قضايا وآراء

باسم الماضي وجهة أخرى .. صقر محلّق وقارئ حائر

وخلق الصورة الفنية الجميلة وفق مقاسات الجمال

 

في وجهة أخرى حلق الشاعر باسم الماضي صقرا أشما عن كل ميتة وما ترك السبع والضبع وديدان الأرض دون أن يخرج من انهار الأصالة ودون أن ينزع ثياب الأناقة بيد انه نزع إلى الثورة والرفض والعصيان حين أعطى الأولوية للفكر والفلسفة والتأمل والطرق على حجر الضوء دون أن يسقط في غنائية مبتذلة أو عاطفة سوقية يستجدي بها عطف متلق ينام على دللول القوافي ويصحو على رقص الهجع

 

وأنا أحاول أن ابحث في مفردات وأفكار وصور وجهة أخرى لا استطيع اختيار بيت أو مقطع أو عينة لأن استرسال الشاعر  استرسال مترابط ببعض مرصوص كبناء متين لا تستطيع اقتطاع جزء بسهولة دون أن تخدش ضمير القلعة الشاهقة.

 

لذلك سأكتفي بالجمال إجمالا وأقول إن نثرية الشعر لدى باسم الماضي تمنحك المعاني التي تشكل موسيقاها بنفسها لنفسها وان مباشرته تمنحك إيحاءات وإشارات بعيدة الأفق تغنيك كثيرا عن أساليب الالتواء والانحناء التي غالبا ما يكون غرضها الإدهاش دون مضمون مدهش بيد إن باسم الماضي استثمر فرصة الإدهاش في أفكاره التي تجعل المتلقي حائرا هل مرت عليه قافلة بهذه الخطى وتلك البضائع؟

 

إن ما يسطره الشاعر من جمل تقريرية إنما يقرر بها إن الكلمات البراقة غالبا ماتنطفيء بسرعة بيد إن الضوء بحد ذاته هو ما ينشر آفاق النور مهما كانت وسيلته وأسلوبه وصورته...

 

هذا لايعني إنني أوحي إلى المتلقي إن الشاعر باسم الماضي شاعر بعيد عن عالم الشعر والإبداع وما توصلت إليه آلة المبدعين .....لا.. أردت أن أقول هو استخدم كل آلاته الإبداعية وطرق على الحجر دون أن يختفي وراء الشجر وصار ينمو كشجر دون أن يكون محض حجر فيما بعد...

 

كذلك نلاحظ سمة ظاهرها مكروه هي سمة الطول في نصوص الماضي باسم الشاعر لكنه هنا لايترك أنهاره تجري دون توجيه ذكي ودون مصب مثمر متكامل قدر الإمكان...

 

هو لايُدخل العالم من خرم إبرة إنما هو يُخرج العالم من خرم إبرة إلى آفاق الأفكار النيرة بما فيها من عقيدة فخمة ورسالة إنسانية هدفها الإصلاح والسموّ والتألق ولو بعد حين.

 

باسم الماضي في وجهة أخرى وفي غيرها يختار له وجهة أخرى عنوانا ظاهرا وباطنا مكتوما فهو لايشبه أحدا دون أن انفي محاولة أن يشبهه آحاد قبله وربما بعده وذلك ليس ببعيد فأسلوبه ينأى عاليا عن التشبه بالآخرين دون أن يبتعد عن حيرة المتلقي هل هذا هو الشعر أم انه شعر لطراز خاص من المبدعين

 

بالنسبة لي ولأبرئ ذمتي أقول إن بعض نصوص الماضي باسم ترقى إلى صنف أسمى من الشعر دون أن أجرؤ على وصفها بالشعر بسبب ما بدأت به وهو وجود آلاف الأطنان من الشعر كدسها الزمان والشعراء في ذاكرة كونتها جبال التقفية وبحار البحور وعواطف التشبيهات والتكرار والدوران في ساحة مغلقة بالقوانين الصارمة

 

باسم الماضي أفكار ماضية كالإباء ومستقبل باسم كالفضاء أمام متلق صعب مرة وسهل مرة لين مرة وقاس مرة ولكنه هوهو لايخرج من فضائه إلا لوجهة أخرى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1189 الثلاثاء 06/10/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم