قضايا وآراء

الفتن من المنظورالفقهي إلى حكم التاريخ / الطيب بيتي العلوي

 

مقاربة (أنثروبو - دينية)

 لايوجد تعريف شامل جامع مانع للفتنة...، غيرأنها جاءت في كلام العرب بمعنى : الإبتلاء، والإمتحان، ... - حسب تعريف الإمام الأزهري - ...،

وتأتي في الكتاب والسنة بمعنى : الزيغ عن الصواب، والخروج عن الحق والتنطع في الدين، والغلو فيه، وإتباع المتشابه من القول .

وجماع القول، أن الأصل في نشوء الفتن في تاريخ الأمم والحضارات واحد، ...والفتنة لا لون لهاولاطعم ولارائحة سوى كونها : جبلة متعفنة لرهوط من البشر تفتش لعمل الشرلا لدفعه .....،

ولاتفسيرعقلاني لها، سوىذلك الإستعداد الباطني والنفسي لدى البعض، تتجلى ( - سوسيو - سيكولوجيبا) - في شكل العسكر الذى تسوده بطالة الروح ..، عندما تطغى على عقليات أصحاب هذه التعسكرات، دوافع النفس الأمارة بالسوء، فينزعون إلى أفعال الشر، ويصابون بنشوة إيجاد المشاغبات، ولذةإجادة التحرشات لمجرد تلبية نداءات الرغبات الدنيئة...، بتسويغ إتهام العقل عندالإختلاف، بالمغالاة عند التعالي، والإسراف عندالهبوط، ونكث العهود عند المواثيق، والنكوص عند التكليف، وتفريق الكلمة عند الجمع، والتولي عن الحق بالتأويل، سواء بالمبادرة المبيته إلى غمطه، أوبالإستدراج بالكيد، وترجيح الزيغ والبطلان، وإتباع كل ناعق ومدلس،

 

وبدايات الفتنة يشمها من بعيد كل شريف نبيل نِحرير، ويغمزها كل ضال أفاق مكير، ...

وهي تأويل وتحريف الكلم الطيب عن موضعه، عندما تنكث النكثة السوداء في القلوب الظلمانية المفطورة بجبلتها على الرذائل .. حتى تصيرمثل الحصيرعُوداعُودا، أوعِودا عِودا (من التعود) - كما ورد في الأثرالشريف - ، ولكنها لاتظهرإلاعندما تهيجها المهيجات، وتكتنفها الشبهات، مثل طغيان شهوتي السلطان أوالمال، أولمجردإرضاء نزوات مرضية على سبيل المثال، فتنفضح عندئد وتنكشف...، فيتعملق شنارها، حتى تصبح مثل النسافات تجرف الأخضرواليابس، كما ينسف السيل الدمن، كماوصفها حذيفة بن اليمان عندما قال إياكم والفتن فإنها مثل النسافات

وتنتعش الفتن وتستشري عندما تروج لها الآراء المسخرة كيفما كانت دينية أو إيديولجية، كالفكرالمشترى، والقلم الأجير، والفتوى المغرضة الرخيصة الجاهزة، يتم الترويج لها كسلع بخسة تكون أتعس ما في الأسواق من بضائع، وهي نتاج قلة الورع في الدين، والسخف في العقل والخسة في الأخلاق والإسترقاق في المسلكيات،

 

 الفتن وحكم التاريخ:

مقاربة (أنثروبو - تاريخية)

إن الأحكام في قضايا التاريخ الكبرى لاترحم، مهما تجاهلها المدهنون وتغافلها المدلسون.. !، وكم دفعت أجيال لاحقة أثمان الخطاياالتي تقارفها السابقون، فيأكل الآباء الحصرم (أول العنب) والأبناءيضرسون.... !، ويتحكم الموتي في الأحياء من بعدهم وهم عنها غافلون !

 وما تشهده البلدان العربية ليوم، من المزيد من التصدع الحضاري والإجتماعي بسبب الفتن الحالية ليس عجبا !....، فقد تخلى كبارأئمة المسلمين– في الزمن العربي الصعب - عن غلق أبواب الشر، وعجزوا عن سد ذرائع الفتن ومنافذها ومسالكها الضيقة الوعرة، بتكالب كبارعلامات الأمة بإستصدارالفتاوي التكفيرية المغرضة حسب الطلب، - وللغرابة لصالح القوى الغربيةالغاشمة المنظرة للفتن في كل العالم (العربي – الاسلامي) وخاصة في عالمنا العربي مع بدإالإحتلال الأمريكي للعراق - كتجربة ميدانية عملاتية لتفجير براديغم العنف - ، ولم تعد مفردة الورع - في عقلية معظم علماء السوء وفقهاء أعراب الساعة - هي إتقاء محقرات الذنوب وصغائر الأغلوطات - كمايسميها الثوري وإبن عيينة—ويدعي ابن تيمية للغرابة انه من تلامذتهما - ، حماية للأمة من التردي في هاوية القلاقل والشقاق، بل أصبح الورع في الدين - في مفاهيم هؤلاء - ، هوخدمة السلاطين وشدادي الآفاق من أعداء العرب والمسلمين، ليُحيوا اليوم تواريخ دموية في تاريخ المسلمين السحيق الذي إكتنفته المذابح لأهل الحق من أئمة السنة والشيعة والمعتزلة والخوارج على السواء، لينحط قدرالمسلمين أكثرفي ما بعد القرن الثامن - أوالقرن الثاني عشرالميلادي - عندما خرج على الأمة شيخ إسلامها ألاكبر إبن تيمية، في قعقعة وزوبعة وجلبة، يملأ الدنيا صراخا ضد كل مفكرسواه، ويخص بحملته الكبرى كل الطوائف الإسلامية–حتى السنية منها مثل الأشعرية وأئمة المذاهب الأربعة من أهل السنة والجماعة لتطال فتاواه (الكبرى والصغرى) كل المسلمين وغير المسلمين..، مناديا بالمعنى الحرفي للقرآن، ولم يقبل في الآيات المجسمة تأويلا ولا قراءة، مما يعني بالنسبة له أن الأمة قبله، قد ماتت كلهاعلى الكفر (كما أفتي بكل وضوح تلميذه العبقري (محمد بن عبد الوهاب في أوائل القرن العشرين) وفسق ابن تيمية كل عالم مسلم قبله - الاماإرتضته نفسه - ولوكان حجة الإسلام مثل الغزالي، (أما الشيعة والمتصوفة والمعتزلة والخوارج فلا مكان لهم في باحة الإسلام ولانصيب لهم أن يشموا رائحة الجنة عنده - كما صرح لي أحد رموز كبار السلفية من الكويت في حوارلي معه على قناة لندنية لكون هؤلاء - في نظ السلفوية - كلهم أنجس من الخنازير والكلاب والقردة والكفار، ويستحقون في نظره أن تقام لهم المحرقات)

وحرم إبن تيمية الاجتهاد على الأمة وأباحه لنفسه، فتغالى وإشتط في التكفير، وأطلق صيحاته ملتهبة الجمر، وتناول أتباعه كلماته في حياته وبعد مماته، فضخموها وألبسوهالبوسا حمراء فضفاضة، زادت الناروقودا وضراما، حتى yمتلات شوراع القاهرة–في زمنه - بالصراع والأشلاء والدماء، ما بين شاذلية إبن عطاء الله السكندري، وابن تيمية وأتباعه–كما قال الجبرتي (ولو بعث الجبرتي نفسه اليوم وشاهد بأم أعينه ما يتم في مدن العراق بالأمس وما يتم اليوم في بلاد الشام لخرصعقا) ...حيث حول هؤلاء الإسلام كله، إلى مجرد خصومات رعناء في التفريعات، فأخمدوا جذوته منذ القرن الثامن الهجري–ومايزالون - فخبا ضوؤه، إلى أن أصبح الدين–في منظورالأعراب الجدد - مرتعا للخرافات والأساطير، وميدانا للتقتيل والتنكيل - ومطية لمشاريع الأمركة والصهينة والحروب، ومعابد لبربوبية المال، عن طريق إختلاق سفاهات الإختلاف حول آراء الرجال، كماكتب على أمم أخرى في الماضي القريب، مثل الأمة المسيحية التي إنفصمت عراها–بظهورفسلات الفتن مبكرة منذ عمرها الأول - ، ولم يبق منها، عبرالتريخ الطويل المسيحي سوى الطقوسية,Ritualismeالفارغةو التدينية Religiosité الجوفاء، بسبب الصراعات حول تعاليم الكنائس، وحول آراء رجال الكنيسة لاحول تعاليم الدين، أوتعاليم المسيح عليه السلام مادامت المسيحية واحدة في الكتاب المقدس

 

وقد علمنا التاريخ :

 - أن من الفتن ما يدفع إلى الردة والكفر :

إعتنق الإمبراطور قسطنطين المسيحية مع أولاده، فجعلها الديانة الرسمية للرومان، غيرأن الكنائس إختلفت مبكراحول طبيعة السيد المسيح (ع) ، فكثرالشقاق بين المسيحيين (وهذا موضوع تفصيلي ليس هنا مجاله) فاختُلقت المجامع، وحمل آلاف القساوسة أعلام إعلام هذا الخلاف وتبليغه، وتتابعت المؤتمرات المكانية أو المسكونية (العالمية) في فترة قصيرة جدا :

من عهد قسطنطين (337) إلى عهد قسطنطينوس (361) .. ومن مجمع نيقيةعام (325) مجمع (ساريكا) (347) إلى مجمع ميلانوعام (355) ، إلى مجمع (أفسس الأول (431) ، إلى مجمع أفسس الثاني (449) ، إلى مجمع (خليقدونية) عام (451) ، إلى مجمع القسطنطينية الأول من عام (553) إلى مجمع القسطنطينية الثاني عام (680) إلى مجمع القسطنطينية ونيقية الثالث عام 786 - 787...،

وحدث هذا في العالم المسيحي قبل ميلاد لمذاهب الأسلامية وفقهاءالاسلام الذي تتلمذوا على بعضهم البعض بدون تجريح او قدح او تكفير، حيث كان جعفرالصادق شيخ مالك عن طريق شيخه الليث، وأخذ أبوحنيفة الأصول عن الصادق لمدة سنتين (التي قال عنها لولا السنتان لهلك النعمان) واخذ الشافعي عن مالك ( الذي واجهه الرشيد بتهمة التشيع وكاد ان يجتز رقبته لولا حصافة الامام في الرد حصافته في الرد) وأخذ بن حنبل عن الشافعي ، .....ولقد كثرالخلاف المبكربين فقهاء المسيحية، وتأرجحت مواقف القساوسة بين الميل إلى مذهب معين، ثم الميل عنه أوترجيحه حينا ونكرانه أحيانا آخروفق الحاكم أوالإمبراطور، مما حدا ب جوليان بن قسطنطين إلى الكفربالنصرانية جملة وتفصيلا - وهوأمير - ، بسبب تذبذب رجال الدين وخلافاتهم وصراعاتهم، ثم يعودويفرض الوثنية من جديد على الدولة عندما أصبح إمبراطورا، بل ودفعه الحقد على الدين المسيحي (بسبب الخلافات) إلى كتابة جملته المشهورة التي تقطر ضراوة وعمى : لوصيرت كل واحد من أفراد الرعية أغنى من ميداس (وهوالملك الأسطوري الذي يحيل كل ما يلمسه إلى ذهب) وجعلت كل مدينة من مملكتي أكبر من بابل، لما حسبت نفسي قد صنعت شيئا، إلا إذا أرجعتهم إلى عبادة الأوثان

 

 - ومن الفتن ماقسم القارات :

 إنقسمت الكنيسة الأرثوذوكسية في مصر، وكنيسة القسطنطينية في أوربا لإختلاف الملكانيين و اليعاقبة في القرون الأولي للمسيحية

 وفي القرن الثامن الميلادي - الثاني للهجرة - إنعقد مؤتمربيزنطة (754م - 124للهجرة) يحرم عبادة الإيقونات (التماثيل والصور) ، ثم إنعقد مؤتمرنيقية (عام787) ليبيح تقديسها من جديد، فكانت حرب الإيقونات إيذانا بالإنقسامات بين كنيسة شرقية في القسطنطينية، وكنيسة غربية في روما، بتأييد شارلمان لها بحد السيف، ولسوف ينقسم المنقسمون في المسيحية منذ ذلك التاريخ ما بين مسيحية شرقية ومسيحية بيزنطية غربية

ومن الفتن مايدمرإمبراطوريات :

 نشب الخلاف بين رجال الكنيسة، وبين الحكام في القرون الوسطى، فتم الإتفاق على أن ينفذ رجال الدين آية المسيحية، فيتركوا مالقيصرلقيصروما لله لله في مقابل أن يترك لهم ملوك الأرض ملكوت السماوات، ليبيعهاالبابوات فيما بعد لمن يدفع للكنيسة أكثر، في شكل صكوك أرضية للمغفرة السماوية (بمفهوم البيزنيس لذلك العصر) !فتكون فضيحة ينقسم حولهارجال الدين أنفسهم وكل يدعي أنه يعبرعن آراء المسيح (ع) فيما يصنع، أنه يمثل الكنيسة والمسيحية

ولم تمض قرون، حتى تتقاسم الكنائس المنشقة في القرن السادس عشرضمائرالناس، ليحاكم الأشقاء في الدين الواحد أنفسهم على النوايا وما خفي في الضمائر، ليتشتتواما بين كاثوليك، و بروتستانت، وإنجيليكان، ويوسوعيين، وأرثوذكسّ، وغيرهم، لينفصلوا كلهم عن البابوبة،

 

ومن الفتن مايؤصل للإبادات في نفس العقيدةالواحدة :

ولما إحتج لوثر (1546 - 1484) على البابا وحوكم في مؤتمر ورمز ليقبل آراء البابا أخيرا، وُجد النظام البروتستناتي أو (المحتجون) الذي مهد لقيام الدولة الألمانية وإنقسام أوروبا على نفسها –ولايزال تاريخ النظام البروتستانتي ملغوزالنشأة والملابسات لإرتباطه بالطائفة الكهنونية اليهودية في أوروبا، ومحافل القبالة والإستسرار التوراتي وغنوصيات رجال الكنيسة أنفسهم -

 وبظهور زونجلي ( 1484 - 1531) في سويسرا، و كالفان 1509 - 1564) ، فتكونت الفرق الكبرى والصغرى، وتبادل الأتباع تهم الهرطقة والتكفير، وبلغت فظاعة الكنيسة الانجليزية آخرالمدى في وحشية وبربرية تقتيل المناوئين لها للكاثوليكية الأنغلوساكسونية، ولكن فظاعة الكنيسة الكاثوليكيةالفرنسية فاقت التصورفي الوحشية، وكلتاالكنيستين تحتميان بالكتاب المقدس، مما جعل البابا يأذن بإنشاء غرفة في برامان باريس لمحاكمة المارقين عن الدين - وهم البروتستناتالفرنسيون (الهيجونوت) فسمهوها غرفة الحريق او المحرقة (وهي غير الهولوكوست) خصصت لحرق البروتستنات الفرنسيين بالملايين، تلتها مذابح (فاسي) للهيجونوت ومذبحة سانت برتملي الشهيرةعام 1572

ومع ذلك فإن مذابح الإسبان للمسلمين في الأندلس فاقت هؤلاء وأؤلاء في الوحشية عن طريق فظاعات محاكمات التفتيش، وما زال التاريخ الغربي صامت عن هذه المجازرالوحشية والمحرقات–في تاريخه المركزي - ، ولاتذكرحتى في كراسات المعاهد والمدارس الرسمية خاصة في فرنسا واسبانيا الا باقتضاب وتزييف للأرقام لما لحق المسلمين من تعذيب وحشي، اكتشفه ضباط نابليون لدى دخلوهم اسبانيا، حيث عثرفي أقبية الكنائس والسجون على أشلاء الجثث (وأكثرها للنساء والأطفال والشيوخ لأن الشباب أبيدوا في الدفاع عن حصون غرناطة آخر معقل للعرب في الأندلس) كما اكتشف الفرنسيون وسائل وأدوات التعذيب التي يندى لها الجبين، اخترعت خصيصا لتعذيب المسلمات بتعليقهن من أثدائهن، ناهيك عن الابادات الجماعية، والحرق، والتنصيرالقسري، وتغييرالأسماء، ومسح اللغة التي تمت في الساحات الكبرى للمدن الأندلسية العربية باسبانيا، وتم طرد المتبقين والناجين في عام 1609 - 1610 الى شمال افريقيا، بلغ عددهم أكثرمن مليون عربي، وهو رقم مهول بالنسبة للفترة التاريخية والزمنية، بينما يتم الترويج للمحرقة اليهودية بتضخيم الأعدادوفرضها كيوم عالمي عن طريق الأمم المتحدة، والاحتفال بذكراها رسميا في كل بقاع أوروبا والولايات المتحدة

 

 - ومن الفتن ما يخلق الحروب المدمرة والابادات حتى بين العرق الواحد، والأمة الواحدةوالدين الواحد :

فبعد انقسام الكنائس دخلت أوروبا في مغامرات بشعة لمئات السنين في حروب الطوائف الدينية، اختتمتها حروب الأعوام الثلاثين (1618 - 1648) بين الأمم الكاثوليكية، والأمم البروتستانتية التي شملت أوروبا كلها لتأتي معاهدة وستفاليا عام 1648 لتكون نواة لبانوراما أوروبا المعاصرة حاليا، بعد مجازرداخلية بين الأمة الواحدة، في البلد الواحد والدين الواحد، والعرق الواحد كما وصف ذلك المؤرخ الانجليزي جبون في كتابه تاريخ اضمحلال وسقوط الأمبراطورية الرومانية

 

 - ومن الفتن ما يقسم الديموقراطيات:

كما أن انقسام الامبرياليات الأوربية على بعضها في مطلع القرن العشرين (عام 1914) كان بسبب الفتن الداخلية على اقتسام كعكعة العالم في ما بينها، لاعلى صلاحية الثورة الفرنسية، أوالخلاف على قيمها ومبادئها، حيث تقلصت الفلسفات الطوباوية الأوربية، وتبخرت الأفكارالنبيلة، والمبادئ النيرة حتى في أوج تنويرأورروبا وديموقراطيتها و عقلانيتها حيث افرزت الفتن الأوربية الداخلية (اللادينية) ، أكبرمجزرتين عرفتهما التاريخ البشري أدت بحياة أكثرمن ثمانين مليون نسمة (رقم اليونسكو) نسمة ناهيك عن الجرحي والمعطوبين وهدم المنشآت والمدن والآثار، وتم ذلك في العهد الجميل للحداثة الغربية عشية 1914وأمسية 1938بين الأمة الواحدة والعرق الواحد والدين الواحد والأهداف الكولونيالية الواحدة

والنتيجة :

 وبعد هذا العرض البارونامي لفقه الفتنة بالمنظور (الأنثروبو - تاريخي) فماهي مقاصد زرع الفتن في عالمنا العربي والاسلامي؟

للإجابة بدقة علمية على هذا التساؤل، لابد لنا أولا من التفكيرمليا، قبل التسرع لإعطاء الحلول الجاهزة التبسيطية التي تتهاطل يوميا على صفحات الجرائد والمواقع :

 - ففي غياب جهوزية المعلومات ودقة المعطيات، وعدم اكتمال عناصرالتحليل، والإصرارعلى إختزال إشكالية العنف والفتن إلى مجرد صراع?عقائدي وطائفي (سني - شيعي) أوصراع (سني - بدعي) أو صراع (ديني - علماني) ، فإن معنى ذلك :

 - الدفع ب براديغم العنف الغربي إلى مداه ليتطورإلى ظاهرة متفردة في تاريخ المنطقة والعالم

 - ولأن براديغم العنف الغربي أريد له ان يحاط بعوامل زئبيقة مستعصية - مما يجعل البث فيه محفوف بالمزالق والمخاطرعند نهج ممارسات ضروب التخمين و التعالم ، والإستنتاجات العشوائية،

 

 - كما أن هذه الفتن المستنبثة من وحي قذارات الثلاجة المغلقة التي طبقت بحذافيرها في المنطقة منذ بداية الحرب على العراق، عندما عجز الأمريكيون على تدجين الشعب العراقي بكل مكوناته، وعجزوا في تفعيله في ما بعد حرب الإبادة على لبنان، فأنه تعاد صياغته –في هذه الأيام - في بلاد الشام الكبرى (سوريا ولبنان) بطرق أكثر شيطانية يخطط لها كل أبالسة الأرض من فرنسيين وبريكانيين وأمريكيين وإسرائيليين ويموولها اعراب الساعة وينفدها انتحاريون وطواطيون وينظر لها ثوارييون لا يمكن أن يوصوفوا الا كونهم عملاء وحثالة أجراءإلى أن تخل المنطقة كلها في المزيد من الأزمات الشائكة

 - خلق بلبلة في التنظيرات السياسية المحلية والدولية المنضوية تحت ما يسمى بمحاربة الارهاب ذلك المصطلح الهلامي الذي لا يملك أي خبير محلي أودولي في مجال الاسلامولوجيا أي تعريف محددله، كما لا أحد يدعي أنه يملك–حاليا حلا لهذه الظاهرة الخفاشية (التي يقلصها الكثيرمن الجهلة الى جبلة العنف المتأصلة في نفوس العرب والمسلمين (دينيا وثقافيا وسياسيا واجتماعيا)

 - عملقة التناقضات الخطيرة في العالم العربي الذي أفرزه الربيع العربي، الذي أفرز هشاشة?التنظيرات العربية والإسلاموية والليبرالية المقترحة،

 - نضوب معين آفاق النخب السياسية، والمثقفين وعلماء الدين (الصادقين منهم والكاذبيين) ، لعدم امتلاكهم - مجتمعين - لأي مشروع قائم محدد واحد وموحد، أو تحليلات استراجيتية (سوسيو - ثقافية - سياسية - دينية) أو رؤية شاملة لامتصاص هذه الفتن الجديدة

 

د.الطيب بيتي / مغربي مقيم بفرنسا / باحث أنثربولوجي ومستشارثقافي سابق بمنطمة اليونسكو /

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :1996 الاثنين 09 / 01 / 2012)

 

 

في المثقف اليوم