قضايا وآراء

روحك زهـــرة جـلـّـنار.. / محسن العوني

ها أنا أولـّي وجهي شطر البحر.. تعودت أن أبكي أحبابي بحضرته وأصبّ فيضان عيني في لجّته  وأملأ صدري من هوائه وأنا أعاني ألم الفقد ووجع الفراق.. فراق هؤلاء الذين ارتبطت بهم روحيا..  أرى نورسا وحيدا فوق عمود أسود في عرض البحر.. هناك بعيدا.. تحيط به الأمواج وهو لا يغيّر وقفته ولا يحوّل بصره وكأنه أدمن النظر نحو الأفق يتملّى ينابيع الضوء مستعدا للرحلة القادمة.. طقوسا لسفر لا يتوقف ورحلة لا تنتهي..

720-2بلغني نبأ رحيل الطاهر شريعة صباح ذلك اليوم الغائم المكفهرّ.. تملكتني الرغبة أن أذهب إلى بيته الذي  كنت أتردد عليه زائرا، محاورا، سائلا عن صحته ومتمتعا برفقته في جميع الأحوال.. عرّجت على فضاء الصورة بمدينة الزهراء حيث استقبلني الصديق الفوتوغراف الفنان زهير بن عمر وقد علـّق صورة الراحل الكبير وتحتها خبر النعي.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. أخبرني أن الفقيد أوصى بأن يدفن في مسقط رأسه "صيّاده" بالساحل التونسي ورتـّب الأمر مع عائلته.. توجّهت نحو ملعب النسر .. بيت الرّاحل حيث كان يسكن بمفرده.. 47 شارع الجمهورية  الــــزهراء .. بيته على مرمى حجر من البحر الذي كان في ذلك الصباح مضطرب الأمواج يُسمع له هدير.. كأنه حزين موجوع لرحيل جاره ورفيقه.. قطرات ماء المطر الذي نزل صباح ذلك اليوم تتقاطر من الفوانيس المتدلية أعلى ممشى الياسمين والزهور.. كأني أراه يتقدم نحوي ليفتح لي الباب.. هناك في عمق الحديقة الطاولة التي جلسنا إليها ذات لقاء.. غير بعيد من الباب الرئيسي علـّقت لافتة كتبت عليها العبارة التالية : في حال تعطل الجرس أطلب هذا الهاتف--------- كتبها أربع مرات.. في الأولى والثانية بالأحمر.. وفي الثالثة والرابعة بالأسود.. كتبها في الأولى والثالثة بالعربية.. في الثانية والرابعة بالفرنسية.. أستحضر صوته ونبرته وطريقته المميزة في نطق الحروف.. عندما هاتفني قائلا:

-..... كيف تقولونها في الصحافة ؟!.. 

-سبق صحفي !؟..

-نعم إنها العبارة التي أعنيها.. وأخبرني أن اليونسكو اختارته هو و وُول سوينكا الفائز بجائزة نوبل للآداب 1986 ليترأسا لجنة تحكيم جائزة أحسن فيلم يؤسس للحفاظ على البيئة والمحيط ومقاومة التصحّر.. يظهر أن جماعة اليونسكو يفهمون ولديهم صواب le bon sens ..

 

السبق هذه المرّة كما في كل مرّة.. من نصيبك.. غير أنك ستحتفظ بسرّه ولن يشاركك فيه أحد أيها القلب الكبير والفكر المتصالح مع ضوء الشمس..

 

إهداء إلى المشتغلين بالتربية والتّعليم

قدّم الرّاحل الكبير الأستاذ الطاهر الشريعة تحيّة لا يكفّ توهّج كلماتها ولا ينضب معين حكمتها.. إلى المشتغلين بالتربية والتعليم أشرف وأنبل وأجمل مهنة.. وكان واحدا منهم.. تحية قدّمها إليهم من خلالي أخذت شكل الإهداء.. عندما كتب لي ذات لقاء على صفحة من كتاب "السينما العربيّة 84" للناقد السينمائي التونسي الصديق عبد الكريم قابوس – وهو أحد تلاميذه ومحبيه وأصفيائه المتأثرين به – بتلك الفرنسيّة التي تجمع بين الأناقة والبلاغة.. وبذلك الخط الجميل ما ترجمته :" إلى صديقي الشاب محسن العوني.. إلى الفضول الفكري بليغ الأثر والواعد جدا الذي نال شرفا عظيما بممارسة أنبل مهنة : تربية وتعليم الأجيال الشابة التي تقتفي أثره.. القانون الأعلى للتربية مزدوج الرؤية والتوجّه..  طلب مستمرّ للمعرفة حيث تعتبر السينما في زمننا حقلا شاسعا للاستثمار بحصاد من الأكثر وفرة واعتبارا.. كما أنها وسيلة بيداغوجية  وأداة من أكثر الوسائل والأدوات البيداغوجية نجاعة وفاعليّة.. والاعتقاد الراسخ المطلق المستمرّ كذلك.. أن لا شيء في الحساب الختامي لحياة إنسان أدعى للتشريف والتكريم من أن يوقف حياته لتبليغ العلم مع إنكار للذات وابتهاج وفرح بذلك.. أرجو له في هذا الخط والتوجّه العسير جدا والشاق أن يكون مستحقا وجديرا بالقدر المجيد لأكبر معلمينا وأساتذتنا في هذا الشأن والتخصّص : الجاحظ ، ابن عرفه،  المسعدي، الفاضل بن عاشور، ابن باديس الجزائري، طه حسين، ميخائيل نعيمة.. ".

 

تأكيد الرّاحل الكبير الطاهر الشريعة على السينما كوسيلة بيداغوجية ناجعة أعادني إلى عبارة دالة وردت على لسان الناقد السينمائي والجامعي الصديق عبد الكريم قابوس ذات ندوة عقدت بالمركز الثقافي الدولي بالحمامات حول السينمائيين الهواة.. عندما قال أثناء إحدى جلسات النقاش.. "..أنا لا أحب السينما.. (وهو الناقد السينمائي المعروف صاحب الدراسات باللسانين العربي والفرنسي.. قبل أن يستأنف).. لكن أحب تأثيرها في الناس" فتنفس الحضور الصعداء وقد أدركوا أنه ناقد بصير هو قسطاس نفسه.. ولا عجب فهو من تلاميذ الراحل الكبير..

 

•تواضعه بقدر علمه... « aussi modeste que savant  »

720-6كنّا ذات مهرجان نمشي في الشارع الرئيسي للعاصمة باتجاه نزل إفريقيا.. وكان مريضا يعاني الحمّى والعرق يتصبّب من جبينه ووجهه وقميصه ملتصق بجسده المهيب.. وهو يصرّ على حضور فعاليات أيام قرطاج السينمائية وكان يحدّثني عن أساتذته ومشائخه الذين علقوا بذاكرته.. ولا يمنعه مرضه من إرسال النكات ورواية الطرائف و.. و.. وهو يتطوّع بإرشاد السائحين الذين يسألوننا إلى قصدهم ويلاطفهم ويجاملهم بتلك اللغة الفرنسية ناصعة البيان أنيقة الأسلوب بنبرة واثقة تدعو إلى الإعجاب وقد زادها امتلاكه لها إشراقا.. ذاك هو الطاهر الشريعة.. مفرد جامع.. وجامع مفرد.. حالة توهج فكريّ وروحيّ وموقف ثائر منحاز للإنسان والمستقبل ذاكرة الفجر.. وجدت في صورته التي أنجزها الفوتوغراف التونسي الفنان زهير بن عمر قبسا من طاغور.. كما كنت أجد في وجهه ملامح من جون ?ابان وأنطوني كوين وهو يذكرني دائما بأرنست هيمنجواي ليس فقط في روحه المتوثبة المتوهجة.. إنما كذلك في صورته الجسدية.. كما يذكرني بتولستوى في طبعه الرافض للزيف والكذب وتعلقه بالأرض وحبّه للإنسان وعشقه للحرّية.. نصيبه من اسمه الطهر والنقاء.. ومن لقبه.. التعلق بشرعة العدل والإخاء الإنساني .. كنت في كل زيارة له أغادر في ساعة متأخرة من الليل – قبل مرضه الذي فرض عليه النوم باكرا بعد تناول الدواء – وكان في كل مرّة يطلب منّي بتلك الطريقة المحبّبة التي لا يتقنها غيره.. أن أرمي برزمة من الرسائل في صندوق مكتب بريد مدينة الزهراء في طريق عودتي إلى منزلي.. رسائله موجّهة إلى بلدان وقارات وشخصيات.. فقد كان رحمه الله كاتب رسائل من الطراز الرّفيع.. كما كان قارئا نهما.. و في السنوات الأخيرة كان ميّالا إلى العزلة والتأمّل والتفكير..

 

•أبوّة معطاء ..

جانب آخر من جوانب ثراء فكر الراحل الكبير الطاهر الشريعة وناحية أخرى من نواحي أصالة روحه .. معرفته بالقارّة السمراء..القارة الأم.. إفريقيا.. قبائلها، لغاتها، لهجاتها، مناطقها، عواصمها، تاريخها، زعماؤها، ثرواتها، آدابها.. وقد وقفت على هذه المعرفة الدقيقة من خلال بعض الأقواس التي كان يفتحها أثناء الحديث ويغرق سامعه بجزئيات غاية في الدقة والعمق والطرافة أحيانا.. مما يدهشك ويبهرك ويجعلك تقف على وجاهة إصرار السينمائيين الأفارقة الذين عرفوه على اعتباره أبا روحيا للسينما الإفريقية الفتية الواعدة.. لا أبا للسينما التونسية فحسب.. وقد حدّثني الأستاذ المحامي الصديق مصطفى نقبو مؤسس مجلة "الفنّ السّابع" وأحد أبرز المناضلين في سبيل النهوض بالقطاع السينمائي في تونس.. أن أحد الرؤساء الأفارقة كان في كل زيارة له إلى عاصمة بلاده يسخّر له سيارة خاصة مع سائقها لتنقله من المطار إلى قبر صديقه الرئيس السابق الذي انقلب عليه عسكريا ليقرأ على روحه الفاتحة ويدعو له ويزور عائلته.. وكتب الناقد والجامعي عبد الكريم قابوس قائلا :".. وأهم تكريم حدّثنا عنه هو تكريمه من قبل الرئيس "توماس سنكارا" رئيس "البوركينا فاسو" لما قلده في نفس الدقيقة هو و"عصمان صمبان" بأكبر صنف من الأوسمة في "بوركينا فاسو" وهي "نجمة ناهوري" اعترافا لهما بما قدّما للسينما الإفريقية..... ولو كنت رافقت الطاهر الشريعة في واغادوغو وهو يختال بجبّته وقبّعته الشهيرة والنيشان على الجبة لاكتشفت مدى شعبيته، الكل يعرفه ويعزّه ويحترمه من بائع السجائر إلى أكبر موظف ويحيّونه :"تحية أيها العميد" وهي أعلى رتبة اجتماعية في بوركينا.. وكم كان صديقا لرئيس الدولة "سنكارا" فقد جرت العادة منذ عشر سنوات أن يجتمع عمداء السينما الإفريقية على طاولة قرب المسبح بالنزل وهم الطاهر الشريعة وعصمان صمبان وبولان فييرا والسينمائي المناضل "غجغان" صديق مانديلا والذي دافع بأفلامه عن مانديلا طيلة 20 سنة  وديزري إيكاري .. وكنا نسميها طاولة "الشيوخ" .. وفي العاشرة ليلا يأتي "سنكارا" رئيس الدول على دراجة وعلى كتفه قيتارة وينضم إلى الشيوخ.. ويشرع في العزف..

ما أحلاك يا إفريقيا..إفريقيا يا بلد الأحلام.. ".. والوقائع في هذا الصدد كثيرة.. وفي جميع الصور التي تظهره مع كبار المسؤولين الأفارقة (أو تظهرهم  معه!؟..) أو مع المخرجين والفنانين والمفكرين وكبار المثقفين.. نرى بوضوح لمعة الإعجاب والمحبة في أعينهم.. وهي لمعة غير قابلة للتزوير والغش.. هي في ذلك تشبه نظرة المونليزا..

 

•ما أفل شهاب خلف مثل هذه الأنوار..

720-5مقال بديع صدّر به الرّاحل الكبير الطاهر الشريعة كتابه "أيام قرطاج السينمائية؟ فيها وعليها.. " جاء تحت عنوان "جبريل ديوب وأفلامه.. ما أفل شهاب خلف مثل هذه الأنوار" في هذا المقال الذي هو من نصوص الطاهر الشريعة الفصوص.. تحدث عن منجز صديقه وابنه الروحي المخرج العملاق حقيقة ومجازا جبريل ديوب وقدّمه لمن جهله فلم يعرفه.. بطريقة فذة فريدة تشتمل على قدر كبير من الحب والشعر والفكر والوفاء.. وهو لم يقتصر على قراءة أفلامه العلامات.. وإنما نفذ من خلالها إلى الروح التي تستبطنها وتشع فيها والفكر الذي تتضمنه والجمالية التي تشتمل عليها.. كل ذلك بلغة هي لغة الطاهر الشريعة وأسلوب لا يملكه ولا يقنع به إلا هو.. هو ترجمة عملية لعبارة "الأسلوب هو الرجل"..

 

يستهلّ الطاهر الشريعة ويفتتح مقاله عن المخرج جبريل ديوب.. بما يلي :" قالوا "مات جبريل ديوب"

قلت : رحمة الله عليه، لقد كان مسلما، مؤمنا بالله – عقيدة – وكان سخي النفس، مرهف الحس، كريما، نبيلا، يتسع حلمه للإيمان "بكل آلهة الناس.. إذا حوّل الإيمان بها والولاء فردا واحدا من هذه الحيوانات الفطرية الهمجية إلى إنسان صالح في الأرض نافع لمن عليها.."*

ذلك أن جبريل ديوب كان كافرا أيضا.. مدة حياته المختزلة وفي روائعه السينمائية جميعا!..

وإنما كفره، الصلب العتيّ الذي لم يعرف سبيلا لمهادنة، كان "كفرا بالناس مجتمعين" أسرابا رعايا، رعاديد أذلة.. أو وحوشا شرسة، ولاؤهم وردّتهم وجهان لنفس الشر والغباء الأصيل.. وكان كفرا "شخصيا" جدا، لا يبوح به إلا للقلة القليلة المصطفاة من "ثقات قلبه" وإذا ما أظهر منه للناس، فهو كفر مزدوج مثلهم، يتوارى تارة خلف حجاب لطيف شفاف من الهمهمات الباسمة السمحة ويتعرى تارة أخرى مزمجرا صاخبا في قهقهات ساخرة فاجرة..

كان جبريل ديوب إنسانا بحق، عارم الإنسانية، مدمنا على الحياة إدمانا لا مثيل له، يعاني مرها الكثير في تعال واستهانة و"شموخ له وحده" (وكم كانت حياته مأساة من العناء!)  ويلتهم ويتلذذ حلوها القليل الطارئ بنهم الطفل الرضيع.."

إن هذا الذي كتبه الراحل الكبير عن زميله وصديقه وابنه الروحي المخرج جبريل ديوب .. يصدق على الطاهر الشريعة نفسه.. ألم يتحدث عنه في ذات المقال :" ..كان صاحبي، وابني الذي أحبّه وأعتز ببنوّته أيّما اعتزاز (كان منذ البدء ودوما يناديني بعبارة )!(Papa " أليس الولد سرّ أبيه.. تماما كما أن الولد أبو الرجل !؟".

يتابع الطاهر الشريعة الحديث عن ابنه الروحي وملامح عبقريته وتفرّده قائلا.." قال لي جبريل ذات فجر من ليالي نادي "الباوباب" بواقادوقو : "الفيلم السينمائي ليس رسالة معطرة مني إلى حبيبتي ولا هو خطاب هدي مني إلى قومي، إنما ينبغي أن يكون، بمنتهى التواضع وأقصى ذرى الطموح معا، تجربة إنسانية : شعرية، جمالية، وجدانية، وجودية، فكرية وفلسفية في الآن نفسه.. كذلك أفلامي في نظري أو كما أحلم أن تكون.. إنها تجربتي بين التجارب : ذاتية في كنهها وأسبابها وإنسانية شاملة في حدوثها بين الناس وكونها – بشكل ما  - منهم ومعهم وإليهم". وأضاف وهو يبتسم ابتسامة كفره اللطيفة.. الخبيثة إذ كان معنا ثلاثة من زملائه "الكبار" من ذوي الأفلام الناجحة والشهيرة "الجمالية السينمائية هي "الغرض أيضا" ولا شيء في الفيلم – يفوقها مقصدا أو يعتلى عليها كغاية مثلى. وكل فيلم تكون الجمالية فيه عنصرا ثانويا، فيلم لا يستحق المبالغة في التقدير مهما كان – أو بدا للناس – جميلا ممتعا ومفيدا معا لن يعدو أن يكون ضربا من اللهو والعبث وسبيلا سهلة إلى.. "إلهاء الماشية" **

 

•الحياة الكبيرة..

وجدت في الراحل الكبير الطاهر الشريعة ترجمة عملية لعبارة الروائي خليل النعيمي في قسمها الثاني.. "الموت الحقيقي هو الانكفاء على الذات واقعا وتاريخا، فردا وجماعة، والحياة الكبيرة هي التبصر المنفتح المؤدي إلى الإدراك" .

درس ودرّس وسافر وخاض تجارب الأقاصي والتخوم ونظر وتأمّل وامتلك الشجاعة أن يكون هو لا أكثر ولا أقل .. يقدّم نفسه على ورقة الغلاف الأخيرة في كتابه "أيام قرطاج السينمائية.. فيها وعليها" التي حملت صورته وهو يضع راحة يده اليسرى على  خده متأملا مفكرا..

الطاهر الشريعة

-ولد بصيادة (في الجمهورية التونسية بإفريقيا الشمالية أو المغرب العربي) يوم 5 جانفي 1927.

-عاش نحو 53 سنة كاملة جدّ فيها واجتهد وجاهد.. وهزل وتخلع ونجح وفشل.. كثيرا.

-لم يستصوب موتا.. فلم يمت بعد.

 

أصدر كتبا لا يمكن لمن عرفه إلا أن يحبها.. أما من لم يعرفه عن قرب فسيشدّه كمّ الصدق الذي فيها وعمق خلفيتها الفكرية وثرائها الإنساني اللافت..  نذكر منها :

-سينما التحرير في إفريقيا (فرنسي) 1978.

-جزائر.. يا حلوتي! ترجمة عن الفرنسية لديوان الشاعرة الفرنسية آنا قريكي.

-أيام قرطاج السينمائية فيها وعليها.

-عن السينما العربية والإفريقية عموما.

-أحاديث نقدية مع مخرجين من إفريقيا.

-مراسلات.

-ونصيبي من الرفض.. حوار وشهادات.

 

نقرأ هذه الخواطر التي نشرها الطاهر شريعة على ظهر كتابه" ونصيبي من الرفض.."

الرفض؟ الرفض ؟

................

................

...............

رفض الظلام يغالب النور..

(النور في الصدور

يضيء ويهدي

فليس للظلام سبيل لانتصار .. )

رفض الذين لا يرفضون المرفوض ..

(بينما رفض المرفوض أثرى وأسخى وأدعى للطمأنينة والأمان)

لان الرفض من نور القلب حين يثور ويصرخ

قبس "الحياة – الحب"

شعلة بدء الخلق الإنساني

ومطلع سموّه إلى خلده والمجد..

 

قالوا : الطاهر الشريعة مات.. قلت : رحل وروحه لم تغادر.. إني أحسها هنا قريبا قريبا.. أكاد أصافحها.. ترفرف قويّة مشعّة كما كانت دائما..

في تلك الصورة الأثيرة لديّ.. وأنت تعتمر مظلة القشّ وتلبس الجبّة التونسيّة وتمسك السيجار وتنظر تلك النظرة البعيدة العميقة.. كم كانت ثيابك نظيفة طاهرة.. وكم كانت يدك ناصعة البياض.. صورة تغمرها السكينة والطهر.. تراهما عين البصيرة..

روحك المسكونة بمنابع الضوء، المستشرفة لذاكرة الفجر، الظامئة للصباح الجديد، المفعمة بحب الله والإنسان والحرية.. زهرة جـلـّـنار..

كم كنت سعيدا بصحبتك، محظوظا بصداقتك ورفقتك.. أغمض عينيّ وأستحضر صورتك على صفحة قلبي وأنخرط في ضراعة لا يسبر غورها إلا عالم السرّ وأخفى.. كنت أتصبّر بالضراعة إلى الله مذ شددت رحالك إلى منابع الضوء.. أرجو أن ينفعك صدقك "يوم ينفع الصادقين صدقهم" .

هذه الدنيا هجير كلها

أين في الرّمضاء ظل من ظلالك.

محسن العوني

 

-------------------

*/** كل ما ورد في هذا النص بين مزدوجين هو من رسائل المرحوم جبريل ديوب إلى المرحوم الطاهر الشريعة.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1595 الجمعة 03 /12 /2010)

 

في المثقف اليوم