قضايا وآراء

تشخيص نقدي

 يستعين بها الشاعر كمقدمات تدوينية لمجموعته الشعرية تمنحنا مفهوم القراءة الفنية ـ ففي مجموعة همسات شائكة (ومضات) للشاعر (ابراهيم العامري) نقف عند تشخيص مقدمتها للأستاذ الشاعر (عودة ضاحي التميمي) المكثف والجاد ليكون لنا دليل قراءة متأنية تنفتح على مفردات ذلك التشخيص ونقرأ من خلاله المجموعة بما نراه:

 

التشخيص الاول:

امتلاك الشاعر لقدرة فائقة على استيعاب المواضيع أي ثمة اشتغالات ذات مرتكزات مضمونية مشاعة بنهج ساخر ولعوالم السخرية مميزات ترتقي باللغة الى تدفقات المتخيل لانتاج اللامتوقع.

 

(واشتهت فرشوني إلهه ـ گالت أنت أجمل حصيرة) ص5

ومنها ما يرتكز على التقابل بأنواعه البسيطة والمركبة

(دخل دوره يريد يتعلم كلام...

 أو من دخل حذّره الحاجب ـ گله ممنوع الكلام) ص6

 

فروق دلالية تكشف سياقات التكوين المرجعي ـ تناقضاته ـ وعبثيته... بلغة تكاد تكون مباشرة ـ بنمطية دلالية معروفة لاتحتاج الى تأويلات عالية أو استخراجات مضمونية تباين مستويات التدوين الشعري، واشتغالات متنوعة منها عبارة عن ابهامات منفعلة وتدوينات مستعجلة ونثرية لاترتقي الى مستوى الشعرية. ومنها ماهو متوهج ومتوقد وفاعل:

 

 (أكو رگبة تشيل راس ـ وأكو رگبة تشيل كاس... وأكو رگبة تريد راس ـ وأكو رگبة شايله وجه النبي أو ما بيهه راس) ص12

 

 التشخيص الثاني:

 (تكثيف الرؤيا، فهو من المبدعين الجادين في كتابة قصيدة الومضة ـ أما في قصائده الأخر فهو يحاول دائما ان يتخلص من التفاصيل والقشور الخارجية ليعطيك لباب ناضجة وبينة): ففي هذا التشخيص تلميح فطن يشير إلى انه ليست جميع قصائد المجموعة هي من نمط الومضة كما دونتها العنونة (ومضات) بل هناك آليات القصيدة القصيرة؛ فقد حاول الشاعر (ابراهيم العامري) كتابة نص غير معاد ينقل الواقع حسب رؤيا شاعر يعاملها بتصرف لغوي مبتعد عن النمطية.

 

 المهم ان في المجموعة مستويات شعرية غير ثابتة منها ما جاءت على شكل ترهلات واضحة، رغم قصر القصائد وذلك لعدم استقرار قناعة شكلية ذات معرفة تشتغل على مساحة القصيدة، الومضة، فلا هي بالقصيرة كي تعامل معاملتها، ولا هي بالومضة كي تأخذ ميزتها وسياقاتها ـ لكن يبقى النضج فاعلا في قصائد الومضة...

 

 (أكو واحد نسه روحه / فتح دولاب حرب ايران / لگه البدلات مذبوحة) ص21

 

 شاعر كبير يحتاج الى نهضة يتخلص بها من بعض الارتباكات الوزنية ومن ثم الانتباه لاهتمامه المبالغ فيه بالقافية والذي سبب قلقا كبيرا واضحا في عملية التدوين الشعري ولنجد ان سيطرة المضمون اربكت الشكل بل اربكت القصيدة احيانا فخلقت التباين الواضح بين مستويات العرض من قصيدة الى اخرى فهناك قصائد كبيرة لهذا الشاعر وتتميز بنضوج عالي لايقارن ببعض ما ورد في المجموعة ..

 

 (شلت تابوتي اعله راسي ـ رحت ادور لي مكان ـ مسبقا ما حاجز آني - گوّة دبّرت الاچفان - أو من شافني صابه ذهول السيد الدفان - ما أدفنك صاح بيه انت ميت من زمان) ص20

 

 

التشخيص الثالث:

 طرحت المقدمة مسألة مهمة وهي التخلص من اسماء التفاصيل والقشور الخارجية، وهذا يعني تخفيض المحمولات المضمونية، والتي ستزيد في حال وجودها من التعاطف التواصلي، مما جعل المغامرة تكمن في اسلوبية الصدمة أو الدهشة من خلال العديد من العلاقات الدلالية التي تشتغل على مدركات الرسالة الشعرية والمتلقي ينظر خارج المرجعية النصية.. ويتأمل مرجعية واقعية تحمل الكثير من المعاناة النفسية:

(الحرامي ــ ابسرعة يركض ـ تاته.. تاته.. يركض الحارس وراه ـ سمع بالصيدة قوية ركض اسرع والحرامي ظل وراه) ص23

 

 التشخيص الرابع:

(يهتم الشاعر (ابراهيم العامري) اهتماما كبيرا في المحتوى، ولا يهتم في التزويق اللفظي او المفردات والنهايات الرنانة):

 التفكير الكلي بالمضمون هو الذي جعل التذبذب في المستوى العرضي ـ فلو نتأمل جمال ما كتبه هذا الشاعر

(بين الظالم والضحية ـ مسألة حس او عدم..

 هذا تارة عاطفة وحروفه هم

 أو ذاك سوط ـ اتوحم بطبع القصور أو طبعه دم)

 لغة مراوغة مع تحفيزات شكلية كاستخدام بعض (الطقطوقات):

(مامي مامي خايفة لتگولين نامي ـ راح علي بابا بقوا الاربعين حرامي) ص145

 والمعروف ان مثل هذا التعامل مع الرموز يعتبر منبها اسلوبيا يستفز الذاكرة الشعبية...

 

 ختاما نرى ان الشاعر توزع صوته بين مبهم لايفهم وواضح ساذج وبين شعرية عالية تدل على شاعرية الشاعر ابراهيم العامري في مسعى شعري كان لابد ان يشذب

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1142  الاربعاء 19/08/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم