قضايا وآراء

معطيات السرد الشعري ... قراءة انطباعية في مجموعة اغاني الضوء للشاعر ميثم العتابي

عاد الشاعر( ميثم العتابي ) بعد خمس سنوات متأنية ليصدر مجموعته الشعرية الاولى ـ أغاني الضوء ـ والتي تضمنت العديد من التنويعات الشعرية من حيث الاشتغال المرتكز على اسلوبية التعبير الحداثوي ـ معادلات موضوعيةـ ذوبت الاحساس الاغترابي النفسي لتحوله الى رؤى فنية تحمل رؤية الشاعر عبر زحزحة المألوف والارتكاز على بعض تنوعات الاشتغال الشعري مثل التضادات شكلا ومضمونا وهي متغيرات دلالية تساهم بحضور المعنى للتعبير عن الفاعلية الحركية المستمرة سيعطي انماطا تصويرية تتدفق دلالتها كطاقة تعبيرية فاعلة

 

 (في البعيد ـ

 حيث هاوية وجسر لمعبر الارواح ,,

 ثمة حذاء يلتصق بقدمي يثقل أكتاف الآخرين ) ص12

 

 فشكل تضاداته (هاوية ـ جسر) (قدم ـ اكتاف) ومثل هذه التضادات تكشف عن مديات التوتر الحياتي ـولذلك نجد ان ماهية الفعل الشعري كتكوين سعت الى احداث بنية تكرارية تضيء عبارة جديدة لكسب دهشة التلقي وذلك لإختلاف مرورها على المكرور المغاير، (ثمة طفل أعمى) و(ثمة ماخور للحزن وقنان فاغرة) ويشكل بعض التكرار لديه لازمة مثل (ثمة عطر يشبه رقص صوفي يتغلغل في حنجرتي) ونلاحظ تلذذه بتكرار مفردة الحذاء فالأحذية كثيرة لدى الشاعر ميثم العتابي، وقيمة التكرار في جذب مساحة مضمونة للإشتغالات الشعرية، ومنها بناء المفارقة والملاحظ انها متكأ واسع لكثير من شعراء قصيدة النثر لكونها تشكل منطقة حرة يستطيع من خلالها الشاعر ربط مفاصل القصيدة بينما يرى بعض النقاد انها غير ضرورية لبناء قصيدة النثر، ومن ضمن محتويات الشاعر ميثم العتابي هي الجمل الاستنتاجيةمنه لتنامي المضمون وتدفقه، (تشعل غربتي بهذيان الغرفة، فأتعرى في اللحظة من كل ذنوبي) ص15 وتنامي الفعل الشعري بعدة وسائل منها استغلال السردية بغية الوصول إلى سعة مضمونية تعزز الرؤية لكونها تختلف عن معطيات السرد الصافي فهي سردية شعرية غير محددة العوالم والمعالم، لها تعددات فضائية وتفجير لغوي يفتح أفاق تأويلية فالسرد العتابي محمول شعري مكون من انزياحات لغوية شكلت لوحات سريالية تكونت عبر العديد من الاشتغالات المتنوعة منها السعي الاستفهامي والذي يعتبر من الجواذب الشعورية التي تثير التلقي وتأنق المنجز (ماذا يتمنى الطائر في عيد الميلاد) (من أين يجيء الحزن لرسم القصيدة) وهناك محاذير نقدية كثيرة ترى ان أدوات التشبيه تضعف بنية القصيدة وتضعضع بنية الصورة الشعرية لكني لم أجد مثل هذا التشخيص في الجمل المشبهه التي استخدمها الشاعر والتي سعى لإستغلالها لتوسيع الرقعة الوصفية (حين يعبر الليل على جثتنا وحيدا، كمعبد غريق) (آه .. تلسعني فيها الابيات كآيات إله كبرى)

 

نجد ان ثمة محاولة للخرق، خرق الذاكرة المصطلحات، الذات، ولكون قصيدة النثر رهينة التأويل، سيجعلها عرضة لأدلجة القراءة وليس أدلجة التدوين، فتصادم الدلالات سيربك المضامين المستلمة، في حال نجد ان التوغل الى العمق النصي سيعيد توازن ما أثير حفيضة المتلقي التي يمكن ان نسميها جرأة المضمون، فموضوعة (الراهن) في قصيدة النثر أغلبها مكونة من عنديات التلقي فنعتقد ان مثل القصائد ستسعى ذات يوم الى كسر نمطية النخبوية وتذهب الى تعميم قرائي من خلال مكونات الدهشة بما اسميته (تداعيات مستقبلية) قد يكون هذا التشخيص منمقا لكن هو الاقرب الى تماثل ماهية المجموعة .. مبارك للعتابي اغانيه

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1144  الجمعة 21/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم