قضايا وآراء

قراءة في كتاب الامام علي نموذج الإنسانية

 الزمنية المتعاقبة سيتركنا أمام أمرين لاثالث لهما فاما ان نبقى في العرض التلخيصي المكرر او نحاول تجاوز تلك التدوينات المتراكمة بتأملات واعية مدركة ساعية لتأسيس ينهض بجملة رؤى جادة متوائمة مع عصر التدوين في أمكانياته البحثية ليكون حصيلة هذه القرون وما ورد فيها من متابعات بحثية جادة تخص سيرة الامام علي عليه السلام من كل جوانبها وهذا ما يبرر السؤال الذكي الذي طرحته لجنة التحقيق هل تعد الكتابة عن أمير المؤمنين (ع) بعد كل هذه التدوينات الدقيقة والمثابرة من جهابذة العلم شيئا من فضول الكلام أم ان الموضوع يتسع من حيث المضمون وحيثيات معناه لتصل اللجنة بعد تحليل مبسط الى ان لااسراف في الكلام عن أبي الحسن عليه السلام.   

 

 وخاصة عندما يكون مسعى الكاتب هو البحث عن انموذج انساني متكامل كمسعى الكاتب صباح محسن كاظم في كتابه المعنون (الامام علي (ع) نموذج الانسانية) وهو من اصدارات شعبة الاعلام قسم الشؤون الثقافية والفكرية في العتبة العباسية المقدسة ومن تحقيق وحدة الدراسات.. التي ترى ان سيرة الامام علي عليه السلام تمتاز بالسهولة والتعقيد في آن واحد ومن هذا التباين الذي تراه وحدة التحقيق تنبثق الرؤية الجوهرية في بلورة الوعاء الخاص العام الذي احتوى عوالم هذه الشخصية النادرة ومنبع السهولة لانسجامه مع الفطرة السليمة لأمام معصوم وفحوى التعقيد الناتج من ارهاصات زامنت مرحلتين اساستين من تاريخ الاسلام وكانت هي النواة الاولى لتشعب رؤ ى المسلمين ومناهجهم في مختلف الميادين مقاربات رؤيوية كثيرة أتخذت صحوة الوعي سبيلا للوصول الى التماس الامثل مع البنية التكوينية لمنجز الامام علي عليه السلام ومجرد توضيح ان جميع مايكتب بجدية حول شخصية الامام عليه السلام لايتمثل في البحث التقيمي عن الشخصية، قوامها الفكري،الانساني او عن المنجز الذي هو نموذج من نماذج العطاء الامثل المستند على عقلية معصومة وانما ما يطرح من تأملات فكرية هي استنتاجات ما نستطبع ان نستلم منه ونتحاور معه ولو كان من الممكن احتوائه لأحتوته قبلنا الاجيال المتعاقبة ويرى الكاتب صباح محسن كاظم ان المنجز تمثل فيه الذوبان الالهي ـ يذهب الى نقطة ذكية وهي توحد الانماط السلوكية المتعددة والتي توحد جميع صالحها في شخصية الامام علي عليه السلام وحتى الصفات والسمات المتضادة .. فهو صاحب القلب الجريء في الميادين والباكي في المحاريب واللين اللين عند الصفح وعند لقاء الفقراء .... ثمة ملاحظة يرجى الانتباه عليها ...اذا كان المسعى التدويني يسعى باتجاهات النقد التقيمي او الاحتجاجي فمن حق الكاتب  أن يدعي تجريد العاطفة عن شخصية الامام علي عليه السلام ... أو يجاهر بخلو البحث عن الميول تجاه الرمز التاريخي ولكن ان اكتب بمسعى تنويري تثقيفي يعتمد على احتواء المنجز واظهار خصال مبدعه فنظرة الاستبصار هنا لايمكن ان تضعف اذا اقترنت بالعاطفة وبالميول اتجاه المكون الرئيسي للبحث بل اراه في حال وجود العاطفة سيمكن الدخول بشغف الى جميع معالم الشخصية والمنجز ولا يمكن دون هذا الاستبصار ان نعطي ولو شيء قليل لاستحقاقات هذه الشخصية العظيمة او غيرها من شخصيات التاريخ ..علينا ان ندرك التنامي الزمني الآن وأن لا نخشى اي تضاد فكري ولا نحسب له أي حساب فهو ايضا له مكوناته التأثيرية والتأثرية وله احكام مسبقة في قضية التاريخ وقد اغلق على بعضها  ومثل هذا التحصين ليس له شأن في عملية الغاء الآخر لكن عاطفة الكاتب وميوله جزء من التدوين ولايمكن لكاتب ان يتحاشاها ليكتب دون انسانيته ... فمثلما يكتب الآخر عن رموزه اكتب انا عن رموزي وبميول شديدة .. ولكي ينصهر الوعي التدويني بمكونات التلقي العام ذهب المؤلف الى منظور الاحتواء الاشمل مع ذكر مقاربة تحليلية لكل موضوعة من موضاعته كبنية المكان الاقدس للولادة وفي اربعة عشر باب قدم فيها صباح محسن كاظم شخصية الامام علي (ع) ومنجزاته الفخر بشكل علمي يساهم في بلورة علمية النهج والتي صارت بالفعل منجزات علمية تمحورت في الغاية التكوينية  فقد قدم لنا صباح محسن كاظم موضوعا متنوعا متكاملا مبذول الجهد مبارك

 

علي حسين الخباز

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1145  السبت 22/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم