قضايا وآراء

القاعدة في سوريا حقيقة ام شبح؟ / جاسم محمد

منذ 48 عاماً وإجراء تعديلات على الدستور، و أوقعت عشرات آلالاف من القتلى .

 ان الوضع في سوريا  يختلف عن ليبيا وباقي الدول العربية التي شهدة وتشهد ربيع الثورات، فهي ليست معزولة بدون أي حلفاء، فلديها حلفاء اقليميون مثل ايران وحلفاء دوليون مثل روسيا والصين .

 

اشكالية القاعدة

القاعدة في سوريا تختلف ايضا عن اخواتها  في ظل  ثورات الربيع العربي، فهنالك قواعد وليست قاعدة، النطام السوري منذ عام 2003 وهو يمسك بخيوط القاعد ثم تنظيم  بلاد الشام في سوريا، و تعايش تنظيم  الشام مع النظام السوري طيلة السنوات الاخيرة حتى مجيء ادارة اوباما في  تشرين الثاني /نوفمبر 2008، التي بدات سياسته بأيجاد حوار مباشر مع سوريا و ايران وفقا لتوصيات لجنة بيكر هاملتون  2006.

وقد صرح الرئيس بشار في  2009  بان استقرار العراق يمر عن طريق سوريا . كان ومازال تنظيم القاعدة في بلاد الشام  الذراع العسكري للنظام لافشال اي مشروع وطني عراقي في ظل القوات الاميركية وكانت الحدود العراقية السورية مفتوحة لعبور الانتحاريين  وخاصة معبر ربيعة، ولم تشهد  سوريا عمليات انتحارية او قاعدية ضد نظامها  خلال تلك الفترة الا عملية واحدة  حتى تاريخ اندلاع ثورة الربيع العربي .

تاريخ وتجارب التنظيمات المسلحة والاصولية في دول العالم الثالث تفيد بان الانظمة الحاكمة هي من يمسك بخيوط التنطيمات الراديكالية والاصولية لتنفيذ سياسات النظام بالوكالة، محاولة منها بالتخلص من مسؤوليتها القانونية واستحقاقاتها امام شعوبها، هذه العلاقة تبقى حتى بعد انتهاء التحالفات من خلال احداث انشقاقات داخل تلك المجموعات المسلحة او الحركات .

استخدم تنظيم القاعدة  سوريا معبر باتجاه العراق منذ عام 2003 ولسنوات قريبة جدا بل وفر النظام السوري معسكرات التدريب في الاذقية وغيرها من المعسكرات وباشراف مخابراتي وباعترافات عدد من معتقلي القاعدة .

 

مثلث ايران وسوريا وحزب الله

ايران وسوريا وحزب الله مثلت ثابت الاضلاع،يمثل تحديا وصداعا مزمنا للسياسة الخارجية الاميركية  التي  تهدف الى تفكيك هذا المثلث بالسياسة الناعمة، اي  فك ارتباط سوريا عن ايران وحزب الله ، هذه السياسة بدأتها الولايات المتحدة  ضد ايران بتحريك الوضع الداخلي وخلق حالة من الفوضى  وفرض عقوبات دولية لاضعاف النظام والمراهنة على تأكله  من الداخل  مع تصعيد الحرب الاعلامية و التهديدات ورفع سقف شروط الاتحاد الاوربي والولايات المتحدف في وجه الملف النووي الايراني .

وقداعلنت البحرية الامريكية ان مجموعة حاملة طائرات امريكية ضاربة بقيادة حاملة الطائرات الذرية المتعدد الغايات "ابراهام لنكولن"، ابحرت في بحر العرب .

وسبقبتها مجموعة حاملة طائرات ضاربة بقيادة حاملة الطائرات "كارل فينسون"، و حاملة الطائرات "جون ستينيس" في ديسمبر/كانون الاول 2011 .

لكن رغم تلك التحشيدات  والتهديدات  كان المراقبون المعنيون بالشان الايراني الاميركي يستبعدون اي عمليات  عسكرية واسعة ضد ايران،  وأكدها خطاب اوباما في 8 اذار 2011 قائلا  في كلمة ألقاها من وزارة الدفاع الأميركية البنتاجون قائلا : "إذا نظرنا إلى ما بعد الحربين في العراق وأفغانستان  ونهاية مرحلة طويلة من تقوية "أمننا" وتضامننا الوطني بعمليات انتشار عسكري خارجي كبيرة- نجد أننا سنكون قادرين على ضمان أمننا بعدد أقل من القوات البرية التقليدية" . انها سياسة انحسار الحروب الاميركية ، فالولايات المتحدة تطوي صفحة عقد كامل من الحروب  وتواجه لحظة تحول  ويواجه البنتاغون تخفيضا في ميزانيته يتجاوز 450 مليار دولار أمريكي على للسنوات العشرة المقبلة، وهذا يعني الاستغناء عن خدمات آلاف الجنود والعسكريين.

 اميركا الان تراهن على الوقت لاضعاف الانظمة وبدات تستخدم القاعدة في بعض الدول والمعارضة والسلفيين والمجموعات الاصولية ضد الانظمة لزعزعتها وحلحلة الوضع الداخلي  وهذا مايحصل الان في سوريا وهي  تراقب الوضع عن قرب واستخدمت تركيا وقطر حصان طروادة  في الشان السوري، ويبدو انها سياسة  ناعمة جديدة تستخدمها ادارة اوباما بدلا عن العمليات العسكرية، من شأنها تجنب الولايات المتحدة المخاطرة بهيبتها الدولية   .

واكدته كلينتون: "نحن نراقب الوضع في سورية والدول المجاورة لها عن كثب في تصريح لها نشرته ال بي بي سي في 24 يونيو/ حزيران  2011 ، وقال مسئولون عسكريون أمريكيون في 18 شباط   2012، إن عددا من الطائرات العسكرية وطائرات التجسس الأمريكية بدون طيار تعمل في المجال الجوى السوري لمراقبة هجمات النظام السوري ضد الجيش  الحر والمدنيين الأبرياء على حد سواء .

لقد جائت تصريحات الادارة الامريكية لتقول بانها لم تمول المعارضة السورية لانها تخشى القاعدة . هذه التصريحات ممكن تفسيرها بان الولايات المتحدة تستخدم القاعدة شبح وتهول قدراتها في المنطقة مثلما فعلته في افغانستان ومراهنة اميركية على اضعاف النظام السوري، اي تريد ابقاء النظام السوري بنسخة  معدلة  وفق مصالحها ، اي تريد تغيير راس النظام مع ابقاء النظام ذاته وفق شروط وكأنها تريد نصب خيمة صفوان  (العراقية الكويتية  ) للتفاوض مع قادة الجيش السوري .

وخلال المؤتمر الصحفي المشترك  للرئيس الأمريكي ورئيس وزراء بريطانيا   في 15 مارس/ أذار  2012 وفي أحد الأسئلة التي سُئلت لكاميرون حول أتخاذ خطوات لفرض حظر جوي على سوريا مثل سيناريو ليبا، أجاب : " أن الحل الأسرع هو رحيل الرئيس السوري بشار الأسد " اي التاكيد على رحيل رأس النظام  وابقاء ذات النظام . اميركا تنتظر الوقت المناسب لفتح حوار مباشر والتفاوض مع النظام السوري بعد ان تتأكد من اضعافه  وهذا يعيد بالذاكرة الى سياسة اميركا في العراق بعد فرض الحظر، الذي كان يهدف الى صندقة النظام العراقي السابق  ودفعه التعويضات مقابل استمراريته. أن ابقاء النظام يبعد مخاوف اميركا من مجيء بديل يهدد جبهة الجولان واحداث الفوضى في المنطقة .

 

تنظيم القاعدة في بلاد الشام

برز  اسم "جند الشام" كتنظيم جديد يضاف إلى التنظيمات والحركات الإسلامية المعروفة مثيرا علامات استفهام وتساؤلات حول أهدافه وهيكليته وخصوصا بعد اشتباكات  مخيم عين الحلوة في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2005.

تعود تسمية جند الشام إلى المجموعة الأولى التي تزعمها الزرقاوي في أفغانستان في العام 1999، حيث أطلق الاسم على مخيم للتدريب كان يضم متطوعين من بلاد الشام، أي لبنان وسورية والأردن وفلسطين، وفيما يتولى الشأن التنظيمي عماد ياسين، تعود المسؤولية العسكرية الى غاندي السحمراني، وهو ممن شاركوا في أحداث الضنية في شمال لبنان مطلع العام 2000 . فقد قام المدعو "أبو يوسف شرقية" بإعلان تشكيل جند الشام، وتولي "إمارته" في مايو/أيار 2000  بالاضافة الى  الداعية السوري ابو القعقاع   كان من ضمن عناصر التنظيم  .

 

ان تنظيم القاعدة / الجيل الاول موجود  في ايران وتنظيم الشام في قبضة النظام السوري، وتشير المصادر بان النظام اطلق بعض كبار معتقليه من السجون السورية، فليس من المعقول ان تكون هنالك نشاطات وعمليات للقاعد ضدهما . فما موجود من مقاتلي  القاعدة واخواتها  لا تتعدى بضعة خلايا ومرتزقة  لا تساوي شيء امام قوة العسكر السوري  وهنالك عدد من السلفيين والجماعات الاسلامية المسلحة دخلت الاراضي السورية بمساعدة تركيا، هذه ممكن اعتبارها خلايا صغيرة او افراد متطوعين دخلو للقتال وليس تنظيما،  وما تم عرضه من مقاطع فديو وصور لوجود القاعدة  لم تكن الا استعراض بائس امام وسائل الاعلام لمجموعات من المتطوعين . ان منهج تنظيم القاعدة يقوم على نظام الغزوات اي العمليات الواسعة واعلان الامارات الاسلامية والولايات في المناطق التي تسيطر عليها القاعدة، لكن  لحد الان لم نشهد هذا السيناريو المتكرر للقاعدة كتنظيم وحتى العمليات التي تبنتها مواقع القاعدة المعروفة كانت تفتقر الى ذكر الاسماء والقيادات او الاعلان عن تفاصيل تنفيذ عملياتها كما هو معهود .

 

الظواهري لا توجد لديه سيطرةعلى التنظيم

التنظيم المركزي للقاعدة يعاني من موت سريري بطيء،ويشهد غيبوبة منذ اواخر عام 2005 ولحد الان، اخر عملياتها كانت محطات  قطارات لندن 2005 ولحد الان لم تقوم باي عملية مماثلة وماقامت به من عمليات عام 2009 في التايم سكوير /نييورك وطائرة الايرباص المتجهة من امستردام الى ديترويت خلال فترة اعياد الميلاد كانت عمليات خلايا فردية فاشلة . لذا بدا التنظيم يعتمد على التنظيمات المحلية مثل دولة العراق الاسلامية في العراق وانصار الشريعة في اليمن محاولة منه للحفاظ على تواجده .

وما جاء في رسالة الظواهري  الاولى ضد سوريا في 21 أكتوبر 2011 والثانية  في 16 كانون الثاني 2012 ممكن فهمها بانها علامة ضعف للتنظيم وهذا ما اكده المراقبون المعنيون في شأن القاعدة، مع احتمالات، ان الظواهري لا توجد لديه سيطرة على التنظيم في ظل تراجعه، والا ماهو تفسير رسالة الظواهري بتاييده ثوار سوريا ورفاقه من الجيل الاول في ايران تحت الوصاية الايرانية ! ومايزيد في هذا الاحتمال ان الظروف التي يعيشها الظواهري وقيادات التنظيم المركزي هي ظروف صعبة  بعد مقتل اسامة بن لادن في الثاني من  شهر مايس 2011 وانشغال قيادات التنظيم  بتامين امنهم الشخصيي، مع عامل تقدم السن لتلك القيادات وعجزها ميدانيا مقارنة بالجيل الثالث من القاعدة الذي يكثر تناسليا عقائديا من خلال استخدامه الانترنيت والتقنية الحديثة ومرونة الحركة .

القاعدة في سوريا موضوع شائك لتعدد خيوط القاعدة فهنالك جند الشام التي تمسك به النظام وهنالك التنظيم المركزي وهنالك مجموعات سلفية مقاتلة ومتطوعين ومرتزقة  تدفقوا وا للقتال من باب " الجهاد فرض عين " بعيدا عن مبايعة  الظواهري .

ومهما كان، فأن تنظيم جند الشام، ليس الا ذراع للنظام السوري وسط ضبابية قياداته وهيكليته ونقص المعلومات المتوفرة عنه.

 

كاتب ومترجم في قضايا الارهاب والاستخبار

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2065 الثلاثاء 20 / 03 / 2012)

في المثقف اليوم