قضايا وآراء

حصاد القمة العربية ... بين مآرب العرب ...ومصالح الجوار ..وحاجةالعراق!! / نبيل ياسين

بعد ان تلقت تطمينات أمنية كبيرة من السلطات العراقية التي لا زالت تعاني من موجات الإرهاب المتنقلة في شوارع مدن العراق والتي تحصد القتلى والجرحى من الأبرياء، كما تعاني حكومة العراق من تمزق وعدم انسجام في مكوناتها المتعددة المشارب. وتأتي هذه القمة بمثابة حاجة ضرورية للسلطات العراقية لكي تثبت للعالم مدى قدرتها على الإمساك بالأوضاع العامة، ومدى تمكنها من الخروج من أتون الأزمات بعد رحيل القوات الأميركية في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو عن مدى قدرة القمة العربية على التحكم بمسار الأزمات العربية المختلفة رغم ان هناك من سيحضر لأول مرة القمة بوصفه زعيماً لدولته مثل تونس وليبيا واليمن ومصر، كما هناك من سيغيب قسراً عن القمة مثل الرئيس السوري بشار الأسد الذي ارتؤى عدم دعوته لكي لا تفشل القمة قبل ان تبدأ تداركاً لاحتمال اعتذار العديد من القادة العرب فيما لو ترأس الأسد وفد بلاده. والأزمة السورية لن تكون الوحيدة المطروحة على جدول أعمال أهل القمة بل هناك الوضع في ليبيا غير المستتب حيث التهديد بتقسيم البلاد لا زال قائماً نتيجة الخلاف بين أمراء الحرب، والخلاف أيضا بين القبائل والعشائر.. وهناك الأزمة التونسية حيث العلمانيون وجدوا أنفسهم خارج أي تمثيل في السلطة رغم أنهم أول من دفع ثمن التغيير. وأيضاً هناك اليمن وما يتردد من عدم اقتناع اطراف بالمعارضة بالرئيس الجديد لتضاف ازمتهم الى الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال .. وهناك مصر وما تتخبط به من خلافات طائفية ومن مواجهات بين اطراف معارضة والعسكر في ظل تفاقم الوضع الاقتصادي الى حد خطر اعلان الدولة افلاسها ما لم تصلها مساعدات عاجلة. وإضافة الى ازمات هذه الدول هناك الأزمة البنيوية لجامعة الدول العربية نفسها التي لم يكن لها أي دور فاعل في التغيير الحاصل في العالم العربي والتي وجدت نفسها بحكم ضعفها مضطرة للاستنجاد بالأمم المتحدة وبمجلس الأمن، والتي غالباً ما كانت العواصم الغربية تسبقها في اعلان المواقف لتعود هي بدورها الى ترديد ما تم اعلانه . فجامعة الدول العربية تجتمع في بغداد دون ان يكون لديها عسكر لفض النزاعات، ولا اموال لتقديم المساعدات، ولا ادارة فاعلة لتأمين التواصل والاتصال، ولا اجهزة اعلامية لنقل مرئياتها، ولا قدرة تنفيذ ما أُتخذ سابقاً وما سيتخذ الآن من قرارات، حتى لنظن ان امين عام جامعة الدول العربية اشبه بمدير تشريفات في أي دائرة رسمية يهتم بقشوريات القمة دون الجوهر . وإذا تعمدنا تجاوز كل هذه الوقائع، يبقى السؤال المطروح حول مدى قدرة العرب على التفاهم حول أولويات الأزمات التي تهددهم لطالما انه ما انعقد اجتماع إلا وكان الخلاف سيد الموقف، وما صدر بيان عن الجامعة إلا وعادت إطراف من الجامعة لترفضه،او تتحفظ عليه،او تنتقده،او لتعتبر نفسها غير ملزمة به . وماذا ستفعل القمة العربية بالانقسام الحاصل حالياً بين القوى الكبرى بشأن ما يجري في العالم العربي، فهل ستؤيد الصين وروسيا او اميركا وأوروبا ؟. وهل الدول العربية قادرة على تحمل تبعات الانحياز لهذا المعسكر او ذاك ؟ . وطبعاً الإجابة اصعب من السؤال . وعليه ستنعقد القمة لإقرار بيان اعد سلفاً، وستنتهي مفاعليه قبل ان يجف حبره لأن الأجندة الفعلية للدول العربية موجودة في مكان آخر غير بغداد.

 

* العرب سيحضرون ولهم مآرب !!

أن العرب عموما لا يحسنون اللعبة السياسية سواء اجتمعوا في بغداد أو في غيرها، وإذا كان العرب قد اتفقوا على عقد القمة في بغداد، حسبما أعلن الحلي، فسوف تعقد في موعدها، ولكن بعض المشاركين فيها سيحاولون أن يهشوا بالعصا على غنمهم، ومنهم من سيحاولون أن يتكئوا عليها، وآخرون سيكون لهم مآرب أخرى "العرب يريدون عقد القمة في بغداد لأنهم يريدون أن يقولوا لغريمهم الإيراني نحن هنا، ومن ناحية أخرى هم يمارسون ترغيب الآخر بشيء دون منحه إياه، فهم يريدون عقد القمة في بغداد ولكنهم لا يريدون منح هذا الامتياز لحكومة المالكي التي يعتبرونها سائرة في ركاب الإيرانيين، لذا فهم يماطلون، والإيرانيون من جانبهم يريدون عقد القمة في بغداد لأن ذلك يوفر لهم قنوات اتصال مع الأنظمة العربية وهي تقع ضمن مجالهم الحيوي، ووضع الأتراك أيضا يقع تحت هذا الوصف".

 

*العراق سيستفاد بروتوكولياً!!

 "القمة العربية في بغداد لن تتجاوز الشكليات وسيستفيد منها العراق من الناحية البروتوكولية لا أكثر، والسبب أن الدول العربية تقودها اليوم دول الخليج وفي طليعتها السعودية وهي دول لا تنتج شيئا من الناحية السياسية، وما يسمى بالربيع العربي لم يورق لحد الآن، ولم تتضح فيه معالم الطريق الديمقراطي المنشود، وكل ما يحدث هو ردود فعل على أعمال الحكام الطغاة"

وإن القمم العربية على مدى التاريخ لم تخرج بأكثر من الشجب والاستنكار والتنديد، وقراراتها لم تزد عن كونها حبرا على ورق، وهذا يصدق على القمة الحالية أكثر من غيرها نظرا للتوتر الكبير بين الرؤساء والقادة العرب في هذه المرحلة، علاوة على أن العراق يعيش توترا دائما في داخله

 

*القمة برؤى الساسة العراقيين

ويقول زعيم الكتلة العراقية البيضاء حسن العلوي إنه يميل الى عدم انعقاد القمة العربية في بغداد خصوصا ان بعض الدول "لا تزال في طور التأسيس مثل ليبيا وتونس"، مرجحا ان يكون الحضور الى بغداد في حال انعقاد القمة العربية "متواضعا جدا ولذر الرماد في العيون".

 

ويتابع العلوي في حديث لـ"السومرية نيوز" ان "الواقع العربي الحالي صعب فيه اقامة اي قمة عربية بسبب التعقيدات التي تشهدها المنطقة والمتمثلة بالاضطرابات والثورات

 

ويقول النائب عن ائتلاف دولة القانون وليد الحلي " أن "الوضع العربي يشير الى ضرورة عقد مثل هكذا قمة في بغداد بالتحديد، وليس تأجيلها كما يعتقد البعض"، ويوضح ان "سبب عقد القمة هو مناقشة ما يجري في الوطن العربي وكيفية ان تكون الحكومات تابعة للجماهير وليس العكس"، لافتا إلى أن "العراق يعد من افضل دول المنطقة في التجربة الديمقراطية ".

ائتلاف المالكي: العراق أفضل دول المنطقة بالديمقراطية

وعلى الرغم من المعطيات الموجودة على الأرض والتي تشير إلى صعوبة الأجواء التي تنعقد في ظلها القمة التي تستضيفها بغداد بعد نحو 21 سنة فإن ائتلاف رئيس الحكومة نوري المالكي يبدو مطمئنا لاستعدادات العراق اللوجيستية والسياسية بشأن استضافتها، ويؤكد أن الظروف مؤاتية لعقدها القمة وفي بغداد بالتحديد، مستبعدا أن يؤثر الوضع السياسي الحالي في البلاد عليها

.

مواطنو بغداد: القمة ستنعقد على حسابنا واحتياجاتنا!!

وفي وقت يؤكد مسئولون عراقيون اكتمال الاستعدادات الخدمية والأمنية، يعتبر عدد من سكان العاصمة اهتمام الحكومة بتنظيم القمة امرأ جاء على حساب قضاياهم الأساسية.

ويتساءل كريم حاتم (55 سنة) عن "السبب في إلحاح الحكومة على تنظيم القمة العربية في بغداد" على الرغم من عدم قناعة دول الخليج بها، ويجيب على تساؤله "ما يحدث يذكرنا بعصر صدام في التمسك بمثل هذه القضايا الدعائية على حساب مصلحة الشعب العراقي".

 

ويضيف حاتم "ما الفائدة من الالحاح على عقد القمة في ظل رفض دول الخليج الاعتراف بنا كدولة، ثم اين المشاريع التي يتحدثون عنها استعدادا للقمة ما الذي تغير في بغداد فقط القصور تم أعمارها وهذه لا نراها".

 

ويصف عمر القيسي (40 سنة) وهو مواطن آخر من بغداد عقد القمة العربية في مدينته بـ"الامر الجيد"، إلا انه يشير إلى أن هناك قضايا في البلاد تستحق الاهتمام والجهود من قبل الحكومة لإيجاد حلها "مثل استمرار معاملة العراقيين بشكل سيء" في اغلب دول المنطقة".

 

ويقول القيسي ان "ما نراه ونسمعه هو امر مبالغ فيه فأي قمه تعقد وبغداد لاتزال مقطعة اوصالها وتغزوها الكتل الكونكريتيه"، ويبين أنه "لو تعقد خلال السنوات المقبلة قد يكون الوضع افضل من الان".

 

ويتساءل القيسي"ما الذي سيفعله حضور زعماء العرب للعراق هل سيتحسن الوضع الامني ام سينتهي نفوذ بعض دول الجوار"، ويلفت الى ان "اغلب الدول العربية منشغله بمشاكلها او متخوفة من حرب جديدة بين ايران وامريكا".

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2066 الاربعاء 21 / 03 / 2012)


في المثقف اليوم