قضايا وآراء

الحياة السرية لراقصي الباليه

يغمغم بكلام حول الباليه وكيف انه احد الطرق لكسب الرشاقة واللياقة، ولكن من الواضح انه لم يكن مقتنعاً بهذا الشيء. يقول الراقص "في الحقيقة انا اتدرب على احدى الرقصات حالياً واحياناً اشعر بأنفاسي تتقطع" وهذا ما يفسر شرائه لعلبة من الفيتامينات، يضيف " يمكنك دائماً التخلص من التعب عن طريق تناول الفيتامينات".

روبرت بنفاذر يقف على شرفة مبنى فرقة الباليه الملكية والمطل على الحديقة الكبيرة، لقد جاء لحضور الدرس التدريبي الصباحي وكما يقول "اذا فاتك درس واحد فأنك انت من سيلاحظ ذلك، اذا فاتك درسين فأن زملائك هم من سيلاحظون ذلك اما اذا فاتك ثلاثة دروس فأن جمهورك هم الذين سيلاحظون ذلك "، كل ذلك اصبح افتراضات منذ ان اعلنت فرقة باليه مدينة نيويورك انهم وبسبب التغيرات الاقتصادية سيعملون على تسريح بعض الراقصين هذه الايام لذلك لا احد يهتم اذا فاته درس ما.

بالطبع لم يكن الوضع او حتى بنفاذر هكذا دائماً، " عندما التحقت بالفرقة الملكية لاول مرة كنت في الثامنة عشرة من عمري ولم اكن ملتزماً بما فيه الكفاية، كنت احضر الدروس التدريبية ولم اكن مدركاً لما كنت افعله، حتى انني لم اكن قادراً على حمل ورفع زميلاتي الفتيات " كان يتكلم وهو ينظر الى بقية الراقصين وهم يمطون اجسادهم بكل خفة، " لقد كبرت بسرعة، كان يجب علي ذلك لان الحياة داخل الفرقة الملكية للباليه تنافسية جدا ".

ومما لاشك فيه ان فرقة الباليه الملكية تعد ثالث اكبر الشركات المختصة بهذا المجال في العالم، بنفاذر يعلم انه محظوظ جداً لعمله في ذلك المكان، ورغم الجمال والروحانية التي تحيط بذلك الفن الا انه لا يمكن نسيان ان رقص الباليه هو مجرد وظيفة صعبة وغالباً لا يشكر الانسان عليها حتى لو كنت وصلت بها الى اعلى المستويات فأنك ستواجه العقود قصيرة الامد والبطالة المبكرة.

منذ وفاة رودولف نورييف لم يعد هناك وجود لراقصي باليه من الطراز الاول كما كان سابقاً، فقد اهتم كثيراً بهذا الفن ولذلك اصبح واحداً من اشهر راقصي الباليه في القرن العشرين. ولد نورييف في عائلة فقيرة في روسيا ومات عندما كان في جزيرته الخاصة التي اشتراها عن طريق الثروة التي جمعها خلال حياته العملية الراقصة، كانت وفاته في العام 1993 خسارة كبيرة ولكنه ظل مصدر الهام ليومنا هذا.

مرتدياً القميص وحذاء الرياضة الضيق والخشن، بنفاذر يقف متباهياً بمهاراته التي تشبه الى حد ما مهارات نورييف، "انه شيء ممتع" يقول بابتسامة " اختلفت ازياء الباليه كثيراً الان، الاحذية كانت مصنوعة من مواد منسوجة ولم تكن قابلة للمط مما يسبب الآماً مبرحة في الركبة على مرور الوقت، اردت ان اجرب واحداً من تلك الاحذية الجلدية السميكة المحشوة بالكثير من المواد وعندما حركت قدمي، يا الهي، تساءلت كيف كان الراقصون يتحركون بها؟ ".

عندما كان الجميع يستعدون لدرس التدريب الثاني، ذهب بنفاذر لتناول الافطار، تخيلت ان سيتناول كوباً من الشاي الاخضر او ربما شيئاً من اللبن الطبيعي ولكني في الحقيقة تفاجأت عندما توقف عند مطعم صغير وطلب بيضتان مقليتان، صحنان من اللحم والخضار، قطعتان من اللحم المقدد وصحن فاصولياء مشوي، " يجب ان اكون حذراً لانني استهلك طاقة جسمي كثيراً " ثم اضاف " اذا لم آكل جيداً سيضعف جسمي وتصبح زميلاتي الفتيات في خطر لانني لن اعود قادراً على رفعهن خلال الرقصة، بالطبع لا يمكن المخاطرة بارواحهن".

وصول بنفاذر الى هذه المراحل المتقدمة كان وراءه اسباب كثيرة احدها هو انه شخص يمكن الاعتماد عليه ولذلك وفر له راقصون اخرون فرصة للعمل معهم وهو بمثابة مكافأة له ثم ان هناك السحر والجاذبية اللذان يمتلكهما بنفاذر وهو امر ضروري ان تحاول اظهار سحرك في الرقص والاداء.

لورين كوثبيرستون كانت الراقصة الاساسية في الفرقة عندما سحرها بنفاذر بادائه، " يمكن ان يكون جسمي رشيقاً الى حد ما ولكنه ليس قوياً وهو امر دارج هذه الايام، كل شيء تعدى حدوده الطبيعية وقد لاحظت ان معظم الفتيات نحيفات بشكل لا يعقل اما الراقصون فهم وسيمين ونحفاء ايضاً ".

البعض يدرس تدريب المسرحيات الراقصة وهي عبارة عن خطوات الرقصة لكنها مكتوبة على سلم موسيقي، كل خطوة من هذه الخطوات تمثل جزءً مختلفاً من اجزاء الجسم. تجرد وتفصل الحركات لتوضح حركة كل جزء اثناء الرقصة. ان جميع الراقصين يقولون ان مصمم الرقصات هو النجم الحقيقي للباليه، فالراقصون هم مجرد ادوات تملى عليهم ما يجب فعله ليصوروا مدى براعة ذلك المصمم.

وكراقص باليه، يقول بنفاذر " لا يوجد الكثير لتغييره في الرقصة، فالمصمم جوهان صمم (لا سيلفايد) في لحظات وكانت له رؤية واضحة جداً عن دور كل واحد منا، كل الافكار كانت مطبوعة في عقله ولا مجال لتغيير شيء فيها، تقنياً اذا كنت تقدم البروتة * يمكنك ان تقوم بهذه الحركة لمدة طويلة ما دمت منسجماً مع الموسيقى ومن هنا نفهم ان لا وجود لقوانين وضعية في رقص الباليه، صحيح انه اداؤك انت ولكنه في الوقت ذاته نتاج افكار شخص اخر".

ان راقصي الباليه متعودون جداً على العناق والقبل فيما بينهم ومن الطبيعي ان تنشئ علاقات ودية بينهم في مثل هكذا اجواء مبنية على الالفة والدفء. مارا غاليازي راقصة باليه تزوجت من احد الفنيين العاملين في مسرح الباليه الملكي، "كان يقول لي دائماً ان هناك الكثير من الرجال الوسيمين حولك طول النهار بأجسامهم المتناسقة، لماذا اخترتني انا بالذات، فأنا بدين وضخم، لكني قلت له : هنا يكمن الجمال الحقيقي للامر، فأنا اعيش وسط الكمال واراه كل يوم". واثناء وقوف الراقصين في طابور انتظار التدريب يمكنك ملاحظة مدى تناسق اجسامهم فاما ان يكون احدهم قد ولد برأس صغير، رقبة طويلة او جذع قصير. غاليازي الراقصة الاساسية تعمل في الفرقة منذ عام 2003 وقد كانت احدى المحظوظات، تقول " في الحقيقة لم امتلك يوماً جسداً مرناً، صحيح انك تصبح مرناً بمرور الايام ولكن هناك حد يتوقف الجسم عنده لذا عليك ان تتدبر امورك".

ان ايجاد حدود لقدرة الانسان شيء محزن ومؤلم، راقص الباليه المثالي يجب ان يستغل كل شيء ليبلغ الذروة، يبدأ استغلاله لجسمه من الورك نزولاً الى الركبة، الساق، الكاحل ثم القدم، واذا لم يكن دوران الساق بطريقة طبيعية مرنة فأن الراقص سيصاب بعدة اصابات قد تؤثر على مستقبله وهذا ما نلاحظه من خلال اعداد الاربطة والمشدات التي يضعونها بعد كل اصابة يصابون بها.

لفترة من الزمن كان بنفاذر يرتدي حزاماً سميكاً لشد وتقوية ظهره وغاليازي ايضاً كسر لها اصبع في بداية احترافها الباليه. يكون احياناً من الصعب تجاوز الالام التي تسببها هذه الاصابات خصوصاً ان الراقص يتدرب طول الاسبوع مهما كانت كمية الكالسيوم والكلوكوز التي يتناولها. " الركبة تتمطى بشكل يتعدى الطبيعي، ساقاك فوق رأسك وظهرك دائماً منحن" غاليازي تقول ثم تضيف " لا اعتقد انها طريقة مثالية للتدريب".

كوثبيرستون تعاني من مشكلة في قدمها اليسرى حيث تعرضت لالتواء في عظم المشط، تقول " في كل مرة اقوم بحركة ما باستعمال قدمي يعود فيؤلمني وانا اعلم انه لن يتحسن ابداً، لا يوجد تدفق للدم في تلك المنطقة ولذلك فهو لن يشفى ولكنني اكتشفت ان الوخز بالابر ساعدني كثيراً لانه ينشط تدفق وجريان الدم ولكن للصراحة اعتبر ان الاسترخاء واخذ قسط كافي من الراحة هو اهم شيء".

احد المعالجين الفيزيائيين في فرقة الباليه الملكية يقول ان الراقصين كانوا بصلابة الاظافر، المعالج بدأ عمله في الساعة الثانية ظهراً وبالنسبة للراقصين الرجال حيث القفز والحمل يجهد اقدامهم وبذلك كانت اصاباتهم في كواحلهم اما بالنسبة للفتيات فنصيبهن مسامير القدم والتهاب الابهام كنتيجة لوقوفهن على اصابع القدم واثناء اداء حركة الوقوف على اصبع القدم يكون ثقل جسم الراقص كله متمركز على اصبعه مسبباً اقداماً ممزقة ومخدشة، عظاماً مكسورة ونزفاً في الاربطة خلال الاداء. الامر كان اسوء عندما كانوا يؤدون رقصة بحيرة البجع التي تحتوي على حركات الركض اللامنتهية على ارطاف الاصابع الامر الذي جعل مهنة معالجة الاقدام مزدهرة!.

يقضي الراقصون وقتاً من التدريب في مراقبة اجسادهم وكل زاوية من جسمهم في المرآة، يقول بنفاذر " انه فن مرئي لهذا يجب الانتباه دائما الى مظهرنا وهذا لا يعتبر غروراً رغم وجود بعض الاشخاص المغرورين الذين يعتنون بمظهرهم ليس من اجل اللياقة وانما من اجل التباهي. بالنسبة لي انا لم افعل ذلك مطلقاً حيث يجب دائماً فعل ما هو ضروري لجعلك تبدو مناسباً للدور الذي تقوم به".

الراقصة جيلسي كيركلاند شعرت بالحاجة الى تحسين مظهرها لذلك خضعت لجراحة تجميلية في منطقة شحمة الاذن وقامت بتصغير انفها وتكبير شفتيها ومنطقة الصدر عن طريق ابر السليكون. في كتابها الذي يحمل عنوان DANCING OVER MY GRAVE او الرقص فوق قبري، تروي كيركلاند قصة صراعها مع الادمان والمخدرات والاعتلال الغذائي كما تروي قصة مصمم الرقصات الذي يدعى هايدي غينثر والذي توفي عام 1997 نتيجة الاعتلال الغذائي الذي اصيب به وقد كان حالة استثنائية لا يزال الراقصون الصغار يتحدثون عنها.

كل شيئ متعلق بخلق الكمال وفي كل مرحلة، لدرجة انه في احدى المرات اقترح على كوثبيرستون تغيير اسمها لانه لم يكن مناسباً ولكنها رفضت، " قالوا لي حاولي استخدام اسم اخيك واخي اسمه آرون ماثيو كوثبيرستون، ان اسم لورين ماثيو يوحي وكأنه اسم لمساعد ساحر، ثم قالوا استخدمي اسم امك واسمها لويس وكذلك جدي اسمه لويس لهذا سيصبح اسمي لورين لويس لويس وهو غير مناسب ولم اقتنع بكل تلك المحاولات، الدقائق الـ75 التي نقضيها في الدرس تتبعها ست ساعات من التمرين وغالباً ما تكون دون استراحة يمكن للراقصين خلالها التدريب على اربع رقصات مختلفة كل يوم، كأن تكون رقصة مستوحاة من خرافة او قصة حب فاشل او يمكن ان تكون دراما كوميدية كما ان وجود هذا العدد الهائل من الالحان والادوار التي يجب اتقانها وتقديمها كلها هو ما جعل العمل في فرقة الباليه الملكية ممتعاً، وهذا هو بالضبط ما احبه ".

من المغري التفكير ان رقص الباليه لم يتغير منذ تقديمه لاول مرة في المسارح الفرنسية بدايات القرن السادس عشر لكنه ايضاً في تطور بطئ. غاليازي تستعد الان لاداء رقصة THE FIREBIRD او طائر النار التي كتبها سترافنسكي عام 1910، تقول "بالرجوع لتلك الايام، لم يكن الراقصون يتمتعون بتلك اللياقة العالية حتى اقدامهم وسيقانهم كانت اقل انحرافاً لكنهم كانوا فنانين مذهلين، الان انا انصح الراقصين الجدد بالتفكير اكثر في مسألة التقنية التي يستخدمونها ".

هذه الايام وبتطور العلوم والتكنولوجيا اتجه الراقصون لانظمة التمرين التي تستعمل فيها الات مصنوعة من الخشب ذات اقراص دوارة وبكرات مزودة باثقال لتقوية عضلاتهم بحركات متتابعة دورية، وهذا النوع من التمرين يشبه الى حد ما رياضة اليوغا في اصوله وطريقة التنفس، كما ان اجسامهم تكون تحت المراقبة عن طريق جهاز كومبيوتر. تقول كوثبيرستون   " العلماء والمختصون بالرياضة مهتمون جداً بالطريقة التي نتمرن بها وكيف نقوي وننمي عضلات معينة دون غيرها. في الماضي وعندما كان الراقص يتعرض لاصابة كان يذهب ليرتاح فقط وعندما يتعافى فأنه يرجع الى الرقص من جديد، اما الان وبسبب تقدم العلم استطعنا معرفة ما سيؤول اليه وضعنا ان تعرضنا لاصابة ما ولكننا عندما نكون على المسرح لا نهتم بأمر العضلات وصحتها، المهم لدينا ان نمتع الجمهور ونحرك احساسه. ان الامر عندما يتعلق بمسألة بالتقنية التي تستخدمها في الرقص من السهل على الراقصين نسيان التمثيل، ومن الممكن ان تقضي سنوات وسنوات في محاولة تطوير الحركات والرفعات ولكن ما ان تنظم لفرقة ما فأن اول شيء يطلبونه منك هو التمثيل ومدى براعتك فيه وحينها لن تصبح راقص باليه ولكنك ستتظاهر بأن تكون فلاحاً، فتاة ليل او ربما غجرياً ". انظمت كوثبيرستون الى الفرقة الملكية للباليه بعد ان بدأت دراستها وهي بعمر 11 سنة في مدرسة الباليه الملكية في   RICHMOND PARK، لم تكن لديها ادنى فكرة عن مدى صعوبة التمارين التي ستؤديها، قالت " انا اتعلم كل يوم شيئاً جديداً حتى قدرتك على الاحتمال تصبح اكبر وتشعر انك اصبحت قوياً كالآلة ". لم تشعر كوثبيرستون يوماً ان طفولتها سلبت منها بالعكس فقد كانت سعيدة جداً وحسب قولها " ما زلت اتصرف تصرفات صبيانية، كنت دائماً امرح واحتفل بعد كل عرض اقدمه بينما كانت الفتيات الاخريات متوترات جداً بسبب اخطاءهن البسيطة، انا ايضاً يمكن ان اكون ارتكبت اخطاءً ما هنا او هناك ولكني كنت اتجاوزها بسرعة وعندما كنت بعمر الثالثة عشرة اخبروني انني لو استعجلت الامور لن انجح ابداً وقد علق هذا بذهني منذ ذلك الوقت وادركت ان الباليه هو الشيء الذي اريد ان افعله طوال حياتي".

اما بنفاذر فأنه اتجه الى رقص الباليه لان اخته كانت راقصة باليه وقد احبه كثيراً، يقول " لقد احببت الباليه لكني عندما ذهبت الى مدرسة مختلطة في مدينة مادينهيد بدأت الامور تسوء فالصبيان هناك لم يكونوا يعرفون شيئاً عن الباليه وكانوا يعتبرونه شيئاً خاصاً بالفتيات وبدأوا يسمونني بأسماء مضحكة، كنت اعرف صبياً تعرض للضرب المبرح وكسرت ساقه بسبب اداءه الباليه، كان الامر مريعاً وفي مرحلة ما كنت قد وصلت لقرار التخلي عن الباليه لكن اهلي تدخلوا وساعدوني وساندوني في الوقت المناسب وانا سعيد لانهم فعلوا ذلك ".

لكن سرعان ما ينتهي كل شيء فغاليازي وهي بعمر 34 عاماً الان تفكر بمستقبلها، "شيء مضحك، الان فقط بدأت احس اني اصبحت ملمة بكل شيء عن المسرح والباليه" لكنها ما تزال ترغب في تكوين عائلة وانجاب اطفال. احدى الراقصات واسمها دارسي بوسيل عادت الى المسرح بعد زواجها وانجابها وعندما عادت كانت افضل من قبل، لقد ادركت ان هناك حياة اخرى خارج اسوار الباليه، والذي يحصل لدى معظم راقصي الباليه هو انه كلما كبرت ونضجت احاسيسهم ومشاعرهم كلما قلّت وتضاءلت قدرتهم البدنية.

رغم ان كوثبيرستون وبنفاذر ما يزالون شباباً وناجحين في عملهم الا ان فكرة التقاعد تدور بخاطرهم طول الوقت. يقول بنفاذر " عمري الان 24 عاماً لهذا لم يبق لي سوى 12-15 سنة كحد اقصى لممارسة رقص الباليه بعدها ينتهي كل شيء واراهن بأني سأشعر نفس ما اشعره الان". الكثير من راقصي الباليه الكبار في السن اتجهوا الى التدريس لكن بنفاذر مقتنع انه سيتوصل الى فكرة مغايرة في ذلك الوقت على سبيل المثال دروس الاخراج السينمائي، كوثبيرستون تريد قضاء وقتها في التسوق والتجوال حول العالم اما غاليازي فتريد العودة الى تأليف المقطوعات الموسيقية، مهما كانت القرارات التي قرروا اتخاذها فأنه من المستبعد ان يكون لديهم راتب تقاعدي يمكن الاعتماد عليه.

بعض الراقصين الاساسيين في الفرقة الملكية ناقشوا مسألة الرواتب والبعض الاخر عيّن وكيلاً ليناقش الامر بدلاً عنه، يقول بنفاذر " عندما بدأت عملي في الفرقة كنت اتقاضى راتباً شهرياً مقداره 1100 يورو، اما الان فانا استلم 1500 يورو وهذه الزيادة في الراتب تتم حسب التدرج حيث يبدأ الراقص من فنان اول ثم راقص فردي بعدها راقص فردي اول حتى يصل الى راقص اساسي، لكن الزيادة الكبيرة في الاجور تكون عندما يصبح الراقص مشهوراً واسمه مرتبط بكثير من الاعمال المعروفة. نورييف كان اغنى راقص باليه حيث حقق ثروة تقدر بـ 80 مليون دولار بينما تتراوح ثروات راقصين اخرين ما بين 15- 25 مليون دولار، لكن هناك تقارير اعدت في فترة ازدهار رقص الباليه عام 1977 تشير الى ان الراقص كيروف اميغريس كان يحقق 10000 دولار عن كل دور يؤديه، اما الراقصة سيلفي غويليم فكانت تحقق ايضاً الاف الدولارات عن كل رقصة تؤديها في اليابان ولم يكن لها مثيل في الاداء ابداً ".

تقول كوثبيرستون " في وقتنا الحاضر يبدو ان لا مجال لسيلفي غويليم ثانية، في العصر الذهبي للباليه كان راقصو الباليه بمثابة خبز المجتمع، كم تمنيت ان اكون راقصة في ذلك العصر وانضم لفرقة الباليه الروسي، تمنيت ان اسافر بالقطار مع دياغليف، كان الراقصون انيقين جداً وكانوا نخبة المجتمع حيث كان الناس يتطلعون اليهم بكل احترام وتقدير اما في ايامنا هذه فأن فن الباليه وبالنسبة للكثير من الناس هو شي من التاريخ ولا يمكن ان نجده الا في المتاحف ".

 

.................

* البروتة: دوران في رقص الباليه على قدم واحدة او على اصابع القدم.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1165 الجمعة 11/09/2009)

 

 

في المثقف اليوم