قضايا وآراء

لمناسبة بدء العام الهجري الجديد 1431 قراءة في كتاب (محمد الحقيقة العظمى) للسيد عزيز السيد جاسم / حكمت مهدي جبار

أضطر الى مغادرتها .فهاجر وأصحابه الى يثرب قسرا، و مكة هي مسقط رأس النبي محمد وأهله وعشيرته فضلا عن   مكانتها الدينية من خلال أحتضانها للبيت العتيق بل هي مكان هبوط الوحي ونزول الرسالة.وكان محمد يعتبر ان مكة هي الميدان الأساسي فيما يخص بداية نشر الرسالة وهي هدفه الرئيسي في تنفيذ ما اوكل الله له من واجب الدعوة الأسلامية.فلم يكن سهلا عليه أن يغادر وطنه بهذه الطريقة .وهجرته انما هي هجرة لجذوره ونشأته ولمعاني شخصيته التي ترعرت في ذلك الوادي .فلم يكن من بد الا ان يهاجر الى يثرب المدينة وألا فسيكون الثمن غاليا عليه وعلى اصحابه.  أعتبر السيد عزيز السيد جاسم (يثرب هي نموذجا لمدينة سيكون لها شأن عظيم..فقد اعتبرها مكانا بديلا لأتمام الرسالة المحمدية وهي مرحلة مكانية وزمانية مهمة جدا في بلورة الفكر السياسي للنبي محمد.فيقثول:- يعطي أنموذج المدينة المنورة دروسا عديدة في مستويات العبقرية السياسية لمحمد،في المراحل المختلفة اذ ان الخطوات المتعاقبة التي ابتدأت منذ محاصرة قريش لحمد في مكة وتواصلت بأجتماعه ببعض اهالي يثرب القادمين الى مكة في مواسم الحج وتطور ذلك الى الهجرة الى المدينة وتتويج المسيرة بتحويل المدينة الى معقل الأسلام.)

من خلال دراسة معمقة لكتاب (محمد الحقيقة العظمى) للسيد جاسم توضح لنا بأن محمد قبل أن يغادر مكة (قبل الهجرة)فأن هناك مقدمات كان يشعر بها كملامح لحدوث مرحلة خطيرة في بداية مسيرة الأسلام  تبدوا في الأفق ملامح سياسية. فما على محمد الا أن يواجه تلك الملامح التي تمثلت بالموقف العام لقريش. وتلك المقدمات هي:-

1 - محاولة الأبقاء في العمل في مكة قدر المستطاع رغم الظروف الصعبة .لأن محمد كان يدرك أن مكة لاتسمح بعد  في العمل فيها كنبي ورسول.

 2 – أستطاع محمد أن يعرف نقاط الضعف لدى أهلها لاسيما قريش .

 3 – منحته تجربة ذهابه الى الطائف فائدة عملية على مستوى دعوته. حيث عرف من خلال ذلك ولو بالحد الأدنى طبيعة يثرب الاجتماعية والدينية والاقتصادية بما يهيء له تحديد المؤشرات المستقبلية القادمة سياسيا وعسكريا.

 4 - بدأ محمد يبحث عن الناس القادمين من خارج مكة الى البيت العتيق متبعا اسلوب اللقاءات المباشرة بالشخصيات ذات النفوذ الأجتماعي والقبلي، والاتصال المباشر بعموم الناس . أي اللقاءات الجماهيرية الشعبية.

 5 -  السعي لحل النزاع القديم ما بين الآوس والخزرج بأتبارهما عائقا كبيرا بل وقضية أجتماعية / سياسية لابد من حلها من أجل التهدئة القبلية الأجتماعية والتي تؤثر على المشروع السياسي الجديد في المدينة.الى جانب تآخي الأنصار والمهاجرين.

 6- أهتم كثيرا بخطورة وجود اليهود وبالدور الأنقسامي التصفوي الذي يقومون به، فمد لهم يد العفو والتسامح والرغمة رغم أختلافهم في العقيدة والفكر.

لقد أعتبر محمد أن يثرب هي المدينة التي سوف تتحقق فيها احلام المسلمين في تأسيس أول دولة عربية اسلامية بنظم ومؤسسات وأيديولوجية معينة، على غرار الدولة البيزنطية او الفارسية او الرومانية. وقد لعبت عبقرية محمد وذهنه الوقاد دورا كبيرا في هذا المشروع العظيم.فدخل المدينة ليس تحت عنوان (النبوة) انما دخل رجل سياسة، اذ أنه لو كان قد دخل المدينة كنبي (رجل دين) فأنه من المحتمل سوف يخسر امور معينة، بسبب طبيعة النسيج الذي تتألف منه يثرب.

حيث يقول السيد جاسم:-

(أن يثرب هي المدينة المثالية لمحمد فهي تحتاج الى منقذ عربي يمنع استمرار السير في درب الأنكسار ويعزز مكانتها الأقتصادية خاصة وأنها تقع على طريق تجارة مكة ــ الشام من الشمال) كان محمد القائد والزعيم المنتظر هو من عرف كيفية التصدي لذلك الأمر، فتعامل بعبقرية وحنكة سياسية ما بعدها حنكة.فعمل على تكوين تنظيمات سياسية سرية وأقامة علاقات قوية مع أهل يثرب .فضلا عن المنجز العظيم الذي حققه المتمثل بوحدة القبيلتين خصماء الدهر الأوس والخزرج والقضاء على مشاكلهم قضاء نهائيا . ويضيف عزيز السيد جاسم في ذلك :- أن وحدة الأوس والخزرج والمهاجرين وألأنصارأضحت الركيزة الأولى لأول (وحدة سياسية عربية في المدينة) التي تحققت عبر خطوات تدريجية متكاملة سياسيا انسانيته وليس الى انتماءاته سواء الدينية منها او السياسية او القبلية أو العشائرية واقتصاديا وعسكريا بالمحتوى الاسلامي. 

 مثل المشروع السياسي العظيم للنبي محمد في المدينة بعد الهجرة خطوات سياسية كبيرة الشأن عند عرب المدينة مسلمين ويهود ونصارى وغيرهم.فكانت أول دعوة للوحدة الوطنية بعيدا عن الطائفية والمحاصصة والفئوية والأسرية. فقد أثمرت سياسة محمد الحكيمة والرصينة في تكوين (دولة) مؤسسات ونظم ومناهج خالية من سياسات التهميش والأجتثاث والأبعاد مهما كانت الأنتماءات.ذلك لأن من يريد أن يبني دولة عليه أن يعود الى.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1600 الاربعاء 08 /12 /2010)

 

في المثقف اليوم