قضايا وآراء

قرأة في رواية "مريم ذاكرة وطن" للروائي محمد حسن الاطرش / خالدة حبيب


هكذا يهدي محمد حسين الاطرش روايته الاولى "مريم ذاكرة وطن" الصادرة عن فضاءات للنشر والتوزيع -عمان

استطاع محمد حسن الاطرش حصر بين غلافي الرواية عمل ابداعي ممييز لتحلق صرخة و تصدح،
عن لسان الكثير من الامهات والشباب العربي.
تجربة روائية جريئة تستحق التوقف عندها، تنهل من ذاكرة حية لتؤرخ فترة مهمة وفاصلة من تاريخ لبنان
تُسرد الرواية بمهارة وشفافية هادئة واسلوب شيق يرافق صفحاتها نبض شعري ساحر
وصورة بصرية او لوحة سينمائية رائعة التشكيل
يستهل الراوي روايتة :
"
كُنت ابن العشر سنوات عندما أمسكنتي بالجرم المشهود وأنا أكتب بالطبشور بضعة جمل على الباب الحديدي لحديقتها
هممت بالهرب يومها ولكنها أمسكتني بقوة وضاحكة قائلة لا تهرب ماذا تكتب؟"

 
كتب محمد حسن الاطرش روايتة بالدمع، والالم والكثير من الحب .
كانها مخاض شعب شرب هول الموت والظلم 
شعب ملأ الحقول اناشيد واحلام وبُللت اجسادهم بالعرق وبالدماء.

(مريم)
الشخصية المحورية في الرواية، امرأة طاعنة بالسن تحملنا بذاكرتنا من زمن لزمن، تضيء سنوات وطن عانى عذابات الموت والالم  "  
"
رافقتني مريم، الجارة الضاحكة بحزن دوما، بقصصها كنت مكمن سرها"
(كفر المنسي)
مكان الاحداث، القرية المنسية لكنها تعيش على احداق التاريخ
"
كانت نائية بما يكفي لكي تُنسى .كثيرون اعتبروا ذلك لعنة .ربما كانوا محقين في ذلك .
ولكن بالنسبة لي كانت نعمة أعطت بيوتها الصغيرة من طين وحجر جميمية ودفئا، تلاصقت قيها الجدران فترابط الحجر وتكاتف البشر"
"
تضحك وتتابع لتخبرني ان موعدها الغرامي الاول كان هنا بعد مغيب الشمس"


(أهل كفر المنسي)
 "
هم قساة باردون من الخارج كصخرها ومليئون بالدفء كشمسها"
أقتيدوا اهل كفر المنسي قسرا الى تركيا للمشاركة في الحرب العالمية الاولى وبعدهم جاء احتلال اخر..

 "
غابت عن المختار كل فصاحتة وهو المعتاد دوما على البلاغة في تنفيذ أوامرالسلطة،
كان بحاجة لبعض الوقت ليستيقظ من سباته،
كان يتتظر عساكر بكوفية يأتون من هنالك فوق الخيل يتحدثون بلغة الضاد
لكنه أفاق على جنود يتكلمون الفرنسية ويأمرون وعليه الطاعة"
كانت طريقة العسكر الفرنسي في التفتيش عن الاسلحة فيها من الذل والقسوة ما لا يُحتمل
"
كسرت خوابي الزيت والزيتون الدبس والتين والكشك والبرغل، لم يبفوا على شيء .صورةأ خرى لتدمير اقتصادي يدائي واذلال أهله"


(خالد)
الذي مثل صورة الاب والاخ والحفيد
المواطن المناضل الساخط على الظلم وانظمة الارهارب والقمع.
خالد الذي مات برصاص الوطن، الذي عُذب بسجون اسرائيل وخالد المستقبل.
ازدادت القبضة العسكرية على "كفر المنسي"مع دخول القوات السورية
"
بات الصاق تهمة الخيانة أو التعامل مع الاعداء أمر سهلا والاسهل منه الاعتقالات والحبس "، "صار الناس متهمين أو معتقلين "
"
انظمة جبانة، سجنتهم خوفا جلدتهم ليصمتوا وسجنت نفسها بين السوط وغرف التعذيب ونسيت ان للوطن حدائق تستحق بعض الماء"

اجمل ما حملته لي الرواية ذلك السفر في معرفة واكتشاف الحياة الريفية بدقة ممتعة .
من قطاف العنب وتحويلها لدبس او زبيب، وأعراسهم المميزة
 
العرس في "كفر المنسي" لا تشبة احتفالاتنا اليوم، فقبل يوم الزفاف هناك ثلاث ايام تسبقه
الجولة على بيوت القرية للدعوة
واليوم التالي يوم جمع الحطب
واليوم الثالث يوم اعداد الخبر
حمّام الصبايا
والحناء،
والمبارزة بين اهل العريس والعروس على حسن خصالهم .
رواية جميلة، تدفع القارئ بالتفاعل مع اي حركة من حركاتها، ان كانت فرح او حزن ..تسحب منه انفاسة حتى آخر سطر
لتتركه يخط بعدها صفحات اضافية ..من المشاعر والاحاسيس

الجدير بالذكر ان محمد حسن الاطرش ..   شاعر وصحفي عمل رئيسا لتحرير جريدة المستقبل الكندية عدة سنوات، وهو عضو المركز الكندي لدراسات الشرق الأوسط،
احد مؤسسي الصالون الثقافي الأندلسي وعضو جمعية كلجامش،
نشرت له العديد من المقالات في الصحف العربية،
فضلا عن كونه أستاذ مادة القانون والعلاقات الدولية التجارية في الجامعة العربية المفتوحة
ويتولى حاليا إدارة فريق في المؤسسة الكندية للإحصاءات..

  

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2069 السبت 24 / 03 / 2012)

في المثقف اليوم