والسلس لبطله الفنان " ناجي مندلق " وقدرته على التلوين والتعبير بالحركة والتحول من حالة الى  أخرى . ويمكن القول ان هذا النمط من العروض المسرحية يضطلع فقط في طرح أفكار مجردة ومناقشتها دون تحويلها إلى لغة بصرية قادرة على إنتاج مفردات قابلة للتأويل الفكري ويرجع ذلك إلى طبيعة النص وطريقة معالجته على خشبة المسرح، بيد أن العرض المذكور يبقى رقما ً في سجل العروض العربية المهجرية .

 

 قاسم ماضي – ديترويت 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1592 الثلاثاء 30 /11 /2010)

 

 

 

في المثقف اليوم