قضايا وآراء

نازك الملائكة وشمسها التي وراء القمة .. في الذكرى الخامسة لوفاة الشاعرة / هاشم عبود الموسوي

وكتاب واحد في علم الاجتماع. كما ان للمؤلفة رواية بعنوان ظل على القمر في اربعة فصول وهي مخطوطة بقلمها، وقد كتبتها في عام 1977، واعتقد بانها لم تنشر ..ولم استطع ان اعثر عليها او اقرأها.علما بان منزل الاديبة الكبيرة في بغداد، تعرض للسرقة في عام 1996.

واما مجموعتها القصصية الوحيدة (الشمس وراء القمة) فقد صدرت عن المجلس الاعلى للثقافة في الكويت في عام 1997 ويقع هذا الكتاب في 203 صفحة ويضم سبعة قصص :ياسمين، وظفائر السمراء عالية، ومنحدر التل،  والى حيث النخيل والموسيقى، ورحلة في الابعاد،  والشمس التي وراء القمة، وقناديل لمندلي المقتولة

وقد قدم وعلق عليها كل من ولدها البراق عبد الهادي، وزوجها ابو البراق عبد الهادي محبوبة

ويعد الكتاب من الكتب القليلة التي تناولها النقاد والذي قد لا يعرفة الكثيرون، وانا في هذه القراءة للقصص والعرض المتواضع للكتاب اعترف باني اتعلم اكثر مما اعلم .

سبكت المؤلفة كتابها بلغة فصيحة بليغة مكثفة ومشرقة استقتها من موهبتها الشعرية وتقنياتها، فهي تصف احاسيسها والخلجات التي تتصارع في داخلها بلغة اقرب الى الشعر منة الى النثر ..وخاصة في اول قصة (ياسمين) التي تسرد بها مشاعر الغربة عندما رحلت الى امريكا ..وكما في اشعارها فان نازك في قصصها ايضا تحاول اقناع القاري بموضوعية الحزن، ولو انها تعتمد الايحاء بدلا من المباشرة، وذلك من خلال عرض المواقف الصعبة والحساسة في اطار حوارية تدوير بين شخوص قصصها ..وفي بعض قصصها يشعر القاري بانها تؤدي مونولوجا داخليا، رغم أنها تغطيه باساليب الديالوك بين شخوص قصصها الذين يغلب عليهم أن يكونوا مغمورين ولا يرقون الى البطولة والبطولية، فهم من قلب الحياة اليومية للقاصة يجمعهم مكان واحد وزمان واحد على خلفية الحدث والوضع المراد الحديث عنه .. لقد حاولت القاصة الشاعرة أن تنسج في مجموعتها دراما قوية بدفقات مشاعرية قوية تمتلك التأثير وتعوض عن حبكة الحدث الذي غاب عن بعض قصصها، تمزجه بتنويعات كثيرة، تتظافر جميعها لترسخ فكرة القصة وسرد الأحداث لتكون متحدة ومنسجمة دون تشتيت، وقد نجحت في اضاءة الأبعاد الرمزية لها،لادخالها في وجدان القارئ..

في قصتها " الشمس التي وراء القمة " تتحدث هذه القصة عن تجرية الولادة لدى المرأة وأبعادها وتسقطالكاتبة فيها الأحداث المروية على الواقع الذي يعكس تجربة حقيقية تكون مرت بها خاصة وأن الأحداث مشابهة لواقائع حياتية سابقة .

وأما في قصتها "ظفائر السمراء عالية" وقصتها الأخرى "ياسمين" فهي تروي فيها حكايا ومغامرات مجموعة من عائلة تربطهم صلة القربى وهي تمثل في كثير من ثناياها وقائع وشخوص حقيقية عاصرتهم الكاتبة وعاشت معهم سني حياتها الطفولية من ابناء العمومة والخؤلة  وانطبعت في مخيلتها حكاياهم التي حاولت عكسها بشكل عفوي في هذه القصص .

بشكل عام لم تكن هذه المجموعة تقليدية مطلقة برغم اننا نشعر ونحن نقرأها بأنها تقوم بانجاز محيط حدثي مباشر وعلى لسان صوت القاصة نفسها، وليس على لسان الراوي أو أحد شخوص تلك القصص .

 المكان في قصص نازك تمثله ككيان يحتوي على مجمل التفاعل بين الأنسان ومجتمعه، لذا فهو يحمل جزءا من اخلاقية وأفكار ووعي ساكنيه وهو لديها الجغرافية الخلاقة وجزءا من الحدث . والأحداث لديها محددة بدقة بامكنة وأزمنة..ولو درسنا الزمن في قصصها، لعرفنا مستويات الخلق الفني لدى القاصة، من خلال تفاعلها مع الأحداث والشخصيات في زمنها المحدد. في التشكيل الظاهري لبيت الطفولة الذي ترعرعت فيه نازك نحس به كأنه وعاء وفد اكسبته تشكيلة جمالية خاصة، وبحرفية عالية تصف مكوناته ذات المسميات الشعبية، والتي لم تعد تستعمل حاليا في مفردات لهجتنا المحلية، مثل الليوان والأرسي وسرداب السن والرازونة والطارمة والكبشكان وهي من اوصاف لبيت الطفولة الذي سكنت فيه، فقد اضطرت الأديبة الكبيرة أن تضع فصلا أخيرا في كتابها بعنوان ملاحظات، شرحت فيه باختصار تلك المفردات والمرافق التي ربما لا زال يتداولها محبوا التراث . وقد يجهلها عامة الناس.

أتمنى انني استطعت أن ازيل الغبار عن كتا ب ظل مركوننا في رفوف المكتبة .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1781 الثلاثاء: 07 / 06 /2011)

 

 

 

في المثقف اليوم