قضايا وآراء

ملاحظات حول مشروع الدكتور عبد الجبار العبيدي: الموسوعة العلمية للجامعات العراقية / غالب حسن الشابندر

وفيما اؤكد اني كثيرا ما اقرا المثقف صحيفة تنوريرية رائعة، أُؤكد بان اهم موضوع قراته في صحيفة المثقف هو مشروع الدكتور العبيدي حفظه الله ورعاه .

المشروع بداية طبعا، ويحتاج إلى جهود جبارة يتولى مهمتها اهل الاختصاص والعلم والفكر في العراق وليس رجال دين او تجار سياسة وزعماء احزاب، وسيشكل فيما لو تم نقلة نوعية في تاريخ الفكر والعلم والتلمذة في العراق، واسهاما متواضعا من جانبي في هذا المشروع كمواطن عراقي خاصة واني استشعر نهايتي قريبا ـ بإذن الله ـ اضع الملاحظات التالية، مع الاعتذار لصاحب المشروع الكبير .

أولا: حقا يجب منع رجال الدين من التدخل في المشروع، ولكن في تصوري لا مانع ان يستعين المشروع بالمؤسسات الدينية تموينا وتشجيعا بدون اي شرط مسبق على الاطلاق، واعتقد ان هناك من رجال الدين منْ هو على درجة عالية من التنوير والتحرير مما يجعله ناشطا في هذا المجال وبهذه الحدود في مثل هذه المشاريع .

ثانيا: لا اتفق مع الاخ الكريم عندما يطرح سمات من شانها تحدد مضمون المشروع عندما يتحول إلى انجاز، ومنها حكمية الكون، وماشابه ذلك، فهذه المواصفات ليست جزء من المضمون العلمي للكون والحياة والتاريخ، بل هي متروكة لاجتهاد الانسان في استنباطها وتاسيسها مما يفيده هذه المضامين، ان المشروع علمي بحت، وليس فلسفيا يسعى إلى تجيير العلم لغايات سابقة، وإذا كان المشروع غائيا في جوهره، فالغاية هي تقديم المعلومة للقاريء والطالب الجامعي بالخصوص وليس الغاية هي تفسير الوجود فلسفيا ومن وجهة نظر معينة، مهما كانت وجهة النظر هذه .

ثالثا: اعتقد من الضروري ان يقوم المشروع على اسس حيادية، فهناك اراء متعددة حول نشاة الانسان مثلا، فليس من الحق ان تعرض النظرية التي تنسجم مع الدين مثلا وتترك نظرية دارون لانها حسب البعض تتعارض مع الاديان والايمان، وهكذا في الفيزياء والكيمياء، ويبرز هذا الواقع جليا في صدد العلوم الانسانية مثل علم النفس على سبيل المثال، ومن هنا اعتقد وجوب تقليد دوائر المعارف الاجنبية خاصة البريطانية التي تمتاز بالكلية والحولية والحيادية، إن الموسوعة يجب ان تتميز بلغة العرض اكثر مما تتميز بلغة التفسير، وإذا ما طرحت التفسير ففي سياق عرض ما يقوله أصحاب التفسير وليس تبنيا على الاطلاق من جانب الموسوعة .

رابعا: الموسوعة السياسية ينبغي ان تكون واسعة وكلية وشاملة، لان الوعي السياسي بداية أو من بدايات الانطلاق لعالم الحرية والديمقراطية، او لنقل بداية وعي ما يجري في العالم، وكل ذلك نحتاجه كثيرا في بناء مجتمع عراقي ناضج، ثم دولة عراقية متقدمة، ثم حكومات متعاقبة متفهمة للعالم والتاريخ .

خامسا: لا مانع في مثل هذه الامور الاستعانة بترجمات عالمية معروفة ومشهود لها بالسعة والاطلاح، هنا، في مكتبتي مثلا موسوعة تاريخ العالم لخيرة العلماء الانكليز في علم التاريخ، كذلك موسوعة علم النفس بعنوان ( المعجم النفسي ) بمشاركة 33 عالما اختصاصيا في هذا العلم، ولكن احبذ التركيز على اسهام علماء العراق، وخاصة ممن يتواجد خارج العراق، ممن اشتهروا عالميا واكادميا، وما أكثرهم في امريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من دول العالم .

سادسا: اقترح ان يكون عنوان الموسوعة الاصلي ( الموسوعة العراقية العلمية لطلبة الجامعات ) كي يخلد العراق من خلالها ويظهر العراق بلدا مهتما بالعلم ويملك اجندته الخاصة لتنشيط ثقافة العلم .

سابعا: الاشراف اللغوي على الموضوعات في غاية الاهمية، فإننا كثيرا من نسمع لمحلل سياسي برتبة دكتور علوم سياسية ولكنه يقع في اخطاء لغوية فاضحة بحيث تخجل المستمع، وفيما كتبت الموسوعة بلغة صحيحة تكون بحد ذاتها من هذه الجهة مصدراغناء لغوي جيد.

ثامنا: في تصوري القاصر ان طرح المفاهيم العلمية ينبغي ان تتم من خلال عرض تاريخي للمفهوم بدقة، لست اختصاصا في فلسفة العلم ولكن هكذا ارى عندما اقرا الموسوعات العلمية المترجمة .

تاسعا: واقترح ايضا بتطلفل ربما، ان يتغلب الجانب التقني للمجموعة على الجانب النظري او يوازيه، خاصة اذا كانت المفاهيم النظرية ذات بعد تقني تكنولوجي خارجي .

عاشرا: لا اعتقد ان هناك باسا في اشراك علماء عرب واجانب في كتابة الموسوعة ممن لهم شهرة في هذا الاختصاص أو ذاك، وبالتعاون مع العلماء العراقيين

هذا ما عندي الان، اما الفات نظر السيد الاديب وزير التعليم العالي فحسب علمي ان الرجل منغمس بصراعات حزبية، ولا اعتقد انه قادر على ان يتوجه لمثل هذه المشاريع الكبيرة، ثم هو يتحرك من منطلق اديوجلي صرف، والمشروع علمي صرف تماما

اذا اعطاني الله تاريخا جديدا ولم امت قريبا واتمتمع بصحة جيدة ساكون خادما صغيرا للمشروع والله الموفق، وشكرا لصاحب المشروع العظيم

 

للاطلاع

المشروع العلمي لتأليف الموسوعة العلمية للجامعات العراقية  / د. عبد الجبار العبيدي

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2001 السبت 14 / 01 / 2012)

 

 

في المثقف اليوم