قضايا وآراء

قراءة دستورية في سحب الثقة عن رئيس الوزراء / مصطفى الأدهم

المتهم الهارب (وصفه القانوني بحسب مجلس القضاء الأعلى) طارق الهاشمي. (1)، وازمة نائب رئيس الوزراء، صالح المطلك، التي افتعلها بتصريحاته عن "دكتاتورية رئيسه الهدامة والأسوأ من دكتاتورية صدام حسين التي تنبي" - وعدم تراجعه عنها، بل وتكرارها في أكثر من مناسبة. (2)، وما سبق ذلك من صولات البيانات وجولات التصريحات والتصريحات المضادة بين "العراقية" و"دولة القانون" - فهما ضد نوعي للأخر - اقله سياسيا - عليه لا يمكن والحال هذه جمعهما في كابينة واحدة والإعتقاد أن الطاولة الوزارية سوف تحل الأزمة المزمنة بينهما هو حلم لم يتحقق.

فالوجهة والرؤية والتمثيل، ناهيك عن المباديء والثوابت والمتحركات تختلف بينهما. فما هو ثابت عند "دولة القانون" كأجتثاث البعث والزاميته الدستورية، هو متحرك عند "العراقية" وعلى هذه "الرنة" جاء طحين العملية السياسية خشنا لا نعومة فيه.

من هنا تبادل الطرفان طلب سحب الثقة عن بعضهما البعض، وان بصيغ مختلفة ولأسباب مختلفة.

 

الشق الأول: طلب اقالة نائب رئيس الوزراء.

 

طلب رئيس الوزراء، السيد نوري المالكي، بأقالة نائبه المطلك، والذي تسلمته اللجنة القانونية في مجلس النواب، ولأسباب هي الأزمة التي خلفتها تصريحات الأخير. (3).

المادة (79) من الدستور. (4)، تعطي كما أسلفنا في دراسة سابقة موسومة ب (حول دستورية طلب سحب الثقة عن نائب رئيس الوزراء).(5)، الحق لرئيس الوزراء بأقالة نوابه و وزراء كابينته، وأبقت الباب مفتوحا أمامه في حرية الإقالة، مشترطة فقط مواقفة الأغلبية المطلقة.

أي بما يمكن الإصطلاح عليه بلغة "الرياضيات النيابية" أن جاز التعبير، فأن الأغلبية المطلقة هنا هي الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب الحاضرين لجلسة نيابية مكتملة للنصاب القانوني. وبما أن الجلسة المكتملة للنصاب القانوني تستلزم حضور. دخول، وبقاء الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب داخل القبة النيابية، أي النصف زائد واحد من أعضاء المجلس وهو ما يساوي (325 / 2 + 1 =  163 نائب).

عليه، يحتاج قرار اقالة نائب رئيس الوزراء أو أيا من الوزراء إلى نصف هذا العدد زائد واحد، وهو (163 / 2 + 1 = 82 نائب).

عليه، ومن الناحية النظرية، يمكن لإئتلاف "دولة القانون" منفردا أن يصوت على طلب رئيس الوزراء بأقالة المطلك في حال ما كانت الجلسة مكتملة النصاب ب (163 نائب) وهو ممكن نظريا مع استمرار تغيب "العراقية" عن مجلس النواب.

لكن، من الناحية العملية، يكمن أشكال واحد هو أن كان بأمكان هيئة الرئاسة في مجلس النواب، تحديدا رئيس المجلس أن يعرقل وضع طلب رئيس الوزراء على جدول أعمال المجلس، ما يعني عرقلة طرحه للتصويت والبت فيه.

 

الشق الثاني: طلبا "العراقية" والمطلك.

 

أولا: طلب المطلك بأستقالة رئيس الوزراء.

 

 صرح المطلك، لجريدة "الشرق الأوسط" السعودية، مطالبا "المالكي بالأستقالة"، ومقرا ب"صعوبة العمل معه". (6).

 

طلب المطلك، ليس له غطاء دستوري. فالدستور لم يتطرق في أي من مواده إلى حالة "استقالة رئيس الوزراء" . وهو ما أوضحته في مقال سابق عنوانه (حول أبعاد تهديد رئيس الوزراء). (7).

عليه، يكون حق الإستقالة هنا، خيار حصري بيد رئيس الوزراء نفسه. لا يمكن اجباره عليه.

 

ثانيا: طلب "العراقية" سحب الثقة عن المالكي.

 

هذا الطلب تكرر اعلاميا وليس عمليا على لسان أعضاء كثر في ائتلاف "العراقية"، صرحوا عن تحرك "مستقبلي" لهم لسحب الثقة عن الحكومة ورئيسها في حال ما "استنفذت "العراقية" وسائل ضغطها".

من الناحية الدستورية، يعد طلب "العراقية" بسحب الثقة عن رئيس الوزراء أو حكومته جائزا. (8).

 

تسهب المادة (61) من الدستور في شرح حالات سحب الثقة عن كل من رئيس مجلس الوزراء أو "أحد الوزراء"، كما اعطت في بنودها أكثر من خيار للمشرع لسحب الثقة عن رئيس الحكومة، والذي "تعد حكومته مستقيلة في حالة سحب الثقة منه". (9).

تقول المادة (61/ثامنا/ ب):

1. "لرئيس الجمهورية تقديم طلب إلى مجلس النواب بسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء".

2. "لمجلس النواب بناء على طلب خمس "5/1" اعضائه سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، ولا يجوز أن يقدم هذا الطلب الا بعد استجواب موجه إلى رئيس مجلس الوزراء وبعد سبعة أيام في الأقل من تقديم الطلب".

3. يقرر مجلس النواب سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء بالأغلبية المطلقة لعدد اعضائه". (10).

 

عليه، تحتاج "العراقية" لتنفيذ تهديدها أما إلى مساندة رئيس الجمهورية كما في النقطة (1) أعلاه وهو مستبعد نظريا و واقعيا، ويتطلب أغلبية مطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب، والأخيرة هي بيت القصيد.

لا يمكن، سحب الثقة عن رئيس مجلس الوزراء الا بتصويت (163 نائب) على قرار طلب سحب الثقة عنه، الناتج أما عن طلب مقدم من رئيس الجمهورية، أو بعد مرور أسبوع من طلب خمس أعضاء المجلس (65 نائب) سحب الثقة عن رئيس الحكومة. وهو ما لا تستطيع "العراقية" ولا غيرها من الكتل النيابية تحقيقه وان تحالفوا، الا في حالة واحدة، هي تعاون كتل أو أعضاء من التحالف "الوطني" معهم، كي يبلغوا الأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب.

 

 

الخلاصة:

من الناحية الدستورية والعملية، يمكن لرئيس الوزراء وتحالفه "الوطني" أو ائتلافه "دولة القانون" أن يقيلوا صالح المطلك من منصبه، في حال ما كان نصاب الجلسة النيابية بحدود (170 - 160 نائب). أما طلب المطلك بأستقالة المالكي فلا غطاء دستوري له، بل هو حق حصري بيد رئيس الوزراء أيا كان. وتهديد "العراقية" بسحب الثقة عن المالكي وحكومة، جائز من الناحية الدستورية / النظرية وغير ممكن من الناحية العملية، الا في حالة تعاون بعض من التحالف "الوطني" مع ائتلاف يضم كل كتل واعضاء مجلس النواب الأخرين. وهو ما يعد مستبعدا من الناحية العملية.

 

 

مصطفى الأدهم

10.01.2011

[email protected]

................................

1.نسخة أمر أعتقال الهاشمي

http://sotaliraq.com/mobile-news.php?id=38324#axzz1j4gj9GVk

2. تصريح المطلك لجريدة "الشرق الأوسط"

http://aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=12095&article=658142&feature=

3. السومرية "نيوز"

http://www.alsumarianews.com/ar/iraq-politics-news/-1-33132.html

4. دستور جمهورية العراق لعام 2005.

http://iraqja.iq/view.77/

5. راجع دراسة كاتب السطور الموسومة ب "حول دستورية طلب سحب الثقة عن نائب رئيس الوزراء".

6. نفس المصدر رقم 2.

7. راجع دراسة كاتب السطور الموسومة ب "قراءة في أبعاد تهديد رئيس الوزراء".

8. تصريح للمتحدث بأسم التحالف الكوردستاني، فؤاد الأتروشي

http://sotaliraq.com/mobile-news.php?id=38265#axzz1j4gj9GVk

9. نفس المصدر رقم 4.

10. نفس المصدر رقم 4.

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :1999 الخميس 12 / 01 / 2012)

 

في المثقف اليوم