قضايا وآراء

الحسين رمزا / حكمت مهدي جبار

خصوصا اذا كانت قيمة الرمز تتسامى على الوجود المادي للمرمز له. فالحسين  عليه السلام في موقفه البطولي فرض على الملأ وجودا بقيم عالية جدا حتى صار رمزا لكل القيم في الشهادة في سبيل المبدأ الذي آمن به.وعبر سني التأريخ السالفة التي مرت على واقعة الطف والتي بطلها الحسين عليه السلام وأصحابه ظل المسلمون يعظمون من شخص الحسين وظلوا يحتفون به كرمزا عاليا مشرقا ليس في ضمير الأسلام فحسب انما في ضمير الأنسانية. لقد جاء الحسين (بفكرة)، هي فكرة التصدي الشجاع لسلطة طاغية متجبرة في الأرض، ولعظمة تلك الفكرة فأنها أستحقت أن تكون (فكرة سامية) و(معنى مقدس) . ذلك السمو والتقديس يجب أن يحتفى به بمستوى يليق به وبجلاله أستذكاره . فأستذكار يوم عاشوراء يجب أن لا يتحدد بذكر الرمز كأسم أو مجرد مناسبة تمر، انما استيحاء للموقف العظيم للحسين الرمز متجسدا في اخلاقنا وسلوكياتنا وممارساتنا .

أن الأحتفاء بعاشوراء كرمز روحي ليس مجرد استذكار أمجاده أو ذكر فضائله ومآثره،ولا البكاء والنحيب على وقائعية (مقتل الحسين) رغم أستسلامنا لذلك الموقف المذهل وذرفنا للدموع رغما عنا، انما هو أحياء لمعاني ودلالات تلك الحادثة التي حفرت في تأريخ الأنسانية أثرا لم تزيله كل متغيرات الحياة،أحياء من شأنه أن ينقلنا الى الأجواء الروحية النقية الخالصة للحسين وأهل بيته . صحيح أن قضية الأمام الحسين لايستطيع أن يقف عندها أحد دون أن تهتز له المشاعر وتنهمل الدموع، حتى من غير المسلمين، ولكن اذا اردنا أن نكون بمستوى (فكرة) الحسين في موقفه العظيم في كربلاء فما علينا ألا أن نجعل من تأسيتنا وحزننا وبكاؤنا عليه انما هو أحتفاء برمز يحيي في نفوسنا وضمائرنا وعقولنا حب الخير والفضيلة واالنور والحرية والحق والسلام والعدل والجمال والتسامح والرحمة . فلا خير في أحتفاء عاطفي تتمثل فيه مسيرات لاتعدوا أن تكون احتفالات كمهرجانات لتصريف طاقة معينة والأستمتاع بفعاليات على طريقة فعاليات بعض الشعوب وهي نوع من انواع الفنون الفولوكلورية الشعبية.ولابكاء يتحول الى لطم الصدور وضرب الرؤوس وأسالة الدماء من الأجساد.حيث تهدف بعض الممارسات في بعض الشعائر الحسينية الى غايات تعبرعن حالات نفسية يستثمر منها أصحابها عواطف الناس ويستغلوا قضية عاشوراء لأغراض تصريف مشاعر تسيء الى قدسية قضية الأمام الحسين عليه السلام وبذلك تنحجب الغايات السامية عن الناس. اننا نخشى على جوهر قضية الحسين عليه السلام من زوائد جاء بها البعض ليحملوها بما لاتطيق . وقد تتحول الى فعاليات  قمة في الأبداع في ممارسات وصور يطغي فيها الفن المجرد العاطفي على التبصر والتدبر وألأستنباط من دروس ثورة الحسين الخالدة. صحيح أن الأمام الحسين عليه السلام وبموقفه المذهل في الشجاعة وأسبتساله بالتضحية بنفسه وبأهله مثل رمزا روحيا كبيرا خالدا الهب مشاعر الدنيا شرقا وغربا وفي ضمير العالم، وأن البكاء عليه صار شرعة أوصى به جده النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.ولكننا نرى أن من الخطأ أن نذهب بقضية الحسين وموقفه الرائع ضد الظلم ونسحب (رمزيته) من معانيها الأنسانية التي لاتسعها ألأرض الى دوائر ضيقة فنجعله (مظلوما) فنضعه عليه السلام في دائرة الضعف والهوان وكأنه ليس هو ذلك البطل العظيم، وليس ذلك الحر بن الحر . أذ أن قدر الأحرار وألأبطال هو التضحية من أجل العقيدة وأعلاء كلمة الحق .أن ألأمام الحسين لم يمت مظلوما انما أستشهد وهو يختار طريق الحق والعدل وكأنه علم بأنه لابد أن يكون أضحية الأسلام وفداؤه .وبذلك أطلق عبارته الشهيرة :- أن كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي فياسيوف خذيني..لقد أستشهد الأمام الحسين حرا وليس مظلوما

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1605 الاثنين 13 /12 /2010)

 

 

 

 

في المثقف اليوم