قضايا وآراء

قانون الطبيعة وطبيعة التخلف / بهجت عباس

لكــنِ القـوَّةُ مـــعـــقـودٌ لهـــــا **كلّ نصرٍ في غروبٍ أو شروق ِ

(ترجمة بهجت عباس)

 

وقال الشيخ حسن البدري الحجازي الأزهري (توفِّيَ عام 1131 هـ ):

احذَرْ أولي التسبيح والسّـُبحةِ***والصوف والعكّاز والشَّملةِ(1)

قد صـار إبليس لهم تابـعاً *** يقــــول يـــــــــا لَلْعَـــــوْنِ والنَّجــــدةِ

ممّا حَـويْـتمْ عَلِّمونـي فما *** لي عنكمُ في المَكْر من غُنْيةِ

لكمْ قيـادي وانقيادي ومـا *** مثـلكُـــمُ فـــي النّـادِ والنَّـدوةِ (2)

وأنتمُ تاجي على هـامتـي *** ما هِمتُ إلاّ كـنـتـــُمُ هِــمَّـتـي

                                           

وقبله بثمـانية قرون قال فيلسوف المعـرّة :

كم وعظَ الواعظون فينـا ** وقـام في الناس أنـبـياءُ

فانصرفوا والبـلاءُ بـاقٍ ** ولمْ يـزل داؤكَ العَـيـاءُ

حكمٌ جَرى للملـيك فينـا**أمْ نحن في الأرض أغبياءُ؟

 

وهنا أرجو السّماحَ من الفيلسوف العظيم أن أجيـبَـه على تساؤله:

ليس غبـاءً وليس حُكـمـاً **  لكـنّـه الحـقــدُ والرِّ يـاءُ

مذ يُولَد الطِّفلُ وَهْوَ طُهْـر**  بصفحةٍ جُـلّـها نَـقــاءُ

يُنـقَـشُ فـيها كـــمــا يُشاءُ **  زيـفٌ وجـهـلٌ وكـبـريـاءُ

فَيـزحف العـقلُ في ظلامٍ** يَـبرَعُ في نَـشْرِه الأولياءُ

إنْ كانت الشّمسُ في كسوف** فهل تُرى يَسطَعُ الضِّياءُ؟

 

هذه المقالة التي نشرتُها في جريدة المجرشة اللندنية باسم (نديم عبد الله) في عددها المرقم ( 38 ) الصادر في تموز 1996 قد تُلقي شيئاً من الضوء، وقد تُزيح بعضَ الظِّـلال!

   رسـالة مُـهداة إلى الكمداني ومقامته اللندنية المحـتدّة

 إنهم لا ينشرون الشعر الجيد، ولكنهم ينشرون الشعر الرّديء، فهل يعني هذا أنَّـهم لا يفهـمون ؟ أم أنّـهم يحسـدون الشاعرَ المُـجيد على ما يكتب ؟

 

وإذا تمّ تحرير الوطن، وتبـوّأوا المناصبَ السَّـنِـيَّة، وشاء الحظّ ُ أنْ يقسموا الأرزاق بين الرَّعيّـة، فهلْ ستكون هناك مساواة بين الخَـلق ِ؟ وهل ستنعدم المحسوبية ؟ أم أنَّ العشيرة والقبيلة والعائلة وأواصرَ القربى وزمالة الحزب ورفاق الطَّـريق تلعب الدور الأكبر؟ وكيف سينظرون إلى الكفء الذي لم يرتبط بهذه التنظيمات ؟ فهل سيمنحونه المركزَ المناسبَ لـيُسـاهِـمَ في خدمة الوطن، أم سيُـركَـلُ من كل جانب ويوطأ ُ بالأقدام ؟ لأنَّـه ليس من الحزب، ليس من العائلة، ليس من القبيلة وليس من الأصدقاء المقرَّبين ؟ فإنْ لم يكن في مصلحة الوطن انتماؤه، فهو نكرة، وهم معرفة، وهم الوطن فقط! كان العهد الملكيّ ُ جائراً، فقد كبت الحريّـاتِ وأرخى ستائرَ الظّـلام ومنح العائلةَ والعشيرة والقبيلة الهباتِ السَّـخيّـةَ والهيمنة َ ومراكـزَ النـّفوذ والثـَّراءَ، ولم يكـنْ باقي النـاس من أحـدٍ. وجاء العهد الجـّمهوري الفتيّ ُ بعد أن حطّـم الأغلالَ وهدم ُأسسَ الملكية، فلم يفتح إلاّ باباً صغيراً للحريّـة، سُـدّتْ بعدئذٍ برياح الفاشيّة العـتـيّـة، وتعاقبت الجمهوريات، وتمَّ تدمير الوطن بقنابل الغدر والعدوان وتحت أنظار قادة العرب البهاليل! فانتفخت كروشُ النذالة والغباء وذاب باقي الناس في الظّـُلمات! فإذا تـمَّ التحـريـر والتـّطهير وكنسُ النفـايات، فمـاذا سيكـون؟ سيتنادم قوم وسيـتـناحر آخـرون! ونعـود إلى ما كـنّا عليه في الماضي، و سنـقـتـفي ذاتَ الخـُطى، أفَـلَسْـنـا مُحافظين وتقليدييّن ؟ وسيكون وحيداً مَـنْ لمْ يكـنْ من عائلة معروفة أو عشيرة أو قبيلة أو حزب مُـعَـتّـقٍ أو جديد، وسيُـنظَـر ُ إليـه بغرابة، وسوف لا يُمنح ما يستحق، لأنّـه ليس مواطناً، كما هم مواطنون! ليس العجب أن تسـتأثـرَ فئـة بالحكم دون أخرى، ولكنَّ العجبَ أنْ تشـترك فئات مُـتباينة الأهداف والأفكار في الحكم دون تناحـر! تحطّـمت البُـنية التحتية للوطن فتحطَّـمت معها البنية النفسية والاجتماعية وتغـيَّـرت الأخلاق، فأصبح مَنْ في الدّاخل لا يُشـبه مَنْ في الخارج، فكيف يأتـلفان؟ وما دامتْ جذوة الحسد والحقد والطّمع وحبّ ُ الذّات تـتـأجَّج ُ في جوف الإنسان لتصلَ درجةَ الإحـراق، فكيف يُـزهِـرُ الربيع !

رحم الله أفلاطون، فقد جمح به الخيال، فلم يحصلْ على المُـحال !

 

.............................

1.   الشملة: شال كالطيلسان يوضع على المنكبين والصدر.

2.   الناد: النادي حذفت الياء لضرورة الشعر.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1605 الاثنين 13 /12 /2010)

 

في المثقف اليوم