قضايا وآراء

عرض: كتاب "الغرب الإنساني" / وهاب شريف

الذي يتحدث عن المنظمات الفاعلة في العالم الغربي والتي تنتقد سياسات دولها تجاه العالم الثالث مع وجود الحقوق التي يتمتع بها المواطن في الدول الاستعمارية المتسلطة على شعوب الارض في حين ان حكومات كثيرة في العالم الثالث تدعم الدكتاتوريات العاتية في الارض.

ان عنوان الكتاب " الغرب الإنساني " يوحي بما هو عكس مضمونه الذي يتحدث عن جرائم الغرب ضد الانسانية في دول كثيرة على مر التاريخ الحديث .

تضمن الكتاب الصادر عن دار الضياء للطباعة والنشر في النجف الاشرف دراسات عن الارهابيين والطبيعة العدوانية للامبريالية الامريكية والبريطانية والفرنسية في فيتنام وحروبها البشعة وهزائمها إضافة الى الجرائم التي حصلت في كينيا وازدواجية المعايير الغربية والجماعات الاسلامية وعملاء امريكا ودعم الانظمة الدكتاتورية كما تضمن َ بحوثا ً عن مجاهدي امريكا والحكومات الرجعية والدعم الغربي غير المحدود والتعامل مع القذافي وعلاقته مع بلير والحروب التي مهدت لسيطرة القاعدة والحسم الذي جرى في افغانستان إضافة الى مواضيع عن اثرياء العراق في الاردن وتجارة الرقيق الابيض والجيش السري لامريكا والجرائم التي حصلت ضد كوريا الشمالية وعلاقة بن لادن بأمريكا واصدقاء امريكا ومؤامرة احداث ايلول وخلفياتها وحقائقها وغيرها .

وجاء في مقدمة الكتاب :

 موقع ويكيليكس المعروف نشر برقيات متبادلة بين البريطانيين و الأمريكيين حول جزيرة دييغو غارسيا التي تعود تابعيتها أساسا الى جزر الموريشيوس التي استقلت عن بريطانيا عام 1965، في الماضي أنكرت بريطانيا وجود شعب أصلي يعيش على هذه الجزر و سنطلع لاحقا على ما حل بهذا الشعب، أما برقية وزارة الخارية البريطانية الى نظيرتها الأمريكية فهي تعترف ضمنيا بأن شعبا ما كان يعيش على أرض دييغو غارسيا لكنها لا تتحدث عن المصير الذي آل إليه هذا الشعب، البرقية تتحدث عن خلق ذريعة كاذبة كي لا يعود شعب الجزيرة اليها.

فقد كشفت برقيات الدبلوماسية الأميركية التي سربها موقع ويكيليكس المنادي بشفافية المعلومات الحكومية، أن وزارة الخارجية البريطانية قالت للأميركيين إن إعلان جزيرة دييغو غارسيا أكبر محمية طبيعية بحرية في العالم سيمنع سكانها من العودة إليها للأبد.[1][1]

 صحيفة غارديان البريطانية التي نشرت الوثيقة قالت إن وزارة الخارجية البريطانية متهمة بتضليل الرأي العام البريطاني فيما يخص مأساة الآلاف من سكان المستعمرة البريطانية التي تقع في المحيط الهندي، والذين هجروا من بلادهم في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي لتفسح بريطانيا المجال للجيش الأميركي لإقامة قاعدة عسكرية له في الجزيرة.

 وتخوض وزارة الخارجية البريطانية وبدعم أميركي معركة قانونية شرسة لمنع سكان الجزيرة من العودة إلى وطنهم. ومن المتوقع أن تصدر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكمها في القضية قريبا.

 

مواقف متناقضة

 وتنبع أهمية الكشف عن البرقية في مناقضة فحواها للموقف الرسمي المعلن لوزارة الخارجية البريطانية، التي ما فتئت تخبر البريطانيين أن إعلان الجزيرة محمية طبيعية سوف لن يكون له أي تأثير على مطالب سكان الجزيرة بالعودة إلى منازلهم التي هجروا منها قسرا قبل أربعة عقود.

 لكن سكان الجزيرة لم يقنعوا بنوايا الحكومة البريطانية حيث نظموا مظاهرات ومؤتمرات بينوا فيها أن إعلان الجزيرة محمية طبيعية له عواقب وخيمة، لأن قوانين المحميات الطبيعية البحرية تمنع صيد الأسماك، الذي هو مصدر رزقهم الرئيسي، وبالتالي سيجعل بقاءهم في الجزيرة مستحيلا حتى لو عادوا إليها بحكم قضائي.

 

 

وقد تعرضت الحكومة البريطانية إلى انتقادات شديدة في السابق من قبل منظمات حقوق الإنسان، حيث لم يصرف لسكان جزيرة دييغو غارسيا أي تعويضات تساعدهم على بداية حياة جديدة بعد أن هجروا من قراهم بالقوة، وأنهم يعيشون منذ عقود في فقر مدقع وحالة نفسية مزرية.

 

وثائق الأرشيف

 وكانت الحكومة البريطانية قد تعرضت إلى حرج شديد بعد أن كشفت وثائق الأرشيف البريطاني زيف ادعاءاتها التي سوقتها للرأي العام البريطاني والعالمي بأن سكان جزيرة دييغو غارسيا لم يكونوا سكانا دائمين وإنما صيادون يقيمون في الجزيرة في فترات معينة من العام لأغراض الصيد.

 تقول البرقية المسربة إن مدير أقاليم ما وراء البحار في الخارجية البريطانية كولن روبرتس قال لنظرائه الأميركيين إن دييغو غارسيا "ذات قيمة عظيمة لأمن الولايات المتحدة وبريطانيا" وإن فائدتها عظيمة "إلى درجة لم يتوقعها أحد" في ستينيات القرن الماضي عندما طرحت فكرة تحويل الجزيرة إلى قاعدة عسكرية لأول مرة.

 

لسنا نادمين

 وتنقل البرقية عن روبرتس "لسنا نادمين على تهجير سكان الجزيرة لأن ذلك كان ضروريا لتحقيق الغرض الإستراتيجي (تحويل الجزيرة إلى قاعدة)". البرقية تذكر تأييد الأميركيين لما قاله نظراؤهم البريطانيون بأن صاحوا بالفرنسية "لسنا نادمين"، في إشارة إلى أغنية فرنسية شهيرة بنفس العنوان.[2][2]

 

 

وتظهر البرقية استهزاء كبيرا بسكان الجزيرة حيث تصفهم بـ"الرجل جمعة"، في إشارة إلى الرجل البدائي البسيط في قصة "روبنسون كروزو" الشهيرة عالميا.

 تقول البرقية نقلا عن روبرتس إنه اعترف بوجود ضغط على الحكومة من قبل سكان الجزيرة الذين لم يسكتوا عن مطالبتهم بالعودة، وإنه قال "نسبة إلى التفكير السائد في أروقة حكومة جلالة الملكة في الوقت الحاضر، فإن تحويل الجزيرة إلى محمية سيمنع أي إنسان من أن تطأ قدماه أرض الجزيرة ولا حتى "الرجل جمعة".

 

"مجموعة طرزانات"

 يذكر أن تصريحات مسؤول الخارجية البريطاني السابق دينيس غرينهيل عام 1966 التي شبه فيها سكان الجزيرة بمجموعة من "الطرزانات والراجل جمعة" قد أثارت في حينها استنكارا واسعا.

 لكن مطالبات سكان جزيرة دييغو غارسيا بالعودة لم تمنع بعض منظمات حماية البيئة من تأييد فكرة تحويلها إلى محمية طبيعية، وتذكر البرقية أن روبرتس طمأن الأميركيين بأن "صوت منظمات الحفاظ على البيئة البريطانية أعلى بكثير من صوت محاميي سكان الجزيرة". [3][3]

 الخارجية البريطانية التزمت نفس موقفها الذي أبدته من جميع البرقيات التي سربها موقع ويكيليكس، ورفضت التعليق على ما جاء فيها بشأن سكان جزيرة دييغو غارسيا قائلة إنها ترفض مناقشة معلومات حكومية سرية سربت بطريقة غير رسمية.

 

الإرهابيون! من هم ؟

 دييغو غارسيا هي مستعمرة بريطانية في المحيط الهندي تستخدمها القاذفات الأمريكية كقاعدة عندما تقوم بدوريات في منطقة الشرق الأوسط. هناك أماكن قليلة في العالم لها نفس أهمية هذه الجزيرة بالنسبة للمخططين العسكريين الأمريكيين حيث تقع الجزيرة بين قارتين.

 

من الذي يعيش هناك؟

 خلال هجوم الرئيس كلينتون على العراق في عام 1996 قال أحد المعلقين في إذاعة البي بي سي البريطانية ان الجزيرة "غير مأهولة" لكنه لم يذكر شيئا عن تاريخها. من السهل أن نفهم ذلك، لأن الحقيقة حول دييغو غارسيا إن كشفت ستعلمنا الكثير عن الماضي الأستعماري للإمبريالية.

دييغو غارسيا هي جزء من Chagosarkipelagen، و كانت ستلتحق بدولة مورييوس التي حصلت عام 1965 على استقلالها من بريطانيا. ولكن بعد ضغوط من الولايات المتحدة أعلنت حكومة هارولد ويلسون أن موريشيوس لن تحصل على استقلالها إلا إذا تخلت عن المطالبة بالجزيرة، هذا على الرغم من قرار سابق للأمم المتحدة دعا فيه البريطانيين الى "عدم اتخاذ أي إجراء لتقسيم موريشيوس أو انتهاك حرمة أراضيها " كان هذا بالضبط ما فعله البريطانيون، وتقريبا في نفس الوقت، شكلت مستعمرة بريطانية جديدة سميت، ماوراء البحار جرى ضم جزيرة دييغو غارسيا إليها.

 قامت الحكومة البرطانية بتأجير الجزيرة لواشنطن و لمدة أربعين سنة مع امكانية تمديد العقد لمدة 40 سنة أخرى. البريطانيون إدعوا لاحقا بأن الجزيرة تخضع لإدارة عسكرية مشتركة مع الأمريكيين. كذبة تفضحها الوقائع، حيث أن الجزيرة تستخدم حاليا من قبل الجيش الأمريكي كقاعدة متقدمة للتزود بالوقود و كأكبر قاعدة عسكرية جوية لوقوعها بين قارتين و كذلك كمقبرة لطمر المخلفات النووية الأمريكية.

الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب إستخدم الجزيرة عام 1991 كقاعدة إنطلقت منها القاذفات الأمريكية لدك العراق و تخريب بناه التحتية، في نفس العام أبلغت وزارة الخارجية البريطانية حكومة موريشيوس بأن الجزيرة من الآن و لاحقا لم تعد مادة للتفاوض بين الطرفين.

 

 وهاب شريف



 [1][1] - هذا إعتراف ضمني بوجود شعب كان يعيش على أرض الجزيرة

[2][2] - مالذي حل بهذا الشعب سنتعرف لاحقا على فصول الجريمة الإمبريالية

[3][3] - من المؤكد أن هذه المنظمات البيئية مرتبطة بصانع القرار السياسي لكن هذا لا ينكر وجود منظمات كثيرة أخرى تنتقد و بشدة جرائم الامبرياليين

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2038 الاربعاء 22 / 02 / 2012)



في المثقف اليوم