قضايا وآراء

(الفطحل) للدكتور زهير ياسين شليبة

كما وصفه صاحبه، محاكاة ساخرة ونصوص سردية مفتوحة. ويطالعك الغلاف الخارجي الأول بلوحة كاريكاتورية ساخرة للفنان المغربي مصطفى جباري، وفي صفحة تالية إهداء اللوحة بخط الفنان الذي كتب: "أرجو أن تكون اللوحة مناسبة لشخصية الفطحل".

تأتي بعد ذلك صفحات بقلم الأستاذ عدنان المبارك عنوانها: قراءة في رواية زهير ياسين شليبة "الفطحل"، رصد ساخر لنموذج بشري دائم. ويعلن المبارك أن رواية الفطحل " تذكرنا بالسير القديمة. لا يشرك المؤلف هنا مع صوت السخرية أي صوت آخر في روايته".

لقد أكد المبارك تأكيداً جازماً على أن هذا العمل الأدبي رواية وإن كان المؤلف غير مهتم بـ"التصنيف الأدبي لهذا الكتاب محاكاة أم رواية أم مجموعة قصص"، ويقول مؤلف الكتاب: صورت المجتمع العراقي وظواهره الإجتماعية السلبية من خلال أبطال القصص وشخصية الفطحل السطحية المسالمة والآخرين الذين لا هم لهم غير تهميشه والسخرية منه. هذا هو موضوع هذه القصص". المؤلف هنا يعتبرها قصصا كما تلاحظ. ليس هذا أهم ما في المقدمة التي كتبها المؤلف عام 2008 وهو في الدنمرك، ولكن: " هذه المحاكاة الساخرة مكرسة لشخصية نموذج لأولئك الذين يرسمون لأنفسهم أدوارا دونكيشوتية كبيرة فيبدون بهلوانيين، وللطريقة القاسية، العراقية بامتياز في التعامل معه".

ندلف بعد ذلك إلى عنوان: الاستباحة.

تحت هذ العنوان نبدأ في التعرف على تلك الشخصية، "كان قلقا تلك الليلة. سمع كما هائلا من الأخبار الزفت كما يقولون". "أدار رأسه إلى حيث الجدار والظلام". "مرت في خياله صورة تلك الفتاة العراقية الشابة التي عبثت فيها الأيادي القاسية" . "قابعة تحت الغول". "إنها صورة الذل والهوان والعدوانية والاستباحة".

ثم ينتقل بنا إلى فتاة أخرى كانت تلهو. "لم تدم اللعبة طويلا حتى اكتشفها زوجها". "طلق هذا الرجل العصبي شريكة حياته على الفور"، لكن الحقيقة تبدت له، فلم يكن ذلك حقيقيا!. يقول الكاتب صراحة: "إذن كان كل ذلك حلماً"، وسنرى لاحقا أحلاما أخرى تختلط بالواقع وسيطالعنا الكاتب كل مرة منبها أن تلك كانت أضغاث أحلام.  وبطل القصة أو بطل الحلم يصر كل مرة أن يسترجع كل صغيرة وكبيرة في الحلم أو في الرؤيا كما يسميها المؤلف. هناك قتل وتنكيل، ثم هناك العراق المضرج بالمآسي: "هل هناك في هذا العالم الشقي أكثر أهمية من المخلوقة العراقية وصوتها الرهيف الحزين؟"

حتى السلة القديمة قال عنها: "سلتك عمرها آلاف السنين العراقية"

أرأيتم؟ حتى سنين العراق لها أطوالها المختلفة.

حتى اللوحة المرسومة فيها ما فيها من القسوة والمواجع: "كانت هناك لوحة بانورامية قوية معبرة، فيها أجساد بشرية نحيفة ترتدي ملابس ممزقة ووجوه ناحلة ناتئة العظام بينهم فتاة في مقتبل العمر لم يعد هناك شيء من ملابسها المتهرئة يستر جسدها، كانت نظرات الشرطة مصوبة نحو صدرها العاري، تتعرض للضرب بسياط خيالة يقفون حول هذه الكومة البشرية العراقية".

أتابع وأنا واثق أن الكاتب سيقول إن ذلك كان حلما، ولعلك لو راجعته في هذا لقال لك: " يا إلهي، حتى الحلم ممنوع علينا، حتى الحلم لم يخلص منا نحن العراقيين!". العراق مرة أخرى: "نحن شعب عريق مولع بالصفعات، حكمته المرفوعة ليلا نهارا: اضرب أخاك ظالما أو مظلوما. أو اصفع، اصفع حتى يرهبك الآخرون". وبعد أن قرأت: "هذه هي دورة العنف العراقي مصممة بدقة منذ آلاف السنين".... بعدها بسطور فاجأني الكاتب وكنت قد نسيت: "أفاق من نومه"!.

النوم والحلم لهما ما لهما في هذا الكتاب حتى إن الفطحل في قصيدته عندما يدعو حورية البح2064-fathalر يدعوها هكذا: "فتعالي

يا حورية البحر

إلى منامي:!

ننتقل من تلك الاستباحات إلى "الكلب والسيدة القتيلة". وكما كان الكاتب ينبهك في القصة الأولى إلى أن ذلك كان حلما فهو هنا ينبهنا إلى شيء آخر: "لكن سرعان ما ابتلعه عالم الذكريات". وفيها نطالع المقارنة بين حالتين متناقضتين مختلفتين كل الاختلاف: "كانت الأوروبية تنظر ساهمة إلى الأفق مبتسمة، بينما كانت أصابعها تعبث بشعره الأسود سارحة بذاكرتها إلى عوالم الفيلة والقردة والأسود وزئيرهم واللون الأسود والقوة والدفء والحياة. لم يكن الولهان يدرك ما في خلد هذه الجميلة وإلهامها وحبها لبلاده المشوقة الغريبة، التي لم ينم فيها يوما وهو مرتاح البال. أي تناقض هذا؟ بلادي وإن جارت علي عزيزة. أخبر يوسف زوجته الخياطة السلاطة الزلاطة الطباخة النفاخة بقصة هذه الأوروبية الرومانتيكية، ردت عليه ببرود خيالي: ُرح لها، يجوز تسمع أشعارك.". لا نكاد نخرج من ذلك الجو حتى ندخل في عالم الجريمة: "امرأة رائعة الجمال والبهاء، في متوسط العمر، وكلب كبير مثل كلاب الشرطة مقتولان بالرصاص والدماء تسيل منهما. لكننا وقد مضينا في تقصي خيوط الجريمة نصحو على الجملة العتيدة: "إذن كان ذلك مجرد حلم".

والعجيب أن الدكتور شليبة يأخذنا ليس إلى الحلم فقط وإنما إلى الحلم داخل الحلم: "واستسلم يوسف للرقاد بعد سيل الذكريات التي شرحت صدره. في النوم حلم أنه نائم ويحلم، وأنه ذهب في الرؤيا إلى البريد ليرسل طردا بريديا مليئا بغداء المعلبات إلى الرجل المقولب بونامارييف.".

وابتداء من (توزن تاك) ينهمر الحكي عن الفطحل، الفطحل الوحيد في نظر نفسه. ""هناك فطاحلة مثلك أيضا ويجب أن تعطيهم حقهم"، لكنه لا يفعل.

ها هو ومن معه تائهين في مدينة غربية بعيدة، يتصدى هو للمارة ويسألهم عن المكان الذي يقصدونه، صار يؤنبه زميله: "ولم يبق شارع إلا دخلناه، ولا زقاق صغير إلا وسلكناه، لم تبق امرأة إلا وسألتَها، ومع ذلك لم نعثر على المكان. الناس يقولون لك إن المكان المنشود قريب من هنا. وأنت تصر على إلقاء القصائد علي بخطابيتك المعهودة". ثم ينهال عليه سخرية: " مقطوع من كل العالم، تعيش على هامشه ولا يشغلك غير أمسيتك وإلقاء الشعر. والله حقك! فهل هناك شيء في الحياة أجمل من تحقيق الذات. أنت جميل. أنا والله سعيد بك. أنت فرحي الدائم والمفروض مني أن أكرس وقتي لك". وفي العنوان التالي نقف علي مطلع قصيدة للفطحل: اسألوا عنا في كل مكان   نحن جهابذة هذا الزمان

وينقلب عليه صديقه: "لو كنت فطحلا حقيقيا لعرفت ذلك، ولكن ألم أقل لك دائما وأبدا بأنك ماركة مزورة!

ولقد تغير الفطحل ولم يعد كما كان..... صار يتطله في المرآة ليرى نفسه في النيو لوك فإذا هو: "شلب طويل القامة فاحم الشعر، أسمر البشرة بمعطف مطري طويل ونظارة شمسية، كانوا في العراق الصعب يسمونك: كعبير، كعبيري! لكنك الآن والحق يقال شاب وسيم في نظر هؤلاء الأوروبيين لا محالة".

فما الذي تغير في حياة الفطحل؟

نقرأ:

"لكن هناك أمورا كثيرة تغيرت في حياة الفطحل فقد تعلم تنفس الهواء الطلق ونسيم الحرية في البلدان الجميلة، وصار له مسكن خاص به له حرمته لا يدخله الغرباء بدون دعوة منه لهم، ولا يزوره إنسان أينما كان بدون اتفاق أو دعوة مسبقة. وله عنوان ثابت وصندوق بريد خاص به. لم يعد أحد يسخر من شكله أو شعره الفاحم أو سمار بشرته أو كبر أنفه وغلاظة شفتيه بل صار هذا ملاذا لشفاه الأوروبيات الجميلات، وما كان يعد قبحا صار مبعثا للإلهام والخيال والجاذبية بالنسبة للفتيات المهووسات، بينما صارت البلاهة والشرود وعدم التركيز وااللباقة سببا للتعاطف والمودة والمحبة ورمزا للمسالمة. تغيرت ملامح شكل الفطحل نحو الأجمل والأفضل إلا عينه الكريمة بقيت كما هي عليه مختفية خلف النظارة المعتمة وخصلة من خصلات شعره".

وها هو في بلاد الشمال يتوق لاستلام الرسائل، يطلب ذلك من ساعي البريد ويحفزه ليتأكد من خلو جعبته من رسائل له. وتأكد له عدم وجود رسائل باسمه فإذا به.... "ينظر إلى الأشجار العالية والغيوم، كادت تسقط من عينه دمعة". حتى الاتصالات الهاتفية لا يوجد. دب اليأس في صدره فقال لصديقه: "إذا أهلك اتصلوا بك مرة ثانية وسألوك عني فقل لهم آني فعلا مت بكردستان".

والفطحل مولع بشيئين: المكتب الفيزيت كارد، فأما بطاقة الزيارة فمكتوب فيها اسمه ولقبه وعنوانه ورقم هاتفه" وتنزوي هناك بخجل كلمتان: كاتب/إعلامي. يتفحصها الفطحل بإعجاب صباح مساء، كان بوده أن يكتب عليها كلمة شاعر". وأما المكتب فلابد منه لأنه الجاه والسمعة.

ويسخر الكاتب: "الناس في هذه البلاد أساتذة في الشكوى من الفقر والقحط والضرائب والمساعدات الاجتماعية بينما يبحث هو العاطل عن العمل عن مكتب يتفاخر به وسط المهمشين والمهشمين المنبوذين".

ليس فقط يتوق إلى البطاقة والمكتب وإنما يتوق أيضا إلى أم بديلة. "كانت والدته القصيرة البطينة، واقفة ترتدي ثوبا مهلهلا تنظر إليه بتوسل وتقول له بسخرية ضاحكة مغطية أسنانها بكف يدها اليمنى: عاشق ومفلس!".

وها هو يتذكر قولها هذا ويتملكه الأسى  ويتذمر: "المفلس لا يحق له حتى العشق، أي ظلم هذا؟ معلوم! الفلوس تجيب العروس والمعطف المطري والنظارات السوداء".

ها هو صار يلبس النظارة الشمسية رغم الجو الغائم المضبب. فأما أمه فألقاها عن ذاكرته إلى حين مفكرا في أم بديلة، وأما زوجته التي كانت تسهر الليالي تستنسخ له أشعاره فطلقها!!: "لازم أغير العالم"!!

ونراه في شقته يسخن أرزا ومرقا كانا عنده من يوم أمس، وبعد أن أكل لبس دشداشته ونام منهكا. "في النوم رأى حلما سيفرح به كثيرا عندما يستيقظ وسيحكيه إلى معارفه وأصدقائه رغم ندرتهم أو انتفائهم".:

أمه في الشارع في عباءتها السوداء الطويلة. طلبوا منه التوجه إلى العراق. اتصل بها ليخبرها "أنه سيأتي محملا بالهدايا والدولارات وما عليها وأخواته إلا انتظاره في البيت وأن تدعو الجميع".

ها هم أهله في استقباله كبطل عائد. خروف يذبح أمام عتبة الدار. العيون الصغيرة والكبيرة ترمقه وترمق الهدايا المرتقبة. المشكلة أنه رغم تغيير اسمه إلا أن الاسم القديم يلاحقه الآن. أخذ يوزع الهدايا لكن أحد الأطفال طلب منه هاتف جوال لجدته، وآخر طلب نفس الشيء لأمه وخالاته. أخته الصغرى تشكو من "تعبها مع ابنها المريض، وتمنت عليه أن يساعدها في المستقبل، أما أخته فشكت له سمعها الثقيل، أما أخواه اللذان يكبرانه فظهرا له وكأنهما في سباق نحو القبر. كان أخوه الثاني يبدو أكبر من عمره بكثير؛ بسبب الرصاصة التي أصابته في شبابه ومرضه؛ إذن فهو ما يزال حيا يرزق ولم يمت منذ أكثر من عقدين من الزمان...

تساءل الجميع لماذا لم يدرس الفطحل الطب هناك...

"سألته أخته الصغرى بإلحاح وعفوية: عيني عيونك إشكد حلوة، كأنما حاطط عدسات. لكزتها أختها الكبرى كي تصمت بينما حاولت الكبرى الطرشاء أن تسأله عن سماعة أذن".

وطبعا بعد هذا لن ينسى الكاتب أن يذكرنا أن الفطحل كان نائما: "هسه قعدت من النوم وحلمت كأني مسافر للعراق"...

وفي قناة فضائية يشاهد الفطحل مشدوها حوارا سياسيا لا يعجبه فيقوم بمداخلة ثم يلتفت إلى جليسه ويسأله: "بالمناسبة أريد أسألك كان اسمي واضح على شاشة التلفزيون(...) كتبوا اسمي بوضوح؟ كتبوا موقفي الشخصي؟ كتبوا اسمي المنسق العام؟"

ويعرض المؤلف علينا حيرة الفطحل مع زوجته البولونية، وزوجته الأخرى، هو الذي "يعاني من سلب الذات منذ طفولته"، وكان قد طلق امرأته العراقية، وصار يرزح تحت أنقاض اختياراته، البولونية فارغة، ثلاثينية تصغره بعقدين. "عسى ولعلها فعلا حامل مني مو من شخص آخر غيري، يا رب تكون حبلى مني". ويتذكر امرأته الأولى العراقية التي كثيرا ما طلبت منه أن يعرض نفسه على طبيب لأنه عاقر!. هل يقدر أن يسأل البولونية إن كان فعلا أبا للجنين. "راح تثور وتزعل وتقول إني عربي متخلف".

وها هو حلم آخر يجيء ويسقط الفطحل من مكان شاهق لكنه يفتح "عينيه مبتسما: عايش! اطمئن آني عايش، آني بزونة(قطه) أم سبع أرواح".

وها هي البولونية تهاتفه: "ألا زلت نائما أيها الأمير؟ إلى متى تبقى على هذا الحال؟ أَفِقْ لنفسك أيها الطفيلي؟ اُخرُجْ يا فارغ واِبحثْ لك عن عمل يفيدك، ستصبح أبًا عما قريب، هل تفهم؟ حاول أن تفهم قليلاً ولو أنا يائسة منك يا أبلة لأنك طول عمرك هائم ونائم كأنك محنّط".

 

وينتفض عليها "ها ها، ها؟ ماذا تقولين؟ أي شغل هذا؟ أنا سياسي! أي شغل؟ أنا شاعر! أي شغل هذا؟ أنا معارض للنظام! أنا ضد صدام! هذا شغلي! أنا شاعر! أنا كاتب!".

وتدور رحى الحرب وتلتهب المظاهرات المناوئة لها "صار الفطحل كثيرَ الحضور فـي المحطات الفضائية، وأصبح يرتدي البدلات الأنيقة للغاية وأربطة العنق المورَّدة، المزركشة، ذات الألوان المتنوعة كالأحمر والأرجواني، غالباً ما كان يظهر حليق الذقن مصفف الشعر سبله ويبدو مزيتاً، أصبح وجهه أكبر أو أسمَن وبدت وجنتاه متوردتين رغم سمار بشرته، وأن العز بدأ واضحاً على ملامح وجهه، قَدَّمَهُ المذيعُ بإسمٍ آخر غير الذي إعتادوا عليه سابقاً حيث أصبح اسمه وثّاب عنبر الناطق الرسمي بإسم حزب البرلمان العراقي، تحدث فـي البداية قليلاً عن حياته وقال إن والده اسماه وثّابا تيمنًا بوثبة كانون الثاني، وكانَ مقدّم البرنامج الرجل الكبير فـي السن ذو الخبرة الإعلامية الواسعة يبدو عليه أنه لا يثق بهذه الإدعاءات، ينظر إليه بريبة من طرف عينيه، قاطعه مبتسماً:

- ولكن يا دكتور وثّاب هناك من يقول إن هذا ليس اسمك الحقيقي، يُقال إن اسمك الأصلي: طايع أو طايح، بل إنه عبدالجبار وهو الاسم الذي استخدمته مؤخراً قبل السقوط".

بعد هذا "الموجز" الذي أتمنى أن لا يكون قد سلب هذا العمل حيويته واندفاعه، والذي أرجو به أن أكون قد قدمت للقارئ فكرة عامة وافية، فإنني أرى أن الأمر يتطلب ذكر بعض الملاحظات:

1- نبدأ بالإهداء، "إلى زوجتي فريدة"، فنستشعر الحميمية المطلقة، والوطن المثالي الذي اصطحبه الكاتب معه إلى بلاد الغربة. لكأنه يهدي الكتاب إلى العراق!، العراق الفريد! لذلك أصر على ذكر اسم الزوجة، وهل هناك متفرد كالعراق، ونخل العراق، وسماء العراق!

2- ومازلنا في الإهداء الذي يوجهه الكاتب إلى أبطال قصصه... وليس هناك ما هو أجمل ولا أرقى ولا أنقى من قول هذه الكلمة: "معكم أسخر لا منكم".

3- ومن الذين يوجه لهم إهداءه الشعراء على اختلاف أنواعهم، فمنهم من يستحق التكريم، ومنهم من يستحق الصفع كما قال شاعر.

3- نخرج من الإهداء لنقرأ باستمتاع  ونجد أن الكاتب يمزج بين الخاص والعام؛ فكما صور الفطحلَ صور معه المجتمع العراقي في أدنى صوره السلبية.

4- تركيز الكاتب عل استخدام الحلم وإن كان ينبه القارئ دائما قبل الدخول في مملكة النوم وإلا فبعد مغادرتها، ويصر على هذا الوضوح ولعل معه أسبابه.

5-   لاشك أن الكاتب قصد أيضا تعرية المجتمع العراقي وفضح الشخصية الوصوليه

وتعاونها مع الإحتلال، وعندما وصف ظهور الفطحل في الفضائيات

 فقد كان يعني  مجموعة من العراقيين لفظتهم المنافي فعادوا ينتهزون أية فرصة للشهرة

فوقعوا في فخ نصبوه لأنفسهم. هؤلاء فقاعات ليس لهم في نظره أي دور في العراق. 

كذلك الجو العربي العام من خلال استخدام اللهجات المصرية والسورية وغيرها لكي يؤكد على أننا: كلنا في الفخ شرقُ!!.

6- وأخيراً فيجب التنويه على أن مؤلف الفطحل كاتب له أسلوبه المتميز الذي يعبر بصدق عن شخصيته وانتماءاته. يكتب القصة كأنما يكتب سيرة ذاتية لمؤلف. إن أبطال قصصه يتماهون معه في اغترابه وتشوفه إلى وطنه:"يا ترى هل ستبقى رائحة جريد النخل وسعفه بعيدة المنال؟"

أقول إن مؤلف الفطحل له أسلوبه الساخر المحبب حيث خفة الظل، واللمحات الذكية، كل ذلك لا يخفى على أحد.

تحية إليه وهو في الدنمرك مقيم...

ولعل الملتقى يكون قريباً!.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1137  الاربعاء 12/08/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم