قضايا وآراء

كيف تنبثق المعارضة الحقيقية الصحية في منطقتنا

كانت وقوادها اعتلوا السلطة، ومنها استندت على المفاهيم العصرية من اجل فئة او جزء من الشعب، ومنها استحوذت على السلطة دون وجه حق وفي غفلة من الزمن، ومنها استورثتها ابا عن جد وكأن الدولة حكم عائلة ولا تزال المنطقة مليئة بهذه السلطات مهما كانت ادعائاتها وتصنيفها للحكومة التي تديرها . المعلوم طريقة بقاء هذه السلطات على سدة الحكم واعتماداتهم ووسائل حكمهم واتصالاتهم وعلاقاتهم بشعبهم، ومدىرضا المكونات العامة للشعب عنهم. وفي الحقيقة معظمهم لازالت مسيطرة على زمام الامور بالحديد والنار رغم المستجدات والتغييرات العالمية وتاثيراتها على كافة بقاع المعمورة، وتحاول هذه البعض من المعارضة كانت ام السلطة مجاراة مؤثرات المفاهيم العالمية الجديدة وتطبيقها بالطريقته الشرقية المصلحية، وهذا هو لب الخلل في هذا الوقت وما تقع من الخلافات بين المعارضة والسلطة وتصل لحد الانقطاع. في هذا الجو المشحون دائما لانعدام التوافق بين اطراف الدولة، والحكم بمنطق القوة والمصالح وفرض الاراء والمواقف والقوانين، لنا ان نسال كيف تكون حال المعارضة وباية طريقة تعمل وباي منطق تواكب الاحداث وكيف تتعامل مع هكذا حكومات وماهي الوسائل التي تستخدمها، وهي تُحارَب قبل اعلان نفسها كمعارضة وتعيش في ظروف بعيدة عن مستلزمات العصر من الحرية والديموقراطية والتعددية وقبول الاخر .

 

في ظل هذا الواقع ومايفرضه وما موجود من المعوقات امام المعارضة للعمل بشكل سلمي وعلني، ماذا تعمل وما تكون اتجاهها وما مصيرها، وما تدري هي باي ارض تموت، وباية وسيلة تقتل، فماذا تكون اختياراتها لتكون ايجابية وتثمر مواقفها وتعود بالخير على الاصلاح والتغيير في كافة المجالات . في خضم الصراعات غير الطبيعية التي لا تلائم مستوجبات العصر، بماذا نطالب المعارضة ان تتصف وتسمو على الاحداث غير المفيدة وتعلو عن المواقف المحبطة، وما مطلوب منها ان تكون لها مصداقية لوعودها وما تطرحها من المواقف والاراء امام الشعب والمناصرين والمؤيدين لها، وفي المقابل تحاول الحكومة تضليل الناس في سبيل التشكيك بمصداقية المعارضة وما تطرحها، فان لم تكن الحكومة شفافة ونطلب من المعارضة ان تكون واضحة وشفافة في النقد وان تستخدم المكان المناسب في ابداء الراي والمواقف والنقاش، والحكومة هي التي تقطع امامها السبل في ذلك الطرح سوى باستغلال الاكثرية والاقلية او بقوانين عفى عليها الزمن، ويُطلب من المعارضة ان تضحي من اجل المصالح العليا للناس وتكون مستعدة للافرازات والمستجدات والاحداث، وتحاول الحكومة في المقابل استغلال امكانياتها في ضرب وتفريغ تلك المواقف واضعافها في ابسط الاحوال، وهي تحاول بكل جهدها ان تهمل المشاريع والمقترحات الصادرة من المعارضة والتي تصب في مصلحة السلطة نفسها والشعب بشكل عام، لا بل في اكثر الاحيان تنتظر السلطة من المعارضة الوصف والمدح ولا تقبل منها حتى النقد البناء، وان كانت السلطة صائغة للقوانين التي تكون لصالحها مسبقا قبل اي شيء اخر، فكيف للمعارضة ان تتقيد بهذه القوانين بعيدا عن الاحتكاك، وان لم تتوفر ولو نسبة قليلة من الشفافية، فكيف بالمعارضة ان  تجد الوثائق والدلائل والحسابات الدقيقة .

 

اذن، الارضية تتصف بهذه المواصفات والسلطة بهذه السمات، فكيف نطلب من المعارضة ان تكون لها ثمار وهبات، فالمعارضة الصحية كيف تنبثق في غياب عوامل ومقومات ودوافع العملية الصحية للسلطة والمعارضةالتي من الواجب توفيرها لكي تكون المعارضة ايجابية وتعتمد على الوسائل السلمية وفي وضع صحي . 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1166 السبت 12/09/2009)

 

 

في المثقف اليوم