قضايا وآراء

المخدرات .. تداركوها قبل حلول الكارثة / قاسم حسين صالح

 ندوة علمية تناقش الواقع القانوني والاجتماعي لظاهرة المخدرات في العراق.

 ولا نريد التحدث هنا عن الأضرار التي تحدثها المخدرات على صعيد الفرد والمجتمع والدولة..فمعظمها صار معروفا، بقدر ما نريد التنبيه الى قضيتين بخصوص هذه الظاهرة التي لا تقل خطورتها عن الارهاب، هما:

 الأولى، اننا لا نمتلك قاعدة معلومات عن واقع المخدرات في مجتمعنا، ولا نمتلك اجابات تمكننا من وضع خطة عن التساؤلات الآتية:

• ما حدود ظاهرة المخدرات في المجتمع العراقي؟

• ما هي خصائص المتعاطين للمخدرات؟

• ما العوامل الاجتماعية الفاعلة في انتشارها؟

• الى اي مدى تؤثر ظاهرة تعاطي المخدرات في اضعاف التزام الفرد بقيم المجتمع وتقاليده؟

• ما العلاقة بين انتشار تعاطي المخدرات وانتشار الانحراف بمختلف صوره؟

• وما العلاقة بين تعاطي المخدرات والاحجام عن المشاركة الفاعلة في التنمية والقضايا المجتمعية؟

والثانية، كان العراق قبل نصف قرن يعدّ من البلدان الأقل نسبة في تعاطي المخدرات، فيما يعد الآن من الدول التي ينتشر فيها تعاطي وتجارة المخدرات لتوافر اسبابها النفسية والاسرية والاقتصادية .فالدراسات تشير الى ان الفرد يلجأ لتعاطي المخدرات في الحالات الاتية :

• موت احد افراد الاسرة، او شخص عزيز عليه فيلجأ لها لنسيان الازمة .

ولا يوجد ناس في اي مجتمع بالعالم فقدوا اباءهم او احبتهم في انفجارات ارهابيه واحتراب طائفي كالذي حصل في العراق، فضلا عن حالات التهجير والهجرة خارج الوطن .

• حوادث الطلاق والتفكك الاسري، التي زادت نسبها عندنا بسبب الحروب والحصار ثم الحرب المركّبه .

• عدم الرضا عن الحياة والقلق من المستقبل وكثرة البطالة التي زادت نسبتها بين الشباب بشكل خاص.

• وجود اجانب يتعاطون او يتاجرون بالمواد المخدره.

• توافر المواد المخدره وسهولة الحصول عليها .

 نضيف الى ذلك ما اكدته دراسات اجنبية وعربية من ان انتشار المخدرات يرتبط بدرجة الانفتاح على الثقافة الغربية، والعراق يعد البلد رقم (1) في المنطقة الذي انفتح على هذه الثقافة عبر قنوات فضائية بما فيها اباحية، واختلاط دام تسع سنوات بافراد قوات الاحتلال .

 ومن المفارقات ان الدراسات أشارت ايضا الى أن الرواج النفطي يؤدي الى زيادة تعاطي المخدرات في البلد المنتج للنفط، بمعنى ان الثروة النفطية تؤدي الى الرفاهية، وهذه تؤدي الى ثقافة استهلاكية تفضي بشرائح اجتماعية الى تعاطي المخدرات.فلقد اشارت دراسة اماراتية الى ان نسبة تعاطي المخدرات في دولة الامارات زادت بزيادة انتاج النفط في السنوات الأخيرة.واضافت في اشارة الى الانفتاح على الثقافة الغربية، بأن مدينة دبي تاتي بالمرتبة الأولى من حيث عدد المقبوض عليهم في قضايا مخدرات تليها مدينة ابو ظبي ثم الشارقة.ومع ان ثروة العراق النفطية الهائلة لا تذهب الى الشعب في حالة من التوازن، فان هنالك شرائح اجتماعية صارت بفضلها مرفهة بينها شباب (محدثو نعمة) يمتلكون وفرة من الثروة وانفتاحا على قيم غربية وثقافة استهلاكية وخللا في التوازن الاخلاقي..تخلق حالة نفسية تفضي بعدد كبير منهم الى تعاطي المخدرات.

 واذا اضفنا الموقع الجغرافي الذي يتمتع به العراق وقربه من بلدان تشتهر بكونها مصدرا من مصادر المخدرات..تكون الصورة قد اكتملت لتقرع أكثر من جرس انذار يحذر من ان كارثة اخلاقية واجتماعية خطيرة تهدد العراق ما لم يتدارك حاله قبل وقوعها، بوضع استراتيجية علمية يعكف عليها اختصاصيون في العلوم النفسية والاجتماعية والقانونية والجنائية..ترفع الى البرلمان لأقرارها تكون ملزمة التنفيذ من قبل الحكومتين في اربيل وبغداد.  

 

  أ.د.قاسم حسين صالح

 رئيس الجمعية النفسية العراقية

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :200 الخميس 19 / 01 / 2012)

 

 

في المثقف اليوم