قضايا وآراء

تأملات.. في ثورة اخناتون الدينية

 ويتفق المؤرخون المصريون على تقسيم تاريخهم الطويل إلى ثلاث فترات سياسية مهمة، وهي عصر المملكة القديمة وعصر المملكة الوسطى وعصر المملكة الحديثة . وحكمت مصرا خلال هذه العصور ثلاثين سلالة فرعونية حاكمة.

اخناتون : وهو الملك أمنحوتب الرابع ابن الملك أمنحوتب الثالث ابن الملك تحتمس الرابع . وأمة الملكة (تي) وهي من عامة الشعب و ليست من سلالة الملوك . وزوجته الملكة (نفرتيتي) .

وهو عاشر فراعنة الأسرة الثامنة عشر وحكم في عصر المملكة الحديثة وولد عام ( 1353ق.م )

وشارك اخناتون والدة في الحكم لمدة تسع سنوات وبعد موت والدة أمنحوتب الثالث توج فرعون

 على عرش الإمبراطورية المصرية .

الثورة الدينية : فكرة الانقلاب الديني أو الإصلاح الديني كانت موجودة في ذهن تحتمس الرابع . ولكن عندما تولى اخناتون الحكم وجد الأمور مهيأة له بالإضافة إلى ايمانة المطلق بفكرة التوحيد ورفضه القاطع لتعدد الإلهة . إن اخناتون كان يعبد الله عزوجل والذي رمز له بقرص الشمس وسماه (أتون) الإلهة الواحد. وفي الوقت الذي كان المصريون يؤمنون بتعدد الإلهة ويعبدون أمون ورع وحورس وايزيس و تحوت وغيرهم . ولم يقم اخناتون بالانقلاب الديني دفعة واحدة بل قام بتعظيم شان اله رع ؟ ثم أعلن الثورة بشكل رسمي في السنة الخامسة من حكمة وحارب كهنة

 معابد أمون وبقية الآلهة وهنا حدث الصراع الشديد بين أنصار و كهنة أمون وبين جيش اخناتون وانصارة، بحيث قام الجيش بتخريب المعابد جميعها ومحوا اسم أمون من على جدرانها ثم فرض اخناتون عبادة ديانة أتون على الشعب وقام ببناء المعابد الإله الشمس .

وفي السنة السادسة من حكمة قرر اخناتون بناء مدينة أو عاصمة خاصة بة ويترك طيبة، وتنفرد العاصمة الجديدة بعبادة الإله أتون واسماها (أخي _ ناتون) وتسمى ألان بتل العمارنة وهي بالقرب من منطقة المنيا جنوب مصر . أطاح اخناتون بدين مصر القديم وأسس الدين الجديد واسقط جميع الإلهة المتعددة وثبت ديانة الإله الواحد آلة الشمس أتون من خلال ثمانية عشر سنة من حكمة .

سقوط اخناتون : بعد موت اخناتون عاد كهنة أمون من جديد وأعادوا ديانة مصر القديمة وعبادة أمون ورع وبقية الإلهة ولم يتركوا أي أثر سليم يدل على حكم اخناتون ثم شطبوا أسمة من قوائم ملوك مصر، وهدموا مابناة ومحوا كل النقوش التي تناولت ذكره لكي لايبقى من ثورته شيء يذكر

ويبقى لثورة اخناتون الدينية شيء محير لدى الباحثون والمؤرخون :

1 / سرعة تنفيذ وتثبيت هذه الثورة في إنحاء المملكة المصرية وإيمان الناس بها .

2 / إبادة ومحوا كل اثأر ومدونات الثورة بعد موت اخناتون مباشرة وتبرء الناس منها .

علما إن الصراع على عرش مصر بعد موت اخناتون اشتد على توهجه بين سمنخ كارع إخوة ونفرتيتي زوجته وتوت عنخ أمون ابنة . حيث أراد كل واحد منهم إرضاء كهنة أمون وانصارة كحملة انتخابية له .   

لو تأملنا هذه الإحداث وهذه الثورة لوجدنا إن الصراع السياسي على السلطة والصراع الاقتصادي على توسيع النفوذ هو المهيمن على مسيرة الإحداث وليست المسألة مسالة ديانة أو عقيدة على الرغم من كون اخناتون كان ملك سديد الرائ وعادل وصائب النضر فيما اتخذ من إصلاح ديني يتمثل في توحيد الإلهة واعتبار الإلهة الأخرى زائفة، ولكن الطبقة السياسية وأصحاب النفوذ ضربت مصالحهم وثرواتهم ومكانتهم الاجتماعية فانتظروا موت اخناتون بفارغ الصبر حتى اسقطوا دينه الجديد وعادوا إلى ديانتهم القديمة والى مكانتهم بين الناس ..

وهذا الأمر يحدث في كل زمان ومكان فالدين قد يصبح ألعوبة بيد الساسة والمتنفذين وإما الطائفية والمذهبية فهي الوجه الثاني للساسة الذين يستخدمونها كورقة رابحة لكسب ميل الشعب لهم وعلى مر العصور والأزمان ...

 

حسن الوزني

شاعر وكاتب عراقي

[email protected]

 

.....................

المصادر والمراجع التي اعتمدت في المقالة:

1 : موسوعة مصر القديمة / تأليف د. سليم حسن / الجزء الثاني .

2 : الساكنون على النيل / تأليف السيراي . أ واليس .

3 : الفن المصري / تأليف كريستيان زيجيلر/ الطبعة الأولى 2008 مصر .

4 : اخناتون الفرعون الموحد / تأليف إسماعيل حامد / الطبعة الأولى

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1188 الأحد 04/10/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم