قضايا وآراء

الاسرائيليات في الفكر السلفي / مهدي الصافي

والحجج المساقة في ميدان الصراع الفكري والثقافي، والجهات المعنية بكشف الحقائق، والا فنحن امة جاهلة لاتعرف اسباب الاخفاقات والانتكاسات المتكررة، المصاحبة والمحيطة بنا، ولذلك تعتبر مهمة المتابعة والتحليل والرصد المتواصل للمدارس والافكار والثقافة المتناقضة التخريبية، مهمة اخلاقية مجردة عن الحسابات والاعتبارات الطائفية والاثنية او العرقية)

لم تكن الاتهامات التي واجهت حركة الاسلام السعودي الوهابي(محمد بن عبد الوهاب 1703-1793)  من قبل المذاهب الخمسة(مذاهب اهل السنة والجماعة والمذهب الجعفري) ، وليدة رد الفعل الرافض للتحالف القبلي لال سعود مع المستعمر البريطاني، الذي قرر تغيير سلم الاولويات والولاءات المتفق عليها في شبه الجزيرة العربية مع قائد الثورة الشريف الحسين(1916-انظر مراسلات حسين مكماهون) ،

ولكن كانت عملية التفاف بدوي جاهلي على بقية المذاهب المعتبرة، واحياء متعمد لفكر ميت ومرفوض (فكر ابن تيمية التكفيري) ، فكر طاعة السطان المسلم سواء كان عادلا او جائر(المهم انه لايشهر كفره) ،

حتى جاءت سنوات البترودولار فصار الدين الوهابي كماشة المجتمع، وبيت الداء الذي نعاني منه ويعاني العالم اجمع من تبعاته الجنونية الاجرامية.

هذا الانتشار الواسع للحركات السلفية في الدول العربية السنية المذهب، جاء بدعم خليجي (سعودي قطري) ، بعد ان انتهت مرحلة الحرب الباردة الاولى بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق (وظاهرة التحشيد والاسناد السعودي المصري الباكستاني لجماعة القاعدة الارهابية) ،

الحرب الباردة التي تساهم فيها دول الخليج تجاه المد الشيعي كما يسمونه، هذا المد الذي جسد بطولاته واحقيته الاخلاقية والدينية المتصدرة للمشهد العربي والاسلامي، رجال المقاومة اللبنانية واسطورة صمودهم وتضحايتهم الوطنية لتحرير الجنوب اللبناني، يخافون منه تحت ذريعة الجارة المسلمة ايران،

وهم يرون ان عمامة السيد الخامنئي عمامة رسول الله العربي القريشي محمد ص، قد تكون هناك مصالح قومية للامة الفارسية لكنها وقفت الى جانب الحركات التحررية العربية المقاومة للاحتلال الاسرائيلي،

لكن هذا الجفاء الخليجي الذي دفع المليارات في حرب الخليج الاولى (1980) ، هو نفسه يكرر محاولاته الجديدة لتدمير الجدار القومي والاجتماعي العربي، بتدريب حفنة من الجهلة العاطلين عن العمل باسم السلف الصالح، وضخ مدهم التكفيري المتخلف والمتأخر عن الركب الحضاري.

هل يعقل ان تضخ اي دولة من الدول الاسلامية الاموال الطائلة لاثارة الفتنة بين المسلمين (السنة انفسهم وبينهم وبين والشيعة) ، قنوات فضائية ووسائل اعلامية مختلفة مجندة لبث الفرقة والتناحر والتكفير، وعاظ السلاطين هؤلاء يتورعون حتى عن الكفر والتزوير والانحراف والبهتان، وقلب الحقائق والروايات والاحاديث، بل يتجاوز بعضهم على ال بيت الرسول عليهم السلام، ويقلبون الحقائق التاريخية الواضحة، جاعلين من معاوية بن ابي سفيان ودولة ال امية دولة للحق والعدل والاسلام، بينما تشير الدلال والوقائع والشواهد الى انحراف ال امية عن الخط الاسلامي، واستباحتهم لدماء الصحابة، واعلانهم رفض سنة الرسول الاكرم ص من خلال محاربتهم الامام علي وابنه الشهيد الامام الحسين عليهما السلام، بقي سب ال البيت والامام علي تحديد لعقود حتى منعه الخليفة المنصف عمر بن عبد العزيز،

مع ان الدلائل تشير الى ان معاوية كان قد المح في خطاب موجه الى الخليفة الثالث بأنه سيقف معه ضد من يحاول قتله، ولن يترك دمه يذهب هدرا، وهذه اشارة الى معرفته بنتائج المؤامرة والمحاصرة لبيته،

وهو المشار اليه في حديث الرسول محمد ص (عمار تقتلك الفئة الباغية) ، ولذلك يوضح الشيخ الداعية المنفتح على المذاهب الاسلامية المختلفة عدنان ابراهيم(الفلسطيني المقيم في النمسا)  في العديد من محاضراته الى ان معاوية هو المتهم الاول في عملية اغتيال الخليفة الثالث

(عبر تزوير رسالة حملها رسول مروان ابن الحكم حاجب الخليفة الثالث ورأس الفتنة) ، وهو يتساءل كما يتسائل العديد من المسلمين حول ضرورة احياء السنة الاموية السلفية وترك ما اوصى به الرسول الاكرم ص (تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي) ، وقد اشار الشيخ الى تحريف الطبعات الجديدة للصحيحين وبقية الكتب(حيث رفعت عترتي واستبدلت بسنتي-كذلك رفعت عليهم السلام واستبدلت برض وهكذا) .

الاسرائيليات هي الافكار والاحاديث الوهابية المدعومة ماديا من قبل بعض حكام الخليج، الذين يمارسون عملية التشويه الداخلي للاسلام، عبر نشر ثقافة الارهاب الديني، من خلال ظاهرة التكفير والتشدد والتعصب المذهبي(والغاء او تحجيم المذاهب السنية الاربعة واحياء مذهب السلفية الوهابي-والذي افتتح له مقرا وحاضنة جديدة في قطر) ،

ويمكن للقارئ الكريم ان يستمع على محاضراتهم الخاصة بفتاوى تهديم قبور الاولياء الصالحين، وتحريم بناء المساجد عليها وزيارتها والتوسل بأصحابها الاولياء،

واعتبار الامام الحسين بن علي ع خارجيا، خرج على امام زمانه يزيد ابن معاوية الفاسق الفاجر، هذه المحاولات المخالفة للشريعة الاسلامية السمحاء والمعتدلة،

عبرتزوير الاحاديث ودس المشكوك بها في الفضائيات التكفيرية، التي لاتستحي من ذكر الاحاديث المنافية للقران(احاديث سحر الرسول وعدالة معاوية وابنائه) ،

تذهب ماذهب اليه السياسيين عبر ثقافة اكذب اكذب حتى يصدقك الناس، والا ماهذه المخاوف التي اشيعت حول تشيع مصر (البعض يقول مصر تشيعت ) ، لانهم يخافون المواجهة والمجادلة والمقابلة التاريخية المستندة الى الوقائع الصحيحة، يهربون الى الطعن والتكفير السريع لقطع باب النقاش، متناسين ان عصر الدولة العباسية (المأمون-انظر تاريخ الخلفاء للسيوطي)  ) كان عصر المذاهب والفرق الاسلامية المتنوعة(المعتزلة والحنابلة والطرق الصوفية، الخ.) ،

اما اليوم فلا سبيل للتقريب بين المذاهب، بل انه يوم الاحتراب والقتل والتفجير الانتحاري والتكفير العشوائي، لشباب لم يتسعهم الوقت لصغر سنهم من قراءة ومراجعة كتب الحديث والسيرة والمذاهب والفرق الاسلامية ويمكن حتى القران الكريم، فصار التلقين والترويج لشيوخ معاصرين احدى ادواتهم الدعوتية المتخلفة.

 

تابعت عبر اليوتيوب فلما لشخص ملتحي يقول ان العلامات والدلائل تشير الى ان ملك الاردن هو عبد الله المهدي المنتظر –فقال صديق لعله يهدويا ينتحل صفة شيخ –مايمنع ان يكون بعض المتصهنين هو وراء الفتنة والفوضى الاسلامية السلفية المنتشرة في الوطن العربي)

لقد اعتمدت روايات كعب الاحبار الحميري والذي يقال ان ابا ذر حذفه بنعله بحضور الخليفة الثالث رض، هذا فضلا عن جمهرة من رواة بني امية الموالين لنهجهم (والذين يمكن ان نسميهم اوائل وعاظ السلاطين) ، حيث يقول ابن تيمي في الطعن في الصحابة طعن في الدين لأن الدين أتانا عن طريقهم،

ويعدون معاوية ويزيد منهم، ولكم هذه المراجع (الموجودة اسفل المقال الغير موثقة عند العديد من المحققين السنة) ، التي اعدها مع مقالة منشورة عبر الشبكة العنكبوتية المغفل الدكتور راغب السرجاني حول قصة الاسلام-معاوية ابن ابي سفيان، وغيره الكثير من السفسطات المنحرفة عن الخط الاسلامي الاصيل،

في حين يتجاهلون متعمدين احاديث الرسول المذكورة في حق معاوية والفتن التي سيتسبب بها ابناءه واحفاده،

وكم هم مغفلين عندما يقولون ان يزيد كان على حق والرسول ص يقول الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة، ثم كم هي غشاوة التعمية الاموية تحجب الحق، يقول الشيخ محمد راتب النابلسي السوري، يقول جمع عبد الرحمن ابن عوف الناس يوم الاختيار لمنصب الخليفة الثالث فقال لعثمان اتقبل بالخلافة على كتاب الله وسنة رسوله وفعل الشيخين فقال نعم، ثم اشار الى الامام علي ع فقال كتاب الله وسنة رسوله،

ومن هنا نرى الالتباس والخلل الذي وقع فيه المسلمون عبر تاريخهم هو فعل وسنة الصحابة والخلفاء الراشدين بينما الكتاب والسنة تمنع البدعة بعدهما لاي كان،

ثم يشير حتى الدكتور عدنان ابراهيم حول حادثة او قصة فدك (ويقول في احدى الخطب الموجودة عبر اليوتيوب تبا لهم يؤلفون الكتب حول فدك) ،

يستنتج ان رفض الخليفة ابو بكر رض اعطاء ارض فاطمة ع (بقوله انه لم تقبضها اي منحها الرسول اليها وتوفى ص ولهذا هي لم تقبضها وعليه يمكن القبول برواية نحن معاشر الانبياء لانورث) ، وفاته ان السيدة الزهراء ع لم تذهب الى الخليفة الاول دون علم الامام علي ع، وهذا يعني ان ال بيت الرسول ع

(فاطمة والامام علي عليهما السلام) لايعرفون بشريعة المنح والقبض، والخليفة الاول وحده يعرف، ثم هل يعقل ان الرسول الاكرم ص عندما اهدى ابنته هذه الارض لايعرف انه سيلتحق بالرفيق الاعلى وانه لن تحصل عليها ان لم تقبضها، وهل يمكن القبول بأن مسألة الارث لايعرف به اهل البيت والسيدة الزهراء (اب لايشرح لابنته ارثه وتركته ووصيته ومكان دفنه) ، الموضوع اخذ الجانب التاريخي على بساطته، ولكن مانريد قوله ان التيار السلفي تيار اقصائي تكفيري، لايقبل بمبدأ الحوار الهادئ المتبادل بين اهل الاختصاص، يقتحم الميدان السياسي لادخال بعض شعوب المنطقة في جهل مطبق، استثمر الربيع العربي، وايدته الجماهير خوفا من التيارات القومية الشبه علمانية الفاشلة، وقد جربت الشعوب افعالهم وكذبهم وخيانتهم لامتهم، لكن البديل قد يكون اسوء، اذا لعبت به دوائر المخابرات الدولية والخليجية المتواطئة معه، كما لعبت لعبتها من تيار او منظمة القاعدة ارهابية،

والا عليكم ان تنظروا الى ازدواجية المعايير(العربية والاقليمية والدولية)  في معالجة الملف السوري والبحريني، وكم هو الفرق بين الدماء التي تسقط في الجانب السوري (السلفي) ، والدماء المسترخصة في الجهة الشيعية البحرينية، بهذه العقليات يبحث السلفيين مشروع تطبيق النظم الديمقراطية في مشروع الشرق الاوسط الجديد، تحت راية المشروع السعودي الاتحادي الذي طرحته مؤخرا في قمة الخليج الاخيرة، وهذا يعني مزيدا من الجهل والتخلف والتنويم العقلي العربي.

 

.....................

(1)  منهاج السنة 1/18

(2)  ابن كثير: البداية والنهاية 8/ 139

(3)  ابن كثير: البداية والنهاية ج8، ص120

(4)  الطبراني في تاريخه 5/331

(5) أنساب الأشراف 4/147

(6)  ابن كثير البداية والنهاية 8/ 134

(7)  ابن كثير البداية والنهاية ج8، ص133

(8)  مجموع الفتاوى 4/478

(9)  ابن خلكان: وفيات الأعيان، ج3/33

(10)  الآجري في كتابه الشريعة 5/2466

(11)  ابن كثير: البداية والنهاية، ج8، ص154

(2)  ابن كثير: البداية والنهاية، ج8 ص156

(13)  محمود شاكر: التاريخ الإسلامي، الخلفاء الراشدون، ج3، ص68ـ 69

(14) ابن كثير: البداية والنهاية، ج7، ص58 ـ 59

(15) محمود شاكر: التاريخ الإسلامي، الخلفاء الراشدون، ج3، ص69ـ73

(16)  د/حمدي شاهين: الدولة والمجتمع في العصر الأموي ص135، 136

(17) ابن كثير: البداية والنهاية، 8/ 226 ـ 227

(18)  ابن حجر: تهذيب التهذيب، 3/210

(19)  ابن كثير: البداية والنهاية، ج8، ص163

(20)  ابن كثير: البداية والنهاية، ج8، ص164

 

 مهدي الصافي

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2074 الخميس 29 / 03 / 2012)


في المثقف اليوم