قضايا وآراء

العقل الغربي وخرافة الصراع الحضاري .. كي تصبح الفرضية كتابا مقدسا ودينا كونبا (2) / جاسم الصافي

 

تعرف الحضارات على أنها ثمرة جهد الإنسان في سبيل تحسين ظروفه سوا كان هذ الجهد مقصود أو غير مقصود أو كانت ثمرته مادية أو معنوية ، واغلب الحضارات البشرية لها عمق تراكمي يمررها مع الزمن لتتجانس الى خصوصية حضارية ، وفق تفاعلها مع الطبيعة الفكرية والطبيعة المناخية ، أي انها مرتبط بالتاريخ وبالتراكم الكمي للمعرفة الانسانية وهذا ما يناقض أطروحة صموئيل هنتينغتون التي لا يركز فيها على تحدد أبعادا كلمة { صراع  ?  حضارات} بقدر ما يركز على التنجيم المستقبلي المقلق للعالم الغربي ، فالمفردة الأولى تحتاج في فعلها الى تحديد نوع ومكان هذا الصراع ، كون أن الصراع قائم على تواجد قوتين متساويتين أو متغالبتين أو متنافستين تتوتر علاقتهما الوجودية فتتحول حينها الى صراع من اجل الهيمنة أو صراع تزاحمي ، اما المفردة الثاني فهي تحتاج الى لان تميز بلاحق وصفي عن حالة تلك الحضارات ، أي هل أن هذه الحضارات التي يقع عليها فعل الصراع هي حضارات زمانية مرتبطة بــ (التاريخ) ام حضارات عمران مرتبطة بــ (المكان) ام هي تصنيعية توظف ما بين الايديولوجية والعمران الحضاري معا ، ولنأخذ مثلا الماركيسية التي هي منتوج حضاري اوربي ومع هذا فهي لم تتجذر عند الغرب بل طوعت لتخدم الحضارات الاخرة مثل الصيني حيث استطاع ماو من تطوير العقل القومي الى ما هو ابعد من الإيديولوجي بل وان يجاورها للفضاء العقلي (الحداثوي) ومنها اندمج هذا المجتمع ليكون على ما هو علية الان من تطور سريع ، كما أن الماركيسية استخدمت في تحدي العقل الغربي المتسلط في الكثير من بلدان العالم الثالث (حسب تصنيف الاستعماري القديم) وهذا يعني أن العقل بالمفهوم الفردي أو الجمعي هو سبب لكل صراع اذا ما ارتكن الى ادلجة أو انمذجة ما ، كما سنلاحظ لاحقا .

أن الصراع الثقافي لايمكن أن يكون وليد مكان أو حضارة ما ، كون الثقافة هي ملك للانسانية اجمع ولا تحد بحدود العرق أو القوانين اوالادلجة لتصبح بعدها كما في اطروحة صموئيل هنتينغتون خاضعة للفرضيات السياسية والاجتهادات الايديولوجية ، أي انه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون موضع للصراع الا اذ هبطت نحو حضيض السياسة أو إلادلجة ، فالثقافة هي موجود معنوي يسكن في نفوس الأفراد الذين توكل لهم مهمة حملها وتمازجها وتناقلها بل وتطويرها لتتلاقح وتنتج ما هو جديد كي يتناغم ويتوافق مع متطلبات تلك المجتمعات مثل على هذا حال الصين واليابان وماليزيا اليوم او مثل ثقافة ابن رشد قديما والتي أنتجت العقل (اليونوسلامي) وايضا ما اوجدته النظم الاوربية حين عانت ما عانت من توافد المهاجرين عليها فلجأت الى أعدادهم من خلال مجاورة ثقافة الضيف والمضيف .

اذا الحضارة هي واقع تاريخي وليست فرضية فكرية يعيش وهمها الانسان وحضارة الصين واليابان المعاصرتين لم تؤورب أو تؤمرك كما يدعون بل هي جاورت الجديد مع حضارتها الأصيلة (ذات المعيار الروحي) لتجد لها بالنتيجة مخرج من مازق ازدواجية العصر الذي تعاني منه دول كثيرة مثل الدول الإسلامية والهند ، فعدم قدرتها على السيطره على ادوات العصر من (ضخامة رؤوس الأموال وتدفق التكنولوجيا المتنوعة والأفكار المتناقضة وتسليع البشر) تبقها هكذا مرتبطة اومخترقة في مجالاتها الثقافية والاقتصادية والسياسية ، فتولد عندها عقل استهلاكي وأفكارا مشتته اوسطحية تبقيها في فوضى الخضوع الاقليمي والدولي ، وامرا اخر مهم وهو أن الحضارة الانسانية هي جمع من القيم والثقافية وبلتالي فهي منتج للمجهود الاشمل للانسانية جمعاء ، وهو ما يفهمنا من أن مفهوم الحضارة مرتبطة بالفكر اولا والعمران ثانيا وليس الامر متعلق بالتحضر المكاني العمراني كما في امريكا حين يربط صموئيل هنتينغتون الحضارة الأمريكية بالحضارة الغربية لجملة من المبادئ والمؤسسات التي قام عليها هذا المجتمع (اللغة والديمقراطية) فهل هذا كافي لكي تتسلق الى حضارة الغرب فان كان هذا ممكن فهو ينطبق على بلدان كثيرة في افريقية واسيا ومنها بلدان اسلامية تعتمد التقليد الغربي ، أو ما يحاوله حين يجمع الثقافة اليهود التي لم ولن تنفصل عن الحضارة الشرقية بحسب طبيعتها التاريخية مع الغرب ، الا أذا تعمدنا اقحام هذا الامر لغاية في نفس صموئيل هنتينغتون وهو يهودي الأصل ، وكما يصف توينبى (بان اليهود ليسوا بحضارة رئيسية بل هم حضارة متعلقة نشأت من الحضارة السريانية وتنتسب تاريخيا بكل من المسيحية والإسلامية) وهذا الامر غير صحيح في أجزئه اذا أن اليهود لهم  هوية وثقافية منفصلة عن الغرب (دين ـ لغة ـ عادات) ورغم عيشهم في تلك الثقافات الجغرافيات المتعددة الا انهم لم يغيروا مكتسباتهم الفكرية والتقليدية فهم ذوي عقل اصولي وهذا ما اكسبهم صفة التجاور الثقافي أو عقل مهادن منهجوه في الساحة السياسة العالمية الى ما يسمى (بالصهيونية العالمية) وهو المشروع الاول الذي ارتبط بالعقل التكنتروني أو ماتسمى الاوربة أو الامركة الكونية والتي كانت تدعو في القديم الى التمايز العنصر القائم على تقسيم البشر ووضعهم في خانات (اللون والعرق والدم) لهذا كانت نظرية دارون وسيغموند فريود والافكار الفاشية والنازية وفي مقدمتها فلسفة نتشه بداية العقل الصناعي أو التكنلوجي أو التكنتروني ، وهذا يوضح لنا لم ارتبطة حضارة العمران الامريكي والثقافة اليهود بالحضارة الاوربية والتي تبيئة اليوم الى ما يسمى في السياسة الدولية محور الخير ذالك المنتج المصلحي الذي اسس (الامم المتحدة ذات التشريعات الحربية) بينما محور الشر والمتمثل بالحضارة الكونفوشية (حضارة الشرق الاقصى) أو ما يمكن تسميتها (العقل الماوي) والحضارة الاسلامية التي تجمع الحضارة العربية والفارسية والتركية والملايو وجنوب شرق اسيا وشبة القارة الهندية وهو ما يمكن تسميته (بالعقل الاركوني الاسلامي) وهذان المحوران يمتلك رصيدا معرفيا يبقيهما في صيرورة ودوام ليكونا عاصيان على أي حضارة تحاول ان تخترقهما مهم كانت إمكانياتها العسكرية والاستعمارية أو مهما كانت مستوياتها المعرفية لأن هذا ستكون اما اضافية لهما أو مبني على اسسهما الثقافية والتاريخية ، وهذا يعني أن أمريكا بلد متطفل على الحضارات الاخرى لذا فهو يحاول بامكانياته التي حصدها من زمن الحرب العالمية الثانية أن يتجاور مع الاخر (الاوربية اليهودية) في سبيل تحقيق أهدافه التوسعيه للسيطرة والهيمنة على العالم (ان اردنا انموذجا لهذا العقل العسكري فاسرائيل خير مثال اذ هي تجند الثقافة والاعلام ليكونا العقل الشعبي الذي يعسكر الجمهور على الدوام) لذا كانت المصلحة الاقتصادية والامنية هي السبيل الوحيد لهذا العقل للاستيلاء على الفكر الاوربي وامركته وقد حذّر وزير خارجية فرنسا قديما جاك فوبو (من ترك الأبواب الفرنسية مشرعة أمام فيضان الثقافة الأمريكية وخاصة الأفلام الأمريكية كما حذّر من غزو الثقافة الجماهيرية لشرائح المجتمع الفرنسي ونبّه إلى مخاطر النتاج السمعي والبصري مقابل زيادة الإنتاج الهوليودي الذي غطى العالم وراكم الأرباح الطائلة دون أن تدخل أوروبا إلى ميزانياتها أي ربح يساوي جزءاً من الأرباح الأمريكية) وهذا يوضح من أن فرضية فوكوياما وفرضية هنتينغتون قد تحولة الى صيغة تفسيري للصراع القرن الواحد والعشرين فتكون الثقافة هي محور الصراع العالمي الى اليوم ، وهما بهذا يروجان للثقافة الغربية أو الامركة العالمية من اجل تعميمها وتبويئها على المجتمعات الأخرى بأدوات وقواعد عقل التكنتروني المفروضة على واقع المجتمعات الاخرى ، وهم بهذا يهيؤون لاختراق الاسس العقلية لتلك المجتمعات كي ما ترتبط مصيريا بمخاطر ومخاوف العقل التكنتروني الذي بداء عملية التبشير به منذ زمن تاتشر وريكن حتى اصبحت اليوم تشريع امميا على اوربا اولا ثم حكما مفترضا على عموم العالم ومما زاد  نفاذ هذه الشرعية أو الهيمنة هو انهيار الاتحاد السوفيتي وتمحور العالم حول القطب الواحد الاوحد الامريكي .

ان هذان المنظران التابعان للبنتاكون اوجدا مسارا يتنبئ به العقل التكنتروني بل ويجعلانه يسعى لايجاد الاسباب الواقعية لتحقق اهدف تنتهي الى نهاية التاريخ وهو رافد لصالح ألامريكا أو الحضارة الاوربية كما جاء في صميم أطروحتيهما التي هي انعكاس لوجهة النظر الأمريكية وغاية لتحقيق أهدافها ومصالحها الاستراتيجية المتمثل في فرضية صراع الحضارات وبصورة صريحة ومعلنة ، ورغم ما يشوب هذه النظرية من خلط مابين الخصوص والعموم وبين  الخلاف والصدام  وبين مفهوم الثقافة ومفهوم الحضارة والتي لا تعني بالضرورة أن الممانعة الثقافية هي ممانعة حضارية وكثير من هذا الخلط الذي تغاض عنه هذا العقل لغاياتة التسلطية السياسية !

كما أن الفرضي تصور فكرتها في الأذهان وعلى السياسة أن تأسيس لها واقع تجريبي فهي صورة لا ترتبط بجذور زمانية اومكانية لتفسيرها بل هي توهم الاخر ليدور في داخل الصراع المرتبط بالابعاد السياسية والاقتصادية .

ثم أن فكرة التصادم في القرن الواحد والعشرين وما سيكون علية بين الغرب من جهة والإسلام والكونفوشية من جهة أخرى كونهما حضارات تؤكد على هويتها الثقافية وارثها الذي سيرافض الانصياع الى ثقافة الغرب وهذا امرا بديهي لا يحتاج الى فرضيات ، فأي هجوم يقابل بالدفاع واي فعل له ردة فعل ، غير أن ما اريد في هذه الفرضية هو للغاية الاستعمارية الجدبدة أولنقل بلغة عصرية لتنفذ المفاهيم التكنتروني المتآمرك والمتعالي الى العقلية الشرقية بشكل عام .

وهذه البلدان الإسلامية والكونفوشي تمثل للغرب سوقا مستهلكا للمنتوج ايضا ، وتشكل منافس وخصما خطرا لاقتصاد الغرب عموما ، لما تتوفر فيها من موارد بشرية وموارد أولية لاستمرار أي صناعة وخصوصا أن النفط هو منتوجها الاساسي وسلاحها الخالد ، بمعنى أنهما خصما خطرا على الرأسمالية العالمية وإذا ما توحد عندهما الوعي الثقافي (الجماهيري) والوعي العاطفي الفردي (الايمان) سينتج عقل جماعي ذو بعد واحد لمواجهة الحرب الامريكية الباردة المعلنة اليوم ، وخصوصا بعد أن استسلم العالم الغربي (الاوربي) لمخاوف تلك الفرضيات والاستنتاجات حتى انها اصبحت خطوطا كاشفة لمستقبلها المجهول ليمثل اليوم العقل الجماعي للمجتمعات الاوربية  بعد أن تزاوجة فية القومية بالايدولوجية وفقس فلسفة تعبر عن حجم النكبات التي ستلاحق المجمع الاوربي على المستوى الفردي اولا (تفكك اسري) والمستقبل الاقتصادي (ركود اقتصادي) حيث نلاحظ أن العديد من الشركات الاوربية العملاقة وجدت نفسها تنتقل بمعداتها الى اماكن الاستهلاك

وهي ظاهر لم يعلن عنها الى يوم هذا ، لذا فهذا العقل وبامكانياته الكبيرة يريد من الاخرين تصديق فرضياته ليبني له ثقافة طوباوية متكلة على الأيمان الصناعي دون أن يعي أن مأزق عقل الفرد الغربي اليوم هو نفسه مأزق مستقبل الصناعة في الغد والتي سنشهدها في القريب حين تتحول الى عزلة ركودية على المستوى الفكري وعلى المستوى السلعي مع الواقع وبسبب أن تلك الفرضيات والاستنتاجات هي من غرور ذلك العقل الذي قاد الثقافة الى اغتراب الإنسان حين قسم العمل وفائض المنتوج وخلق ثقافة الاستهلاك أو ما يمكن أن تسمى الثقافة الصناعية ، تلك الثقافة التي تثقب الوعي حتى يتسرب منه المنطق فيكون تفكير من غير طائل سعيه وغايته تنحدر نحوى ما يحرك العواطف ويهيج الغرائز والتسلوية فقط . وهو ما تنتهجة تلك المجتمعات الغربية بل وتصدرة الى ازمات في بلداننا من خلال التسليع الثقافي والتصادم الفكري والتعقيد السياسي والفوضى المسيطر عليها للعقل التكنتروني وهو ما يحصل في ربيعنا حيث يتوافق في مرحلته الحالية مع امريكا التي تساند الفكر السلفي المتشدق بالنص دون العقل كونه اقتصادي في المعرفة الاجتهادية (المرونه السياسية) وهو مايمكن أن نقول انه حالة من استبدال الدكتاتوريات الفردية بدكتاتورية شعبية (دكتاتورية النص كما في الستالينية سابقا) التي لن تتمكن من تبوء الصدارة ابدا ولا تزيح عروش وكروش صنعتها كلاسيكيات الاستعمار وهو ما يصب في مصلحة العقل التكنتروني الذي يؤمن بان اي فوضى هي حليفة له كونها مسيطر عليها بكل المقايس والاعتبارات التي اوجدتها نظرية الفوضى ، لهذا نجد أن مسالة سورية وايران وما يجري لهما اليوم سيبقى بهذه الحدود الفوضوية ، فالمصلحة تحتم على الغرب ان لا يتدخل بشكل مباشر بل يجب ان يكون بعيد لانه في حال تدخله المباشر سيشكل مصدر مهم لتوحد العالم الشرقي الإسلامي والكونفوشي (الماوي والاركوني) بحسب فرضياتهم ، اضافة الى أن التجربة القريبة في العراق وافغانستان لازلت مرارتها في بلعوم العالم المتامرك ، وكذلك روسيا لاتزال تحن الى مجدها الماركيسي التليد ، خصوصا بعد أن عاشت ضياع بدونه وهذا ما تتقاسمه مع الصين حليفا المذهبي (الماركسية) ومع العالم العربي (الوعي الاشتراكي) لهذا ستلعب تركيا وقطر دور حصان طروادة في سورية كما لعبة بريطانية من قبل في اختراق اوربا  لامركتها وعممت فيها العقل التكنتروني كما ستتحرك امريكا نحو كورية الشمالية والهند لتكون مصدر تهديد يوازي حالة الفوضى والتشنج السوري والايراني .

ولنرجع الى هذا العقل الذي يعتمد على مفهوم الحرب والصراع السائد على توجهاته والتي لم تأتي من فراغ أو صراع حضاري (كما يدعي منظروها) بل من قواعد اللعبة الصهيونية والتي تحرك بالعلاقات الدولية عبر مؤسسات امريكيا ــ صهيونية ، وريثة اتجاهاتها الفكرية التي سادت عبر حروب طويلة ورسمت من خلال طرقا للحرب والمؤامرة وتبني العقيده البراجماتية التي لا يهمها الا ما يتعلق بسياسة الأمر الواقع والسبل الكفيلة في توظيف تلك الفرضيات داخل شعوب العالم وان كانت بقناعات متفاوتة ، وهذا يتم تنفيذه اليوم بفضل إشاعة الثقافة الأعلامية الكونية أوما تسمى (بالعولمة) فمثلا احداث سبتمبر بكل فظاعتها وغموض شانها والتفسيرات المتضاربة حولها والتي لم تحل حتى اليوم هي في نهايتها خدمة مخططات العقل التكنتروني اواصحاب التوجه الهنتنتوني في البيت الابيض حيث استطاع هؤلاء أن يثبتوا للعالم بان ثمة صراع حقيقي بين الحضارات وان الحضارة الغربية عليها أن تبادر الى حروب استباقية أو وقائية تدمر فيها كل من يهدد مخططاتها ولو بالشبهة وهي التهمة المطاطية الجاهزة دوما (الارهاب) وهو في حقيقته لايعني الا امن العالم الغرب طبعا فالعراق بعد أن اسقط نظامة عانى الويلات من تلك الحرب التي جرتها امريكا الى ارضيه وقتل ودمرت الكثير فهل كان الامن العراقي يعنيها بقدر الامن الاوربي أو الاسرائيلي أو الامريكي ، المهم أن امريكا بعد احداث سبتمبر اصبحت اقوالها قانون دولي يعطيها الحق في فرض رقابتها على كل شي المال ، القانون الدولي ، التشريعات الوطنية للدول ، وكذلك القيم والادب والتعليم بل وخصوصيات الافراد وعلى الجميع أن ينسجم مع هذه المعايير ، بل يجب على جميع دول العالم أن تقدم التنازل لامريكا لاسيما في مجال الاقتصاد والمال والعلاقات الدولية والمصالح الجيوستراتيجية .

لهذا تضع امريكا في أذهان شعوب العالم اجمع تصورات تاتي مع التدرج السببي للاحداث المفترضة على الواقع واهم ادواته هي اشاعة الفوضى التي لاتترك مجال للمراجعة بل تتحول مع الزمن الى أمر واقع يقبل بنصف الحلول ، انه عمل متقن يشبه خرافة سبتمبر او ما يهدد الارض من نيازك او انفلاونزا الحيوانات المختلفة او فجوة الاوزون ، بمعنى انها تميل الى الصورة الكوزمولوجية التي تهتم في استدعاء ما هو مقلق ومخيف ليبقى الجميع في مستعمرة الرعب ومثلا التصريحات عن الحرب الصليبي وشبح بلادن والظواهري والزرقاوي والكثير من المخاوف القادمة والتي لن تنقطع ابدا ، فمثل هذه الصور تستميل الجانب الوجداني الموجود في ثقافات الشعوب وهو ما يمكنها من عملية الاختراق ، بشراء موجهات تلك الثقافة الشعبية وهي (الفضائيات ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات العالمية) التي يمكنها أن تستهوي هكذا خرافة في نفوس المجمعات لتحقيق اهدافها المدروسة ، كما هو الاعلام الكاذب المسلط على سورية أو الاعلام الخجل عن قضية البحرين انه بمثابة دعاية مدفوعة الثمن ، انها ثقافة الاختراقية التي تنتزع من العقل الشعبي الإبداع وتحل محله ثقافة صناعية تهتم في تقزّم الذوق واستنزاف المعرفة العامة لتكون عقولهم رخوه مهيأ إمام الاجتياح التكنترونية الغربية لتبنى لها صورة مستقبلية مقلقة وفرضيات أعدت لصالح هذا العقل ، لهذا نحن نشعر من تعرضنا لثقافة العصر (افلام وتحقيقات وثائقية وانواع من النقد التفكيكي الغير هادف) بدفء غريزي مقارب إلى لذة بل هو شعور روحيه يغرقنا في التفاصيل الخيالية لتلك المواضيع لنكون مضطرين لموازات قيم لحظة العرض مع خرافة الممكن المهيئ لنا من مخاوف العقل التكنتروني ، وبالنهاية تتشكل عندنا صورة ذات قدسية خاصة ورمز موحد (ماتركس ، باتمان ، رامبو) وخصوصا وهو يعزز بمعلومات علمية تبثه وكالة ناسا وغيرها عن مخاطر قريبة لنهاية العالم (مثل اقتراب كواكب أو نجم من الارض)

لقد اصبح الاعلام عاملا تربويا يعمل على اعداد وتهيئة وعي المتلقي وفق الحاجة الاستهلاكية او المتطلبات النفعية للعقل الغربي الذي تعود على تسليع الاعلام لغاياته سواء اكانت ثقافية او سلعية لديمومة هذا العقل وبقاء تسلطة ، لهذا نجد التوافق والتقبل لفرضيات الصراع الثقافي اوالحضاري المبنية على صراع ذو بعد واحد أي (مصير عالمي) رغم أن الثقافات لم ولن تكون ذات بعد وصراع مستقبلي واحد لان قلقها المستقبلي لن يكون مرتبط بثقافة أو خوف واحد .

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2081 الخميس 05 / 04 / 2012)

في المثقف اليوم